زواج القاصرات

تواجه محافظة درعا ارتفاعاً ملحوظاً في حالات زواج القاصرات يوماً بعد يوم. ويُعرف زواج الأطفال أو زواج القاصرات بأنه زواج رسمي أو غير رسمي لمن هم دون سن البلوغ، أي الذين لم يبلغوا الـ 18 من العمر، وليست ظاهرة زواج القاصرات بجديدة في درعا، إلا أنها تفاقمت في السنوات الأخيرة، وانتشرت على نطاق واسع بسبب سوء الأوضاع الاقتصادية والأمنية التي يعانيها السكان اليوم. حيث أصبحت الفتيات تغادر مقاعد الدراسة نتيجة الزواج المبكر، ويتم تحميلهن أعباء تفوق طاقاتهن، فضلاً عن الأضرار الصحية التي تصيبهن، إضافة الى تعرض بعضهن للعنف بصور مختلفة.

 واستطلعت درعا 24 العديد من الآراء حول ازدياد انتشار هذه الظاهرة في درعا، وجميع من التقتهم أفادوا بأن هذه الظاهرة في ازدياد ملحوظ، وأكدوا ان العديد من الأسباب تظافرت لتنتج زيادة ملحوظة في أعداد الزواج المبكر، كالفقر وارتفاع تكاليف التعليم والبطالة والأوضاع المعيشية السيئة، التي يعاني منها الأهالي. إضافةً الى الأوضاع الأمنية البالغة التعقيد ودوافع الخوف على الفتيات من الضياع، نتيجة ازدياد انتشار المخدرات وخاصة بين أوساط الشباب، وحالات الخطف والإهمال والفلتان الأمني الذي تشهده المنطقة.

إقرأ أيضاً: ارتفاع نسبة زواج القاصرات في سوريا من 10% إلى 45 % بعد الحرب 

عواقب زواج القاصرات

(أ .س، إعلامية من ريف درعا الشمالي) تقول: “تعد ظاهرة زواج القاصرات مشكلة كبيرة، تعاني منها المنطقة، ولم تلق هذه الظاهرة الاهتمام الكافي من قبل كافة الجهات، سواء كانت حكومية أو مجتمعية، وهي تعاني من التهميش واللامبالاة أمام العديد من الأزمات الأخرى، على الرغم من أنها لا تقل أهمية عن أي أزمة أخرى تشهدها المنطقة، وذلك لما يترتب عليها من نتائج سلبية عديدة لن تظهر آثارها على المدى القريب إنما ستظهر جلية على المدى البعيد”.

وتضيف أن العوامل المؤثرة في اتساع رقعة الظاهرة من فقر وعادات وتقاليد مجتمعية سائدة والجهل الصحي وسوء الأوضاع الاقتصادية والأمنية وارتفاع معدلات البطالة، وغياب منظمات المجتمع المدني التي كان من المفترض أن تكون حاضرة بقوة لمواجهة هذه الظاهرة في بيئة انهكتها الحروب والنزاعات الدائرة، والتي مثلت بيئة خصبة لاتساع رقعتها وتمددها.

 مشددةً، أن العامل الاقتصادي يعتبر العامل الأكبر الذي يدفع الأهل إلى تزويج بناتهم، حيث هناك أسر كثيرة تعيش تحت خط الفقر والزواج يخفف حجم الأسرة على الأقل، ويقلل الأعباء المادية عليهم، وذلك دون مراعاة للسن والمخاطر النفسية والعصبية التي ستعانيها الفتيات لاحقاً، والتي ستنتقل بشكل قطعي للأطفال بسبب فشل غالبية الزيجات.

كاريكاتير زواج القاصرات
زواج القاصرات بدرعا يرتفع بشكل ملحوظ 3

 ‏ (ربيعة .ك، مرشدة اجتماعية) تقول : “إن الفتيات اللواتي يتزوجن قبل سن ال18 عاماً يكنّ أكثر عرضة للعنف المنزلي، ويقل احتمال بقائهن في المدرسة، كما أنهن سيكنّ عرضة للفشل والضياع عند أول مشكلة حقيقية تواجههن، بسبب عدم اكتمال مراحل الوعي والتعلم لديهن، وعدم القدرة على مواجهة مصاعب الحياة الحقيقية، لأن الفتاة بهذا العمر لم تتعرض لأي مشكلة حقيقية، بسبب كونها لا زالت تحت رعاية والديها وحمايتهم. وفجأة تجد نفسها بمواجهة مباشرة مع مصاعب ومشاكل هذه الحياة، ومجبرة على اتخاذ قرارات مصيرية، قد تكون صائبة والأغلب تكون خائبة لأنها غير مؤهلة لاتخاذها أصلاً، ولا تمتلك الخبرة أو الثقافة الكافية للتعامل مع تلك المصاعب.

