مقابلة خاصة مع السيد أيمن الدسوقي: عن دور اللجان الفرعية في انتخابات مجلس الشعب 2025

أيمن الدسوقي


أيمن الدسوقي يوضح في مقابلة مع شبكة درعا 24 آلية عمل اللجان الفرعية في انتخابات مجلس الشعب السوري 2025 ودور الهيئة الناخبة في اختيار المرشحين

في ظل المرحلة الانتقالية التي تمر بها البلاد بعد المصادقة على الإعلان الدستوري في آذار 2025، ومع بدء الاستعدادات لتنظيم أول انتخابات برلمانية بعد سقوط النظام السابق، تبرز تساؤلات حول شكل النظام الانتخابي، وآلية اختيار المرشحين، ومدى تمثيل مجلس الشعب القادم للإرادة الشعبية.

في هذا السياق، أجرينا في درعا 24” مقابلة مع السيد أيمن الدسوقي، عضو اللجنة الفرعية للانتخابات عن منطقة التل في ريف دمشق، وباحث أول في مركز عمران للدراسات الإستراتيجية، حاصل على شهادة الماجستير في العلاقات الدولية من جامعة “حجي بيرم ولي” في أنقرة.

في حديثه، أوضح الدسوقي أن: «كل من هو عضو في الهيئة الناخبة هو مرشح محتمل لعضوية مجلس الشعب… ولا يوجد اقتراع شعبي مباشر، بل يتم اختيار هيئة ناخبة تتولى هذه المهمة

كما أشار إلى أن: «النظام الانتخابي الحالي ليس مثالياً، لكنه يُعتبر خطوة واقعية في سياق معقّد… وقد سبق تطبيق نموذج مشابه في الشمال السوري».

وعن صلاحيات اللجنة الفرعية، أوضح أن دورها يتمثل في اقتراح أسماء الناخبين وفق معايير محددة، ثم رفعها للجنة العليا، مضيفًا: «لا تمتلك اللجان الفرعية صلاحيات البت في الطعون أو اعتماد النتائج النهائية، وهذه صلاحيات محصورة باللجنة العليا».

في المقابلة، تحدّث الدسوقي عن مراحل متعددة ومعقدة تمر بها عملية تشكيل الهيئة الناخبة، تبدأ من المشاورات المحلية، مرورًا برفع القوائم للجنة العليا، وفتح باب الطعون، ثم اعتماد القائمة النهائية، وصولًا إلى فتح باب الترشح من داخل الهيئة نفسها.

كما يُشير إلى إشكاليات عملية مثل كثرة عدد المرشحين المحتملين، وصعوبة تنظيم الاقتراع إذا بلغ عدد الأسماء المطروحة العشرات في كل دائرة، ما قد يدفع لاعتماد مناظرات انتخابية بغرض تقليص العدد، وهي آلية غير معتادة في السياق السوري.

وفي ردّه على الانتقادات حول غياب التمثيل الشعبي الحقيقي، قال: «قد لا تعكس الآلية الحالية الإرادة الشعبية الكاملة، لكنها توفر مساحة للمشاركة، ومن الواجب استكمالها عبر قنوات أخرى».

ويختم الدسوقي بتأكيده على أهمية هذه التجربة رغم نواقصها: «القبول بإجراء هذه العملية رغم الملاحظات عليها يعد تطوراً باتجاه التشاركية، وعلى السوريين أن يتعاملوا مع الانتخابات كوسيلة لتداول السلطة ومحاسبة المسؤولين».

ما هو دور اللجان الفرعية في العملية الانتخابية تحديدًا؟ وما المهام الأساسية التي تقع على عاتقكم بصفتكم لجنة فرعية؟ وكيف تم اختيار أعضاء اللجان الانتخابية؟

حدد النظام الانتخابي المؤقت والتعليمات التنفيذية له الصادرة عن اللجنة العليا للانتخابات، دور اللجان الفرعية للانتخابات باختيار أعضاء الهيئات الناخبة وفق الشروط والمعايير المحددة، ورفع قوائم أعضاء الهيئات الناخبة إلى اللجنة العليا للانتخابات لإقرارها، إلى جانب إدارة العملية الانتخابية على مستوى دوائر الانتخابات لاختيار أعضاء مجلس الشعب تبعاً للعدد المحدد عن كل دائرة انتخابية.

