الطبيب النفسي خالد الحصان

ارتفعتْ نسبة الأمراض النفسية في محافظة درعا وعموم سوريا، بحكم زيادة أسبابها، نتيجة الحرب وسوء الأوضاع المعيشية، في ظل النقص الكبير بالكوادر المختصّة وقصور في عمل الجمعيات التي تعمل في هذا الإطار. في حين النظرة المجتمعية ما تزال تُسمّي الأشخاص الذين لديهم اضطرابات نفسية بـ “المجانين”، وربما تردّ الاكتئاب والقلق الشديد إلى “اللمس من الجن”، وتخلط بين الأعراض الروحانية والنفسية. إضافةً إلى وجود إدمان المخدرات وحالات الانتحار التي ترتبط في كثير من الأحيان مع الأمراض النفسية.

للحديث حول هذه المواضيع وغيرها، أجرت شبكة درعا 24 حواراً مطوّلاً مع الطبيب النفسي “خالد عادل الحصان” من مواليد محافظة درعا في العام 1990، وحاصل على شهادة الطب من جامعة تشرين في العام 2017، ومختص في مشفى ابن رشد ومشفى ابن سينا في دمشق. لديه خبرة لمدة ست سنوات في الطب النفسي، ويقيم في محافظة درعا، ويمارس مهنته فيها.

س: هل ارتفعت نسبة الأمراض النفسية في محافظة درعا بعد الحرب عن قبلها؟

الأمراض النفسية موجودة ولكن نسبتها زادت في الفترة الأخيرة، بسبب الظروف التي نمر بها، وذلك نتيجة لزيادة الضغوطات بشكل كبير، وخاصة بسبب الوضع الاقتصادي، والذي صار يلعب دوراً كبيراً في تحويل هذه الضغوطات لأمراض، إضافةً إلى الضغوطات البيئية والمحيطية، وكذلك تلعب الوراثة أيضاً دوراً كبيرا في تشكّل المرض النفسي.

 ونستطيع أن نقول أن هذه الظروف غير المتناسقة مع العقل البشري الذي يحتمل الحياة الطبيعية، كان لها الدور الأكبر، و يضاف إلى ذلك، فترة الحرب طويلة الأمد التي عشناها في سوريا، والتي سببت صدمات كبيرة.

ويجب أن نوضح بأنه وبسبب قلة عدد الأخصائيين النفسيين في المحافظة، أصبحنا غير قادرين على الوصول إلى جميع المرضى النفسيين، إضافة الى القصور في عمل الجمعيات، فأصبح هناك صعوبة كبيرة بالسيطرة على المشاكل وإحصائها. وبعض الأشخاص غير قادرين أصلاً على الوصول للرعاية النفسية.

س: متى يكون الشخص مريضاً نفسياً، وهل هناك فرق بين الأمراض الجسدية والنفسية في الأهمية؟ 

 للمرض النفسي  الكثير من النظريات المُفسّرة لحدوثه، هناك نظرية الهرمونية ونظرية البيئية ونظرية المحيطية ونظرية التأثير والمؤثر ونظريات فرويد بالطب النفسي، وكلها مشخصة أو تسمح لك أن تحكم على هذا الشخص هل هو مريض نفسي.

 طبعاً يبدأ الحكم على المريض النفسي من خلال العلامات والتغيرات المزاجية والاضطرابات التي تظهر عليه، فالتغير بالسلوكيات والعادات هي أول ما يُلاحظ بأعراض الاضطرابات النفسية، ويترافق ذلك مع نقص بالأدائية وتراجع بالإنتاج. أو بالأحرى يشعر الشخص الذي أمامنا بالضغوط ويصبح غير قادر على القيام بواجبات حياته كاملة.

 ولكن ببعض الأمراض يفقد الشخص الأهلية ويصبح غير مسؤولٍ عن نفسه، فيكون الأهل هم  أجدر الناس أو المقربون منه أجدر الناس للحكم على أن الشخص أصبح مريضاً نفسياً وغير مسيطر عليه.

