تأجيل المطلوبين على الخدمة العسكرية لمدة عام
تأجيل المكلفين بالخدمة العسكرية لمدة عام (دفتر خدمة العلم في سوريا)

يتخوّف آلاف الشباب في محافظة درعا من الملاحقة الأمنية، بعد انتهاء مدة التأجيل عن الخدمة العسكرية الإلزامية، التي تم منحها للشباب في محافظتي درعا والقنيطرة في مطلع نيسان / أبريل من العام الماضي، ومن لم يفلح منهم بمغادرة المحافظة باتجاه دول أخرى، سيكون محكوماً عليه بالبقاء ضمن رقعة جغرافية صغيرة، لا يستطيع مغادرتها وسط حالة من الخوف من بدء ملاحقة المتخلفين ضمن قراهم، أو على الحواجز العسكرية والأمنية. 

انتهاء مدة التأجيل

حصل المطلوبون للخدمة العسكرية الإلزامية على تأجيل لمدة عام بموجب القرار رقم 5343 الصادر عن مديرية التجنيد العامة في نيسان 2021، وذلك في إطار ما أسمته السلطات حينها بالتسويات لترسيخ المصالحة في الجنوب السوري.

 كان هناك إقبالاً كبيراً على تسيير معاملات التأجيل، والحصول على إذن سفر، وتم استغلال هذا الإقبال الكبير من قبل الضباط والعناصر العاملين ضمن الشُعَب، حيث بدأت الرشاوى والمحسوبيات كما هي العادة في كل دوائر الدولة، واستقبلت درعا 24 حينها العديد من الشكاوى بهذا الخصوص، حيث يدفع الشاب للضباط مبلغاً قد يتجاوز الـ 50 ألف ليرة سورية، فضلاً عن دفعهم رشاوى أخرى للعناصر للدخول إلى مبنى الشعبة.

إقرأ أيضًا: رئيس شعبة تجنيد مدينة درعا، يتلّقى رشوة بمقدار 30 ألف على الدفتر الواحد وبشكل علني

في حين تبع عملية التأجيل سلسلة من الفساد والمحسوبيات والرشاوى في مكتب الهجرة والجوازات، حيث كانت رسوم إصدار جواز السفر حينها، 70 ألف ليرة سورية، ولكن هناك رشاوى تفوق هذه الرقم بكثير، تلقاها العاملون في الهجرة والجوازات بدءاً من العناصر على باب المبنى وصولاً إلى ثمانية مكاتب يجب الدخول عليها، يتم فيها دفع رشاوى في كل مكتب لا تقل عن 5 آلاف ليرة سورية. 

إقرأ أيضًا: فساد ورشاوى في الهجرة والجوازات في محافظة درعا

إقرأ أيضًا: جواز السفر: التكلفة الرسمية حبر على ورق، والرشاوى أضعاف مضاعفة

بيد أن القرار كان له بُعد آخر برأي كثيرين، حيث اعتبروه محاولة لتفريغ الجنوب من الشباب. فبعد فتح باب الحصول على تصاريح السفر والجوازات، تمكن العديد من مغادرة سوريا إلى دول أخرى. يعلق على ذلك المحامي «سليمان القرفان» من أبناء محافظة درعا في تصريح لمراسل درعا 24، بأنّه من الواضح أن لدى النظام في سوريا والمليشيات الموالية لإيران، مشروع يقتضي إفراغ الجنوب من الشباب، لتتمكن من بسط نفوذها على الجنوب السوري بالكامل، وإعداده كمنطلق لتهريب المخدرات الى الأردن ودول الخليج، وهذا ما يُبرر الفلتان الامني في الجنوب، وكثرة عمليات الاغتيالات لإرغام جميع الشباب على الهجرة، وترك الجنوب لقمة سائغة للمليشيات الإيرانية لبسط نفوذها عليه. مُستبعداً أن يكون لدى الروس هذه المرة النية في التدخل للضغط على النظام لتمديد فترة التأجيل عن الخدمة العسكرية، ويعتقد بأن هذا مرده إلى انشغال روسيا بغزوها لأوكرانيا وتوقعاتها بانها قد تحتاج الى تجنيد مرتزقة من كافة المناطق التي تمارس نفوذها فيها. 

إقرأ أيضًا: هجرة الشباب، مجازفة بالأرواح لمغادرة حوران للحصول على حياة أفضل

تجديد رفض الالتحاق

شهدت محافظة درعا موجة هجرة كبيرة، وكانت أبرز الدول التي تمكن شباب الجنوب السوري من السفر إليها هي بيلاروسيا وليبيا ولبنان والإمارات ومصر وغيرها من الدول التي وافقت على منح تأشيرة للسوريين. فيما الكثير منهم – وإن اختلفت توجهاتهم السياسية – فضّلوا العيش في هذه الدول في ظل ظروف سيئة في أغلب الأحيان، ومن ثمّ الانتقال منها لدول أخرى، وذلك تجنبًا للعودة والإجبار على الالتحاق بالخدمة العسكرية الإلزامية. 