اختيار أعضاء اللجان الانتخابات الفرعية تم عبر استمزاج الرأي بين عدة جهات على المستويين المحلي والمركزي، ولم يحل ذلك دون حصول اعتراضات وطعون على بعض أسماء لجان الانتخابات الفرعية، وهو ما أخر قليلاً الإعلان عن القوائم النهائية للجان الانتخابات الفرعية، لحين البت في الطعون وفق الآليات المعتمدة.

ما هي الشروط التي يجب أن تتوفر فيمن يرغب بالترشح لعضوية مجلس الشعب خلال هذه المرحلة الانتقالية؟ وهل هناك معايير تتعلق بالعمر، أو السجل العدلي، أو الشهادة، أو الخلفية السياسية، أو الاجتماعية؟

كل من هو عضو في الهيئة الناخبة هو مرشح محتمل لعضوية مجلس الشعب، وقد نصت المادة 26 من المرسوم 143 على شروط الهيئات الناخبة، حيث اشترطت شروطاً موضوعية لناحية العمر بأن يكون قد أتم 25 عاماً ولا يكون محكوماً بجناية أو جنحة أو جرم مخل بالآداب باستثناء القضايا ذات الطابع السياسي أو الأمني، وألا يكون من داعمي النظام البائد والانفصال والتقسيم وحاصلاً على شهادة ثانوية لفئة الأعيان أو جامعية لفئة الكفاءات.

بحسب التعليمات التنفيذية، تتولى اللجنة الفرعية اقتراح أسماء المرشحين لعضوية مجلس الشعب عن دائرتها الانتخابية ورفعها للجنة العليا. فهل يمكن شرح آلية هذا الاختيار؟ ومن يقرّر العدد النهائي؟ وهل تخضع الأسماء لمراجعة أو تصديق من جهة أعلى؟

يُطلب من لجنة الانتخابات الفرعية إجراء مشاورات وعقد لقاءات مع الفعاليات المجتمعية والرسمية، ضمن دائرتها الانتخابية المحددة، بهدف استمزاج رأيها حول الشخصيات الممكن انتقاؤها كأعضاء في الهيئة الناخبة.

ومن باب إبداء المرونة ورفع الحرج عن أعضاء اللجان الفرعية، تُرفع قوائم الهيئة الناخبة الأولية (تضم العدد المطلوب + نسبة 25% احتياطية) إلى اللجنة العليا للانتخابات، وهي الجهة الوحيدة المخوّلة بإقرار هذه القوائم أو طلب تعديلها.

يُفتح بعد ذلك باب الطعون، وتتم مراجعة الملاحظات والاعتراضات المقدمة. وبعد التحقق منها، تُعلن القائمة النهائية للهيئة الناخبة في كل دائرة انتخابية، وهي المرحلة الأساسية التي تمهّد لفتح باب الترشّح لعضوية مجلس الشعب.

عند إقرار الهيئة الناخبة بشكل نهائي، يُفتح باب الترشّح لمن يرغب من أعضائها بخوض الانتخابات البرلمانية.

تقوم اللجنة الفرعية باستلام الترشيحات، ثم ترفعها إلى اللجنة العليا، التي تتولى مراجعتها وإقرار الأسماء النهائية، وفقًا للعدد المحدد من المقاعد في كل دائرة انتخابية. تلي ذلك مرحلة طباعة أوراق الاقتراع التي تتضمن أسماء المرشحين.

وهنا تبرز إشكالية عملية: هل يحق لكل أعضاء الهيئة الناخبة الترشح؟

نظريًا نعم، لكن فعليًا، في بعض المناطق قد لا يترشح سوى ثلاثة أو خمسة من أصل خمسين عضوًا في الهيئة، ما يدفع إلى البحث عن آليات لتقليص العدد، مثل المناظرات الانتخابية، حيث يُعرض البرنامج الانتخابي لكل مرشح، ويُصار إلى حصر قائمة المرشحين قبل الطباعة.

