درعا في مواجهة السطو المسلّح: عشرات البلاغات ولا ردع فعلي

درعا في مواجهة السطو المسلّح: عشرات البلاغات ولا ردع فعلي
درعا في مواجهة السطو المسلّح: عشرات البلاغات ولا ردع فعلي

تتواصل عمليات السطو المسلّح في محافظة درعا بوتيرةٍ لافتةٍ، ممتدّةً من المدن الرئيسيّة إلى القرى البعيدة. وعلى الرغم من تغيّر المشهد الأمنيّ بعد سقوط النظام، ما يزال السكّان يواجهون خطر السّرقة تحت تهديد السّلاح؛ إذ ينفّذ الجُناة هجماتهم غالباً وهم ملثّمون، مُدجُّجون بالسّلاح، ولا يتردّدون في إطلاق النّار عند أدنى مقاومة. وتزداد خطورة هذه العمليات مع قدرة العصابات على التنقّل بسهولة بين معظم المناطق، دون وجود ردع فعلي يحدّ من نشاطها.

في آخر الإبلاغات الواردة إلى شبكة درعا 24، كانت حادثة في بلدة الجيزة شرقي درعا، حين كان أحد أبناء البلدة عائداً إلى منزله ليعترضه مسلّحان يستقلّان دراجتين ناريتين. حاول أحدهما سرقته والفرار سريعاً، لكنّ مقاومة الشّاب دفعت اللصَّان إلى إطلاق النّار في الهواء بشكلٍ عشوائيٍّ. ومع أوّل رصاصةٍ، علتْ أصوات الجيران من البيوت المجاورة، وخرج أهالي الحي إلى الشارع، فتحوّلت اللحظة إلى فوضى من الرصاص العشوائيّ، قبل أنْ يلوذ المهاجمان بالفرار تاركَين الشّابَ ينجو بأعجوبةٍ.

ولم تختلف الصورة كثيراً في بلدة أبطع وسط المحافظة. فعند سدّ البلدة هاجم مجهولان ملثّمان يافعَيْن لم يبلغا بعد الثّامنة عشر، سلبا دراجة نارية وهاتفاً محمولاً بعد الاعتداء عليهما بأعقاب البنادق، ثمّ أطلقا النّار باتجاههما قبل أنْ يلوذا بالفرار.

يقول أحد أقارب اليافعَيْن لمراسل درعا 24:

“بعد سرقتهما ضُربا حتى كُسرت عظامهما”.

خلال الأشهر العشرة الأولى من عام 2025، سجّلت مفرزة أمنية واحدة شرقي درعا نحو 60 تبليغًا بعمليات سطو مسلّح، وفق ما أكّده مصدر أمني لشبكة درعا 24 .

الجدول التالي يُظهر عيّنة من تلك الحوادث التي وثّقتها درعا 24 ميدانياً منذ بداية العام حتى منتصف تشرين الثاني/نوفمبر، موزّعة بين ريفي المحافظة الشرقي والغربي، وتنوّعت بين سطوٍ على محال تجارية، وتشليح دراجاتٍ وشاحنات، ومحاولات قتلٍ وسرقةٍ بالقوة.

التاريخالمكاننوع الحادثةالوصف المختصر
شباط 2025بلدة النعيمة – شرق درعاسطو مسلّح على محل تجارياستهداف “مؤسسة المختار” وسرقة نحو 15 ألف دولار ثم الفرار بسيارة مموهة.
نيسان 2025الأوتوستراد الدولي – قرب تبنةتشليح بالقوةمجموعة مسلحة (حوالي 7) على دراجات نارية اعتدت على شاب من بصرى الشام وسلبته على الطريق العام.
أيار 2025ريف درعا الغربيقتل إثر سطومقتل صيدلاني بإطلاق نار بعد تعرضه لمحاولة سلب في محيط بلدة المزيريب.
25 أيلول 2025 (أُعلن 6–7 تشرين الأول)طريق جاسم – إنخلسطو مسلّح على تاجر مجوهراتسطو على تاجر ذهب؛ لاحقاً استعادة نحو 16.8 كلغ من الذهب بعد عملية أمنية واشتباك.
أواخر تشرين الأول 2025خربة غزالة – الأوتوستراد الدوليمحاولة سطو على دراجة ناريةتعرض شاب من منطقة اللجاة لإطلاق نار في ساقه قرب جسر خربة غزالة خلال محاولة سطو.
تشرين الأول 2025خربة غزالة – الأوتوستراد الدوليإصابة إثر تشليحإصابة الشاب سعد سليم محمد بطلق ناري بعد تعرّضه للسرقة قرب الجسر.
تشرين الأول 2025ناحتة – شرق درعاإطلاق نار أثناء تشليحإصابة ربيع عدنان الحريري بطلق ناري خلال محاولة سلب دراجته.
تشرين الأول 2025ريف درعا الشرقيإلقاء القبض على متهمينالأمن العام ألقى القبض على اثنين من منفذي عمليات سرقة وسطو متكررة.
مطلع–تشرين الثاني 2025طريق ناحتة – الكركمحاولة سلب تحت تهديد السلاحتعرّض مدني لمحاولة تشليح من قبل مجهولين يستقلون دراجتين ناريتين.
10 تشرين الثاني 2025سدّ أبطع – ريف درعا الغربيسطو وتشليح على يافعينمجهولان ملثمان اعتديا على شابين في السد، ضرباهم وأطلقا النار وسلبا دراجة نارية وموبايل.
11 تشرين الثاني 2025شرقي نوى (تل حمد)محاولة سطو مسلح على شاحنةمحاولة اعتراض شاحنة محملة بالحديد بإطلاق نار على الإطارات؛ السائق تمكن من النجاة ومواصلة الطريق.

