مكتبة لبيع القرطاسية في ريف محافظة درعا الشمالي
مكتبة لبيع القرطاسية في ريف محافظة درعا الشمالي

تواجه العديد من الأسر مع بدء العام الدراسي الجديد ضائقة مالية كبيرة، وتجد نفسها أمام مأزق توفير الحاجيات الأساسية للمدرسة، بما تشمله من حقائب وملابس وقرطاسية، حيث تبلغ أقل تكلفة للباس المدرسي 150 ألف ليرة سورية، مما بات يمثل عبئاً كبيراً يثقل كاهل الأسر، وسط ظروف معيشية قاسية في بلد يشهد أزمة إنسانية واقتصادية كبيرة، تشير أحدث التقديرات الى أن نحو 90% من سكانه يعيشون تحت خط الفقر.

نار الأسعار لا ترحم الفقراء

يقول (صالح الأحمد، 34 عاماً، أب لأربعة  أولاد) في حديث مع مراسلة درعا 24 أن التجار وأصحاب المكتبات رفعوا أسعار القرطاسية والمستلزمات المدرسية، حيث بات ارتفاع الأسعار ملازماً لبداية كل موسم دراسي، لتقع الأسرة ضحية ذلك الارتفاع الذي بات يشكل كارثة مالية تنهك أولياء الأمور، وأضاف أن تجهيز طفل واحد بكل اللوازم الضرورية يتطلب قرابة الـ 200 الف ليرة سورية، حسب جودة ونوعية الأدوات، وحسب المرحلة المدرسية.

موضحاً، أن “تلك التكلفة ترتفع لطلاب المراحل الثانوية لأنهم بحاجة الى مستلزمات أكثر من القرطاسية والمستلزمات الأُخرى، والأمر لا يقتصر على شراء الحقائب فقط، فالأطفال بحاجة أيضاً لمتطلبات أُخرى كعلب ألوان ودفاتر متنوعة وأقلام وحافظات طعام وقارورة ماء وملابس وغيرها من المواد اللازمة كغيرهم من الأطفال، وهذا يحتاج لتكلفة مالية باهظة تفوق قدرة الأهل المادية”. كما أكد أن العديد من الأسر تقف عاجزة عن شراء وتلبية متطلبات أبنائهم الدراسية، بسبب ارتفاع أسعارها خصوصاً الحقائب واللباس المدرسي.

رصدت درعا 24 أسعار بعض المستلزمات المدرسية في الأسواق في عدد من مدن وبلدات محافظة درعا، حيث يبدأ سعر اللباس المدرسي الذي يتكون من قميص وبنطال من الـ 100 ألف ليرة سورية فما فوق. ويتراوح سعر الحقيبة المدرسية بين 30 والـ 70 ألف ليرة سورية، ودفتر سلك صغير يبدأ من الـ 3500 ليرة سورية، وسلك كبير: يتراوح بين الـ 6000 والـ 8000 ليرة سورية، ودفتر الرسم يتراوح بين الـ 3000 والـ 6000 ليرة سورية. وأما الأقلام فيتراوح سعر دزينة أقلام رصاص بين 12000 و 1500 ليرة سورية، وأقلام الحبر “ليكسي” 15000 ليرة سورية. وعلبة ألوان نوعية متوسطة  (6 ألوان) سعرها 7000 ليرة سورية، ومقلمة 6000 ليرة سورية.

تدابير متنوعة لمواجهة أزمة ارتفاع الأسعار

ساهم ارتفاع أسعار المستلزمات المدرسية في زيادة أعباء ميزانية الأسر التي تعاني بالأساس من ظروفٍ مادية صعبة، بسبب الغلاء الفاحش الذي يغزو الأسواق وعدم كفاية الرواتب والأُجور وانتشار البطالة، مما دفع العديد من الأسر لاتخاذ تدابير متنوعة لتلبية احتياجات أولادهم المدرسية، حيث لجأت العديد من الأسر إلى إصلاح الملابس والحقائب القديمة، وشراء نُسخ كتب قديمة لأولادهم في المرحلة الثانوية بسبب أسعارها العالية أيضاً، فسعر نسخة الكتاب المدرسي للصف العاشر هذا العام 48300 ليرة سورية (بعد ان كان 39500 ليرة سورية)، أما سعر نسخة الكتاب للصف الحادي عشر 54800 ليرة سورية (وقد كان 40200 ليرة سورية)، بينما نسخة الكتب للصف البكلوريا هذا العام سعرها 49800 ليرة سورية (وكان 38200 ليرة سورية).

 يقول (أبو سامر، 42 عاماً) إنه أمام خيار واحد وهو إعادة ترميم الحقائب القديمة لأبنائه، إضافةً إلى ملابس العام الماضي أيضاً، وأكد أن العديد من الأسر تبحث عن المستلزمات الأقل سعراً في الأسواق بعيداً عن الجودة، وأصبحت القرطاسية حالها حال الحاجيات المعيشية الأُخرى، عبئاً على كاهل الأُسر لا يستطيعون تحمّله.

تشير فاطمة ( 37 عاماً ) إلى أن راتبها لا يتجاوز الـ 100 ألف ليرة سورية شهرياً، لكنها مطالبة بتوفير أدوات مدرسية لأبنائها الثلاثة بتكلفة تتراوح بين 250 و300 ألف ليرة سورية على الأقل، لذلك قررت الاستدانة لشراء المستلزمات، وأضافت بأنها ستحاول قدر الإمكان أن تقتصر على  شراء ما هو ضروري جداً فقط.

