يزداد المشهد في الريف الغربي من محافظة درعا تعقيداً يوماً بعد يوم، ويتصدره التنافس بين الفصائل المحلية الخاضعة للتسوية، ومن انطوى منهم تحت تشكيلات اللجان المركزية كالقادة “محمود البردان، أبو مرشد، ومؤيد الأقرع، أبو حيان، وباسم الجلماوي، أبو كنان القصير، وغيرهم” من جهة، وبين من لم ينضموا للمركزية، ممن تبقى من اتباع القياديين المحليين اللذين قُتلا سابقاً “معاذ الزعبي، وخلدون البديوي” من جهة أخرى>
تمت ترجمة هذا الصراع خلال الأيام القليلة بين الجانبين، حيث هاجمت اللجان المركزية واللواء الثامن مجموعة “محمد جاد الله الزعبي” في بلدة اليادودة، وقتلته، بعد اشتباكات عنيفة، نتج عن ذلك مقتل أربعة آخرين من أفراد المجموعة، واثنين من المركزية والثامن، ومواطن مدني، وأُصيب آخرون.
داهم عناصر من اللجنة المركزية واللواء الثامن مجموعة “محمد جاد الله الزعبي” في بلدة اليادودة، وقتلته، بعد اشتباكات عنيفة، نتج عن ذلك مقتل أربعة آخرين من أفراد المجموعة، واثنين من المركزية والثامن، ومواطن مدني، وأُصيب آخرون.
اللجان المركزية
تحدثت درعا 24 إلى العديد من المصادر من العاملين السابقين ضمن الفصائل المحلية في المنطقة، والذين أكدوا أنه من المعروف أن اللجان المركزية تُنسق مع الأجهزة الأمنية، وبالذات مع فرع الأمن العسكري الذي يرأسه العميد “لؤي العلي” والذي يلعب دوراً بارزاً في المشهد.
فيما بدورها تعتبر المركزية هذا التنسيق منذ اتفاقية التسوية والمصالحة في العام 2018 ولليوم أنه في مصلحة المنطقة، ويُجنّبها اقتحامات الجيش والأجهزة الأمنية وتنفيذ المداهمات العشوائية للمنازل، ويمنع الاعتقالات لو نسبياً، وكذلك يحمي الشباب غير الراغبين بالالتحاق بالخدمة العسكرية.
أكدت ذات المصادر من الفصائل بأن هناك اتهامات لقادة المركزية بأنهم ينفذون أجندات العميد “لؤي العلي” المُتهم أساساً بالتنسيق مع المليشيات الإيرانية في المنطقة، وأنه يستعمل هؤلاء القادة لتنفيذ مخططاته، من خلال تنفيذ عمليات اغتيال في المنطقة، ومن المعروف أن أغلب تلك العمليات تتم في المنطقة الغربية، أي في المدن والبلدات التي تسيطر فيها اللجان المركزية.
وأوضحت ذات المصادر أن المنضوين تحت جناح المركزية يُتهم بعضهم بتنفيذ عمليات اغتيال ضد مُتهمين بتجارة المخدرات أحياناً، بعضهم عبارة عن متعاطين ليس إلا، بينما لم يتم اغتيال أيّ من كبار تجار المخدرات، وكذلك يُتهمون بالسعي من خلال الاغتيالات إلى التخلص من بقايا الجهات التي تعارض التسويات أو تلك التي تنتسب لجهات إسلامية كهيئة تحرير الشام وتنظيم داعش.
إقرأ أيضاً: اجتماع مع ضباط من اللجنة الأمنية في الأشعري، وكعادتها اللجان المركزية لا تُصرّح ولا تُوضح
يتم أيضاً توجيه اتهامات للعاملين في الفصائل المحلية التابعة للجان المركزية بأنها تنفذ – ليس فقط عمليات اغتيال – بل أيضاً عمليات خطف وطلب فدية مقابل ذلك.
وكانت رصدت درعا 24 قيام اللجان المركزية باعتقال عاملين ضمن الفصائل المحلية في مدينة طفس، من أقارب القيادي “أبو مرشد البردان” لضلوعهم في عمليات سرقة وخطف، فينا لم يتم الكشف حتى اللحظة عن مصيرهم، وهل هم سجناء لدى المركزية أم مقيمين في مقراتها، ومختفين عن الأضواء.
أتباع “خلدون ومعاذ الزعبي”
أما الجهة الأخرى، الذين يتم احتسابهم على الإسلاميين غالباً، وغالبية قادة هذه الجهة هم من قادة الفصائل المحلية السابقين، ولكنهم عند انهيار تنظيم داعش في حوض اليرموك، فتحوا المجال لبقايا التنظيم بالتواجد تحت حمايتهم وفي مقراتهم، وكان يقودهم القيادي المحلي “معاذ الزعبي” الذي قُتل في اشتباكات في يوليو 2021، تبعه بعدها القيادي “خلدون البديوي الزعبي” الذي تم اغتياله في أغسطس 2022، وهو في طريق عودته من اجتماع مع العميد “لؤي العلي” في مدينة درعا. ثم بعد ذلك “إياد جعارة” الذي تم اغتياله في نوفمبر 2023.
