التعنيف في المدارس

لاتزال ظاهرة العنف اللفظي والجسدي في المدارس كأسلوب للعقاب والتربية منتشرة في محافظة درعا. وعلى الرغم من أن هناك قرار من وزارة التربية يمنع التعنيف الجسدي بجميع أنواعه، إلا أن هناك المئات من المعلمين ما زالوا يعاقبون التلاميذ بأشكال قاسية. وتتلقى درعا 24 عبر بريد صفحتها على موقع فيس بوك العديد من الشكاوى بين الحين والآخر، من أولياء أمور تعرّض أبناءهم للضرب المبرّح في المدارس من قِبل المعلمين أو مدراء المدارس.

 وكانت أجرت الشبكة استطلاع رأي، بعنوان: هل أنتم (مع أو ضد) الضرب كأسلوب تربوي في المدارس؟ وقد شارك في الاستطلاع 312 متابعاً، اختار 70% منهم أنهم ضد الضرب، و30% اختاروا أنهم معه كأسلوب تربوي. وشارك البعض آراءهم من خلال التعليقات، أكد أصحابها بأن الضرب وسيلة ناجعة للتربية، بينما قال آخرون بأن التعليم والتربية يأتيان بتعريف الطفل بالصح والخطأ، وبتحبيبه بالمدرسة من خلال المعاملة الحسنة والاهتمام بالطلاب وليس بالتمييز بينهم وتقسيمهم لمجتهد وكسول.

الأسباب التي تؤدي الى استعمال الضرب في المدارس

وللوقوف على آراء المعلمين حول استخدام الضرب، أجرت مراسلة درعا 24 حواراً مع عدد من معلمي مدارس محافظة درعا حول الأسباب التي تدفعهم لاستخدام الضرب كوسيلة للتربية والجزاء، طرح عدد من المعلمين آراءً متنوعةً حول تلك الأسباب الكامنة وراء استخدام المعلم للضرب.

 ومن تلك الآراء رأي (كريم رياض، معلم في إحدى مدارس ريف درعا الشرقي) يقول: “تعاني الغرف الصفية من مشاكل عدة أهمها الضغط الكبير والمتزايد في أعداد الطلاب وخاصة طلاب الحلقة الأولى، حيث يتراوح عدد الطلاب بين الـ 30 والـ 45 طالب في غرفة صفية واحدة، مما يدفع بالمعلم لاستخدام الضرب كوسيلة لضبط هذا العدد الكبير لتقديم الاستفادة لهم قدر الإمكان، فلو همس كل طالب منهم همسة، لأدى ذلك الى حدوث ضجة وفقد الدرس خصوصيته، ولم يعد المعلم عندها قادراً على إيصال المعلومات للطلاب”.

يضيف: “إضافةً الى عدم احترام المعلم، حيث يتعرض الكثير من المعلمين للإهانة والشتم والسب والتهديد من قبل الطلاب، وفي كثير من الأحيان يضطر المعلم للجوء الى الضرب بسبب عدم جدوى الحوار والمناقشة مع الطلاب”.

إقرأ أيضاً: شكاوى حول نقص المدرّسين في المدارس في محافظة درعا

بدوره (أنس محمد، مدرس لغة عربية) يعتبر الضرب وسيلة جيدة للعقاب، لأن هناك الكثير من الطلبة لا يستوعبون الأمور بالكلام، فعندما يستخدم المعلم الضرب يبدأ الطلاب بالاستجابة إلى تعليماته، ولكن هذا لا يشمل للجميع، مشيراً إلى هذا يصب بمصلحة الطلاب، فكلما خاف الطالب من الحساب يكون التزامه أكبر.

 تخالفه (مرام محمد، معلمة صف)، حيث تقول: “أنا لا أؤمن بالعقاب المبني على الضرب، فهناك وسائل أخرى يمكن اللجوء إليها في العقاب، لأن الهدف هو جعل الطالب يستشعر خطأه، وليس تعريضه للضرب والإهانة وتعويده على الخوف، فهدف المعلم هو أن يعدّل الطالب سلوكه وجعله أكثر ثقة بالنفس وأكثر التزاماً، أي القراءة بدافع الرغبة وتحقيق الأهداف لا بدافع الخوف فشتان ما بين الأمرين”.

