الكراج الغربي في مدينة درعا
الكراج الغربي في مدينة درعا

تواجه الأسر في محافظة درعا ظروفاً اقتصادية بالغة التعقيد، حيث هناك زيادات يومية في أسعار السلع الاستهلاكية ومتطلبات الحياة اليومية، إضافة إلى ذلك هناك ارتفاع ملحوظ في أسعار الوقود، الذي ألقى بظلاله على قطاعات عدة من ضمنها قطاع النقل، حيث تشهد أسعار المواصلات العامة والخاصة زيادات كبيرة في الأسعار.

تدابير حكومية جائرة بحق المواطن

في الوقت الذي يعيش فيها غالبية السوريين تحت خط الفقر، عملت الحكومة السورية على زيادة أسعار مادتي البنزين والمازوت، بحجة ضمان عدم انقطاع تلك المواد. وقد أصدرت وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك قراراً بزيادة تعرفة أجور نقل الركاب وتعديل أجور النقل في المحافظات بنسبة 25% لوسائط النقل العاملة على مادة المازوت و10% لوسائط النقل العاملة على مادة البنزين. بعد أن كانت رفعت أجور النقل سابقاً في 13 كانون الأول، غير آبهة بانعكاسات هذه القرارات على المواطن السوري.

أضافت الزيادات الأخيرة في أسعار الوقود عبئا آخر على المواطن، لأنه لم يرافقها أي زيادة ملحوظة في الأجور والرواتب للموظفين الحكوميين، الذين يحتاجون إلى أكثر من نصف دخلهم للوصول الى أماكن عملهم. وبدلاً من التخفيف من حدة معاناة المواطن، وزيادة رواتب الموظفين بنسب جيدة تتناسب مع حجم الغلاء الذي تتأزم حدته يوماً بعد يوم، تقوم الحكومة -كل ما اشتدت الأزمات- بفرض زيادة جديدة على الأسعار.

إقرأ أيضاً: ارتفاع أجور وسائط النقل في محافظة درعا

تعمل (إسلام محمد، 27 عاماً) في مدرسة حكومية بإحدى البلدات المجاورة لبلدتها، وتحصل على راتب وقدره 130 ألف ليرة سورية، تدفع منه يومياً قرابة الـ 5000 ليرة سورية، كأجور مواصلات للوصول الى عملها. وتؤكد في حديثها مع مراسلة درعا 24 أن الأجرة ارتفعت من 3500 إلى 6000 ليرة سورية، أي أنها تضطر لدفع كامل مرتبها الذي تحصل عليه ثمن أجور التنقلات.

تصف المعلمة هذه الزيادة بالجائرة والظالمة وغير العادلة لأنها باتت تخنق المواطن وتدفع به للهاوية، فدائماً على المواطن أن يتحمل ويدفع فاتورة أخطاء الدولة.

ارتفاعات متزايدة وفوضى في أجور النقل

يشكو أهل محافظة درعا من الارتفاعات المتزايدة والفوضى الكبيرة في أجور النقل، التي أصبحت بمثابة استنزاف واستغلال للمواطن، وكل سائق يضع التسعيرة التي تناسبه، ففي الصباح تكون بسعر وترتفع لسعر مختلف تماماً في المساء. إضافة إلى أن أيام العطل الرسمية تشهد ارتفاعاً كبيراً لأسعار التنقلات وتصل لأكثر من الضعف.

(أبو محمد، 40 عاماً) موظف حكومي وهو من سكان الريف الشرقي لمحافظة درعا يقول: “تستهلك المواصلات أكثر من نصف راتبي، الذي يصل إلى قرابة ال150 ألف ليرة سورية، حيث اعتمد على المواصلات العامة للوصول إلى العمل في درعا المدينة، التي ارتفعت أجرتها بشكل كبير في الآونة الأخيرة”.

مضيفاً، “تختلف أجور المواصلات حسب سائقي الحافلات، حيث أنهم لا يلتزمون بالتسعيرة المقررة لهم من قبل الحكومة، بحجة أنهم لا يحصلوا على مخصصاتهم من مادة المازوت المدعوم، وأنهم يضطرون لشراء المادة من السوق السوداء بسعر مرتفع”.

