ما يزال الجدل قائمًا في سوريا منذ سقوط النظام وحتى اليوم حول مفهوم «العدالة الانتقالية»، وسط تأكيد خبراء قانون وحقوق إنسان وجود خلطٍ واضح بينها وبين ما يُطرح تحت مسمّيات مثل «العدالة التصالحية» أو «ثقافة العفو».
ووفق التعريفات المعتمدة دوليًا، لا تُعدّ العدالة الانتقالية خيارًا أخلاقيًا قابلًا للتأويل، بل مسارًا قانونيًا متكاملًا لمعالجة إرث الانتهاكات الجسيمة التي ارتُكبت خلال فترات النزاع أو الحكم الاستبدادي.
وتقوم العدالة الانتقالية على أربعة أركان أساسية لا يمكن فصلها أو الانتقاص منها:
- المحاسبة على الجرائم والانتهاكات الجسيمة
- المساءلة عبر آليات قضائية مستقلة
- جبر الضرر للضحايا ماديًا ومعنويًا
- ضمان عدم التكرار من خلال إصلاح المؤسسات، ولا سيما الأمنية والقضائية.
ويشير خبراء إلى أن أي مقاربة تتجاوز هذه الأركان، أو تُقدِّم العفو والمصالحة قبل المحاسبة، تُعدّ خروجًا صريحًا عن مفهوم العدالة الانتقالية، وتؤدي عمليًا إلى تكريس الإفلات من العقاب وتنشر ثقافة الانتقام. فالعفو عن الجرائم الجسيمة ليس حقًا سياسيًا، ولا قرارًا اجتماعيًا عامًا، ولا يملكه أي طرف نيابةً عن الضحايا.
وتُظهر تجارب دولية متعددة أن القفز فوق مسار المحاسبة لا يفضي إلى استقرار دائم، بل يُمهِّد لدورات جديدة من العنف والانتهاكات، ويُقوِّض الثقة بأي مسار سياسي أو مؤسساتي لاحق.
برأيكم، ما الخطوة الأهم التي يجب أن تُنجز لضمان مسار عدالة حقيقي في سوريا؟ وهل ترون أن السلطات السورية اليوم تعمل فعليًا على تحقيق أركان العدالة الانتقالية الأربعة؟
اقرأ أيضاً: العدالة الانتقالية طريق السوريين الطويل، هل يمكن إعادة الإعمار دونها؟ 1/2
اقرأ أيضاً: درعا بعد سقوط النظام: خطوات بطيئة نحو العدالة الانتقالية 2/2
الرابط: https://daraa24.org/?p=56078






