حفلة الزواج في درعا

بين تدهور الواقع المعيشي والعادات والتقاليد أصبح الزواج خطوة مؤجلة لدى بعض الشباب في محافظة درعا، فالوضع الاقتصادي هو التحدي الرئيسي، فتكاليف الزواج تفوق الواقع المعيشي بأضعاف كثيرة مما يجعل الزواج مستحيل لدى الكثيرين.                                               

يرى (أحمد)25 عام أنَّ الزواج لديه في الوقت الحالي مستحيل، لأنه لو عمل ليل نهار لن يستطيع جمع ولو مبلغ بسيط من تكاليف الزواج، وأضاف في حديثه لمراسل درعا24: أنَّ تكاليف الزواج تبدأ من تحليل الزواج الذي يُكلف حولي 200 ألف ليرة، أما خاتم الزواج اذا كان غرامين فقط سيكون ثمنه حوالي مليون و400ألف ليرة، أي ما يعادل راتبي 6 شهور كوني أعمل باليومية ومسؤول عن أهلي.

تبدأ بعدها تحضيرات الزواج من غرفة نوم التي يبلغ سعرها على الأقل مليونين ونصف ليرة، وهي مستعملة حيث يتجه أغلب الشباب لشراء الغرف المستعملة لتقليل من المصاريف، بالإضافة لتكاليف تجهيزات العروس.

أضاف أحمد: أنَّ كل هذه التكاليف هي الحد الأدنى من كل شيء، وبالطبع المسكن سيكون مشترك مع الأهل لأن بناء بيت مستقل ولو كان صغيراً فهو ضرب من المستحيل ولا استطيع التفكير به .

اقرأ أيضاً: ‏زواج القاصرين: الزواج المبكّر عند الذكور

أمّا السيد (أبو عماد) الذي زَوج ابنه مؤخراً يتحدث لمراسل درعا24: عن تكاليف الزواج المُرهقة التي دفعها لرواج ابنه حيث يقول: «الزواج الآن مكلف وصعب جدا بالنسبة للشباب، لأن الدخل قليل جدا ولا يتناسب مع متطلبات الزواج ولا أحد يقبل بتزويج ابنته دون عرس كامل مكمل» حسب تعبيره.

وتابع: «أنهُ لولا أولاده المغتربين لما استطاع ابنه الزواج، لأن دخله لا يكفي لشيء، عندما قرر ابني الزواج بدأنا بتجهيز الأساسيات من أثاث البيت كالبراد والغسالة وغاز للطبخ وجرة غاز…، وجميعها كانت مستعملة ووصلت تكلفتها حوالي 4 ملايين ليرة، وغرفة نوم جديدة سعرها 5 ملايين ونصف ليرة، وباقي مستلزمات البيت من سجاد وبرادي وأغراض المطبخ كانت تكلفتها حوالي 7 ملايين ليرة، وبالنسبة للمنزل فهو منزل أحد أولادي المغتربين الذي اضطر لبيع أثاث منزلة عندما قرر السفر ليكمل مصاريف سفره».

وأضاف: «ما يخص العروس من مهر وغيرة فقد ارتفعت تكاليفه كغيره من الأشياء، فمهر العروس أصبح عبارة عن ذهب نظراً لانخفاض قيمة الليرة، وذهب العروس (التلبيسة) كانت عبارة عن 10غرامات ذهب فقط (محبس وحلق وخاتم) أي ما يعادل 7 ملايين ونصف، وأيضاً تكاليف ملابس العروس (جهاز العروس) كانت تكلفته 4 ملايين ليرة، وهناك الكثير من المصاريف أيضا بين أيجار صالة العرس ووسائل النقل المستخدمة وحلويات العرس وغيرها».

اقرأ أيضاً: ارتفاع حالات الطلاق والوضع المعيشي من أهم أسبابه

يقارن أبو عماد بين عادات الزواج قديماً وعادات الزواج الآن وكيف تغيرت الأعراس في محافظة درعا في ظل الحرب، بداية من تلبيسة العروس من الذهب، حيث قال: «كانت صيغة كاملة بالإضافة لذهب من أهل العروس يختلف باختلاف الحالة المادية للطرفين، أما اليوم فالذهب يقتصر على محبس عند بعض العوائل، وكانت حفلة العرس سابقاً تستمر لأيام، أما الآن فتقتصر على يوم الحنة ويوم الزفاف فقط ».

وأضاف أبو عماد «أنَّ طعام الغداء كان أساسياً في كل الأعراس دون استثناء، لكنه اليوم من العادات التي اختفت، أما بعد العرس أسبوع يقوم اهل العروس بعمل عزيمة لها ولأهل زوجها وتسمى “ردة رجل” يعطي الأهل لابنتهم قطعة من الذهب أما اليوم فالبعض ألغى هذه العادة والبعض الاخر يقتصر في هديته على شيء بسيط» .

اقرأ أيضاً: الزواج عبء على الشباب في درعا

الأمر مختلف عند “أم شادي ” بما يخص تكاليف الزواج والمهر فهي زوجت اثنتين من بناتها دون تكليف أهل الشاب بالكثير من المتطلبات لأنها ترى أنه يجب على الناس أن تراعي ظروف بعضها في ظل الأوضاع الاقتصادية الصّعبة التي يعاني منها الناس.

وأضافت في حديثها لمراسلة درعا24: «عندما زوجت بناتي لم أطلب الكثير، بالنسبة للسكن كان مشترك مع الأهل، والذهب اكتفينا بالمحبس فقط، وبالنسبة لملابس العروس لم نشتر الكثير من الملابس، “كان بدي بس السترة لبناتي”، وباقي الأشياء ليست مهمه بالنسبة لي، لأن المصاري والذهب وغيره كله بروح وبيجي» حسب كلماتها.

الزواج أو الهجرة

تعد الهجرة سبباً من أسباب تأجيل الزواج لدى بعض الشباب، على أمل تأمين مستقبلهم والاستقرار اولاً وبعدها يكون الزواج كحال الشاب (يحيى) وهو من الريف الشرقي في محافظة درعا، حيث يقول في حديثة لمراسل درعا24: «جمعت مبلغاً من المال على مدار 3 سنوات لأتزوج، لكن الوضع المعيشي في درعا يتراجع يوما بعد يوم ولا مستقبل فيها، فقررت الهجرة كغيري من شباب درعا لتأمين مستقبلي والاستقرار أولاً وبعدها تأتي خطوة الزواج، فالكثير من أصدقائي فعل نفس الشيء والآن هم مستقرون ومتزوجون».

إقرأ أيضاً: هجرة الشباب تهدد مستقبل محافظة درعا

إن عدم قدرة الشباب على تحمل هذه التكاليف من جهة وعادات وتقاليد الزواج من جهة أخرى في المجتمع يشكل تحديا كبيرا لتحقيق الاستقرار الاجتماعي والأسري، مما يؤدي إلى خلل في بناء مجتمع قوي ومستدام.

الرابط: https://daraa24.org/?p=34383

Similar Posts