معاناة المرأة في درعا من حرمانها من حقها في الميراث

لا تزال مشكلة حرمان المرأة من حقها الشرعي في  الميراث، أحد المشاكل الرئيسة التي تعاني منها النساء في محافظة درعا، على الرغم من إنصاف التشريعات الإسلامية لها. كما يُعتبر حقّ المرأة في الميراث من أهم الحقوق الاقتصادية المقرّرة للمرأة شرعاً وقانوناً. 

وسائل الحرمان متعددة 

يرفض بعض الورثة الذكور تسليم نصيب المرأة، سواء كانت أخت أو ابنة أو عمة عن طريق اتباع الكثير من الوسائل لحرمانهنَ من الميراث، منها أن يتم الامتناع عن تقسيم الإرث واستغلاله من قبل الذكور، أو عن طريق عمليات التنازل من قبل الآباء لأبنائهم الذكور وهم على قيد الحياة، ولهم بذلك حرية التصرف بما لديهم من أملاك ولا يحق للإناث الاعتراض، أو عن طريق ممارسة الضغوط العائلية للتنازل عن حقوقهن، بحجة أن هذه الأملاك ستنتقل إلى زوجها وأولادها، وهم غرباء عن العائلة. ويعتبر الذكور أنفسهم أحق بتلك الأموال أو الممتلكات منهم، إضافةً إلى جهل بعض النساء بحقوقهن. 

يقول المحامي (محمد خوالدة وهو من الريف الشرقي لمحافظة درعا) في تصريح لمراسلة درعا 24: “تعاني العديد من النساء في محافظة درعا من ضياع حقوقهن، ومن بينها الحق في الميراث، حيث مازالت هذه العادة الموروثة مسيطرة على فئة من الأهالي، إذ يقوم الإخوة بحيل عدة لحرمان أخواتهم من الحصول على حقوقهن الشرعية في الميراث، إضافةً إلى صعوبة المطالبة بحقوقهن عبر القانون”.

وأضاف إلى أن الإجراءات القانونية المُعقدّة والطويلة في عمليات حصرّ الإرث بين الورثة والتكاليف الباهظة وطول عملية الانتظار والاستئناف، يدفع المرأة للتنازل عن حقوقها والقبول بما يفرضه عليه أخوتها الذكور. موضحاً بأن إجراءات التقاضي الطويلة في المحاكم، تفوق قدرة المرأة على التحمل مادياً ومعنوياً، وأن الذكور يستغلون هذا الأمر لصالحهم، ويتمتعون بما لديهم من أملاك طول مدة التقاضي.

إقرأ أيضاً: في يومها العالمي: المرأة تصارع قساوة العيش في محافظة درعا

تم حرمان أم محمد، 44 عاماً، من الريف الغربي لمحافظة درعا، من حقها في الميراث، حيث توضح أنه بعد وفاة والدها سيطر أشقائها الأربعة على كافة ما ترك لهم الأب من أراضٍ وأموال، وقد ورفض أخوتها تقسيم الميراث حتى لا تحصل على نصيبها مع شقيقتها الأخرى من تلك الأملاك. 

تؤكد أنها لا تملك مالاً ولا طاقةً لمواجهتهم في المحاكم، وتحمل التكاليف الباهظة للقضاء والتنقلات، فهي أرملة وتربي أربعة أيتام، ولا تملك مصدر دخل ثابت، وليس هناك من يقف إلى جانبها، ويقدم لها العون والدعم اللازم، للحصول على حقها في الميراث. 

قام أخوة أم محمد بطردها عندما طالبت بحقها الشرعي، فلجأت إلى وجهاء وأعيان المنطقة، للوساطة وحل تلك المشكلة، دون الحاجة للدخول الى المحاكم ولكن دون جدوى، بينما شقيقتها قبلت بالحلول التي عرضت عليها، وهي الحصول على بعض الأموال مقابل التنازل عن حصتها بشكلٍ نهائي. وفق ما شرحت أم محمد في حديثها مع المراسلة. 

إقرأ أيضاً:  أنت امرأة ليس لك حقّ في الميراث!

عيب اجتماعي 

 لا يقف الأمر عند حرمان المرأة من حقها في الميراث، وإنما يتعدى إلى اعتبار ذلك الأمر، تمرداً وعيباً اجتماعياً، فالعادات والتقاليد المجتمعية السائدة، تعيب على المرأة المطالبة بحقوقها، والنظرة الاجتماعية للمرأة التي تشتكي، وتلجأ للقضاء للحصول على حقوقها، وخاصةً في الأرياف هي نظرة سلبية، ويتم اتهامها بالخروج عن التقاليد الاجتماعية السائدة، كما أن خوف المرأة من القطيعة والبعد عن عائلتها، وحرصها على عدم حدوث نزاعات أو فرقة بين أفراد العائلة، يدفعها إلى التنازل عن المطالبة بميراثها. 

 ‏‏تشرح (الناشطة الحقوقية والإعلامية هناء . م)، بأن جملة من العوامل من بينها العادات والتقاليد تمنع المرأة من المطالبة بحقها في الميراث، إضافة إلى خشيتها من اللجوء إلى القضاء خوفاً من النبذ والإقصاء ونظرة المجتمع السلبية، التي تعد مطالبة المرأة بحقها تمرداً وخروجاً عن التقاليد المجتمعية. 

 ‏وتشير إلى أن حرمان المرأة من حقها في الميراث، تتحكم به العادات والتقاليد الاجتماعية والعشائرية بشكلٍ واضح والمفاهيم المغلوطة، التي تعتبر لجوء المرأة للمحاكم (عيب اجتماعي)، وبذلك تقع المرأة بين خيارين إما أن تختار أسرتها، وبذلك تتخلى عن حقها أو أن تطالب بحقها، وهذا يؤدي إلى فقدان الترابط الأسري، وإلى مقاطعة الأشقاء والاتهام بالخروج عن العرف الاجتماعي. 

 ‏وختمت حديثها مشددةً على أنه لا بد من مواجهة هذه العادات والتقاليد المجتمعية الخاطئة، وتغيير الموروثات الثقافية، حتى يحصل كل ذي حقٍ على حقه دون الدخول في المشاكل أو حصول القطيعة بين الأهل والأخوة، إضافة إلى أهمية تشجيع النساء على المطالبة بحقوقهن دون خوف أو تردد ونشر الوعي بضرورة منح النساء نصيبهن كاملاً في الإرث كحق شرعي وقانوني. وفق تعبيرها. 

الرابط: https://daraa24.org/?p=35190

إذا كنتم تعتقدون بأن هذا المقال ينتهك المعايير الأخلاقية والمهنية يُرجى تقديم شكوى

Similar Posts