لا تتوقف البلاغات عن حالات السّرقة، وفي نهاية أكتوبر الماضي تلقّت درعا 24 شكوى من مندوب إحدى شركات التوزيع الذي تعرّض لعملية سطوٍ أثناء مروره على طريق الطيبة – الجيزة. وروى المندوب أن مسلّحين على دراجتين أوقفوه تحت تهديد السّلاح وسلبوه ما بحوزته من أموالٍ وهواتف، ثم حاولوا الاستيلاء على سيارته وبضائعه، لكنهم فشلوا بعد أن أخفى المفاتيح.

وقال إنّه تتبّع موقع أحد الهواتف المسروقة عبر نظام التتبع، لتظهر إشارات متلاحقة في عدة بلدات شرقي درعا: الطيبة، صيدا، الغارية الشرقية، الحراك، علما، بصر الحرير، ومحجّة.  ووفق إفادته، نفّذت دوريات الأمن الداخلي مداهمة في إحدى تلك النقاط، لكن المهاجمين غيّروا مسارهم عبر طرق ترابية وغادروا قبل وصول القوات.

ويشير الشاب في وصفه للمسلحين:

“كانوا مزوّدين ببنادق ومسدسات ويتنقّلون بسهولة بين أكثر من عشر قرى رغم كثرة الحواجز الأمنية”.

مشاهد السطو المسلّح ليست جديدة

لا تبدو هذه المشاهد جديدةً على سكّان المحافظة. فمنذ عام 2018 وما بعده، تمددتْ ظاهرة السّطو المسلّح بفعل انتشار المخّدرات وازدياد عدد المتعاطين، الّذين يدفعهم الإدمان إلى ارتكاب جرائم سريعة لتأمين ثمن المادّة. ويُضاف إلى ذلك الفراغ الأمنيّ، إذ لا تغادر بعض وحدات الشرطة مقراتها بعد الغروب، ما يترك المدن بلا حماية طوال ساعات الليل.

كما يلقي الفقر والبطالة بثقلهما على الشباب، فيدفعان بعض الناس إلى طرق كالسطو والسرقة، بينما توفّر الدراجات النّاريّة وسيلةً مثاليّةً للهجوم والهروب عبر القرى والطرق الزراعيّة دون ترك أثرٍ، وهي الوسيلة نفسها المستخدمة في عمليات الاغتيال والاستهداف التي تحدث بشكلٍ متكرّرٍ.

قلق عام

تواجه درعا اليوم واقعًا أمنيًّا هشًّا تتكرّر فيه عمليات السّطو والاغتيالات والاستهدافات رغم كلّ التحوّلات السياسية بعد سقوط النظام. ومع بقاء فوضى السّلاح والدراجات النّاريّة بلا ضبط، واستمرار نشاط بعض شبكات المخّدرات، تتسع دائرة الجريمة ويزداد شعور الناس بفقدان الأمان.

ويرى العديد من السكّان الّذين تحدّثت إليهم درعا 24 أنّ الجريمة باتتْ أقرب إلى جزءٍ من الحياة اليوميّة، فالاغتيالات مستمرة وعمليات القتل للسطو والسرقة مستمرة، ومن وجهة نظرهم فإنّ ما يُسرقُ ليس ممتلكاتهم فقط، بل إحساسهم بالأمان والثقة بالسلطات الّتي ينتظرون منها حمايةً فعليّةً.

ومع كل حادثة جديدة، يعود السؤال الأكثر حضورًا في المحافظة:

متى تنتهي هذه الفوضى؟ وهل يشهد الواقع الأمني في درعا تحسّنًا قريبًا؟

الرابط: https://daraa24.org/?p=55231

موضوعات ذات صلة