في يومها العالمي: المرأة تصارع قساوة العيش في محافظة درعا
نساء من محافظة درعا يطالبن بإطلاق سراح المعتقلين

يوافق الثامن من آذار يوم المرأة العالمي، وهو اليوم الذي كرّسه المجتمع الدولي لدعم نضال المرأة من أجل تحقيق العدل والمساواة، وللتأكيد على ضرورة تمتع النساء بحقوقهن السياسية والاقتصادية والاجتماعية والإنسانية. وفي هذا العام يحلّ هذا اليوم على النساء في محافظة درعا، وهن يواجهن ظروفاً بالغة القسوة بفعل مفرزات الحرب والظروف الاقتصادية والمعيشية السيئة، التي ضاعفت من معاناة النساء.

واقع صعب

يأخذ تأثير الظروف المعيشية على النساء بعداً أكثر مأساوية، بالنظر إلى كم المعاناة التي تعيشها المرأة منذ ما يزيد على عشرة سنوات، حيث تغيرتْ أحوال النساء كثيراً، تأثراً بالأحوال الاقتصادية، واتساع نطاق النزاع وفقدان الأمان والقانون، وزادت معاناتهن في الحصول على الاحتياجات الأساسية من غذاء وكساء ودواء، وتصدر المشهد نساء حملنْ على عاتقهن مسؤوليات أسر بكاملها، سواء كان ذلك لغياب الرجل أو فقدانه أو حتى بوجوده.

إقرأ أيضاً: عمل المرأة بدرعا، بين كلام الناس وسوء الأوضاع المعيشية

(أم محمد، 39 عاماً، من الريف الغربي لمحافظة درعا) تقول في حديثها مع مراسلة درعا 24، أنّها أمّ لأربعة أطفال، ومن بينهم طفل مريض بالسكري، وذكرت أنها فقدتْ زوجها عام 2018 في الأحداث التي شهدتها المنطقة، لذلك كان عليها أن تعيل أطفالها، وتعمل لتوفير لقمة عيشهم واحتياجاتهم.

وتابعت أنها لا تحمل شهادة لأن والدها زوّجها وهي صغيرة ولم يسمح لها بإكمال دراستها، لذلك فمجالات العمل كانت محدودة جداً بالنسبة لها، فلم تجد أمامها سوى العمل في الخدمة المنزلية، لتوفير احتياجات أسرتها. وأضافت أن عملها لم يعد كافٍ لتوفير كافة احتياجاتهم في ظل الارتفاع الكبير والمتزايد لأسعار المواد الغذائية وأسعار الادوية، وخاصةً أن لديها طفل مريض ويحتاج للعلاج بشكل دائم، لذلك ضاعفت من ساعات عملها، وأصبحت تعمل مساءاً بتحضير المؤن للعديد من العائلات دون الحصول على أي وقت للراحة وأشارت إلى أنها تتحمل كل تلك الصعوبات في سبيل تربية أطفالها وتأمين لقمة عيشهم وتوفير حياة كريمة لهم.

تُشير بيانات الأمم المتحدة في تقرير نشرته عام 2021 بأن 22% من الأسر السورية تعيلها نساء. فيما كان قد كشف مسؤول في وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل التابعة للحكومة السورية سابقاً، أن نسبة النساء العاملات في البلاد لموقع أثر برس شبه الرسمي، حيث أكد أنه مقابل كل رجل هناك سبع نساء في سوق العمل، وقال إن النساء يشكلن نحو 85 % من مجمل القوى العاملة في المناطق الواقعة تحت سيطرة السلطة في سوريا.

إقرأ أيضاً: العادات والتقاليد تسلب المرأة حقّها في الميراث والقانون لا يساعدها

أما (أمل. س، ناشطة إعلامية فتؤكد بأنه منذ بدء الحرب عام 2011 تحمّلتْ النساء في درعا أعباء كثيرة، حيث أُجبرن على أن يعشن واقعاً صعباً وظروفاً بالغة القسوة، وزيادة على هذه المعاناة تخوض آلاف النساء محنة فقدان المعيل وألم هجرة الأبناء، فقد دفعت المرأة ثمناً باهضاً خلال السنوات الماضية حياتها وسلامتها وسلامة أطفالها وأسرتها وحرمانها حقها في الأمان والسكن. وازدادت أوضاعها سوءاً بعد الحرب حيث باتت مجبرة على مواجهة الظروف الاقتصادية الصعبة لإنقاذ أسرتها من مآسي الجوع والمرض.

أضافت: “فرضت الأوضاع الاقتصادية السيئة العمل على النساء في ظل ظروف بالغة القسوة والشدة، و لم تنعكس الازمة الاقتصادية على الوضع المعيشي للنساء فقط، بل انعكست على نسب العنف الممارس ضدهن، حيث تستمر معاناة النساء بسبب العنف القائم على النوع الاجتماعي، والذي تصاعدت وتيرته بسبب تدهور الأوضاع الاقتصادية والمعيشية في محافظة درعا، في ظل غياب آليات العدالة والمحاسبة والقضاء البناء.

تحدي الظروف

عاشت النساء زمن الحرب ومخاطرها ونزحت إلى أماكن كثيرة لعدة سنوات في ظل العديد من الظروف الصعبة، وتعاني اليوم ظروفاً أسوء جراء الأزمة المعيشية والصحية التي تعيشها البلاد، وعلى الرغم من كل هذه الظروف فإن المرأة في درعا، لم تنثِ عزيمتها بل كانت أكثر إصراراً وجرأة على تحمل مسؤوليات كثيرة منها العمل والتربية، فأصبح العبء مضاعفاً عليها، حيث توجب عليها البحث عن عمل لكسب الرزق لإعالة أسرتها بأجور بالكاد تسد الرمق،  لذلك لجأت المرأة في درعا إلى امتهان أعمال يمكن  تنفيذها في المنزل، كالخياطة والتسويق المنزلي وأعمال الطبخ وتحضير المؤن.

إقرأ أيضاً: المرأة في درعا، انتهاك حقوقها، وقتلها في حالة الغضب!

تؤكد (أم أيهم، 35 عاماً، وهي معيلة لثلاثة أطفال) تقول: “واجهت صعوبات كثيرة بعد وفاة زوجي، ولكن لم يكن أمامي العديد من الخيارات، كان عليّ أن أعمل من أجل أطفالي، ومن أجل سداد إيجار البيت، الذي نعيش فيه ومن أجل تعليمهم، لذلك قررت أن أتعلم مهنة الخياطة، وتعلّم هذا النوع من العمل ساعدني كثيراً على كسب العيش، ومكنني من إحضار كل ما يحتاجه اطفالي، ووفر لي مردود مالي لا بأس به في هذه الأوقات الصعبة.

وختمت حديثها أن تعلّم مهنة ما في مثل هذه الأيام يعتبر ضرورة ملحة للنساء، لأن العمل يكسب المرأة خبرات جديدة، ويجعلها أكثر ثقة بنفسها ويساعدها في تخطي العديد من المشاكل التي تواجهها في حياتها، لأن ضغوطات الحياة باتت كثيرة.

رابط التقرير: https://daraa24.org/?p=29414

Similar Posts