كاريكاتير عن حرية الإعلام وتهديد الصحفيين لرسام الكاريكاتير السوري دجوار ابراهيم
كاريكاتير عن حرية الإعلام وتهديد الصحفيين لرسام الكاريكاتير السوري دجوار ابراهيم

يتعرّض الناشط الإعلامي أبو محمد الحوراني، (وهو اسم مستعار لأحد أبناء الريف الغربي من محافظة درعا)، إلى جانب عشرات الناشطين في المحافظة، للتهديد بالقتل بشكل مستمر، حيث تصله رسائل تهديد على تطبيق الواتساب، ومن حسابات وهمية على منصة فيس بوك.

وقد أكد «الحوراني» – الذي قام بتسوية وضعه بعد اتفاقية التسوية والمصالحة في منتصف العام 2018، ولم يزاول بعدها العمل الإعلامي أو أي نشاط آخر: “إن عشرات الناشطين الصحفيين من أبناء محافظة درعا، غادروا باتجاه الشمال السوري في العام 2018، وبعضهم غادر باتجاه أوربا ودول مجاورة فيما بعد، هرباً من الوضع الأمني ومن هذه التهديدات التي لا تتوقف”.

مُضيفاً: “من بقي من الناشطين أصبحوا في وجه المدفع. وأي كتابات على مواقع التواصل الاجتماعي من حسابات وهمية، أو على صفحات عامة، حول مواضيع تخص سياسات الأجهزة الأمنية أو انتقادات للاغتيالات أو حتى للوضع الخدمي، أو لأي مجموعة محلية مسلحة، فإن أصابع الاتهام تتجه إلى من بقي من هؤلاء الناشطين”.

تهديدات كبيرة تتطور لأفعال

يؤكد الناشط الإعلامي “لورنس كراد” في حديثه مع مراسل درعا 24 أن المخاطر المحيطة حالياً جسيمة وكبيرة وغير معتادة، كون المعتدي هذه المرة عدوٌ مختلف، يرصد الهدف وقد يقترب بأي لحظة، فلا يمكن أن تحزر التهديدات الداعشية ومن هنا تأتي قذارتها. يضيف: “لقد شاهدنا اعتداءات داعش سابقاً، فلم تكن بحق الشخص المْهدَّد من قبلهم فقط، بل تعدّى الخطر إلى من معه من أطفال ونساء فلا رادع ديني ولا حتى أخلاقي لهذا التنظيم الإرهابي”.

وأكّد “الكراد” أنه تلقى تهديدات علنية، من قِبل المدعو “محمد عبد الرحمن المسالمة، الملقب بالهفو” ومن “مؤيد حرفوش الملقب أبو طعجة”، وهما اللذان كانا يتمركزان برفقة آخرين في حي طريق السد، حيث يُتهمان بالعمل مع تنظيم داعش وحماية عناصر من التنظيم الإرهابي. وأضاف “الكراد” أنه تلقى تهديداً من “يوسف النابلسي الملقب أبو خالد” وهو من دواعش حوض اليرموك وينحدر من تل شهاب، وقد أكدت العديد من المصادر في الفصائل المحلية أنّ “النابلسي” كان يرافق المجموعات المتهمة بالانتماء للتنظيم في حي طريق السد.

يقول الإعلامي “الكراد”: “تصلني التهديدات عبر رسائل مكتوبة وجدتها على باب منزلي مرتين، بالإضافة لتهديدات عبر الواتساب والفيس بوك عبر حسابات بأسماء مستعارة، عدا عن التهديدات المباشرة، فقد زرعوا لي العبوات الناسفة أكثر من 3 مرات منذ العام 2019، ومؤخراً قاموا بتفخيخ منزلي بالكامل، بعد أن سلبوا أغراضي الشخصية وإثباتاتي أيضاً”.

وتتحول هذه التهديدات إلى أفعال في بعض الأحيان، كما حصل مع الصحفي “عاطف شبلي الساعدي” الذي ينحدر من بلدة المزيريب غربي درعا، حيث رصدت درعا 24 أكثر من محاولة اغتيال طالت الشاب، كان آخرها في الأول من نوفمبر / تشرين الثاني، واتهم حينها “الساعدي” خلايا تنظيم داعش بمحاولة اغتياله. ثم لاقى الشاب حتفه بعدها بخمسة أيام، خلال الاشتباكات في حي طريق السد في درعا، بين الفصائل المحلية ومتهمين بالانتماء لتنظيم داعش.

