الراحة الحورانية مقابلة مع مفضي الكور
السيد مفضي الكور في معمله في ألمانيا والذي يُنتج الراحة الحورانية

تعدّ الراحة الحورانية جزءاً من التراث الحوراني في محافظة درعا. وهي واحدة من أشهر الحلويات التقليدية التي تشتهر بها المنطقة، وتتميز بقوامها الطري ومذاقها اللذيذ، وغالبا ما يُضاف إليها المكسرات، مثل الفستق الحلبي أو النكهات الطبيعية. يعود تاريخ صناعة الراحة في حوران إلى عدّة عقود، حيث كانت العائلات تقوم بإنتاجها باستخدام مكونات بسيطة وطرق تقليدية، ثمّ تطورتْ مع الزمن وتطور الآلة. وبعد العام 2011 وانتشار السوريين في أرجاء الأرض نقل بعض أبناء حوران جزءاً من تراثهم إلى دول اللجوء التي استقروا فيها. 

أحد هؤلاء الشاب “مفضي الكور، أبو عمر” من مدينة درعا، الذي نقل معه الراحة الحورانية إلى ألمانيا ووفرّ هذا المنتج للسوريين وللحوارنة في ذلك البلد وفي أوروبا عامة، وكذلك ساهم في تعريف السكّان الأصليين على هذا المنتج. التقت شبكة درعا 24 “الكور” الذي غادر إلى ألمانيا طالباً للّجوء في العام 2015، برفقة زوجته وأطفاله الأربعة الذين كانوا صغاراً، في رحلة متعبة جداً. 

 بداية رحلة الراحة الحورانية إلى ألمانيا

حين غاد “الكور” درعا، كان قد خرج حديثاً من أقبية سجون الأجهزة الأمنية. ولدى وصوله إلى بلد اللجوء بدأ يبحث عن الاستقرار في حياته، وبدأ يبحث – وفق قوله – عن الراحة الحورانية لا ليعمل بها بل ليأكلها فلم يجد. بدأ الشاب بالبحث لاستكمال رحلة والده الذي كان يعمل في صناعة هذه الحلوى الشهيرة منذ العام 1960 للميلاد. 

يقول الكور: “بحثت عن الراحة بالمحلات لآكلها، ما لقيت، فبدأت أعمل على انتاجها، وبعدها صرت أصنعها للألمان، الذين شجعوني ودعموني إلى أن فتحت المعمل“. 

تُعتبر العائلة هي المساند الأكبر والأساس في هذا المعمل، يقول الكور: “زوجتي هي العمود الفقري بالمعمل، من البداية إيدي وإيدها مع بعض، وأولادنا أيضاً يساعدونا، كلنا نتساعد مع بعض“. يؤكد بأن عائلته تكاتفت كلها وعملوا بأيديهم إلى أن تكلل ذلك بالنجاح. 

صعوبات كثيرة 

واجه مفضي وعائلته صعوبات كبيرة في بداية تأسيس معملهم، وما زال هناك معاناة من بعضها إلا أنه تمكن من تجاوزها، والوصول بأسرع وقت إلى إلى أكبر عدد ممكن من الأشخاص ليتعرفوا على منتجاته: “الحمد لله رب العالمين الآن أحسن من أول بكثير”.

من تلك الصعوبات، ارتفاع أجرة اليد العاملة والتي تمكنت العائلة من تجاوزها من خلال العمل معاً عوضاً عن تشغيل عمال، اليوم الابن الأكبر “عمر” يعتبر مسؤلاً عن الآلات وإصلاحها. ويخطط أن يتوجه لدراسة الهندسة كي يستمر في المستقبل في هذا العمل، الذي لا يبدو واضحاً إن كان الأبناء سيتبعون مسيرة الأب فيه أم لا، يقول الوالد بابتسامة: “إن كانوا سسيستمرون أم لا هو أمر صعب الإجابة عليه لأن الأولاد كلهم يدرسون ومن الاوائل”. 

كذلك من التحديات، عدم تقبّل الألمان في البداية للراحة الحورانية، حيث السبب في ذلك وفقاً لمفضي الكور: “لأنهم يعرفون الراحة التركية القاسية والتي تحتوي الكثير من السكر، لكن بعد تذوق الراحة الحورانية تقبلوها والآن لدينا زبائن كُثر ليس من الألمان فقط بل من جميع الأوروبيين”.

إقرأ أيضاً: راحة درعا صناعة تراثية وأصناف عصرية

إقبال على الراحة الحورانية وإنتاج أنواع جديدة 

لم يغيّر أبو عمر في مواصفات الراحة بل حافظ عليها كما هي، إلا أن المعايير اختلفت، حيث قلل بعض الأشياء وزاد أخرى، وذلك لأن “المواد في أوروبا أصلية 100%، ما فيها غش”، وفق تعبيره.

يُقبل العرب والسوريون بشكل خاصّ على المنتجات التي يصنعها “مفضي الكور” ويشرح حول ذلك: “أكثر البيع لهذه الفئة” ولكنه يستدرك: “نبيع أيضاً لكل أوروبا، ولكلّ الجنسيات، ولدينا وكيل في فرنسا، ونبيع هناك حتى للفرنسيين أنفسهم”. لا يتوقف طموحه عن المزيد من التوسع، حيث كشف أن المعمل ينتج الآن أكثر من 30 منتجاً. 

اقتصر الإنتاج أولاً على الراحة الممسكة العادية، بعدها تطور الأمر بسبب زيادة الطلب في السوق، حيث الراحة بكافة أنواعها، والراحة بجوز الهند والسمسم والرمان والفواكه كافة، وبالفستق الحلبي، واللوزية الهريسة باللوز، وكذلك الملبس بأنواعه. 

إقرأ أيضاً: عبد المؤمن الصلخدي الأول في قسم اللغة العربية في مقابلة مع شبكة درعا24

أما عن الفرق بين صنع الراحة بين سوريا وألمانيا، يقول الكور بأن الاختلاف هنا أن كل شيء في ألمانيا بنظام، والنظافة هي شيء أساسي: “يمكن إغلاق المعمل في حال وجود أي خطأ، ويصوروه وينشروه بالجريدة. النظافة هنا يجب أن تكون 100%، وكل شي بنظام، إذا لم يكن الأمر كذلك تفشل فوراً”. 

يختم الشاب الذي نقل هذا المنتج التقليدي إلى ألمانيا، أنه يشعر أن أهل سوريا بشكل عام وأهل حوران بشكل خاص فخورون بما فعله. لذلك يعتبر هذا المعمل لأهل سوريا عامة ولأهل حوران خاصةً. ويختم حديثه: “لهذا سمّيته (درعا) كون أهل درعا هم المشهورين بالراحة، وهذا المعمل لأهل درعا وليس لي”.

رابط المقابلة: https://daraa24.org/?p=44162

موضوعات ذات صلة