التحركات الإسرائيلية في الجنوب السوري: تصعيد عسكري وانتشار واسع في ريف القنيطرة
بدأت التحركات الإسرائيلية في محافظة القنيطرة حتّى قبل سقوط النظام السوري، حيث شهدت المنطقة العازلة عمليات تجريف للأراضي داخل العمق السوري منذ سنوات. ومن أبرز هذه التحركات كان البدء بشق “خط صوفا 53″، وهو ممر عسكري دفاعي بدأت إسرائيل بإنشائه منذ قرابة عامين، يمتد من أم العظام والقحطانية مرورًا بالحميدية وصولًا إلى سفح جبل الشيخ. يُستخدم هذا الخط لربط القواعد والنقاط العسكرية الإسرائيلية ببعضها، ويتضمن تجريفًا واسعًا، وشقّ طرق عسكرية، وتحصينات ترابية وسواتر دفاعية، ويُعد اليوم من أهم ركائز التوغّل الإسرائيلي في العمق السوري في القنيطرة.
إلا أن هذه التحركات تصاعدت بشكلٍ لافت بعد الثامن من كانون الأول 2024، حيث أنشأ جيش الاحتلال الإسرائيلي عددًا من القواعد والنقاط العسكرية، ونقاط اتصال وطبية في مناطق متفرقة من ريف القنيطرة. ويتابع عمله في شق خط صوفا.
في الأسابيع الأخيرة، رصدت درعا 24 تحركات ميدانية إسرائيلية مكثّفة ويومية داخل عدّة قرى في القنيطرة، شملتْ عمليات تفتيش ميدانية، ونشر حواجز عسكرية مؤقتة، وانتشارًا واسعًا للوحدات من الجنود والمدرّعات. وقد انطلقت معظم هذه العمليات من القواعد التي ثبتتها إسرائيل في المنطقة بعد سقوط النظام.
نرصد في هذا التقرير بعض هذه النقاط والقواعد الإسرائيلية المنتشرة في القنيطرة، مدعّمةً بصور حديثة، التُقطت بعدسة شبكة درعا 24 خلال الأسبوعين الماضيين، وتُظهر هذه القواعد ومحيطها:
قاعدة الحميدية التي هدّمت منازل
أقامتها القوات الإسرائيلية كقاعدة عسكرية بعد سقوط النظام، انطلقت منها الاثنين الماضي 16 يونيو 2025 جرّافات مدعومة بدبابات وعربات مدرّعة، وشرعت بهدم حوالي 15 منزلاً في الحي الشمالي، بحجة حماية القاعدة وتعزيز محيطها العسكري، وذلك بعد أن قامت بتهجير سكان هذه المنازل عند إنشاء القاعدة منذ نصف عام.
كما تُستخدم القاعدة كنقطة انطلاق لدوريات ميدانية برية في عمق ريف القنيطرة، تستهدف تفتيش المنازل وفرض حواجز مؤقتة.


قاعدة أم العظام
تقع جنوب غرب بلدة أم العظام، على بُعد يقارب كيلومتر واحد من السد المعروف بسدّ أم العظام، أنشأها الاحتلال منذ سقوط النظام. تشكّل القاعدة أيضاً نقطة انطلاق لدوريات مكوّنة من دبابات ومدرعات وجرافات، التي تتمركز بشكل دوري بالقرب من مفرق السد، حيث تقوم بعمليات تفتيش على المارّة، وفحص هوياتهم. كما تقوم الجرافات بشكل متكرر بعمليات تجريف وحفريات.


نقطة جباتا الخشب في ريف القنيطرة
قامت القوات الإسرائيلية الموجودة فيها بتجريف مئات الدونمات من الأشجار الحراجية داخل حرش جباثا الخشب، ورفع دشم وسواتر ترابية. وبحسب مصادر محلية في القنيطرة فإن التحصينات تشمل نحو 50 دونمًا، ويُحظر على الأهالي الاقتراب أو دخول المنطقة التي طُوّقت كمنطقة عسكرية مغلقة.



النقطة الطبية في بلدة الحميدية
أنشأتها قوات الاحتلال الإسرائيلي داخل الحميدية، وتتكوّن من غرفتين مسبقتي الصنع وخيمة للألبسة وألعاب الأطفال، وخيمة أخرى صيدلية. يعمل في النقطة طاقم طبي مؤلف من خمسة أطباء يجرون مناوبات، وعمّال آخرين.

تدّعي إسرائيل أن هذه النقطة تتبع لمنظمة “أطباء بلا حدود”، إلا أن دخولها وتأسيسها تم بواسطة القوات الإسرائيلية العسكرية.
نقطة الاتّصال الإسرائيلية في بلدة حضر
تم إنشاء نقطة الاتصال الإسرائيلية غربي بلدة حضر بُعيد سقوط النظام، وتقع في موقع استراتيجي بين حضر ومجدل شمس في الجولان المحتل، وبالتحديد تقع بجانب خندق داخل جبل الشيخ، يحتوي على آليات عسكرية وذخيرة.

تشير الوقائع الميدانية التي وثّقتها درعا 24، إضافةً إلى شهادات محلية من سكان ومراسلين، إلى أن العديد من قرى وبلدات محافظة القنيطرة باتت فعليًا تحت سيطرة الاحتلال الإسرائيلي ميدانيًا وبشكل شبه مباشر. فالتحركات العسكرية، والدوريات، والتوغلات، تجري بسلاسة، خصوصًا في قرى مثل حضر، والحميدية، وأم العظام، وغيرها. في ظل غياب أي رد فعّال من قوات “الأندوف” الأمم المتحدة، مما يكرّس القنيطرة كمجالٍ عسكري إسرائيلي نشط، يتوسّع بصمت، ويُعاد تشكيله على حساب السيادة السورية.
الرابط: https://daraa24.org/?p=50801