الشرطة العسكرية الروسية في مدينة بصرى الشام
الشرطة العسكرية الروسية في مدينة بصرى الشام

توزع القوات الروسية الموجودة في سوريا مساعدات عينية طبية وغذائية على عدد مُعيّن من المواطنين في مدن وبلدات محددة في محافظة درعا، وتحرس دائماً أن يقوم بعمليات التوزيع جنود وضباط روس، يستقلون سيارات تحمل ملصقات صور الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وتكون هذه المساعدات تحت عنوان “روسيا معكم”. فما الغاية من توزيع روسيا المساعدات في درعا، وهل لذلك علاقة بتعزيز نفوذها وتحسين صورتها. 

التقت درعا 24 العديد من الأهالي ممن تلقوا تلك المساعدات، حيث أوضحوا بأنها على نوعين، إما أن تكون سلل غذائية تحتوي على كيلو من الطحين وآخر من الأرز والسكر، ومواد أخرى غذائية تموينية بسيطة، وأما النوع الآخر فيكون عبارة عن مواد ومستلزمات طبية يتم توزيعها على المشافي الحكومية المحلية، وتضم أحياناً فرش وأغطية أسرة وأشياء مشابهة. 

يوضح (أبو سمير من مدينة بصرى الشام شرقي درعا) بأن السلة الغذائية التي يتم تقديمها فقيرة المحتويات وليست ذات جودة. “وهي لا تكفى الأسر لوقت قصير جداً، ولا يتم توزيعها بشكل شهري أو دوري بل لمرة واحدة فقط أو مرتين في مدينة أو بلدة ما”.

يضيف: “إن الطريقة التي تتم فيها عمليات التوزيع مُذلة جداً، حيث تكون أشبه بالمسرحية، ويتم التقاط الصور في جميع مراحل التسليم وأمام صور الرئيس الروسي، ويُجبر الجنود الروس الأهالي على الوقوف أمام الكاميرا وهم يحملون السلة الغذائية، ثم يلتقطون لهم العديد من الصور، التي يقومون ببثها عبر وسائل التواصل الاجتماعي لاحقاً”.

رصدت درعا 24 توزيع روسيا مساعدات لمرتين متتاليتين خلال شهر واحد في مدينة بصرى الشام شرقي درعا، حيث وزعت في منتصف مارس 2022 سلل غذائية، وفي منتصف أبريل أيضاً قامت بتوزيع 400 مجموعة من الحلويات والأدوات المكتبية، بالإضافة إلى تقديم المساعدة للمستشفى المحلي. ومن المعروف بأن المدينة تخضع للواء الثامن الفصيل المحلي في درعا الذي تبع فور خضوع المحافظة لسىيطرة السلطة في سوريا عام 2018 للفيلق الخامس المدعوم روسياً. ثم تبع مؤخراً لصفوف الأمن العسكري. 

كذلك وزعت لأكثر من مرة في مركز المحافظة في مدينة درعا (الذي لم يخرج عن السيطرة مطلقاً)، وقد تم تقديم مساعدات عينية في يناير 2022، تتضمن مواد غذائية، وفقاً للمصادر الإعلامية السورية الرسمية فقد تم توزيعها على الأهالي الأشد فقراً في مدينة درعا، وذلك في مبنى مجلس المدينة، وقد حضر التوزيع الادميرال “أليك جورافليوف” رئيس مركز المصالحة الروسي. كما حضر عضو المكتب التنفيذي “عبد الله الفلاح” والمهندس “أمين العمري” رئيس مجلس المدينة. كذلك تم تقديم معاينة طبية وأدوية لحوالي 300 مريض عبر عيادة طبية متنقلة تتضمن أطباء من اختصاصات (جراحة عظمية – جراحة عامة – اختصاص أشعة). فيما بعد الانتهاء. 

كذلك عقب السيطرة على منطقة درعا البلد بعد معارك بين مليشيات تابعة للجيش والأجهزة الأمنية من جهة ومقاتلين محليين من جهة أخرى، دخلت الشرطة العسكرية الروسية في مارس 2022 منطقة درعا البلد، وأجرت جولة في أحيائها، ووزعت مساعدات إغاثية، على بعض العائلات في درعا البلد.

إقرأ أيضًا: تحت عنوان “عودة المهجرين” مساعدات روسية لبصرى الشام وللمشفى الوطني في درعا!

مساعدات بغايات سياسية

توزع روسيا المساعدات بإشراف مركز المصالحة الروسي في سوريا، وقد نشرت منظمة” أتلانتك كاونسل” تقريراً أوضحت فيه أن  مركز المصالحة أجبر المواطنين السوريين على البقاء في مناطق تقع تحت سيطرة النظام، وذلك بالتوسط في صفقات الاستسلام مع المعارضة حول دمشق وحمص وجنوب سوريا، مما جعل كثير من الذين بقوا يخضعون لعنف الأجهزة الأمنية، وأكد التقرير أن المركز يُعتبر أحد أكثر الكيانات الإنسانية نشاطاً. 

