ما تزال بلدة الطيبة في الريف الشرقي من محافظة درعا، البالغ عدد سكانها 17 ألف نسمة، تعاني منذ أكثر من ثلاث سنوات، من عدم وصول مياه الشرب عبر الشبكة الرئيسية إلى المنازل، وتلقتْ درعا 24 عبر بريد صفحتها على فيس بوك عشرات الشكاوى من هذه البلدة، وتم نشر أولها منذ ما يقارب ثلاث سنوات. يشكّل هذا الأمر عبأً كبيراً على الأهالي من الناحية المالية، ومن الناحية الصحية أيضاً؛ حيث لا يثقون بأن المياه التي يشترونها بأثمان مرتفعة، نظيفة وصالحة للشرب.
تحدث مراسل درعا 24 مع عدد من الأهالي في بلدة الطيبة، أكد غالبيتهم بأنهم منذ العام 2019 – 2020 لم تصلهم مياه الشرب عبر الشبكة، وأنهم يعتمدون على الصهاريج، والتي عبّروا عن تخوفهم من عدم نظافتها، لافتين إلى أن أسعارها تترواح بين الـ 90 ألف وتصل إلى أكثر من 100 ألف.
اقرأ أيضاً: جفاف آبار مياه الشرب في محافظة درعا
تبرعات واجراءات حكومية
قال أحد المواطنين في شكواه بأنه “تم إطلاق أكثر من فزعتين (تبرعات) لترميم جميع الآبار الجافة، وقد تم جمع مبالغ كبيرة، وتم العمل على ترميم الآبار الموصولة على الشبكة الرئيسية، وتم الانتهاء من قسم من العمل، لكن لم تتم المتابعة لعدم الكفاية المالية، وبسبب سرقة أكبال الكهرباء”. مستنكراً بأن خدمات مثل مياه الشرب، بدلاً من تقديمها من قِبل الدولة، أصبح الأهالي يسعون لتأمينها عن طريق التبرعات.
ألقى الأهالي في حديثهم مع المراسل – حول وضع المياه – باللوم على المجلس البلدي، مؤكدين غياب من يطالب بحقوق بلدتهم، وأوضح أحدهم بأنه في وقت سابق تقدّم بعض المغتربين من أبناء البلدة لترميم آبار، واشترطوا أن يتم الترميم عن طريقهم، ثم تسليمه للبلدية ومؤسسة المياه، ولكن قوبل ذلك بالرفض، وطالبت البلدية باستلام المال وأن تعمل هي على الترميم، مما أدى إلى عدم استمرار العمل على ذلك.
رممتْ مؤسسة المياه في وقت سابق بئر بالقرب من محطة المياه في البلدة، إلا أنه لم يُوضع في العمل، لأن كمية المياه، التي تم الحصول عليها، لم تكن كافية للضخّ. وقال عدد من الأهالي بأنه ومن أجل ترميم هذا البئر والآبار الأخرى، توجهوا لمحافظ درعا، ولم يكن ذلك عن طريق البلدية.
رأي المجلس المحلي
بدورها السيّدة ماريا الزعبي رئيسة المجلس البلدي في بلدة الطيبة أكدت لمراسل درعا 24 بأن البلدة ما تزال تعاني من انقطاع مياه الشرب منذ أكثر من ثلاث سنوات، وتوقف محطة مياه الشرب بشكل كامل وهي خارج الخدمة. لافتةً إلى أن “بلدة الطيبة تشرب مياه كبريتية، والتي أدت لانتشار وباء الكبد الوبائي الفيروسي والجرثومي”.
وأوضحت بأن سبب انقطاع المياه كل هذه المدة هي الحفر العشوائي المستمر حول آبار مياه الشرب العائدة لمحطة البلدة، وانقطاع التيار الكهربائي “بحجة القاطع الترددي والتعديات على الخط المغذي لصالح محطة الشرب”. وأضافت أنه من الأسباب الأخرى، توقف جميع الابار عن الخدمة بسبب تركيب غواطس مستعملة وغير صالحة للخدمة وغير مناسبة لغزارة المياه بالآبار.