إقرأ أيضاً: زواج القاصرات: فتيات كبش فداء لأسرهن في ظل سوء الأوضاع وغياب المُعيل

ضحايا زواج القاصرات

(سعاد غالب، 44 عاماً) وهو اسم مستعار لأم كشفت عن سبب تزويجها لابنتيها في سن مبكرة قائلة : “وصلت سوء الأوضاع المعيشية لعدم قدرتي على تأمين الطعام  واللباس لأفراد أسرتي، لقد فقدت زوجي في الحرب تاركاً لي أربعة أطفال، كم كنت أتمنى حياة مختلفة لأطفالي، لكن عاكستنا الأقدار، لذلك قررت تزويج ابنتاي  في عمر مبكر، لأن زواجهما أفضل من بقائهما في مكان لا يلبي احتياجاتهما”.

وأضافت : “استمر زواج احدى بناتي البالغة من العمر 14 عاماً لمدة تسعة أشهر، وعادت  وهي تحمل في أحشائها طفلاً، فبعد بضعة أشهر بدأت تظهر المشاكل اليومية بين ابنتي القاصر وزوجها الذي يكبرها بـ 15 عاماً وانتهت الأمور بالطلاق”.

وأوضحت أن فشل هذه التجربة يعود لعدم قدرة الفتاة على تحمل أي أوضاع أو مشاكل في عمر مبكرة، لذلك كانت دائماً على خلاف مع زوجها. بينما ابنتها الثانية تعاني من أوضاع نفسية سيئة حسبما ذكرت والدتها فهي تعيش مع أهل زوجها في بيت واحد، والجميع يتدخل في حياتها الزوجية وطريقة لباسها وخروجها وحياتها، دون قدرتها على وضع حل لهذه المشكلة، إضافةً الى أنها تتحمل كافة الأعباء المنزلية دون مراعاة لسنها.

 وختمت قائلة بحسرة وألم: “لو نظرت لوجهها لحسبتها تبلغ الأربعين من العمر، من شدة التعب والإرهاق الذي تعانيه، مع العلم أنها لم تتجاوز الـ 16 من العمر”.

إقرأ أيضاً: العنف ضد المرأة: المجتمع يهاجمها والقانون لا يحميها

زواج القاصرات أحد أسباب ارتفاع معدلات الطلاق

ارتفعت معدلات الطلاق في سوريا خلال السنوات الأخيرة بشكل غير مسبوق، حيث كشفت آخر إحصائية رسمية أن كل 29 ألف حالة زواج يقابلها 11 ألف حالة طلاق.

وقد صرح القاضي المستشار في الحكومة السورية “وليد كلسلي” لسبوتنيك الروسية، إنه في الآونة الأخيرة ولدى الرجوع إلى الإحصائية التي صدرت العام الماضي، فقد وصلت نسبة حالات الطلاق إلى نسبة 50% من نسبة حالات الزواج، وأنه لدى مراجعة المحاكم الشرعية تبين أن أسباب طلب التفريق التي وردت للمحاكم هي اقتصادية واجتماعية وثقافية.

 أما بالنسبة للأسباب الاقتصادية فإن اختلاف المستوى المادي بين الزوجين يجعل من العلاقة الزوجية علاقة مبنية على المصلحة المادية، خالية من العواطف والمحبة، والفقر يجعل الأهل يقومون بتزويج البنات القاصرات من رجل كبير في السن، وتصبح العلاقة الزوجية علاقة بيع وشراء.

وبحسب استطلاع أجرته درعا 24 في وقت سابق فإن غالبية المشاركين (85٪) كان ضد زواج القاصرات.

للإطلاع على الاستطلاع:

https://www.facebook.com/groups/daraa24/permalink/1229252097861521/

الرابط: https://daraa24.org/?p=27662

Similar Posts