جودة رديئة وأسعار مرتفعة ومتفاوتة

تتفاوت أسعار اللباس المدرسي والقرطاسيّة من مكان الى آخر، فالأسعار لا تتناسب مع الجودة، وبعد فترة قصيرة من بدء العام الدراسي تبدأ عملية البحث عن بديل، وبالأخص الحقائب بسبب تدني جودتها بالنسبة لأسعارها المرتفعة، مما يدفع أهالي الطلاب لشراء أكثر من حقيبة في السنة، فقد لا تدوم الحقيبة لأكثر من أربعة أشهر بسبب جودتها السيئة.

 يشكو (حسام، 44 عاماً) من ارتفاع أسعار المواد المدرسية، وتفاوت أسعارها من مكان الى آخر، فبعد رحلة البحث التي استمرت قرابة الأسبوع قرر شراء الأدوات المدرسية من على البسطات المنتشرة في أسواق مدينة درعا، ووصفها بأنها الأرخص ثمناً مقارنة بالمكاتب والمحال التجارية، التي تطرح نفس المواد بأسعار أعلى.

وأضاف أن العديد من المكاتب تستغل موسم العودة للمدارس لرفع أسعار المستلزمات وسط غياب الرقابة الحكومية، وأكد أن التّجّار يعرضون بضائع مخزنة وقديمة بأسعار جديدة مبالغ فيها دون رحمة أو شفقة أو مراعاة لأوضاع الأسر المنهكة ماديّاً.

كذلك أوضحت (سناء، 39 عاماً) أنها اضطرت العام الماضي لشراء حقيبة كل فصل بسبب سوء النوعية الموجودة في الأسواق، على الرغم من ارتفاع ثمنها، حيث أنها اشترتها بمبلغ وقدره 25 ألف ليرة سورية، ولم يمض على استخدام ابنها لها سوى فصل واحد، حتى تمزقت من الداخل، ولم تعد تفي بالغرض.

 فيما أكد (أبو سليمان صاحب مكتبة) أن ارتفاع الأسعار طال المستلزمات المدرسية كغيرها من المواد الأخرى، ولا علاقة للتاجر بذلك الارتفاع، وعزى ارتفاع الأسعار الملحوظ إلى ارتفاع أجور النقل والشحن نتيجة قلّة وارتفاع أسعار المحروقات، إضافة إلى ارتفاع أسعار المواد الأولية، مما ساهم في هذا الغلاء.

تقسيط في السورية للتجارة

هذا وقد أعلنت المؤسسة السورية للتجارة عن تقسيط القرطاسية والألبسة المدرسية والحقائب للعاملين بالدولة، بسقف وقدره 500 ألف ليرة سورية دون فوائد، ولفتت المؤسسة إلى أن الشريحة المستهدفة من التقسيط هم العاملون الدائمون بالدولة والعاملون بعقود سنوية غير منتهية خلال فترة التقسيط. وقد أشار مدير عام السورية للتجارة ان أسعار المستلزمات المدرسية في صالات المؤسسة أقل بنسبة 35% من الأسواق. في حين يشتكي العديد من المواطنين من جودة بعض المواد الموجودة فيها، حيث تعتبر رديئة مقارنة بالأسعار في الأسواق.

كاريكاتير ارتفاع أسعار القرطاسية
أسعار المستلزمات المدرسية، تثقل كاهل الأسر في درعا وتضاعف همومهم 3

مبادرات محلية

في سياق آخر، هناك مبادرات أهلية محلية يقوم بها الأهالي في بداية كل عام دراسي جديد، لتخفيف ثقل الأسعار ووطئتها، ويوفرون بعض المستلزمات الضرورية للمدارس في ظل عجز وزارة التربية عن توفير المستلزمات الكافية، حيث يقوم بعض المواطنين بجمع تبرعات وشراء هذه المستلزمات وتقديمها للمدارس.

أحد هذه الأمثلة في بلدة تسيل غربي درعا، حيث أطلق الأهالي حملة تبرعات لتوفير قرطاسية لـ 12 مدرسة في البلدة، قال أحد الأهالي المشاركين في الحملة للمراسل: «تبرع حوالي 40 شخصا حتى الآن، وكانت مبالغ التبرعات قليلة، بسبب الحالة المادية للناس، ولأن افتتاح المدارس تأتي مع مؤونة الشتاء كالمكدوس وتوفير المحروقات والحاجيات المعاشية الأُخرى». لكنه قال بأن أحد الأشخاص تبرع بمبلغ 1.4 مليون ليرة.

أمّا في بلدة غصم في الريف الشرقي من محافظة درعا، فقد تبرّع أحد المواطنين بالرسوم المدرسية (التعاون والنشاط) لجميع الطلاب في كافة مدارس البلدة، وتعبئة المياه لجميع المدارس، والتلبية المستمرة لنقص المياه. ويناشد الأهالي في العديد من المدن والبلدات ميسوري الحال بالتبرع لمحدودي الدخل كي يتمكنوا من تلبية احتياجات أطفالهم المدرسية.

رابط التقرير: https://daraa24.org/?p=25854

Similar Posts