وكان وثّق “مكتب توثيق الشهداء في درعا”، (وهو موقع محلي يوثق الضحايا في محافظة درعا) اغتيال 136 ناشطًا إعلامياً وصحفياً في المحافظة منذ العام 2011 حتى شهر نيسان 2022.

وجاء قي التقرير «أن 55 إعلامياً منهم قُتلوا خلال عمليات استهداف بعبوات ناسفة واشتباكات، بينما قُتل 40 آخرون نتيجة قصف قوات النظام للمحافظة، إضافة إلى تسعة عاملين في القطاع الإعلامي قُتلوا إثر استهدافهم مباشرة بالرصاص على أيدي مجهولين، وإعلاميين اثنين قُتلا قنصاً من جانب قوات النظام، وثلاثة آخرين أُعدموا ميدانياً، وثمانية قُتلوا تحت التعذيب».

يقول الإعلامي «الكراد» أنه بعد التفجير الانتحاري الذي وقع في درعا البلد بتاريخ 28-10-2022، وبعد أن حسم الأهالي أمرهم من أجل اجتثاث هذه العصابة، ” وصلني خبرا بأنهم ينون مداهمة منزلي ليلاً، فخرجت أنا وعائلتي بثيابنا، كي أحافظ على حياة أطفالي هرباً من بطشهم وحقدهم الأسود”.

يضيف: “أعيش حاليا حياة الشتات بلا منزل أنا في مكان وأطفالي في مكان آخر للحفاظ على أرواحنا. هذا عدا عن مخاطر الاعتقال او الخطف التي تسود المنطقة حاليا فهذه المخاطر لا تنتهي أبداً، فالوضع الأمني حالياً يعتبر الأصعب منذ سنين”.

خطر الاعتقال

لا يستطيع الإعلاميون من أبناء المحافظة التحرّك خارج بلداتهم، فهم عُرضة للاعتقال من قِبل الحواجز العسكرية التابعة للجيش والأجهزة الأمنية. وعلى الرغم من أنهم يحملون بطاقات تسوية إلا إنها لم تشفع للكثير منهم.

فقد تعرّض الناشط الإعلامي «حسن مرعي» من أبناء محافظة درعا، – وهو يحمل بطاقة تسوية ومصالحة -، للاعتقال من قبل أحد الحواجز الأمنية، وأكد الشاب وفق ما أفاد لموقع نورث برس السوري تعرّضه للضرب والإهانة خلال التحقيق معه، والذي استمر لخمسة أيام، قبل أن يتم تحويله إلى إدارة الفرع في العاصمة دمشق.

وأوضح أن التهم التي وجّهت إليه هي التعامل مع مؤسسات إعلامية غير مرخّصة ومدعومة من الخارج، ونشر تقارير تُسيء للدولة السورية. وذكر أن ذويه توصلوا مع أحد ضباط القوات الحكومية ودفعوا له مبلغاً مالياً كبيراً تجاوز الخمسين مليون ليرة سورية، حتى أُفرج عنه.

دور المنظمات في حماية الصحفيين

معظم الناشطين الذين تحدثت معهم درعا 24، أكّدوا أنهم خاطبوا العديد من المنظمات المعنية بحماية الصحفيين، كالمركز السوري للإعلام وحرية التعبير ومنظمة مراسلون بلا حدود ورابطة الصحفيين السوريين وغيرها، إلا أنهم حتى اللحظة لم يتلقوا أي إجابات مفيدة.

يخاطب “الكراد” هذه المنظمات والهيئات التي تعنى بحماية الصحفيين بقوله: “أريد أن أعرف، ما هي المعايير التي تتبعونها لإنقاذ أرواح الصحفيين، الذين ضحوا بأرواحهم طيلة السنوات السابقة في سبيل نقل الواقع السوري بكافة جوانبه”. وقال مستنكراً: “لا نتلقى سوى الوعود بالإخلاء حتى الآن، ويقولون بأنهم يستطيعون مساعدتنا فقط في حال خروجنا من سوريا، أما في الداخل فلا يستطيعون حالياً مساعدة أي أحد”.

يختم “الكراد” حديثه حول زميله الصحفي عاطف الساعدي، الذي راح ضحية إطلاق نار أثناء تغطيته الحملة العسكرية الأخيرة، مشيراً أنه كان برفقته أثناء الحديث مع المنظمات والهيئات التي تُعنى بحماية الصحفيين، ولكن لم يكن هناك أي تجاوب، سوى الوعود وعمل مقابلات عن المصاعب والتهديدات التي نتعرض لها. متسائلاً: “هل يشعرون الآن بعد أن استشهد عاطف بالخطر أم ماذا؟”.

