جرائم الشرف

قُتلت شابّة من مواليد 1997 وهي أم لأربعة أطفال، في مدينة طفس في الريف الغربي من محافظة درعا، بتاريخ 3 / أكتوبر/ تشرين الأول 2023، والمُتهمين بقتلها – فوق القبر الذي دُفنت فيه – هم أبناء عمها أشقاء زوجها، مبررين قتلها تحت مُسمّى (جرائم الشرف وغسل العار). 

تفاصيل الجريمة

تابعت درعا 24 هذه القضية منذ مقتل الشابة، وتواصلت مع ذويها، ومع العديد من المصادر في مدينة طفس، ومع عدد من رجال الدين في المحافظة، وتريثت في النشر حتى تتضح حقائق الجريمة.

كما تواصلت الشبكة مع العديد من الأشخاص من أبناء مدينة طفس، ومع أقارب الشابة، وأقارب أبناء عمها المُتهمين بقتلها، وقد أبدى غالبيتهم عدم رغبتهم بالحديث، واكتفوا بعبارة “الستر أفضل”!

وقد أكد معظمهم أنه لم يثبت أبداً بأنه تم القبض على الفتاة والشاب في مكان واحد، وأشاروا إلى وجود محادثات مع المُتهم في هاتف المغدورة، على الرغم من عدم تأكيدهم لذلك الأمر أيضاً.

وأكد أحد هؤلاء الأشخاص بأنه تم قتل الشابة ودفنها بالسر، ودون تغسيل أو تكفين أو الصلاة عليها، أو حتى إذاعة خبر الوفاة في الجوامع، وطبعا لم يتم إقامة بيت عزاء لها.

إقرأ أيضاً: بداعي “الشرف” مقتل سيدة في ريف درعا الغربي

ولدى سؤال مراسل درعا 24 لأحد الوجهاء في مدينة طفس والذي رفض الأمر جملة وتفصيلاً، عن دور لجنة الإصلاح التابعة للجان المركزية والتي تضم شيوخ ووجهاء من المحافظة قال: «لم تُحرّك لجنة الإصلاح ساكناً، حيث رفض القتلة تدخل أي شخص في القضية، بما فيهم قادة في اللجنة المركزية».

أضاف: «طبعاً هذا الأمر لا يعفيهم من المسؤولية أبداً، فقد تدخلوا لحل العديد من المشاكل، ولكنها تخص “القيادات” فلطالما سعت لجنة الإصلاح للتدخل وحل المشاكل التي تحدث معهم فوراً كمحاولة اغتيال أبو حيان حيط قبل فترة، حيث عقدت محكمة، لمحاكمة المتهمين بعد أيام قليلة من الحادثة، وأما القضايا والمشاكل التي تخص المدنيين فيتم للأسف إهمالها». 

وأكد بأن الغالبية من أهالي طفس خاصة وحوران عامة يرغبون بعودة مخافر الشرطة لأنها ستكون قادرة على التدخل واعتقال الجناة، وطبعاً هذا لن يتحقق في ظل انتشار السلاح.

إقرأ أيضاً: العنف ضد المرأة: المجتمع يهاجمها والقانون لا يحميها

 هم القاضي والحاكم والجلاد

اتصل مراسل درعا 24 بشقيق الضحية، الذي أكد أن ما حصل جريمة، وهناك أمر مخفي وراءها، وقال: “القتلة هم الشاهد والحاكم والجلّاد، لم يحضر محاكمتها أحد سواهم، ولم يسمحوا لنا بالتواصل معها، وقالوا لنا بأن هناك مراسلات في هاتفها مع شاب، وطلبنا منهم أن نرى المراسلات، لكنهم رفضوا ذلك”. 

أضاف: “أبلغناهم أننا نريد التواصل معها، ومعرفة الحقيقة، لكنهم لم يقبلوا، فأخبرناهم بأننا سنعود إلى المدينة، وكل ما عليكم هو تركها في بيت أهلها، ونحن من يحاسبها، ولكن تفاجأنا بعد ساعات بقتلها ظلماً”. 

