لا مراكز لعلاج الادمان في محافظة درعا

تغيب مراكز علاج وتأهيل المدمنين على المخدرات في محافظة درعا، مما يعوق عمليات التعافي، ويتسبب في فقدان المرضى فرصهم في النجاة وتلقي العلاج اللازم. في وقتٍ وقع فيه العديد من اليافعين والشبّان في فخ المخدرات المنتشرة بشكل كبير في المنطقة.

تلقت درعا 24 شكوى من والد أحد المدمنين يحكي فيها تجربته المريرة، بينما تمر الأيام، وهو يشاهد ابنه يعاني مرارة الموت كل يوم أمامه دون أن يتمكن من علاجه أو حتى تقديم المساعدة له، يقول : “أصعب شي ممكن يصادفك بحياتك أن ترى ابنك غارق في الإدمان وأنت لا تستطيع مساعدته”.

 يوضح أنه اكتشف إدمان ابنه بعد أكثر من عام ونصف من بدئه تعاطي المخدرات، وعند مراجعة واستشارة أحد الأطباء، قال له بأنه يحتاج لتلقي علاج كامل خلال فترة زمنية تتراوح بين ستة أشهر وسنة ونصف تقريباً، ونصحه بعدم علاجه في المنزل، لأنه خلال هذه الفترة يحتاج لرعاية ومتابعة دقيقة من قبل طبيب نفسي وأخصائي في علاج الإدمان، والمنزل لا يمكن أن يوفر له هذه الرقابة المطلوبة.

إقرأ أيضاً: تجارة المخدرات في الجنوب السوري بين الموقف العربي والدولي والمحلي

غياب المراكز لعلاج الإدمان في درعا

يشير الأب الذي يرى حالة ابنه تسوء يوماً بعد يوم مع تأخر علاجه، أنه يقف عاجزاً مكبل اليدين أمام هذه المشكلة الكبيرة، التي ألمّت به. ويؤكد بأن المصيبة هي عدم وجود مراكز لعلاج وإعادة تأهيل المدمنين في درعا، وخاصة أنه لا يملك الإمكانيات المادية الجيدة للوصول إلى مراكز العلاج في مناطق أخرى.

تحدثت مراسلة درعا 24 إلى (الطبيب أحمد ، ك من الريف الشرقي من درعا) الذي أكد بأن عملية  العلاج من الإدمان، هي خط الدفاع الأول في مكافحة ومواجهة هذه الآفة الخطيرة، لأن تلقي العلاج الكامل يعتبر من  أفضل الطرق التي تساعد في التغلب على إدمان المخدرات والابتعاد عنها.

ويوضح بأن إدمان المخدرات يعتبر مرض مزمن ويؤثر على دماغ المريض وسلوكه ونمط حياته، إلا أن عدم توفر مراكز لعلاج وتأهيل المدمنين في محافظة درعا، يعد سبباً رئيسياً في مضاعفة معاناة المرضى، ويشكل حاجزاً منيعاً أمام علاج الكثير منهم، ويُصعّب عملية التعافي نتيجة عدم الحصول على الرعاية الصحية والنفسية اللازمة والضرورية لهم، قبل أن يصل المرضى لمراحل لا يقدرون فيها على الاستغناء عن التعاطي.

 ويضيف الطبيب : “إن عدم اللجوء للعلاج سيكون سبباً حتمياً في ازدياد حالات التعاطي، وبالتالي ارتفاع عدد المدمنين لذلك من الضروري جداً إنشاء مراكز طبية في المحافظة، متخصصة في علاج الإدمان، حتى  يتمكن أكبر عدد ممكن من المدمنين من تلقي العلاج، ولمنع ازدياد حالات التعاطي والإدمان بين الشباب والشابات”.

وتقتصر المراكز التي تعالج الإدمان في سوريا على مركزين فقط (مشفى ابن رشد وقسم آخر موجود في مشفى ابن خلدون في حلب)، وقد كشف مدير مشفى ابن رشد للأمراض النفسية في دمشق العام الماضي غاندي فرح في تصريح لجريدة البعث الرسمية، عن ازدياد حالات الإدمان بين المراهقين، حيث يراجع الأهالي المشفى الذي يديره للاستفسار عن بعض الأمور التي باتوا يلاحظونها على أبنائهم. وبأنه ‏إضافةً إلى ذلك هناك أعداد كبيرة تراجع  العيادات الخارجية في ذات المشفى، وتتراوح بين الـ 30 مريضاً كحد أدنى وصولاً إلى 100 يومياً لمرضى نفسيين وإدمان، ما يوضح مدى تفاقم الظاهرة، وفق تعبيره.

 ‏وشرح فرح أن الضغط كبير على الأطباء وخاصة مع وجود طبيبين نفسيين لمعاينة أكثر من  100 مراجع يومياً. لافتاً إلى أن تركيز الأطباء في القبول ينصب أكثر على المرضى النفسيين، لأنهم الأهم والأولوية للحالات  الخطرة بينهم.