وعن الإجراءات التي تم اتخاذها حتى اليوم فقد أوضحت الزعبي للمراسل بأنه تمت المتابعة مع محافظة درعا ومؤسسة مياه الشرب منذ أكثر من ثلاث سنوات دون جدوى. مشيرةً أنه “بعد اجتماع الأهالي مع السيد المحافظ والإيعاز بحفر بئر استباقي، وتم الحفر ولكن دون جدوى. والتقى الوجهاء مع السيد المحافظ مرة ثانية وتم الإيعاز بحفر بئر خارج المحطة بأراضي كحيل، وتم حفر البئر منذ أكثر من شهرين ولغاية اليوم لم يتم استجرار المياه إلى المحطة، علماً أنّه تم مراسلة الجهة المنفذة للمتابعة بأسرع وقت”.
مدير مؤسسة المياه
أما مدير عام مؤسسة مياه الشرب والصرف الصحي في درعا، المهندس مأمون المصري، فقد صرّح لصحيفة تشرين الرسمية – في السابع من كانون الأول 2023 – بأنه في إطار السعي للحلّ قامت المؤسسة ضمن خطتها بحفر بئر في أراضي بلدة كحيل لصالح الطيبة، وكانت النتائج إيجابية، حيث تبلغ الغزارة وسطياً ٣٠م٣ بالساعة.
اقرأ أيضاً: مياه الشرب في مدينة نوى مشكلة متجددة
حلول مطروحة
أكدت رئيسية البلدية للمراسل بما يخص البحث عن حلول واتخاذ إجراءات بأنه “تم مراسلة السيد محافظ درعا، لكي يوجه مديرية زراعة درعا لترميم بئر القاعدة، كونه بئر مستثمر منذ أكثر من 15 سنة، لتحويله لمحطة مياه للشرب لبلدة الطيبة، وما زلنا نتابع مع وجهاء البلدة للإيعاز وإيجاد الحلول لحل هذه المشكلة”.
فيما نقل مراسل درعا 24 بأنه خلال الفترة الماضية زارت منظمة نرويجية بلدية الطيبة، وتم الاجتماع معها بحضور بعض الأهالي، وبعد ذلك بأيام توجه فريق من المنظمة ومهندسين ومسؤولين آخرين، وأجروا كشف على أحد الآبار، لتجهيزه وصيانة المحطة بشكل كامل، ولرفع ذلك للجهة المانحة.
في حين أكد أحد الوجهاء، بأنه أجتمع الأهالي منذ فترة وجيزة، وتم تشكيل لجنة من المجتمع المحلي لتفعيل حلول لمشكلة الآبار وترميمها بجهود أبناء البلدة، وقد باشرت اللجنة عملها. موضحاً أنه في البلدة أربعة آبار قديمة، إذا تم تفعيلها سيتم تغطية ما يقارب 65% من أحياء البلدة. وختم حديثه: “يجب أيضاً أن نكون جميعاً يداً بيد، لإزالة التعديات الموجودة على خط الضخ الرئيسي”.
اقرأ أيضاً : مشكلة مياه الشرب منذ سنوات طويلة بلا حلول، هل تعطش درعا؟
لا تعتبر بلدة الطيبة هي البلدة الوحيدة في المحافظة التي تعاني من انقطاع مياه الشرب وعدم وصولها إلى المنازل عبر الشبكة أو وصولها بشكل جزئي ومتقطع، بل غالبية مدن وبلدات المحافظة تعاني من هذا النقص، ويضطر الأهالي لتعويضه إلى شراء صهاريج المياه بأثمان مرتفعة. فيما تم تنفيذ العديد من المشاريع لترميم الآبار وتحسين الضخّ للمنازل، من خلال حملات تبرعات (فزعات) نفذها المجتمع المحلي تحت عنوان “سقيا الماء” نجح بعضها بإيصال المياه لبعض الأحياء، إلا أن غالبيتها كانت عبارة عن حلول آنية إسعافية، وما يزال غالبية الأهالي في المحافظة يعتمدون على شراء الصهاريج.
اقرأ أيضاً: أزمة مياه الشرب في درعا تتضاعف بارتفاع أسعار الصهاريج
الرابط: https://daraa24.org/?p=36886
إذا كنتم تعتقدون بأن هذا المقال ينتهك المعايير الأخلاقية والمهنية يُرجى تقديم شكوى