مدينة طفس في ريف درعا الغربي
مدينة طفس في ريف درعا الغربي

تتصدر مدينة طفس في الريف الغربي من محافظة درعا المشهد هذه الأيام، بعد تعزيزات للجيش وتثبيته نقاط عسكرية جديدة جنوب المدينة بتاريخ 27 يوليو / تموز 2022، وقد قصف السهول المحيطة بالمدينة، واندلعت اشتباكات متقطعة بعد محاولاته التقدم باتجاه نقاط جديدة، وحصلت مفاوضات مع وجهاء وقياديين محليين لخروج مطلوبين من المنطقة، وتثبيت نقاط عسكرية في المدينة، لكنها لم تصل إلى نتيجة.

لماذا مدينة طفس بالذات؟

خضعت مدينة طفس كغيرها في منتصف العام 2018 لاتفاقية التسوية والمصالحة التي رعتها روسيا، حيث سيطرت السلطات في سوريا بموجبها على محافظة درعا، فيما لم يُكشف عن جميع بنود الاتفاقية بشكل واضح حتى اليوم، ووفق ما أفاد به أحد وجهاء المدينة لمراسل درعا 24، أن من أهم الأمور التي تم الاتفاق عليها، هو عدم دخول الأجهزة الأمنية أو مليشيات تابعة لإيران للمدينة، والاكتفاء بعودة الشرطة، والدوائر الحكومية، بالإضافة لعودة الجيش إلى ثكناته قبل العام 2011، مما أعطى للمدينة نوعا من الحكم المحلي من قِبل الشخصيات الفاعلة في المدينة.

وأضاف، لاقى هذا الأمر ترحيباً محلياً وروسياً ورفضاً من أمراء الحرب من ضباط الأجهزة الأمنية وعلى رأسهم العميد “لؤي العلي” عضو اللجنة الأمنية والعسكرية ورئيس فرع الأمن العسكري في المحافظة، الذي حاول على مدار الأعوام الأربعة الماضية، بمساعدة ضباط آخرين السيطرة على المدينة من خلال حجج مختلفة، بحسب تعبيره.

 وقد تم تشكيل اللجان المركزية والتي كان معظم أعضائها من القياديين المحليين السابقين أو من الوجهاء، والتي كانت بمثابة صلة وصل بين الأهالي واللجنة الأمنية، ولعبت هذه اللجان دوراً في مفاوضات سابقة، ولكنها كانت دائماً عرضة للتخوين من قِبل الأهالي، وعدم الثقة من قِبل ممثلي السلطات. وفق ما أوضح أحد الوجهاء.

كيف وصل المطلوبون إلى طفس، وما دور خلدون الزعبي ولؤي العلي؟

جلبت استقلالية مدينة طفس الاستقرار لفترات قصيرة وغيابه لفترات أطول، حيث أصبحت ملجأً للمطلوبين للأجهزة الأمنية والجيش، بما في ذلك الإسلاميين، بما فيهم التابعين لتنظيم داعش في المنطقة.

لعب في هذا الشأن دوراً بارزاً القيادي المحلي السابق “خلدون البديوي الزعبي” الذي عمل قبل العام 2018 ضمن العديد من الفصائل المحلية. وفق ما أوضح قيادي محلي من أبناء مدينة طفس، فقد كان لدى خلدون مجموعة من المقاتلين من أبناء المنطقة. وبعد أن سيطر الجيش على محافظة درعا بما في ذلك حوض اليرموك، والذي كان مقراً لتنظيم داعش، قام” “الزعبي” بتهريب العديد من الدواعش من وادي اليرموك، بالإضافة لاستقبال الخارجين من سجون الأجهزة الأمنية والذين تم الإفراج عن بعضهم بعد اعتقالهم لأشهر قليلة.

 يوضح القيادي السابق: “جميع أبناء المنطقة يعرفون بأن خلدون الزعبي، حمى الدواعش ووضعهم في مقرات تابعة له مقابل مبالغ مادية”.

ونتيجة لذلك فضّل الكثير من أفراد مجموعة “الزعبي” تركها، خاصّة بعد سيطرة الدواعش على القرار في المجموعة وقيامهم بعمليات تشبيح وتشليح، ثم عمليات اغتيال واسعة في المنطقة. وبذلك لم يبق له سوى الاعتماد على الدواعش.

وفق ما أوضح قيادي آخر من ذات المدينة، فإن هناك تنسيق وتواصل بين الزعبي والعميد “لؤي العلي” رئيس فرع الأمن العسكري في محافظة درعا، واللذان يعتبران معاً أبرز أمراء الحرب في الجنوب.

وتساءل: “لكن من الذي ترك هؤلاء المطلوبين يتواجدون في طفس، ومن الذي سمح بخروجهم من سجون الأجهزة الأمنية بعد اعتقالهم في العام 2018 بعد السيطرة على حوض اليرموك. إن من أطلق سراح عناصر وقيادات داعش وسهّل تحركاتهم، هو ذاته من أوعز لهم بالبقاء في طفس، ومن وزع عليهم المهام، والتي كان أبرزها الاغتيالات في المنطقة والتي استهدفت أعضاء اللجان المركزية”.

وأضاف:” عندما اقتحم الجيش برفقة الفصائل المصالحة منطقة حوض اليرموك 2018، ومن ثمّ إعلانهم السيطرة على مناطق سيطرة داعش والقضاء عليها، تم تنفيذ اتفاقات مع بقاياهم، نصت على ترحيل بعضهم إلى البادية السورية على أطراف محافظة السويداء، وقسم تم احتجازهم من قِبَل بعض الأجهزة الأمنية، ثم في ظروف غامضة تم الإفراج عن قسم كبير منهم، وقد بدأ بعض النشاط لهم في العديد من المناطق، وبرعاية وتسهيل إيراني ومن ضبّاط الأجهزة الأمنية، ليكون في استقبالهم خلدون الزعبي”.