فمن غير المنطقي طباعة ورقة اقتراع تحتوي على 50 اسمًا، هذا غير عملي، خصوصًا في الدوائر الكبرى كدمشق وجبل سمعان في حلب، حيث يبلغ عدد المقاعد المطلوب شغلها ما بين 10 إلى 12 مقعدًا، ما يضاعف عدد المرشحين المحتملين.

مقابلة خاصة مع السيد أيمن الدسوقي عن دور اللجان الفرعية في انتخابات مجلس الشعب 2025
 مقابلة خاصة مع السيد أيمن الدسوقي: عن دور اللجان الفرعية في انتخابات مجلس الشعب 2025 3

باختصار

  • اللجنة الفرعية تختار الهيئة الناخبة بالتشاور مع المجتمع المحلي.
  • تُرفع القوائم إلى اللجنة العليا التي تقرّها وتفتح باب الطعون.
  • بعد إقرار الهيئة، يُفتح باب الترشح لأعضائها.
  • تُجمَع طلبات الترشح، وتُرفع مجددًا إلى اللجنة العليا.
  • تُطبع أوراق الاقتراع بعد إقرار الأسماء.
  • تبدأ الانتخابات المباشرة لاختيار مرشح أو أكثر بحسب عدد المقاعد المحدد لكل دائرة.

تقوم اللجنة الفرعية باقتراح قائمة من المرشحين للهيئة الناخبة، هل سيجري لاحقًا اقتراع شعبي لاختيار أعضاء مجلس الشعب من بين هذه الأسماء؟ وهل يتيح هذا النموذج بالفعل مساحة حقيقية للاختيار الشعبي، أم أن الدور الحاسم يبقى في يد الجهة التي تختار الهيئة الناخبة مسبقًا؟

لا يوجد هنالك اقتراع شعبي لاختيار أعضاء مجلس الشعب، بل هيئة ناخبة يتم انتقاؤها وهي بدورها تقوم بانتخاب أعضاء مجلس الشعب من بينها، تبعاً للعدد المطلوب عن كل دائرة انتخابية.

أعتقد هذا النموذج واقعي إلى حد ما وفق المعطيات الراهنة وليس مثالي، وسبق اختباره بشكل أو بآخر في الشمال وشمال غرب سوريا في مناطق حكومتي الإنقاذ والمؤقتة، ويتيح هذا النموذج فتح مساحات مجتمعية بالحد الأدنى للمشاركة في عملية تشكيل مجلس الشعب، بطريقة لا تؤدي إلى تعطيل استحقاق تشكيل مجلس الشعب.

كأي عملية انتخابية حتى في الدول ذات الأنظمة السياسية المستقرة، هنالك ظروف ومعطيات تحكمها وتوازنات تفرض نفسها وتسويات تجري بشكل أو بآخر، ونتيجة لطبيعتها غير المباشرة لا أعتقد أنها مساحة للاختيار الشعبي الحقيقي، ولكن بالمقابل لن تكون النتيجة محددة مُسبقاً كما كانت في انتخابات مجلس الشعب أيام الأسد.

تنص التعليمات على تخصيص 70٪ للكفاءات و30٪ للأعيان ضمن الهيئة الناخبة، مع مراعاة تمثيل فئات مثل النساء وذوي الإعاقة وأسر الشهداء. كيف يتم تحقيق هذه النسب على أرض الواقع؟

يتوجب على لجان الانتخابات الفرعية الالتزام بما نص عليه النظام الانتخابي المؤقت والتعليمات التنفيذية للمرسوم الرئاسي 143 لجهة تصميم الهيئات الناخبة، على أن تتولى اللجنة العليا للانتخابات مراجعة وتدقيق قوائم الهيئات الناخبة للتأكد من مطابقتها للمعايير والشروط المحددة، وفي حال الإخلال بالشروط يطلب إعادة النظر بالقوائم المرفوعة للالتزام بالمعايير المحددة، مع مراعاة السياق المحلي لكل منطقة.

