مرضى الناعور

يعاني “رامي، 35 سنة” من مرض النّاعور (الهيموفيليا)، وهو اضطراب وراثيّ نادر يتسبّبُ في عدم تخثّر الدّم بشكلٍ طبيعيّ، يظهر من خلال نزيفٍ متكرّرٍ داخل الجسم، خاصّةً في المفاصل. ويحتاج المُصاب به لعلاجٍ تعويضيّ لعامل التخثّر. 

 يؤكد رامي في حديثه لمراسل درعا 24 أنّه من أجل الحصول على العلاج توجّه إلى مشفى المجّتهد وإلى الجمعية السّوريّة لمرضى النّاعور في العاصمة دمشق، ولم يتمكن من الحصول عليه. يقول الشّاب: “منذ ستّة أشهر والدّواء غير موجود في درعا، وعند ذهابنا للجمعية بالشام، صارت تنقطنا تنقيط، وكلّ مشوار تعطينا وحدتين عيار 1500”.

يتابع: “المشوار الذي تذهب فيه للجمعية ترجع تأخذ الأبر لتعالج حالك من تعب الطريق، ومن كم يوم الجمعية خبرتنا أنّه في قلّة كبيرة بالدواء وما عاد في توزيع”.

رامي هو واحدٌ من 58 مريضاً من أبناء محافظة درعا، الذين يعانون من هذا المرض، وهم مسجلون لدى الجمعية السورية لمرضى الناعور، وفقاً لما أكدته رئيسة الجمعية الدكتورة تهاني العلي خلال إجابتها على أسئلة مراسل درعا 24 عبر تطبيق واتساب، وفصّلتْ بأنّ 35 منهم مريض نقص عامل ثامن أيّ ناعور A، و9 نقص تاسع أيّ ناعورB، و14 مرض فورن ويلبراند. 

وأشارتْ الطبيبة العلي بأنّ العدد الكلّيّ للمرضى في سوريا، الّذين تمّ تشخيصهم حوالي 1349 مريضاً بالنّاعور، منهم 1046 ناعور A نقص العامل الثامن، و120 ناعورB نقص العامل التاسع، و183 مرض فون ويلبراند، وفقاً للإحصائيات الموثّقة لديهم في سجل الجمعية السورية لمرضى الناعور والاضطرابات النزفية.

دواء مرضى الناعور غير متوفر

يؤكد المريض رامي وعشرات المرضى الآخرين وأفراد من عائلاتهم من مختلف أنحاء سوريا، والذين يجمعون أنفسهم في مجموعة واتساب لتبادل النصائح أنّ الدواء غير متوفر في المشافي حالياً، وتوجّه العشرات منهم مثل رامي إلى المشافي العامة ولم يحصلوا عليه، هذا ما أكدّتْه رئيسة الجمعية السورية الدكتورة تهاني أيضاً.

تقول الدكتورة: “العامل الثامن غير متوفر حالياً في مشافي الصحة، في معظم المحافظات إن لم يكن في جميعها، والمصدر الوحيد له حالياً هي الجمعية السورية لمرضى النّاعور، الّتي تقوم بتأمين العامل الثامن مجاناً للمرضى من كل المحافظات”.

يحتاج رامي في الشهر من 6 إلى 8 أبر من العامل الثامن، “والجمعية من شهرين صارت تُعطي وحدة أو وحدتين فقط”، وفق قوله. ويوضح: “أصبحت أنا وكلّ المرضى إذا عندنا أبرة وحدة، نتركها حتى لو كنا نتوجع، احتياطاً لنزيف مُميت لا قدّر الله، وأصبحنا نحاول أن نتدارك بقية النزوف لأنّه ليس هناك بديل”.

تعزو رئيسة الجمعية السبب في النقص وعدم وجود كمية كافية من العلاج إلى عدم الاستمرارية في استجراره من قِبل المشافي، وتوضح أنّ هناك مشكلة تأخير في تنفيذ عقد التوريد، بسبب مشاكل تعود إلى أسباب مالية كعدم توفر القطع الأجنبي أو عدم رصد الميزانية له.

