تلقت شبكة درعا 24 عدّة شكاوى من موظفين في فرع محروقات درعا، عبّروا فيها عن استيائهم من سلسلة قرارات وصفوها بـ “التعسفية” و”غير المبررة”. وكانت الشبكة قد تناولت هذه القضية في تقرير سابق في آذار الماضي، تضمن شهادات من موظفين متضررين وردّاً من إدارة الفرع، غير أن الشكاوى الجديدة تشير إلى أن المشكلة ما تزال قائمة، بعد تمديد الإجازات.
إجازة مأجورة لـ 33 موظفاً
في آخر المستجدات اطّلعت الشبكة على قوائم للموظفين تم منح إجازات مأجورة لـ 33 موظفاً، بينهم مهندسون وفنيون. كانت مدّة هذه الإجازات أولاً ثلاثة أشهر ثم جُددت إلى ثلاثة أشهر أخرى تنتهي في شهر آب الجاري. ويؤكد المشتكون أن هذه الإجازات، رغم كونها مدفوعة الأجر، تسببت في إقصائهم فعلياً عن مواقعهم التي كانوا يؤدون فيها عملاً مهماً طوال سنوات خدمتهم، في وقت تم فيه تعيين موظفين جدد في الوظائف التي كانوا يشغلونها.

يقول أحد الموظفين الممنوحين إجازة:
“هذه الإجازة رغم أنها مأجورة، لكنها ليست راحة كما يظن البعض، بل هي إجازة قسرية، وهي قلق مستمر وعدم يقين، لأننا لا نعرف إن كنا سنعود بعد نهايتها إلى عملنا السابق أم لا، خاصة بعدما رأينا مكاتبنا تُملأ بوجوه جديدة”.
يقول موظف آخر:
“كان منح الإجازة عبارة عن تمييز وتهميش، فالإجازات تُمنح بقرارات غير شفافة وتقييمات لا نعرف كيف وُضعت ولا على أي أساس. هذه السياسة جعلتنا نشعر أننا على أبواب الفصل النهائي في أي لحظة. ورغم أننا ما زلنا نتقاضى الرواتب الأساسية إلا أن ما نعيشه اليوم هو سياسة تطفيش واضحة، وترهيب إداري، ومحسوبيات تتحكم مصيرنا، هذا فضلاً عن عدم الاستفادة من الزيادة واستلامنا الراتب المقطوع فقط”.
أوضح في وقتٍ سابق مدير فرع المحروقات في درعا، السيد باسل المصطفى، لشبكة درعا 24، أن لجنة وزارية زارت فرع المحروقات والتقت بالموظفين، وأجرت دراسة واستبيانًا قبل أن تقرر منح عدد من العاملين إجازة مدفوعة الأجر لمدة ثلاثة أشهر. ولا يُعرف إذا كان اُتّبع نفس الإجراء في تجديدها لثلاثة أشهر جديدة.
فصل واستقالات بـ “الإجبار”
إلى جانب الإجازات مدفوعة الأجر، فقد تم فصل خمسة موظفين بعقود سنوية دائمة في فرع محروقات درعا، بعضهم بخدمة تتجاوز 16 عاماً. كما أشارت الشكاوى أيضاً إلى استقالة عشرة موظفين من عملهم، دون أي توضيح للأسباب، مؤكدين أنهم أُجبروا على تقديم الاستقالة بضغوط إدارية مباشرة.
يؤكد مصدر في فرع محروقات درعا لمراسل درعا 24 أن المفصولين الخمسة أُبلغوا بانتهاء عقودهم بما أنها مؤقتة، بينما في حقيقة الأمر هي سنوية، لافتاً إلى أن العقود السنوية هي كالدائمة تقريباً في قانون الدولة السورية الذي ما يزال يُعمل به حتى اليوم، لأنها تتجدد ولا يتم إنهائها. يقول: “هذا ليس عدلاً”.