إقرأ أيضاً: درعا تشكو من قلة حافلات النقل الداخلي وكثرة أعطالها

بدورها (ريما 23 عاماً) من سكان الريف الغربي لمحافظة درعا، تؤكد أنها اضطرت لدفع مبلغ وقدره 14 ألف ليرة سورية كأجور ذهاب وإياب إلى مدينة درعا، لأنها ذهبت في يوم عطلة، وقد تذرع سائقو السيارات بأنهم لا يحصلون على مخصصاتهم من الوقود في أيام العطل الرسمية، لذلك هم مجبرون على وضع مثل هذه الأسعار.

يرى العديد من سائقي حافلات النقل الذين تحدثت مراسلة درعا 24 معهم، أن الأجرة لا تفي بالغرض والمعاناة لا تنحصر بالمواطن لوحده، فهذا الارتفاع ينعكس أيضاً عليهم، حيث أنهم يواجهون ارتفاع كلفة تصليح أعطال السيارات، لذلك يضطرون الى زيادة الأجور ففي كثير من الأحيان يضطر السائق إلى دفع كل دخله لتصليح أي عطل حاصل.

إقرأ أيضاً: الحكومة بعد رفعها أسعار المحروقات تزيد تعرفة وسائط نقل الركاب العامة

أبو محمود وهو خريج جامعي ويعمل سائق سرفيس على أحد خطوط ريف درعا الغربي قال للمراسلة: «نحن نضطر لشراء المازوت من السوق السوداء، وفي محطات الوقود لا يعطوننا كامل مخصصاتنا من المازوت، هذا إذا كان متوفراً، بالإضافة إلى ثمن قطع الغيار وأجور التصليح واهتلاك الدواليب والسرفيس…».

طلاب الجامعات معاناة من نوع مختلف

 يضطر طلاب الجامعات للتنقل بشكل دائم أو في نهاية الأسبوع بعد انتهاء الدوام الجامعي للسفر إلى مكان الإقامة، ويمكن اعتبار طلاب الجامعات من أكثر الفئات تضرراً نظراً لتنقل البعض منهم بين المحافظات. وتشتد معاناتهم بسبب أجور المواصلات العالية للذهاب والعودة إلى الجامعة، خاصة مع ارتفاع معدلات الفقر وغياب مصادر الدخل للأهل وغلاء المعيشة والمشتقات النفطية، التي أدت الى تضاعف أجور المواصلات.

 ‏‏فيما يخص طلاب درعا فهم كالغالبية يعجزون عن تأمين سكن في المناطق القريبة من الجامعات، بسبب ارتفاع إيجار المنازل هناك، حتى بات الذهاب والعودة إلى الجامعة عائقاً كبيراً أمام الوصول إلى جامعاتهم. ‏ (محمد الحوراني، 20 عاماً) طالب في جامعة دمشق يضطر للسفر بشكل دائم إلى مدينة دمشق، بسبب دراسته هناك، ويشير إلى أن المبلغ الذي كان قد خصصه له والده بالكاد أصبح يكفيه لدفع أجور التنقلات، التي ارتفعت بشكل ملحوظ، وهذا ما زاد من المعاناة.

 ‏إن استمرار ارتفاع رسوم النقل التي فرضها واقع أزمة المحروقات وعدم إيجاد الحلول المناسبة لهذه المشكلة، سيكون لها عواقب كبيرة على المواطن السوري، كما سيكون لها انعكاسات سلبية على مستوى الانضباط الوظيفي في المؤسسات والدوائر الحكومية، إضافة إلى أنها ربما تكون عاملاً أساسياً في التسرب من التعليم المدرسي والجامعي.

هل تتناسب أجور النقل مع دخل الموظف؟ وهل هي عادلة للسائقين، خاصة وإنهم يقولون بأنهم لا يستلمون كامل مخصصاتهم (إن وجدت) والتي لا تكفي أساساً؟

رابط التقرير: https://daraa24.org/?p=28316

Similar Posts