الفساد والرشاوي في درعا

يُعرّف الفساد على أنّه كلّ استغلال للسلطة العامة لتحقيق مكاسب خاصة، وهو كل فعل يُفضي إلى زعزعة الثقة بمسار القطاع العام والشفافية والمقيمين عليه، وقد حافظت سوريا لعام 2021 على مراتبها المتقدمة بالفساد حسب مؤشر الفساد العالمي، مع كل من الصومال وجنوب السودان، في التقرير السنوي الذي تصدره منظمة الشفافية الدولية الذي يرصد حالتي الفساد والشفافية في 180 دولة حول العالم.

 لقد زادت حالات الفساد في المؤسسات العامة والخاصة  في الآونة الأخيرة، وذلك  لأسباب عديدة، أبرزها الوضع الاقتصادي والحاجة والفقر وتلاشي الرواتب التي فقدت قيمتها. إضافةً إلى فقدان الثقة في النظام الحاكم، وعدم قدرته الفعلية في بسط سلطة القانون.  

 (أحمد الأحمد، اسم مستعار لمحامي) يقول: «تعدّ الممارسات التي تقوم بها القيادات والموظفون العاملون أحد أهم الأسباب التي ضاعفت من انتشار الفساد، حيث يتصرف المسؤول دون الخوف من أي إجراءات تأديبية، وقد طال ذلك كافة المجالات في المحافظة، من فساد قضائي وفساد في القطاع الصحي والمؤسسات العامة، وفساد الموظفين في القطاع العام».

 يضيف: «وتعتبر الحالة الاقتصادية السيئة التي تجتاح البلاد، وانخفاض الرواتب وعدم كفايتها الدافع الأساسي إلى ممارسة الفساد، لتظهر الرشوة، كأبرز مظاهر الفساد بغية زيادة الدخل». معقباً بأنّ ظاهرة الفساد باتت أخطر ظاهرة تهدد مستقبل وأمن البلاد وأحد العوائق الأساسية التي تعيق التقدم بالوطن والنهوض به.  

إقرأ أيضًا: فساد ورشاوى في الهجرة والجوازات في محافظة درعا

يواجه الأهالي في محافظة درعا طلب لدفع الرشاوي عند التقدم للحصول على أي خدمة من الخدمات العامة، من تسيير معاملات أو تراخيص بناء أو مقابل الحصول على الخدمات التي  يحتاجون إليها من قبل الموظفين العاملين في المؤسسات الحكومية، الذين يقومون باستغلال مناصبهم لأهداف شخصية، وقد بات تقديم الرشاوى  حاجة ملحة من أجل حصول طالب الخدمة على ما يحتاجه، وتجنب الانتظار في أي طابور  لمدة زمنية طويلة. 

 تقول (أم محمد، 40 عاماً): “لم يعد خافياً على أحد أنّ الموظفون يمارسون هذه الإجراءات مقابل الحصول على مبلغ مالي معين، وأن غياب الرقابة الحكومية جعل من هذا السلوك يتفشى بطريقة سريعة جداً، والمواطن مجبر على تقديم الرشاوى بغية الوصول إلى الخدمة التي يحتاجها  دون تعقيد. 

 وأضافت أنها بهدف الحصول على دور سريع في مبنى الهجرة والجوازات، من أجل استخراج جواز سفر لها ولأطفالها الخمسة، اضطرت إلى التفاوض مع أحد الأشخاص العاملين في مبنى الهجرة والجوازات، الذي عمل على تقديم الدور لها للحصول على الجوازات  مقابل مبلغ مالي وقدره 250 ألف ليرة سورية لكلّ جواز أي أنها تحتاج مبلغ وقدره مليون ونصف ليرة سورية، مقابل تقريب الدور لها على المنصة الإلكترونية. وإنها ليست الوحيدة من تلجأ لمثل هذا العمل فجميع المواطنين باتوا يلجؤون لطرق ملتوية بغية الحصول على خدماتهم الضرورية. 

إقرأ أيضًا: الرشاوى في المؤسسات العسكرية والأمنية

 كما باتت ظاهرة الواسطة أكثر تفشياً من قبل، نتيجة الطابع العشائري والولاءات الضيقة في البلاد، وذلك وسط غياب ثقافة اجتماعية حقيقية لمكافحة هذه الظاهرة التي أصبحت جريمة بحاضنة اجتماعية، كما بصفها (أبو وائل  50 عاماً) الذي تحدث عن معاناته المريرة في الدوائر الحكومية من أجل تسيير الأوراق اللازمة لتسجيل شقة سكنية كان قد اشتراها سابقاً باسمه، بدءاً من الحصول على الموافقة الأمنية التي تحتاج لأكثر من شهر كامل، والعديد من الأوراق التي تتطلب جهدً ووقتاً. 

 وأضاف أنه لو كان لديه واسطة لما احتاج أصلاً للذهاب والإياب لأكثر من مرة. كما حدث مع جاره الذي تمكن عن طريق أحد الأشخاص المسؤولين (وهو أحد اقربائه) من  تسيير كافة أوراقه اللازمة، والحصول على الموافقة الأمنية التي يحتاجها بمدة زمنية لم تتجاوز الأسبوع، وذلك عن طريق اتصال واحد من ذلك الشخص لأحد معارفه هناك. 

 وأردف بأنّ انتشار تلك الظاهرة  وغياب الرقابة والوازع الديني أدى إلى غياب العدل والمساواة الاجتماعية بين المواطنين، وجعل من تلك الظاهرة جريمة بحاضنة اجتماعية. 

إقرأ أيضًا: إقبال للحصول على «شهادة السواقة»، والواسطة تُسرّع العملية!

إقرأ أيضًا: «تجارة الأرواح» ملايين من ابتزاز الأهالي لمعرفة مصير أبنائهم في السجون

 لقد أصبح الفساد آفةً خطيرةً تنخر في جميع مؤسسات الدولة دون محاسبة أو رقابة إنّما يتم تبرير تلك الظواهر  بصعوبة الظروف الراهنة التي انعكست سلباً على الواقع الاقتصادي والمعيشي الذي يعاني المواطن من مرارته فهل يمكن القبول بهذا التبرير؟ وهل باتت الرشوة والواسطة ثقافة عامة في حياتنا؟

https://daraa24.org/?p=18243

Similar Posts