تعيينات جديدة ورواتب بالدولار
تضاعفتْ مخاوف الموظفين الممنوحين إجازات قسرية مدفوعة الأجر، بعد أن تم تعيين كوادر جديدة بدلاً منهم، وفقاً للشكاوى: “بعضهم دون مؤهلات أو خبرة، وبرواتب تصل إلى 300 دولار أمريكي”، في وقت لا يصل فيه راتب أقدم الموظفين 100 دولار بعد زيادة الرواتب الأخيرة 200%.
ويؤكد المشتكون أن التعيين للكوادر الجديدة تم من دون إجراء أي مسابقات أو الرجوع إلى الشؤون الإدارية، وإنما على أساس المعرفة الشخصية، حيث قال أحد الموظفين: “أتت الإدارة الجديدة بدلاً منّا بموظفين جدد ورواتبهم بالدولار، بناءً على معارف شخصية ودون مراعاة للقانون”.
موظف آخر يصف الوضع قائلاً:
“هناك فجوة كبيرة في الرواتب. الجدد يتقاضون بالدولار، بينما نحن، أصحاب الخبرة، رواتبنا بالليرة السورية”. يشير الموظف إلى حالة من الخذلان وعدم الإنصاف والشعور بالتمييز، يوضح: “تخيّل أنت موظف من سنوات وتخدم هذه الشركة، وراتبك أقل من 100 دولار، وغيرك مبارح توظف ولا يمتلك خبرة وراتبه ثلاثة أضعاف راتبك!”.
توجهت درعا 24 إلى مدير فرع محروقات درعا باستفسار عن هذه الحالة من عدم المساواة في الرواتب، وذلك عند بدء منح الإجازات وتلك التعيينات البديلة، في بداية الأمر في شهر آذار الماضي فأجاب بأن رواتب الموظفين الجدد “قد تصل إلى 150 دولارًا”، لكنهم لا يحصلون على حقوق التأمين الوظيفي، أو التثبيت، أو الطبابة، أو الحوافز، على عكس الموظفين القدامى الذين ما زالوا على رأس عملهم من قبل 8 ديسمبر ويحصلون عليها.
ولفت حينها أنه عند زيادة الرواتب سترتفع نسبة الحوافز المرتبطة بالراتب، والتي قد تكون مفيدة لراتب التقاعد، إلا أن الموظفين أكدوا في حديثهم للشبكة أن الزيادة لم تلغِ حالة عدم الإنصاف التي يشعرون بها وأن رواتبهم لم تصل إلى راتب غالبية الموظفين الجدد ولا حتى إلى نصف بعضها. مدير المحروقات أكد حينها أن الشؤون المالية تخضع لسياسات الدولة التي ترسمها لجان وزارية مرتبطة بوزارة المالية.
يستمر الموظفون المتضررون بالمطالبة بالتدخل الفوري، وإعادة النظر في القرارات التي يعتبرونها غير منصفة، وضمان حقوق العاملين ذوي الخبرة والكفاءة، لا سيما في ظل الظروف المعيشية الصعبة التي تمر بها البلاد.
اقرأ أيضاً: فرع محروقات درعا: فصل موظفين يثير الجدل، وتسليم الرواتب بالدولار وبالليرة، ومدير الفرع يوضح
في حين لا تقتصر هذه القرارات على فرع المحروقات في درعا وحده، إذ تشير رسائل وشكاوى تلقتها شبكة درعا 24 من موظفين في مديريات أخرى في درعا – مثل الإحصاء والزراعة والحبوب والثقافة – إلى إجراءات مشابهة، شملت منح إجازات مشابهة وفصل موظفين، مقابل تعيين كوادر جديدة. ويرى مراقبون أن هذه الخطوات، التي تُبرَّر في كثير من الأحيان بكونها جزءاً من “إعادة الهيكلة”، قد تؤدي عملياً إلى إعادة تشكيل الجهاز الإداري على أسس الولاء والعلاقات الشخصية، بدلاً من الكفاءة والخبرة.
الرابط: https://daraa24.org/?p=52458