اقرأ أيضاً: سوريا مجدداً، في ذيل مؤشر حرية الصحافة العالمي

تحدثت درعا 24 إلى رابطة الصحفيين السوريين، وهي – بحسب ما جاء على موقعها على الإنترنت – رابطة مهنية ديمقراطية مستقلّة تأسّست في 2012، وعضو في الاتحاد الدولي للصحفيين، وتعمل على تمكين دور حرية التعبير والصحافة في سوريا، بالإضافة إلى تطوير المهارات الصحفية المهنية وبناء القدرات للقطاع بشكل عام وللأعضاء بشكل خاص.

الصحفي “صخر إدريس” المُقيم في فرنسا، هو سكرتير عام رابطة الصحفيين، أكّد لدرعا 24 بأن الناشطين في محافظة درعا يتواصلون معهم بشكل مستمر. وقال: “هناك جهود حثيثة لدعمهم، وإيجاد مخرج آمن لهم، لكننا نواجه صعوبات كبيرة، بسبب الضغط الكبير على المنظمات، بعد الأحداث في أفغانستان وثم أوكرانيا، وكذلك في روسيا وبلاروسيا الصحفيون يعانون، وهذا كله يؤثر على إنتاجية هذه المنظمات وسرعة ردود أفعالهم”.

مشيراً، أنهم يحاولون التواصل مع المنظمات الدولية ذات الاختصاص، كالاتحاد الدولي للصحفيين، وذلك كمحاولة منهم لتقديم الدعم المعنوي أو اللوجستي لإيصال صوت الصحفيين في محافظة درعا.

اقرأ أيضاً: قانون الجرائم الإلكترونية يُدخل نصف الشعب إلى السجن!

كذلك تواصلت درعا 24 مع الصحفية “إباء منذر” منسقة الدعم في المركز السوري للإعلام وحرية التعبير، والتي أكدت أنه في ظل التجاذبات السياسية والأوضاع العسكرية والميدانية المتغيرة بشكل متسارع في درعا، يمكن أن يكون العاملون والعاملات في الحقل الإعلامي هم أكثر الفئات استهدافاً، حيث كل طرف يريد فرض سرديته وإخضاع وسائل الإعلام لتبني ونشر روايته، في حين أن مهمة الإعلام رصد الحقائق ونقلها بكل شفافية وحيادية. مشيرةً، أن الصحفيين ما زالوا يتعرضون للتهديد بسبب نشاطهم الإعلامي، بالنسبة لنا نشعر بكل تأكيد بالقلق على سلامة العمل الصحفي وسلامة العاملين والعاملات في هذا المجال.

كما لفتت “المنذر” إلى أن الوضع حالياً ملتهب في العديد من المناطق في العالم، في إيران وأوكرانيا وأفغانستان وغيرها من الدول، التي تشهد توترات ونزاعات، ويتعرض فيها الإعلاميون والإعلاميات لاستهداف مباشر، ما يزيد من الضغط على إمكانيات المنظمات.

من جهة ثانية الدول المعنية باستضافة اللاجئين على أراضيها لديها استراتيجياتها وسياساتها في موضوع اللجوء، ووجهة نظر في كل ملف لناحية المخاطر القائمة. وقالت: “نحن كمركز نبذل ما بوسعنا لحماية الصحفيين والصحفيات، وفق ما تفرضه الامكانيات والوضع القائم حالياً، فالمساعي للمساعدة دائما موجودة لكن للأسف لا أحد يمكنه ضمان النتائج”.

لافتةً إلى ضرورة تكثيف جهود المناصرة من أجل الصحفيين والصحفيات في سوريا والعاملين منهم في دول الجوار، وأنّ يبقى ملف حمايتهم ومساعدتهم ضمن الأولويات في خطط الاستجابة لجميع الدول.

اقرأ أيضاً: بعد استقبال التهاني، أُولى اجتماعات محافظ درعا مع مندوبي الإعلام الرسمي!

ويبقى الإعلاميون والناشطون بشكل عام ضحية الوضع الأمني غير المستقر في محافظة درعا بشكل خاص وسورية بشكل عام، حيث يخشون من الاعتقال والاغتيال، وهم يتعرضون للتهديدات بشكل متكرر من جميع الأطراف منذ العام 2011 وحتى اليوم. ويبقى الإعلام في سوريا إما أن تكون مع السلطة أو الجهة المسيطرة قلباً وقالباً، وتحابيها في كل ما تنشر وتكتب، أو تُصنّف أنك عدواً وتتم ملاحقتك.

الرابط: https://daraa24.org/?p=27636

Similar Posts