س: هل البيئة المحيطة سبباً لحدوث أمراض نفسية، وكيف يمكن المحافظة على الصحة النفسية في ظل الأوضاع الراهنة، وهل العلاج النفسي فقط للذين يشعرون بأعراض معينة، أم لكل من مر أو عاش أزمات معينة وخاصةً الوضع الراهن؟

البيئة المحيطية بمؤثراتها سواء من ناحية الأشخاص أو من ناحية الفيروسات أو من ناحية الأكل والشرب أو من ناحية الوضع البيئي، أي من ناحية الشمس وتأثيراتها، تلعب دوراً بتأجيج الأمراض النفسية، عدا عن ذلك هناك ترابط وثيق بين الأمراض النفسية والأمراض العضوية، لأن كثير من الأمراض النفسية قد تكون لها سبب عضوي أساسي. فنحن نلجأ إلى الاستشارات العضوية بمختلف الاختصاصات حتى نستطيع الوصول لأن نقول للمريض بأن سبب مرضه هو عبارة عن سبب نفسي.

للمحافظة على الصحة النفسية في ظل الأوضاع الراهنة، يجب أن نبني حاجزاً شديداً جداً بيننا وبين المؤثرات، نختلط بما هو لنا ونبتعد عن ما هو ليس لنا.

كما نحاول قدر الإمكان أن يكون لدينا فاعلية وتأثير بتغيير المجتمع والمحيط، هنا يكون الشخص لديه مناعة نفسية جيدة، يضاف إلى ذلك أن المناعة النفسية تجعله قادراً على حماية نفسه من هذه الضغوطات وترجمتها إلى إنتاج وليس إحباط.

وقد يصبح الإحباط أحد وسائل الدفاع التي يستخدمها الشخص للمحافظة على المناعة النفسية (التجنبيّة)، ولكن إذا استمرت وأصبح الشخص غير قادر على حماية نفسه بما معناه من المؤثرات والضغوطات وأدى في ذلك إلى التراجع، فهو هنا يكون قد فَقَد مناعته النفسية.

 المناعة النفسية تُبنى بأساس واحد، وهو أن يقدر الشخص على المحافظة على إنتاجيته داخل هذا المجتمع، وأن يحافظ على وجوده ليبقى شخصاً نشطاً وفعالاً.

س: ما هي الأمراض النفسية الأكثر شيوعاً لدى المراجعين في العيادات، وما هي أكثر فئات المجتمع عرضة للأمراض النفسية، ولماذا؟

 أكثر الأمراض النفسية شيوعاً هي الاضطرابات التي نسميها الحيثيات النفسية، فيكون هناك اختلال في ادراك الشخص او ضبطه لمشاعره وسلوكه مما يؤدي إلى ضعف في الأداء. وتقسم المشاكل النفسية إلى  ثلاثة أنواع: هي الضغوط والاضطرابات والأمراض، وكل ضغط أو مرض أو اضطراب له نسبة معينة.

 وتتراوح الأمراض النفسية بين بسيطة ومسيطر عليها – والتي نسميها الضغوطات(ضغوطات الحياة اليومية) – حتى تصل إلى أمراض مترافقة مع اضطراب سلوك غير مسيطر عليه أبداً، حيث يصبح المريض بحاجة إلى رعاية مشفوية، وقد يكون بحاجة (ECT) تخليج كهربائي.

 وهذه الحيثيات التي أسميها حيثيات نفسية من أصغرها لأكبرها كلها بحاجة إما لمعالج نفسي أو لطبيب نفسي، طبعاً أكثر الفئات المجتمعية عرضةً هم جيل الشباب، وسن الـ 18 هو سن البادرة لمعظم الأمراض النفسية .

مقابلة الدكتور خالد الحصان
لقاء خاص لـ درعا 24 مع الطبيب النفسي خالد الحصان

س: ما هي الأعراض التي يمكن أن تلاحظها الأسرة على طفلها أو ابنها، لمعرفة أنه يعاني من مرض نفسي؟ وهل قول أحد اليافعين عبارة “سوف انتحر إذا رسبت” أو أي شيء من هذا القبيل، يعتبر تفكير عابر آني أو مؤشر خطير على مرض نفسي، ويجب تدخل الأسرة وزيارة العيادة النفسية وعدم إهمالها قبل تفاقمها؟

 بحكم قلّة الإمكانيات وضعف وصولنا، لا نستطيع نحن ككادر نفسي الوصول إلى الأشخاص المصابين باضطرابات نفسية، ولكن المتعارف عليه بمجتمعنا من يصبح غير قادر على أن يسيطر على حياته، ووجود أعراض جسدية ليس لها أي معنى عضوي فهنا يجب على الشخص أن يتوجه إلى الطبيب النفسي، والأعراض واسعة وكبيرة جداً، لا يستطيع الشخص الحكم عليها.

