أطلق الأهالي بالشراكة مع إدارة المستشفى الوطني في مدينة جاسم بريف محافظة درعا الشمالي، مبادرةً أهليّة ضمن حملة “كن بلسماً” التي انطلقت منذ العام الماضي. وبحسب ما أكده القائمون على المبادرة لشبكة درعا 24 فقد تمّ جمع 120 ألف دولار أمريكي لتأمين شراء جهاز تصوير طبقي محوري يُعد الأول من نوعه في المستشفى، بهدف تحسين الخدمات الطبية المقدمة، من خلال تسريع عمليات التشخيص وتخفيف الأعباء المالية عن المرضى. ويجري حالياً تجهيز القسم الخاص بالجهاز تمهيداً لوضعه بالخدمة خلال أسابيع، وسط إشادة واسعة بالدور المجتمعي في دعم القطاع الصحي المحلي.
جهاز يسد فجوة تشخيصية ويخفّف عن المرضى
أكد مراسل درعا 24 أن مستشفى جاسم الوطني كان يفتقر كليّاً لجهاز تصوير طبقي محوري، ما كان يُجبر المرضى على مراجعة مراكز خارج المدينة، ويتحملون عناء السفر والتكاليف باهظة مقابل إجراء فحوصات تُعد أساسية في التشخيص.
يقول الدكتور لؤي النوفل، وهو مدير مستشفى جاسم ، في حديثه لشبكة درعا 24، إن الجهاز سيخدم المنطقة بالكامل والتي يقدر تعدادها السكاني 300 ألف نسمة. موضحاً أن الجهاز سيُسهم في توفير التكلفة المادية واختصار الجهد والوقت على المرضى، ويوفر السرعة والدقة في تشخيص الحالات الإسعافية والباردة، وهو ما يتيح للطواقم الطبية اتخاذ الإجراءات العلاجية المناسبة بشكل فوري.
كما يشير الطبيب إلى أن الجهاز سيوفر صور طبقي محوري دقيقة لكافة أعضاء الجسم، وأن عدد المستفيدين من الخدمة يصل إلى أكثر من 150 حالة شهرياً، وستُقدّم الصور بشكل مجاني داخل المستشفى فور دخول الجهاز الخدمة. لافتاً إلى أنه سيتم تركيبه ضمن بناء ملحق للمشفى.
وفي سياق التجهيز لذلك أكد أن هناك تجهيزات قد بدأت بالفعل، حيث يتم حالياً القيام بأعمال معمارية وكهربائية وترصيص غرف القسم وشراء أجهزة تبريد. فيما المدة المتوقعة لانطلاق العمل به ستكون خلال شهر، حيث بدأ تدريب الكادر الطبي الذي سيعمل عليه.
جميع الأهالي الذين تحدثت إليهم درعا 24 في مدينة جاسم أثنوا على شراء الجهاز للمشفى وشكروا كل من ساهم في تجهيز المشفى وخدماته. آملين أن تُسهم هذه الخطوة في تحسين مستوى الخدمة الصحية المتوفرة محلياً.
يقول أبو محمد، أحد سكان المدينة، لمراسل درعا 24: “الناس مبسوطة بتزويد المشفى بجهاز تصوير طبقي محوري، ووجوده هون كان مطلب قديم لأنه غير موجود بالمنطقة كلها. كانت الناس تروح لنوى أو طفس لتعمل الصورة، وكانت الأجهزة هناك تتعطل كل فترة، واليوم راح تكون الخدمة بالمشفى قريبة ومجانية، وهذا لحاله إنجاز”.
ويرى هذا المواطن بما أن الجهاز لا يخدم مدينة جاسم فقط، بل كل القرى والبلدات المجاورة، فإن هذا يجعل من المبادرة “خطوة ضرورية طال انتظارها”، فيما عبّر هو وآخرون من أبناء المدينة عن أملهم بأن يترافق وصول الجهاز مع تحسينات على مستوى الكوادر والخدمة التخصصية، لضمان استثمار هذه التجهيزات بشكل فعّال ودائم، وتقديم الخدمات للمراجعين.
جزء من مسار بدأ قبل عام
يؤكد الدكتور النوفل أن فكرة تأمين جهاز الطبقي المحوري نشأت ضمن حملة “كن بلسماً” التي أطلقها المجتمع الأهلي بالشراكة مع إدارة المشفى، بهدف تحسين الواقع الصحي في مستشفى كان شبه متوقف عن تقديم الخدمات لسنوات. أفردت حينها شبكة درعا 24 تقريراً في تشرين الثاني/نوفمبر 2024، حول تلك الحملة، التي جمع الأهالي خلالها أكثر من 2.8 مليار ليرة سورية من أهالي جاسم والحارة ونمر وإنخل وزمرين والعالية وجدية وغيرها، لتأمين أجهزة حيوية على رأسها أجهزة غسيل الكلى. وأثمرت الحملة حينها عن شراء ثلاثة أجهزة غسيل كلية وتجهيز القسم بالكامل، إضافة إلى جهاز تنظير جراحي لقسم العمليات.

وأكد القائمون على الحملة، في ذلك الوقت للشبكة، أن نجاح جمع التبرعات شجّع على توسيع المبادرة لتشمل تأمين أجهزة أخرى بالتنسيق مع لجنة أهلية، وهو ما مهّد لاحقاً للوصول إلى المرحلة الحالية: شراء جهاز تصوير طبقي محوري هو الأول من نوعه في المستشفى.
يرى الدكتور لؤي النوفل أن ما يميّز المبادرة أنها لا تقتصر فقط على نتائجها المباشرة في تحسين واقع المستشفى، بل في كونها شكّلت نموذجاً ناجحاً لتوفير حلول بديلة وفعّالة لتطوير الخدمات الطبية، في ظل محدودية الموارد. ويؤكد أن الأثر الأكبر للمبادرة يتمثل في تعزيز المشاركة المجتمعية، والتنسيق الوثيق بين إدارة المستشفى وأهالي المدينة. ويختم حديثه: “هذه المبادرات دعمت المستشفى بامتياز، وأسهمت في تأمين خدمات طبية تُقدَّم على مدار 24 ساعة”.
اقرأ أيضاً: “نوِّر دربك”: مبادرة أهلية تسعى لإنارة شوارع بلدة تسيل وتعزيز الأمان المجتمعي
الرابط: https://daraa24.org/?p=50776