ولفت التقرير إلى أن الناظر في خريطة المناطق التي قدم فيها المركز الروسي للمصالحة المساعدات على مدى فترة 18 شهراً (بين عامي 2018 و2020)، يكوّن صورة لتكتيكات القوة الناعمة الروسية في سوريا، وأنه من خلال شبكة تتكون من ثلاث عشرة منظمة على الأقل، تطور نفوذها  في القطاع الإنساني السوري منذ عام 2016. وترتبط بعض هذه المنظمات، مثل البعثة الإنسانية الروسية، بعلاقات وثيقة مع  الكرملين. 

وبأن  المساعدات في الفترة من تشرين الثاني 2018 إلى نيسان 2019 على المجتمعات المحلية التي استعاد النظام في سوريا السيطرة عليها حديثاً، مثل منطقة جنوب سوريا (أي درعا والقنيطرة). وأن ذلك يعتبر إهانة مباشرة للمبادئ الإنسانية المتمثّلة في الحياد والنزاهة، كان الكيان نفسه الذي قدّم المساعدة الإنسانية لهذه المجتمعات المحلية أيضًا عاملًا رئيسيًا في إجبارها على الاستسلام. 

وقد قامت روسيا بـ 735 مهمة إنسانية في 244 موقعًا حول سوريا في الفترة من تشرين الثاني 2018 إلى نيسان 2020، وفقاً للتقرير ذاته الذي وصف  المساعدات أنها كانت بغايات سياسية.

إقرأ أيضًا: إرسال مقاتلين سوريين للقتال بجانب روسيا وأوكرانيا، إلى الواجهة من جديد 

واقع معيشي سيء للغاية 

تشهد محافظة درعا أوضاعاً معيشيةً سيئة للغاية، حيث بعد انهيار العملة المحلية مقابل الدولار الأمريكي وسلة العملات الأجنبية منذ العام 2011 إلى اليوم والواقع المعيشي يزداد سوءاً في درعا، حال المحافظة في ذلك حال بقية المحافظات السورية الأخرى، ووفقاً لتقارير الأمم المتحدة فإن 90% من السوريين يعيشون في فقر، و60% منهم يعانون من انعدام الأمن الغذائي، إضافةً إلى أن 7.78 مليون لم يكن لديهم عدد أطباء أو مرافقة طبية مستوفية للمعايير الدنيا المقبولة عالمياً. 

استغلت روسيا هذا الواقع المعيشي السيء، وفقاً للعامل في المجال الإغاثي قبل العام 2018 (علي محمد، وهو اسم مستعار، لأسباب أمنية)، الذي يؤكد أن المساعدات التي تقدمها روسيا في درعا بسيطة جداً، لا تسمن ولا تُغني من جوع، خاصةً أن الوضع المعيشي يزداد سوءاً يوماً بعد يوم، في ظل التضخم الحالي وارتفاع الأسعار بشكل جنوني.  

ويضيف: “إن هذه المساعدات لا تعدوا كونها دعاية إعلامية لتلميع صورة روسيا، لتقول أن عملها في سوريا إنساني وفي صالح الشعب السوري، خاصة بعد حربها في أوكرانيا، حيث أرادت تحسين صورتها أمام العالم فقدمت مساعدات في بلدة ومدن سورية، ومنها ما تم توزيعه في درعا. 

إقرأ أيضًا: تجنيد شباب درعا في ليبيا لصالح روسيا، فما دور حزب البعث؟

ويشير العامل في المجال الإغاثي وضمن المجالس المحلية في درعا قبل العام 2018، إلى أن روسيا تحاول دائماً أن تُظهر نفسها كوسيط أو طرف ثالث في الحرب السورية، بينما الواقع يقول غير ذلك: “تشارك روسيا في المعركة وتهاجم المواقع المدنية بطيرانها، وتقتل النساء والأطفال وكبار السن، ثم تضغط على المعارضين، وتفرض شروطها على معارضي الحكومة، تماماً كما فعلت في منتصف العام 2018 في محافظة درعا، حيث بعد قصقها بالطيران الحربي فرضت اتفاق التسوية والمصالحة، الذي ما زالت المحافظة تعاني من عدم الاستقرار منذ إبرامه”.

يشار إلى أنّ تدخل روسيا في المجالات المدنية ليس فقط عن طريق توزيع المساعدات بل تقوم بزيارات متكررة لمقر حزب البعث في مدينة درعا، وللمديريات الخدمية كمديرية الزراعة، وقد تم رصد عدة زيارات لعدد من المدارس في العديد من المدن والبلدات في المحافظة، نفذ هذه الزيارات ضباط برفقة جنود روس كانوا يحملون السلاح أثناء تواجدهم داخل هذه المدارس.

الرابط: https://daraa24.org/?p=26079

Similar Posts