إقرأ أيضاً: بدء العام الدراسي في الرابع من الشهر القادم، فما حال المدارس؟

وأما (سامر قاسم، وهو مدرس لغة فرنسية) فيرى أن المعلم يجد نفسه مجبر على استخدام الضرب لأنه مطالب بضبط الصف حتى يستطيع أن يستغل أكبر وقت ممكن من الحصة لفائدة الطلاب. تخالفه مدرسة لغة إنكليزية في احدى المدارس الثانوية، حيث توضح: “إن أسلوب الضرب لا يجدي على الرغم من أنه لا زال موجوداً، وهذا الأسلوب لا يلجا اليه المعلم إلا إذا كان عاجزاً عن اتباع الوسيلة المناسبة للتعامل مع الطلاب، وأكدت أن عملية الضرب هي عبارة عن ممارسات فردية لا تعمم”.

إقرأ أيضاً: اقتحام إحدى المدارس في مدينة جاسم

مدير إحدى المدارس الابتدائية في ريف درعا الغربي قال: “يتم استخدام الضرب في بعض الأحيان لأن الأهالي لا يمانعون في استخدام الضرب كوسيلة لتربية أبنائهم، وهذا ما يشجع المعلم على استخدامه. وبرأي المدير فهناك من يستحق الضرب بسبب عدم الالتزام بأداء الواجبات، إضافة إلى أن هناك حركات استفزازية يقوم بها بعض الطلاب بحق المعلم في الصف وهذا ما نلاحظه في الآونة الأخيرة، فالطالب يجب أن يعمل حساباً للمعلم، ولكن يجب ألا يصل الضرب إلى حد الإرهاب أو الأذى” بحسب تعبيره.

الآثار الناجمة عن استخدم الضرب كوسيلة للعقاب

يؤدي استخدام الضرب في المدارس الى العديد من الآثار السلبية، منها انعزال التلميذ عن الآخرين، حيث يسبب له ذلك هاجس الخوف من الذهاب إلى المدرسة ومخالطة أقرانه، بسبب ما تعرض له من إحراج نتيجة ضربه، وينتج عن ذلك إما طالب عنيف يمارس العنف على غيره في البيت والشارع أو طالب يعاني من أعراض العزلة والانطواء.

(آلاء حامد، مرشدة اجتماعية في احدى مدارس محافظة درعا) تقول: “لظاهرة العنف انعكاسات سلبية كبيرة على نفسيات الطلاب وسلوكهم، بالإضافة إلى أنه يولد لديهم ردود فعل سلبية تجاه التعلّم والتّعليم، ولا أبالغ إذا قلت إنه أحد أسباب التسرّب المدرسي. إضافة إلى أنه يولّد لدى الطفل عادات سيئة مثل الكذب ليدفع عن نفسه العقاب، والعناد والكبت الناتج عن استخدام الضرب”.

 وتوضح أنّ “المعلمين اليوم ليس لديهم الوعي الكافي بخطورة ضرب الأطفال في المدارس، فحسب نظرة علماء النفس والاجتماع، فإن الضرب أضعف وسيلة للتربية والتقويم ونتائجها مؤقتة ولا تدوم، بل على العكس تولد عند الطلاب نتائج وردود فعل عكسية وخطيرة، حيث ينشأ الطفل على العنف ويظهر ذلك في مرحلة المراهقة إما ان يكون مراهقاً عدوانياً أو ضعيف الشخصية متردد خائف ولا يستطيع التعبير عن نفسه، ويعزز الخجل داخله”.

 مشيرةً إلى أنه في النهاية “عملية الإصلاح يجب أن تبدأ من وزارة التربية التي يجب عليها اولاً أن تضع قوانين من شأنها أن تحفظ للمعلم حقه وكرامته، حيث يتعرض العديد من المعلمين للظلم إذا ما حاولوا الرد على أي طالب تجرأ عليهم، ولا بد من تخفيف الضغط الكبير لأعداد الطلاب في الغرف الصفية، وذلك من شأنه أن يتيح للمعلم فرصة جيدة لاستيعاب كافة الطلاب، وبالتالي السيطرة عليهم دون الحاجة لاستخدام العنف. إضافة الى ضرورة وضع برامج تربوية علمية يخضع لها المعلمين توضح كيفية التعامل مع الأطفال بالطرق التربوية السليمة”.

الرابط: https://daraa24.org/?p=27201

Similar Posts