“منذ نعومة أظافري وأنا أرسم بالهواء كل ما يجول في خاطري، وأكوّن الكثير من أفكار الرسم في ذهني، لكن سرعان ما بدأتْ تقفز هذه الأفكار التي في خيالي إلى سطح الورق، فتصبح رسومات ملموسة، تنبض فيها معالم الجمال“، تقول الرسامة الشابة بلقيس عبد القادر الرفاعي من قرية سملين في الريف الشمالي من محافظة درعا.
تحدثتْ شبكة درعا 24 إلى الرسامة والمعلمة “بلقيس الرفاعي” التي تبلغ من العمر 26 عاماً، وهي خريجة كلية التربية – قسم معلم صف، تعمل معلّمة في المدرسة 18 الابتدائية في مدينة جاسم. وقد اختارتْ تخصّصها الجامعي، بسبب حبّها لمهنة التدريس ورغبتها في توظيف موهبتها بالرسم في العملية التعليمية. تعمل حالياً إلى جانب التدريس بمجال الرسم، الزيتي، والفحم، والرصاص، والاكريليك، والغواش.
متى بدأتِ ممارسة هواية الرسم، وكيف اكتشفتِ موهبتكِ فيها؟ وكيف عملتِ على تطويرها ؟وهل التحقتِ بدورات تدريبية لتطوير مهاراتكِ؟
كانت بدايتي صعبة في الرسم بسبب عدم توافر جميع الأدوات التي أحتاجها، وأحياناً صعوبة إتقاني لبعض اللوحات التي أرغب برسمها، وكثرة الانتقادات التي كانت تضعف من عزيمتي وإصراري على إتقان الرسم، لكن مع ذلك بدأت برسم لوحات بسيطة لأني وضعت هدف احتراف الرسم نصب عيني ولم أتوانَ عن ذلك، بعدها بدأت العائلة والأصدقاء ملاحظة موهبتي في الرسم، وأنّي بحاجة للتشجيع لتطوير موهبتي أكثر وأكثر، فكانت بدايتي مع محاولة رسم العيون والطبيعة الصامتة بالرصاص، وأيضاً لوحات تعليمية للمدارس، بهدف خدمة العملية التعليمية، عزمت بعدها على تطوير موهبتي، فأخذت أتدرّب لساعات وأيام وشهور، مع الاستعانة ببعض المعلومات من الإنترنت ومشاهدة فيديوهات رسم تشرح كيفية إتقان الرسم واحترافه أكثر، وأخذت بعض النصائح من الرسّامين المحترفين، الذين أثنوا على رسوماتي وأكدوا أني لا بد أن أستمر وألا أتوقف عند مستوى معين، فحاولت رسم لوحات صعبة تحتاج لأكثر من ١٥ ساعة رسم، حتى بدأت أتقنها مع مرور الوقت، وبعد فترة لاحظ الجميع التطور الكبير في رسوماتي وانتقالي لمستوى أعلى في الرسم، وبدأت الاحترافية تظهر في رسوماتي.
كيف تسوّق بلقيس الرفاعي أعمالها الفنية من أجل التعريف بها؟
أولاً: أقوم بذلك عن طريق الإنترنت، حيث قمت بتأسيس صفحة باسمي في الفيسبوك، أنشر فيها كل ما يخص الرسم وأعمالي الفنية لأجذب انتباه الجمهور، ولاقت إلى الآن إعجاب أكثر من عشرة آلاف متابع، منهم من يبدي إعجابه برسوماتي، ومنهم من يقدّم لي النصائح الفنية التي تزيد من خبرتي في الرسم.
ثانياً: أقوم بالمشاركة في معارض فنية في المراكز الثقافية في درعا ودمشق، ومن خلالها اطلع الكثير من الناس على أعمالي الفنية وأعجبتهم، فاتخذت من الرسم مهنة أعمل بها، حيث عملتْ كمدربة رسم في بعض المراكز، وأصبحت أتلقى طلبات رسم بمختلف الأنواع.
هل هناك نوع معيّن من الرسم تميلين إليه أكثر من غيره، وهل هناك لوحة تعتبرينها مميزة أكثر من غيرها بالنسبة لك؟ وما هي قصتها؟
أميل في أغلب الأحيان إلى الرسم الواقعي ثلاثي الأبعاد (3D)، لأن هذا النوع من الرسم يشعرني دائماً بالحماس والاستمرار، لتقديم الأفضل، بالإضافة إلى صعوبته فهو يحتاج إلى ساعات طويلة من الرسم، للحصول على نتيجة مرضية، فيكون بمثابة تحدي لنفسي ومحاولة جديدة لاحتراف الرسم أكثر.
ما هو تأثير الرسم على حياتكِ الشخصية والنفسية؟ وما هي أحلامكِ وتطلعاتكِ المستقبلية في مجال الفن والرسم؟
للرسم تأثير كبير في حياتي، وبالتأكيد تأثير إيجابي ، فلطالما وجدت راحتي النفسية بين أدواتي ولوحاتي وفي مرسمي، فأشعر أن كل لوحة تخبرني بشيء ما، يعجز الآخرون عن إخباري به، بالإضافة إلى تفريغ طاقتي السلبية وتجسيد مشاعري وأحاسيسي وكل ما يجول في ذهني على الورق، فالرسم عموماً يساعد الإنسان بالتعبير عن مشاعره الداخلية وكل ما يحسه، فكل ما أود أن أقوله يمكنني ببساطة أن أفرغه على شكل رسمة على ورق، وقد أضاف الرسم على شخصيتي الكثير فساعات الرسم الطويلة علمتني الصبر والالتزام والدقة، وساعدتني في تقليل التوتر والقلق وجعلت من شخصيتي هادئة ومتزنة وحالمة.