 للأسف العرف المجتمعي والأفكار المجتمعية تلعب دوراً كبيراً جداً بالفكرة التي تكون موجودة عند الشخص وتجعله متردداً جداً لمراجعة العيادة النفسية.

طبعا العلاج النفسي هو ليس لكل من مر أو عاش أزمات معينة أبداً، لأن بعض الأشخاص لديهم مناعة نفسية تجعلهم قادرين على القيام بمهامهم الأساسية، ولكن حتى ولو كانوا قادرين على القيام بواجباتهم الثانوية، هم بحاجة للاطمئنان حتى يشعروا بقدرتهم على السيطرة على حياتهم.

 معظم أعراض الأمراض النفسية تبدأ باضطراب سلوك وتغير بالتصرفات وتغير بالعادات. ولكن الفكرة تصبح للأسف عند الأهل – وخصوصاً أنه أسلوب مجتمعنا وتربيتنا – يصبحون فقط مدركين لمرض ابنهم عندما تتأذى مصالحهم، وهذه أخطر المراحل عندما يبدأ الابن بالاعتداء أو بالتعدي على والديه أو على المحيط الذي حوله، أو يسبب لأهله إحراجاً، أو تصل لهم الكثير من الشكاوى حول ولدهم، للأسف هذا المتبع.

 ولكن من المفروض والمهم أن نلجأ للمراقبة النفسية، وبالتالي نلجأ للعيادة النفسية دائماً، والطبيب النفسي أو الشخص المسؤول عن الرعاية النفسية، في بدايات اضطراب السلوك.

 أما إذا قال طفل وبدون أعراض مُلاحظة وبدون اضطراب سلوك، وفجأة يقول أمام الأهل أنه يُريد الانتحار إذا رسب مثلاً، فهذا يُعتبر نوع من الابتزاز وهي واحدة من وسائل الدفاع.

 أمّا إذا ظهرت لديه أفكار انتحارية ومحاولات انتحارية سابقة، فتُعتبر من الأعراض الخطيرة، طبعاً يستطيع الطبيب التمييز بينها، ويُفضّل أنّه وبمجرّد التفوّه بهذه الكلمة (الانتحار) يجب التوجّه إلى الطبيب، أو مقدّم الرعاية النفسية، فهو القادر على التمييز بين هذه الأعراض، هل هي أعراض جاذبة للانتباه، أم هي أعراض آنية هدفها الدفاع عن الذات أو هي فعلاً أعراض مرضية وقد تتطور فيما بعد لتصبح جزء من أحد الأمراض النفسية.

س: ارتفعت معدلات الانتحار في محافظة درعا خلال السنوات الثلاث الأخيرة، وخاصة بين فئة اليافعين، وقد وثقت درعا 24 خلال العام الماضي 2023، حالتين ليافعين من مدينة الصنمين، وفي العام 2022 كان هناك 7 حالات انتحار. كيف يمكن للإنسان أن يصل للانتحار؟

بالنسبة لحالات الانتحار هي حالات قد تكون ناجمة عن أفكار إيذاء ناجمة عن أمراض نفسية، وقد تكون بأكثر الأحيان ناجمة عن اضطراب التعاطي، اضطراب التعاطي يلعب دوراً كبيراً بالأفكار الانتحارية، حيث يصبح الشخص فاقداً للمتعة، لا يجد أي قيمة لحياته، ويشعر بأنه يُشكل عبئاً على من حوله، خاصة في ظل الاتهامات وسيل الكلام الذي يُلاحقه.

وبعد أن يدخل الشخص المدمن بموجة التبلّد الناجم عن الإدمان، يكون شخصاً حساساً، ويُصبح فهمه للأفكار دائماً بقلبه أكثر من عقله، وهنا يكون الشخص قابلاً للانتحار أكثر من غيره.