موضحاً، بأن أخته “الضحية” وحيدة في مدينة طفس، وبقية العائلة في الأردن، وزوجها في ألمانيا منذ سنة تقريباً، مؤكداً بأن هناك أقارب آخرين من جهة والدتهم موجودين في المدينة، ولكن لم يتم التواصل مع أي أحد منهم.

 هل تُقتل من عُثر على محادثات لها مع شاب؟

توجهت درعا 24 بهذا السؤال لأكثر من رجل دين في المحافظة، وكانت أجوبتهم شبه متطابقة، حيث أجمعوا بأن حدود الله واضحة، ولا يجوز قتلها بكل الحالات، خاصة بعدم وجود قضاة وأشخاص لهم دراية وعلم في الشريعة الإسلامية، ويقع على القائمين على قتلها إثم كبير.

وأكد أحد المشايخ: “شروط إقامة حد الزنى في الإسلام صعبة التطبيق، وقد يصل إلى الاستحالة حتى لا يصبح اتهام الناس بالزنى أمراً سهلاً، فالإسلام يحتاط في ثبوت الحد والقاعدة أنّ درء الحدود بالشبهات أولى، ويُشترط لإقامة الحد على الزاني شروط منها الإيلاج، فلا يُقام الحد على من قَبّل أو من قام باللمس، وانتفاء الشبهة.

وتابع بأن ثبوت الزنى لا يكون إلا من خلال طريقتين، إقرار الرجل أو المرأة بفعل الزنى أو بشهادة أربعة رجال عُدول ثقات يشهدون بدخول القضيب بالفرج، رأي العين المباشر.

إقرأ أيضاً: المرأة في درعا، انتهاك حقوقها، وقتلها في حالة الغضب!

 ما رأي القانون؟

تواصل مراسل درعا 24 مع المحامي سليمان القرفان لمعرفة الرأي القانوني حول ما يسمى ’جرائم الشرف‘ حيث قال: “بحسب قانون العقوبات السوري لم يعد هناك ما  يسمى جرائم شرف بل أصبحت كجرائم القتل العمد، وذلك بعد إلغاء المادة 548 من قانون العقوبات السوري المتعلقة بمنح عذر مخفف بجرائم الشرف”.

وأضاف القرفان بأنّ عقوبة القتل العمد بحسب القانون الّسوري تصل للإعدام لكن بعد أسباب مخففة تقديرية تُقرها المحكمة يتم الحكم على أغلب الجرائم بالمؤبد.

أما فيما يخص قضية الشابة قال المحامي سليمان القرفان: “أنّ قتلة الشابة يتم محاكمتهم محاكمة جرائم القتل العمد، وحتى لوكان القانون السوري قبل التعديل لازال سارياً إلى الآن يُطبق عليهم نفس الحكم وهو القتل العمد وذلك لأنهم ليسوا ممن كان لديهم عذر مخفف فيما يخص قضايا الشرف، ولأنهم ليسوا من الأصول أو الفروع بالنسبة للضحية”.

لم تكن جريمة مقتل هذه الشابة هي الوحيدة بل قُتلت شابة أخرى في مدينة طفس قبل قرابة عام ونصف، في قضية مشابهة، وقد تم قتلها ودفنها دون أي إعلان عن موتها ودون إقامة جنازة لها أيضاً. ولا يتم توثيق هذه الجرائم بل من المستحيل توثيقها، حيث تُقتل النساء وتُدفن دون شواهد على قبورهن، ويُقتلنَ في بعض الحالات برصاصة يُزعم أنها طائشة من سلاح أحد الذكور في العائلة نفسها، ثم يتم التستر على الجريمة، وكأن شيئاً لم يكن.

الرابط: https://daraa24.org/?p=34418

إذا كنتم تعتقدون بأن هذا المقال ينتهك المعايير الأخلاقية والمهنية يُرجى تقديم شكوى

Similar Posts