الدواء محصور بالقطاع العام

نظرياً يجب أن يكون علاج مرض النّاعور في سوريا مجاناً، وأن يكون الحصول عليه فقط عن طريق المشافي الحكوميّة والمراكز التّابعة لها، وهو حقّ يكفله مرسوم رئاسيّ – وفقاً للدكتورة تهاني – التي أكدّتْ عدم وجود مصدر لتأمين الدّواء بشكل خاصّ مكفول: “لأنّها ستصبح بهذا الشكل سوق سوداء، والتكلفة غالية جداً، ولن يكون أي مريض في عموم سوريا قادراً على تحمّلها”.

تحدثت درعا 24 إلى خالد شقيق أحد المرضى الّذي يبحث بشتى السُبل لتأمين العلاج لشقيقه: “الأمر ليس لعبة، يمكن أن تكون حياة أخي في خطر إذا لم يكن الدواء حاضراً في الوقت الّلازم”، لذلك يسعى لتأمين العلاج بشكل نظاميّ عن طريق المشافي – الأمر الذي بات مستحيلاً منذ أشهر – ثمّ عن طريق الجمعية التي باتت تعطي جرعات قليلة، بسبب النقص.

اضطر خالد والعديد من العائلات للبحث عن سُبل أخرى لتأمين العلاج، من لبنان أو من منطقة شمال سوريا أو مناطق أخرى، وقد بلغ ثمن الوحدة عيار (500)، 1500 دولار أمريكي، ومن مناطق أخرى ما يعادل سبعة ملايين ليرة، هي مبالغ يعجز عنها الكثيرون.

ما هو مرض الناعور؟

يُصطلح على مرض النّاعور طبياً (الهيموفيليا) وهو اضطراب نادر يتسبّب في عدم تجلّط الدّمّ على نحو طبيعي بسبب نقص البروتينات الّلازمة لتجلّط الدّمّ. فإذا كنت مصاباً بالناعور، فقد يستمر نزفك بعد أيّ إصابة لفترة أطول مقارنةً بحالتك إذا كان الدّمّ يتجلط على نحو سليم، وفقاً لما جاء في موسوعات طبية.

وجاء أيضاً أن الجروح الصغيرة لا تمثّل عادةً مشكلةً كبيرةً. وإذا كان مرضك شديدًا، فحينها يكون الخوف الرئيسيّ من النزيف داخل الجسم، خاصّةً في الركبتَين والكاحلَين والمرفَقَين. إذ قد يؤدي النّزيف الدّاخليّ إلى إتلاف الأعضاء والأنسجة، كما قد يُشكِّل خطراً على حياة المريض. ينشأ الناعور في جميع الحالات تقريباً عن اضطرابٍ وراثيٍّ. ويشمل العلاج تعويض عامل التّخثّر المحدّد الناقص بانتظام. 

طرحت درعا 24 مشاكل مرضى الناعور في العام 2020 بعد تلّقيها شكاوى من المرضى في درعا، وعند النقص الحادّ في الدواء حينها، وقالت الجمعية السورية في ذلك الوقت عبر صفحتها على موقع فيس بوك، بأنّ أكثر من 1500 مريض بالناعور، مُهدّدة حياتهم بالخطر، بسبب انقطاع الدواء من كافة المشافي في سوريا. وتساءلت يومها: “لماذا لم يتم تنفيذ العقد الخاصّ بتوريد أدوية مرضى الناعور مع العلم أنَّ هذا العقد هو لتغطية احتياج 2020؟ برسم وزارة الصحة والجهات المعنية الأخرى. هل استيراد الموز أهم؟”. 

ويبقى مرضى النّاعور اليوم في درعا وسوريا بشكلٍ عامٍّ بلا دواء وبلا صوت، حيث منذ سنوات لا يتمّ حتى الحديث حول نقص الدّواء ولا حتّى إعلاميّاً، ولا يتمّ طرح معاناتهم، ويقتصر الأمر على مؤتمرات وندوات علمية وفعاليات تُقام في كلّ عامّ بمناسبة اليوم العالمي لهذا المرض ي السابع عشر من نيسان.

الرابط: https://daraa24.org/?p=40353

Similar Posts