ويجب أن ندرك أن الإدمان، يعتبر نتيجة للضغوطات أو الاضطرابات النفسية. فالمدمن  شخص بسيط وطبيعي، صار عنده (شوية) حيثيات بسبب الفهم الخاطئ للمجتمع ولم يستطع أحد استيعابه، فأدى فيه الحال إلى اللجوء إلى مجموعة تستوعبه، وقد يكون فيها رفاق سوء، وقد تكون هي المسبب للضغوط عليه أصلاً، فلجأ يوماً ما للمواد المخدرة، فشعر براحة مرحلية أو تراجع بالأعراض، ومع الوقت تعلق بهذه المادة، ووصل لمرحلة أنه لا يستطيع السيطرة عليها فتحول لشخص مدمن، ويحتاج للمساعدة.

 كذلك الأمر بحالة من لديهم اضطراب ثنائي القطب، فيكون المريض (هوسي) بمعنى فعّال ومؤذي من الخارج، ولكنه  يُعاني كثيراً من الداخل لأنه يترافق بين الهوس والثناء القطب.

 ثنائي القطب هو الهوس والاكتئاب الشديد أو نوبة الاكتئاب الجسيمة، فهذا الاكتئاب قد يولد أفكار انتحارية، ويلعب الاكتئاب دوراً بتكوين الأفكار الانتحارية، تستطيع أن تقول “المزاج  السيء يبدأ بأفكار انتحارية، وينتهي بالانتحار”

مقابلة خاصة أجرتها درعا 24 مع الدكتور زيدون الزعبي

س: هل الأمراض النفسية هي التي تودي بالأشخاص إلى الجريمة وتعاطي المخدرات أم بالعكس؟

بخصوص موضوع ارتكاب الجرائم من قبل المرضى النفسيين هي عبارة عن شماعة يُعلّق عليها سبب بعض الجرائم، هناك فرق كبير بين مريض نفسي، ونفس مريضة.

 المريض النفسي لا يمكن أبداً أن يؤذي الشخص الذي حوله أو الشخص الذي يرعاه أو الشخص الذي يحبه أو الشخص القريب منه. أمّا صاحب النفس المريضة فهو شخص مؤذ، يمكنني أن أقول لك أنه شخص مريض، ولكنه عاقل واعي، وهو يؤذي بشدة لأنه يؤذي بعقل.

 أما المخدرات، فهي في أكثر الحالات نتيجة للمرض النفسي، يعني نتيجة الاضطرابات التي يشعر بها الشخص ولم يستطيع السيطرة عليها، يذهب باتجاه الإدمان، فهنا تتطور أعراض المرض النفسي ليصبح قابلاً للقيام بالجريمة نتيجة التبلد الذي تحدثنا عنه أعلاه.

وهنا الجريمة ناجمة عن الإدمان، فيمكنك أن تقول هنا أننا دخلنا بحلقة مرض نفسي – إدمان، وأدّى الإدمان إلى تطور وتفاقم المرض النفسي.

س: بعض الناس يقولون أن العلاج النفسي لا يختلف عن الدردشة مع صديق أو قريب، وكيف يمكن لمعالج نفسي لم يمر بذات التجربة أن يقدم المساعدة، والعديد من الافتراضات، كيف ترد على ذلك؟ وما هي توصياتك للأشخاص الذين لا يتشجعون على زيارة العيادة النفسية خوفاً من نظرة المجتمع لهم؟ 

 هناك الكثير من المقولات التي تتمادى في مجال العلاج النفسي. الطبيب النفسي لا يتكلم لمجرد الكلام، ولكنه يستند في علاجه إلى نظريات وتجارب الطب النفسي، الآن وضمن أساسيات مُحدّدة يمكن للطبيب أن يوجّه المريض ضمن مراحل حتى يصل فيه لهدف معين.

أصبح لدينا مراجع تبيّن كيفية التعامل مع الفرد والمجتمع، والأفراد فيما بينهم، أصبحنا نملك آليات متطورة، تجعلنا نُمكّن الشخص من خلالها أن يتجاوز مصاعبه ومشاكله، وإعادة ترتيب الأفكار في رأسه، ويمكنك أن تقول بأن الأفكار التي يأتي بها المعالج النفسي خلال فترة العلاج هي مروضة لأفكار المريض ومنظّمة لها.

وأعود وأقول أن المعالج النفسي حتى لو لم يمر بنفس التجربة ولكنه يملك ويعرف المرجعيات والقواعد الأساسية لعلم النفس، وهي أصلاً مطبقة على ملايين الأشخاص، عبر التجارب العمرية خلال فترة طويلة، والطبيب الناجح يلجأ إلى الكتاب كصديق دائم لمواكبة التحديثات في مجال علم النفس، والتي تهم الطبيب بشكل كبير، فالطب النفسي يتطور يوما بعد يوم.