هل للجنة الفرعية صلاحيات في الطعون وتعديل القوائم؟ وهل يعكس النظام الحالي تمثيلًا حقيقيًا أم أنه مغلق على نخب محددة؟

لا تتدخل اللجان الفرعية للانتخابات في موضوع الطعون أو الاعتراض على القوائم والنتائج، وهذه الصلاحيات ليست لها، وما نحن بصدده نظام انتخابي مؤقت لحين اعتماد قانون انتخابات دائم ناظم لأي استحقاق انتخابي لاحق.

إقرأ أيضاً:  اللجنة العليا للانتخابات تُصدر قرار تشكيل اللجان الفرعية في المحافظات

بالنسبة للثلث المعين من قبل رئيس الجمهورية، هل تتدخل اللجنة الفرعية في اقتراح هذه الأسماء أيضًا، أم أن هذا الأمر يتم بشكل مستقل؟ وما طبيعة التنسيق إن وجد؟

لا يوجد آلية واضحة أو تم الحديث عنها بخصوص آلية اختيار الثلث المعين من قبل الرئيس، فهذا الأمر متروك للرئيس وفقاً للآلية التي يراها مناسبة لتحقيق التوزان داخل مجلس الشعب سيما لجهة تمثيل المرأة والمكونات المجتمعية السورية.

المواطن العادي يسأل اليوم: من يختار من؟ ومن يضمن أن من سيمثله في مجلس الشعب يعبر عن صوته الفعلي؟ كيف تردّون على هذه التساؤلات من موقعكم كأعضاء في لجنة مسؤولة عن تنظيم واحدة من أهم محطات الحياة السياسية في البلاد؟ وهل تعتقد أن الآلية تتيح تمثيلًا فعليًا لمطالب الناس وتنوعهم السياسي والاجتماعي، أم أنها تحصر التمثيل في نخب مختارة مسبقًا؟

هذه أسئلة محقة، تنم عن وعي المواطن السوري وتفاعله مع الشأن السياسي العام، ومطالبه بأن يتم الإقرار بحقه في المشاركة السياسية وتنظيمه وفق آليات قانونية ومؤسساتية وإجرائية، لكن بالمقابل ليس كل ما هو مراد أمر بمتناول اليد وأن ذلك يتطلب وقتاً.

في النهاية هي آلية لتشكيل مجلس الشعب قد لا تعكس بالضرورة الإرادة الشعبية الحقيقية وقد تكون أقرب إلى التعامل مع عدد محدد من النخب وفق فئتي الأعيان والكفاءات على مستوى كل منطقة، وأعتقد أن الواجب استكمال تمثيل صوت المجتمعات المحلية من خلال تفعيل دورها بسياقات وقنوات متعددة.

شيء أخير تود قوله حول المجلس، والانتخابات، وآليات التعيين، أو رسائل تحب أن توجّهها للناس أو الجهات المعنية.

أعتقد كرسالة أخيرة أود قولها، إن مجرد القبول بإجراء هكذا عملية وفق الإجراءات الناظمة لها رغم الملاحظات عليها، يعد تطوراً لجهة الإقرار بأهمية التشاركية بمستوى معين خلال المرحلة الانتقالية، وأن العمل الواجب متابعة هذه العملية الانتخابية لأخذ الدروس منها، لصياغة قانون انتخابات دائم قادر على عكس الإرادة الشعبية بنزاهة وحرية وشفافية.

 وهنالك أدوار مطلوبة منها كسوريين كأفراد أو منظمات للعمل على التوعية بأهمية الانتخابات وتكريسها كآلية لتداول السلطة ومحاسبة المسؤولين، وبأن السلطة أساسها الشعب ولخدمة الشعب.

الرابط: https://daraa24.org/?p=53186

موضوعات ذات صلة