إقرأ أيضاً: اجتماع في مكتب رئيس الأمن العسكري في مدينة درعا
أبرز الأسماء في المنطقة الغربية من المحسوبين على هذه الجهة – أي ضد اللجان المركزية – هم “إياد الغانم”، و”محمد جاد الله الزعبي”، الذي لقي مصرعه مؤخراً، خضع الاثنان للتسوية التي تمت في العام 2018، وكانا ضمن المطلوبين للأجهزة الأمنية، وتذرع الجيش والأجهزة الأمنية بوجودهم ووجود غيرهم لاقتحام المنطقة عدة مرات، واتهمهم بأنهم ينتسبون لتنظيم داعش عبر وسائل إعلامه الرسمية. لكن بعد التهديد والوعيد كان يتم الاتفاق بينهم وبين ضباط اللجنة الأمنية، ثم لا يتم الاقتحام أو يتم شكلياً بالتنسيق معهم ومع اللجان المركزية، ولا يتم الكشف عن الاتفاقيات التي تُعقد بين الضباط واللجان ولا مع المطلوبين أنفسهم.
ضمت هذه الجهة عندما كان “معاذ الزعبي وخلدون البديوي الزعبي” على قيد الحياة، قيادات وعناصر من تنظيم داعش، وقد كشفت درعا 24 ذلك في أكثر من تقرير. وبعد مقتل كليهما، خرج بعض بقايا التنظيم من المنطقة نتيجة الضغوط الكبيرة، وبقي قلة قليلة منهم اليوم، ومن هيئة تحرير الشام، وهم يتواجدون تحت حماية “إياد الغانم، ومحمد جاد الله”، وفق ما تؤكده اللجان المركزية والعاملين فيها.
إقرأ أيضاً: مدينة طفس، القصة كاملة بلسان أبنائها
تهمة داعش لبعض قادة الفصائل المحلية
أكدت المركزية في أكثر من مناسبة وغالباً عند مقتل عناصر أو قياديين فيها، بأن هذه الجهة ليس فقط تأوي عناصر داعش بل هي تنتمي لتنظيم داعش، وبأن العاملين فيها ينفذون عمليات اغتيال ضد أفراد وقيادات المركزية.
فيما أشارت المركزية أكثر من مرة أيضاً بأن أبرز القتلي المحسوبين على اللجان المركزية ويُتهم باغتيالهم هذه الجهة هم، الشيخ “أحمد البقيرات” من تل شهاب والشيخ “محمود الإبراهيم (البنات)” من المزيريب والقيادي المحلي “راضي الحشيش” من تل شهاب و”مصعب البردان، أبو أحمد” من طفس وغيرهم، وجميعهم من الشخصيات الفاعلة في اللجان المركزية في المنطقة الغربية.
إقرأ أيضاً: أبو مرشد البردان يُسمّي المسؤولين عن الإغتيالات الأخيرة بدرعا
يتهم كل طرف من هذين الطرفين الآخر بالجلوس مع ضباط الأجهزة الأمنية، والتنسيق معهم، وتنفيذ اغتيالات لصالح الأجهزة الأمنية، ويرفض الطرفان هذه الاتهامات، مع أن كليهما ينسقان مع الضباط، ولكن يبرر كل طرف بأنه يجلس للمفاوضات فقط، بينما يتهم الآخر بأن جلوسه لأهداف أخرى. كما تمتلك كل جهة حسابات وهمية على مواقع التواصل الاجتماعي، وتخوض حروباً افتراضية من خلال منشورات وتعليقات، كلها تحوي على تهديدات، وتمجيد لكل طرف على حساب الآخر، وتقديس قيادتهم، وبأنهم هم صمام الأمان في المنطقة.
إقرأ أيضاً: هل ما زال تنظيم داعش حاضراً في الجنوب السوري؟
تبقى المنطقة الغربية من محافظة درعا أكثر المناطق سخونةً في المحافظة، حيث تتم فيها أكثر عمليات الاغتيال، وقد بلغ عدد القتلى فيها خلال العام 2023 ما يزيد على 147 قتيلاً، وهي أعلى المناطق بعدد القتلى، وفق تقرير درعا 24 السنوي لتوثيق الانتهاكات خلال العام الماضي، الذي تم فيه توثيق مقتل 439 شخصاً في المحافظة.
الرابط: https://daraa24.org/?p=36717
إذا كنتم تعتقدون بأن هذا المقال ينتهك المعايير الأخلاقية والمهنية يُرجى تقديم شكوى