فيما أعلنت جهات رسمية في محافظة درعا عن قرار جديد يقضي بالبدء بإجراء تسوية للعسكريين الفارّين والراغبين بتسوية أوضاعهم وذلك يومي الأربعاء والخميس الموافق 20- 21 نيسان لعام 2022. وجاء في القرار بأنّه “نظراً لاقتراب انتهاء المدة الممنوحة وتسهيلاً للإجراءات اللازمة والضرورية بحق العسكريين الفارين من وحداتهم سيتم افتتاح مركزاً لاستقبال العسكريين الفارين والراغبين بتسوية أوضاعهم”. وبأنه سيتم تزويد العسكريين بقرارات ترك قضائية تصدر عن السيد قاضي الفرد العسكري بدرعا ومنحهم المهمات اللازمة من أجل الالتحاق بوحداتهم خلال مهلة قانونية مدتها 15 يوماً من تاريخ الاستلام.

يؤكد الشاب (خالد، 20 عام) بأنه لم يتمكن خلال العام الماضي من استخراج جواز السفر على الرغم من حصوله على التأجيل وإذن السفر، لأن استخراجه تطلّب مبلغًا طائلًا عجز عن تأمينه، والحجز لاستخراجه على المنصة كان في غاية الصعوبة، بسبب الضغط عليها، وسوء الإنترنت، والمنصة بحد ذاتها. 

اليوم يجدد خالد رفضه الالتحاق بالخدمة الإلزامية، لأنه لا يرى فيها سوى موته، أو اعتقاله من قبل الأجهزة الأمنية. ويتخوف من بدء ملاحقته أمنيًا، وخوفًا من ذلك قرر البقاء في بلدته، وعدم المرور على الحواجز العسكرية والأمنية مطلقًا. يقول بأنه يمكن أن تكون هذه حماية مؤقتة فقط، وربما تصبح الملاحقة أيضًا ضمن القرى. 

الواقع الأمني والمعيشي جعل الهجرة هاجس معظم الشباب في درعا

الالتحاق قد يؤدي للموت أو الاعتقال

يأتي تخوّف الشباب من الالتحاق بالخدمة العسكرية، من يقيْنِهم بأنّ خدمتهم ضمن أي جهة عسكرية في ظل هذه الظروف لن يُسهم في مساعدة البلاد في شيء، بل ربما سيتعرض من يلتحق بالخدمة لفقدان حياته، مما يجعل خيار الهجرة الخيار الوحيد المتاح.

 يؤكد المحامي “القرفان” بأن رفض الشباب الالتحاق بالخدمة العسكرية يعود لعدة أسباب أهمها خطورة الوضع، والتخوف من عواقب التحاقهم، كذلك عدم وجود مدة محددة لنهاية الخدمة الإلزامية، وبالتالي بالغالب قد تستمر الخدمة لأكثر من ست أو سبع سنوات دون تسريح. كما بشير إلى عدم ثقة الشباب بالمنظومة القائمة، وبالتالي لا يعفي الالتحاق بالخدمة العسكرية الالزامية من الاعتقال، يقول: «لقد شهدنا اعتقالات لعدد كبير من أبناء المحافظة من ثكناتهم العسكرية التي التحقوا بها».

فيما يوضح بأن هناك ثقافة في المجتمع “الدرعاوي” بالمجمل، أنه لا يلتحق بالخدمة العسكرية إلا الأشخاص المنبوذين اجتماعياً (حسب تعبيره) وبالتالي فأن هذا الأمر -بالنسبة للغالبية-، بات ينظر إليه وكأنه عار. 

إقرأ أيضًا: الافراج عن عدد من المعتقلين في محافظة درعا

(عبد الكريم، 32 عاماً، من إحدى بلدات غربي درعا) أوضح في حديث لمراسل درعا 24 بأنّ شقيقه انشق عن الجيش في العام ،2016 وفي العام 2018 أجرى تسوية، وسارع للالتحاق بالخدمة الإلزامية، وانقطعت أخباره بشكل كليّ، إلى أن توجهت زوجته لتسجيل ابنها في السجل المدني، فتم إبلاغها بوفاته. 

يضيف: «تواصل معنا فيما بعد شاب آخر كان معه في أحد سجون الأجهزة الأمنية، تم الإفراج عنه لاحقاً، وأخبرنا بأن شقيقي تم اعتقاله بعد التحاقه بالخدمة مباشرة، وبأنّه تعرض للتعذيب الذي أدى إلى موته خلال أيام قليلة».

إقرأ أيضًا: مرسوم تشريعي يعفو عن مرتكبي الجرائم، ولا أخبار عن المعتقلين في سجون الأجهزة الأمنية!

 يشار إلى أنّ هناك العديد من المواطنين يختارون الهجرة خارج البلاد ليس فقط هرباً من الملاحقة الأمنية أو من الخدمة العسكرية بل أيضاً بسبب الحالة الأمنية في محافظة درعا بشكل خاص والتي تعتبر في غاية السوء، حيث عمليات السطو والاغتيالات لا تتوقف في المحافظة، حيث تم توثيق سقوط ملا يقل عن 51 ضحيةً خلال شهر آذار الماضي، بينهم 26 مدنياً. وذلك فضلاً عن سوء الأوضاع المعيشية والبطالة التي تعاني منها عموم البلاد، والتي تدفع بالمزيد من الأهالي باتجاه خيار الهجرة.

رابط التقرير: https://daraa24.org/?p=22551

Similar Posts