أحلم بأن أصل لمستوى احترافي أكثر بالرسم، وأن أفتتح يوماً ما معرض خاص بي، أعرض فيه كل أعمالي الفنية لتصل لأكبر عدد من الناس، وأن أشارك في دورات تدريبية لتشجيع المبتدئين بالرسم على تطوير مستواهم أكثر، والمشاركة بجميع الفعاليات والأنشطة التي تتعلق بالرسم، كما أود افتتاح قناة تعليمية على الانترنت أشارك فيها فيديوهات لخطوات تعلم الرسم من البداية.
أنتِ تعملين أيضاً في مجال الأعمال اليدوية، فماذا يمكنكِ أن تخبرينا عن تجربتكِ في هذا المجال؟ وهل تحققين مكاسب مادية من الأعمال اليدوية أو من الرسم؟
مجال الأعمال اليدوية ممتع جداً، ويحتاج للكثير من الفن والإبداع في ابتكار أفكار جديدة وملفتة للأنظار بنفس الوقت، مثل صنع صناديق الهدايا لكافة المناسبات والرسائل الورقية ولوحات الكولاج التي استخدم فيها مختلف الخامات، وأحياناً أقوم بتحويل بعض بقايا الورق أو الخشب أو الكرتون أو الفوم إلى أعمال يدوية تجذب الانتباه وبنفس الوقت أبيعها لأحقق مكسب مادي منها.
قمت بعمل مشروعي من مواد بسيطة من ورق وأقلام وألوان وقطع خشب وصناديق وغيرها، أستخدمها في الأعمال اليدوية ورسم اللوحات الزيتية ورسم البورتريهات بالفحم والرصاص التي أحقق منها مكاسب مادية.
إقرأ أيضاً: الباحث السوري الدكتور محمد العيسى من بصرى الشام في مقابلة مع شبكة درعا 24
كمُعلمة شابّة، ماذا تخبرينا عن تجربتك في مجال التدريس في منطقتك، وكيف تستفيدين من مهاراتك في الرسم والأعمال اليدوية في عملك في مجال التدريس؟
مجال التدريس ممتع. وحب التلميذ للمعلم مرحلة مهمة جداً لأداء مهنة التعليم على أكمل وجه. لذا يُقال: “الوصول لقلب التلميذ أهم من الوصول إلى عقله”، ففي صفي أخلق للتلاميذ بيئة صفية مريحة وهادئة ومليئة بالحب، وأجعلهم دائماً متشوقين للعملية التعليمية، وذلك بفضل استخدامي لوسائل تعليمية جذابة تثير انتباههم، كما أقوم بعمل نشاطات تربوية تعليمية هادفة وأحياناً ترفيهية، للترويح عن نفس التلميذ، كي لا يشعر بالملل، وقد وظفت موهبتي في الرسم بصنع وسائل تعليمية هادفة تُغني الدرس بالمعلومات المطلوبة وتسهل سير العملية التعليمية، وأيضاً استفيد من مهارتي في صنع الأعمال اليدوية، بصنع مجسمات ولوحات من بقايا الورق والكرتون، وتساهم أيضاً في خدمة الطالب والمدرسة والتعليم بشكل عام.
أنتِ تشاركين في مبادرات وأنشطة شبابية. ما هي الأنشطة التي تشاركين فيها ضمن هذا المجال، وما أهميتها؟ أخبرينا المزيد عن ذلك.
أقوم بالمشاركة بالمبادرات والأنشطة ضمن المدارس، فقمت بآخر مبادرة بالرسم بالألوان على وجوه الأطفال لرسم البسمة على محياهم، وأيضاً أميل للمشاركة بالنشاطات الشبابية سواء كان بالرسم أو التعليم، مثل مساعدة الأطفال المبتدئين بالرسم على تطوير موهبتهم وإعطائهم بعض النصائح البسيطة التي تفيدهم مستقبلاً، والمشاركة مع الفرق التي تدعم المواهب الشابة وتقوم بالكثير من الفعاليات الهامة على مستوى درعا، وتكمن أهمية هذه النشاطات بأنها تسلط الضوء على المواهب لدى الشباب وتساعدهم على تطويرها وتوظيفها في مكانها الصحيح.
ماذا تقولين للشابّات الطموحات في شتى المجالات في درعا، وما هي النصيحة التي تقدمينها للراغبات منهن في دخول عالم الفن والرسم؟
أنصح كل فتاة وكل شخص طموح ولديه موهبة ولو كانت صغيرة ولا زال مبتدئاً فيها، أن يسعى دائماً لتحقيق أهدافه وطموحاته ويكمل الطريق مهما واجهته مشاكل وصعاب في طريقه لتحقيق ذلك، وألا يستمع لكلام المحبطين والمشككين بموهبته أبداً، وألّا يتخلى عن الطموح والأمل فهو الدافع الحقيقي لتحقيق الأحلام.
ولكل من يرغب بالدخول في مجال الرسم عليه أن يتمتع بالصبر والشغف والقدرة على الالتزام وأن يكون واثقاً بنفسه ولا يكترث للآراء السلبية التي سيتعرض لها، وعدم اليأس من المحاولات الأولى لأنه غالباً تكون نتيجتها غير مرضية، بل السعي لتحسينها أكثر من خلال التسجيل في دورات لتطوير الرسم أو التعلم عن طريق الإنترنت.
الرابط: https://daraa24.org/?p=41050