إقرأ أيضاً: المخدرات في درعا: آفة تفتك بالشباب

صعوبات تواجه رحلة العلاج

 يشكل غياب مراكز علاج المدنيين تهديداً خطيراً على المجتمع، خاصةً مع ازدياد تعاطي المخدرات وبالتالي تزايد المرضى المدمنين، وعلى الرغم من وجود العديد من الأشخاص الذين يرغبون بعلاج أنفسهم، إلا أن  صعوبات كبيرة تواجههم هم وأهاليهم في رحلة علاجهم.

  ‏يقول أبو محمد والد أحد مدمني المخدرات في ريف درعا الشرقي : “جملة من التحديات الصحية والاجتماعية والأمنية كانت سبباً في عرقلة تعافي ابنه البالغ من العمر 21 عاماً، وأولى تلك التحديات هو التكلفة المالية الباهظة التي يتطلبها علاج الإدمان، من ارتفاع أسعار الأدوية، وفقدان الكثير منها من الأسواق”.

  ‏ويؤكد في حديثه مع مراسلة درعا 24 بأن التكلفة الشهرية لجلسات العلاج تتراوح بين ثلاثة إلى خمسة ملايين ليرة سورية، كذلك المسافة طويلة للوصول إلى المركز في العاصمة دمشق، ويحتاج ذلك لجهد مادي ومعنوي شديد.

 ‏‏وأضاف أنه حتى لو تمكن من تجاوز وتوفير التكلفة المادية  للعلاج، فكيف له أن يتجاوز قلقه وخوفه الشديد على ابنه من الاعتقال على الحواجز الأمنية، بسبب أنه مطلوب للخدمة العسكرية، فهذا الامر يشكل خطورة كبيرة عليه. وذكر أن هذه التحديات كانت سبباً في عرقلة تعافي ولده وتدهور حالته الصحية بشكلٍ كبير، فمع مرور الوقت أصبح يعاني من إضرابات نفسية شديدة، وقد جره الإدمان لآفات كثيرة مثل السرقة والكذب.

وأعرب الأب عن أسفه لأن الحكومة السورية لم تفعل شيئاً لمواجهة هذه المشكلة، مؤكداً أنه لن يتمكن من الحصول على الرعاية الصحية المناسبة لعلاج الإدمان إلا الأثرياء في درعا.

إقرأ أيضاً: تنامي تجارة وتعاطي المخدرات في محافظة درعا

لا حلول ولا جهود حكومية

تقول الناشطة الحقوقية رنا الخليل من محافظة درعا في حديث مع المراسلة : “إن ظاهرة المخدرات من أخطر الظواهر المجتمعية، التي تهدد أمن واستقرار المنطقة، لأن أكثر الجرائم التي ارتكبت في درعا خلال السنوات القليلة الماضية، التي ازداد فيها نشاط تعاطي وترويج المخدرات، كالاغتصاب والقتل وجرائم السطو، تحدت غالباً تحت تأثير المخدرات، ولا تقف هذه المشكلة عند هذا الحد إنما تكمن في عدم وجود مراكز تأهيل وعلاج، مقارنةً بأعداد المدمنين، وارتفاع تكاليف العلاج في المستشفيات وعدم قدرة الأهالي على تسديد كلفة العلاج، في ظل الأوضاع المعيشية والأمنية الصعبة التي يعاني منها أهالي درعا”.

وتضيف الناشطة بأن التصدي لتعاطي المخدرات يحتاج إلى مشاركة الأسرة والمجتمع المحلي والهيئات القانونية والاجتماعية، كما تُظهر قلقها الشديد لضعف تصدي الحكومة لعلاج هذه الظاهرة، وخاصة أن محافظة درعا أصبحت منطقة عبور واستهلاك للمخدرات.

معلومات الاتصال مع مشفى ابن رشد وابن خلدون للامراض النفسية

تقتصر المراكز التي تعالج الإدمان في سوريا على مركزين فقط (مشفى ابن رشد وقسم آخر موجود في مشفى ابن خلدون في حلب)

وتبقى ظاهرة المخدرات وتعاطيها في تزايد منذ العام 2018 بعد فرض السلطات في سوريا سيطرتها على الجنوب السوري، وضحاياها هم شباب المنطقة، الذين يواجهون أفقاً مسدوداً، حيث تنتشر البطالة، والوضع الأمني غاية في السوء، وغالبية الشباب يعيشون حالة خوف من الاعتقال أو الالتحاق في الخدمة العسكرية الإلزامية.

الرابط: https://daraa24.org/?p=34689

إذا كنتم تعتقدون بأن هذا المقال ينتهك المعايير الأخلاقية والمهنية يُرجى تقديم شكوى

Similar Posts