ويضاف إلى ذلك أن الجميع يتذرعون بعبارة (كلنا مرّينا بنفس التجربة)!  ليس من الممكن أبداً أن يتشابه شخص مع غيره، بردة فعله أو أسلوبه ودرجة تقبله وطريقة استقباله للمواقف، فمن الطبيعي أن هناك أشخاص بحاجة للعلاج النفسي حتى يكونوا أكثر ثباتاً بالتعامل مع المشاكل التي تحدث في حياتهم. وأصبح الآن من السهولة التأكد من أي معلومة، -فالنت متوفر بيد الكل-، فالرجاء التأكد من أي معلومة تحصل عليها من شخص ما.

النظرة المجتمعية دائماً تكون مثبّطة لمن ينوي زيارة الطبيب النفسي، مما يؤدي إلى تفاقم حالة المريض النفسية. وبسبب هذه النظرة القاصرة يخجل البعض من زيارة الطبيب النفسي خوفاً من أن يصفه المجتمع بالمجنون، وهذه نظرة خاطئة تماماً، والأفضل الابتعاد عن آراء السفهاء، الذين يدّعون المعرفة.

الكاتبة والصحفية  سميرة المسالمة ، رئيسة تحرير جريدة تشرين سابقاً، في لقاء خاص مع شبكة درعا 24

س: كذلك بعض الأشخاص لا يؤمنون بوجود المرض النفسي أساساً، وعند حدوث تعب نفسي، يرون أن اللجوء الى الدين والقرآن هو الحل الوحيد لهذه المشاكل، ما رأيك بذلك؟

هنا يجب أن نميز بين الأعراض الروحانية والأعراض النفسية، بالنسبة لعدم الإيمان بوجود المرضى النفسي، طبعا النفس هي ثالث ثلاثة، هي ثالث الروح والجسد، قال تعالى: “وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا، فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا قَدْ أَفْلَحَ مَن زكَّاهَا، وَقَدْ خَابَ مَن دَسَّاهَا”.

 يلجأ البعض إلى الشعوذة والسحر، والمؤولون للكلام الديني مع عدم قدرتهم على تصنيفه بشكل صحيح، وبعض الجاهلين يتحدثون عن الجن والشياطين وعلاقتها بالمرض النفسي، حاشا لله أن يبتلينا بما لا نراه، فالله عز وجل أعطانا العقل وأكملنا به، فلا يمكن أن يُبلينا بأشياء تُنافي العقل، ولا يمكن لأحد أن يُحضر الجن ويسلطه على إنسان، هذه عبارة عن تُرّهات.

أوصانا الرسول عليه الصلاة والسلام بقراءة المعوذتين، بالإضافة للقيام ببعض الأفعال فيما يخص الموضوع الروحاني، عند التعرّض للسحر والحسد والعين، ولكن التشابه بين الأعراض التي ذكرها النبي عليه الصلاة والسلام عندما أُصيب بالسحر والعين، جعلت بعض الفارغين علمياً، والمتسلقين دينياً إلى أن يخلطوا بين الأعراض الروحانية بالأعراض الجسدية والنفسية ويشبهوها ببعضها.

 الأعراض الروحانية هي شيء عابر يكفي تلاوة القرآن الكريم وذكر الله عز وجل. بينما الأعراض النفسية هي شيء مستمر تجعلك غير قادر على التركيز، تجعلك غير قادر على تقبل الأجواء الهادئة بسهولة، يلجأ البعض للقول: “هذا ممسوس أو ملموس” وهذا ليس دقيقاً أبداً، هو عبارة عن شخص مصاب بحالة اكتئاب أو قلق، فحتى لو طلبت منه أنه يهدأ ويصلي أو يقرأ القرآن فلن يكون قادراً على  الخشوع الكافي ليعطيك إنتاجية دينية روحانية صحيحة، يجب أن يعالج نفسياً ثم ينتقل للمرحلة التالية التي هي العودة إلى المعتقدات الدينية الأساسية والواجبات الدينية، أما التكلف بالعادات الدينية والأفكار والانزياح فيها فهو يبعد الإنسان عن الدين.

الرابط: https://daraa24.org/?p=37896

Similar Posts