اقرأ أيضاً: مكتب العتالة في سوق هال طفس، تنظيم أم تشبيح؟

اقرأ أيضاً: بيان من عشيرة آل المصري يستنكر مقتل سيدة وشاب في مدينة طفس

المطلوبون ينسقون مع ضباط اللجنة الأمنية

رصدت درعا 24 اليوم السبت 13 أغسطس / آب 2022 اجتماعاً في مكتب رئيس الأمن العسكري في مدينة درعا “لؤي العلي” ضمّ كلاً من القيادي المحلي “خلدون البديوي الزعبي” من مدينة طفس، و “محمد جاد الله الزعبي، وإياد الغانم” من بلدة اليادودة، بعد طلبهم الاجتماع بالعلي، والأخيران من المطلوبين للجنة الأمنية منذ بداية العام 2021.

لم ينتج عن هذا الاجتماع أي نقاط واضحة إلا أن عدة مصادر قالت أنه تم التوصل لاتفاق مبدئي يقضي بوقف إطلاق النار، وخروج المطلوبين من المنطقة، ودخول الجيش وتفتيش بعض المنازل في المدينة، ثم انسحاب الجيش، وانه سيتم عقد اجتماع آخر في وقت لاحق يتم فيه تثبيت الاتفاق لتنفيذه بعد ذلك.

اقرأ أيضاً: هل ما زال تنظيم داعش حاضراً في الجنوب السوري؟

اقرأ أيضاً: استهداف أحد المتهمين بالانتساب لداعش بعد أن كان تحت حماية ضباط وقادة محليين

 كانت طالبت الفرقة الرابعة والمليشيات التابعة لها والأجهزة الأمنية أثناء محاولتها اقتحام المنطقة الغربية ومدينة طفس بالذات في كانون الثاني / يناير 2021 بترحيل ستة أشخاص باتجاه الشمال السوري، ثم بعد ذلك تم إلغاء هذا الشرط وفق اتفاقيات لم يُكشف عن بنودها، وهم:

القيادي “إياد جعارة” من بلدة تل شهاب غربي درعا: والذي تعرض لأكثر من محاولة اغتيال كان آخرها بتاريخ 17 يوليو / تموز 2022، حيث تم تفجير عبوة ناسفة في المنزل الذي يسكنه في مدينة طفس، ونتج عن ذلك مقتل زوجته وإصابته وإصابة آخرين. فيما يُتهم “جعارة” بالعمل لصالح تنظيم داعش، واتهمه القيادي المحلي “أبو مرشد بردان” باغتيال أعضاء من اللجنة المركزية في المنطقة الغربية من درعا.

وكان منهم أيضاً القيادي “أبو عمر الشاغوري” من بلدة المزيريب: الذي رصدت له درعا 24 تسجيلا لمكالمة ينسق فيها مع العميد غياث الدلا قائد مليشيا الغيث في الفرقة الرابعة، إبان المطالبة بترحيله هو والآخرين، وأكد خلالها أنهم يعملون لصالح الفرقة الرابعة وأن أهدافهم مشتركة وخصّ بالذكر أبو طارق الصبيحي. لسماع التسجيلات وقراءة التفاصيل: هنا.

اقرأ أيضاً: انسحاب قوات الغيث من غربي درعا بعد اتفاق مع اللجنة المركزية

كذلك منهم “محمد قاسم الصبيحي” المُلقب بـ “أبو طارق” من بلدة عتمان: وهو المُتهم بإعدام عناصر مخفر الشرطة في بلدة المزيريب غربي درعا، بعد مقتل ابنه وشخص آخر من عناصره. واتهمه أيضاً القيادي المحلي “أبو مرشد بردان” باغتيال أعضاء من اللجنة المركزية في المنطقة الغربية من درعا.

 إضافًة إلى كلاً من “إياد الغانم ومحمد جاد الله الزعبي من بلدة اليادودة” واللذين رُصد لهم الاجتماع المذكور أعلاه مع “لؤي العلي”، كذلك “محمد ابراهيم الربداوي” من مدينة طفس والذي تم اغتياله قبل أشهر قليلة.

جميع هؤلاء المطلوبين الذين تدعي اللجنة الأمنية أنها تطالب بإخراجهم من المدينة، هم مطلوبون للجان المركزية في المنطقة الغربية، وحسب مصدر مُقرّب من اللجان فإن ما يمنع إعلان الحرب عليهم من قبل المركزية والمقاتلين المحليين من أبناء مدينة طفس هو “خلدون الزعبي” ودفاعه عنهم وحمايتهم.

وتبقى التساؤلات القديمة الجديدة: هل الجيش والمليشيات التابعة له حقاً تريد القضاء على بقايا فلول داعش أم أن كل هذه التحشدات العسكرية بهدف توسيع نفوذ المليشيات الإيرانية ووكلائها في المنطقة وبسط نفوذها في مدينة طفس وما حولها، وإذا كان أمراء الحرب ضباط اللجنة الأمنية والعسكرية جادون في محاربة داعش فلماذا عقدوا معهم اتفاقيات سابقاً، ولماذا نقلوهم إلى البادية، ولماذا أطلقوا سراح الكثير منهم، وسهّلوا حركتهم وتنقلهم بالقرب من الحواجز والمقرات الأمنية، أم أنّ ذلك مجرد تبديل لبقايا داعش بمليشيات معروفة بتبعيتها لإيران. في حين يبقى الخاسر الأكبر بين كل هؤلاء هم المدنيون. فإلى متى؟

الرابط: https://daraa24.org/?p=25106

Similar Posts

2 Comments

Comments are closed.