فقدان الدواء وارتفاع الأسعار

يواجه أهالي محافظة درعا صعوبات كبيرة في الحصول على عدة أنواع من الأدوية، بسبب فقدانها من الصيدليات وخاصة أدوية علاج الأمراض المزمنة، مثل مرض القلب والسرطان والسكري والأدوية العصبية وغيرها، حيث تعاني معظم المشافي والمراكز الصحية في سوريا من نقص حاد في الأدوية الضرورية والمستلزمات الطبية، مما بات يسبب أزمة حقيقية عند من يعانون من هذه الأمراض، حيث لا يتوفر لدى المرضى إمكانية الوصول إلى الأدوية، التي يحتاجون مع عدم توافر البدائل لتلك الأدوية. 

ووفقاً لتقرير لصحيفة الوطن شبه الرسمية، فقد فُقدتْ أدوية السرطان من مشافي القطاع العام بمحافظتي حماة واللاذقية ومشفى البيروني الجامعي بدمشق وريفها، وقد أكد معاون مدير عام مشفى البيروني الدكتور «محمد العواك»، إن بعض الأصناف المخصصة لعلاج الأورام الخبيثة غير متوفرة حالياً. موضحاً، أنه يتم تأمين الأدوية السرطانية أو البيولوجية الهرمونية في المشفى بشكل عام عن طريق استجرار المركزي من وزارة الصحة والمؤسسة العامة للتجارة الخارجية (فارمكس)، والأخيرة هي المسؤولة عن المناقصات واستجرار كل أنواع الأدوية، ضمن أطر قانونية معينة يتم من خلالها إرساء العروض على بعض الشركات، وبحسب الصنف الدوائي الذي تنتجه كل شركة ويتم توريده تباعاً إلى المشفى.

وأوضح أنه منذ فترة بسيطة توفر في المشفى أكثر من 80% من جميع أصناف الأدوية، بما فيها الأجنبية، لكن مع الاقتراب من فترة نهاية العام تبدأ الأدوية بالنفاذ. وأرجع سبب التأخير بتوريد الأدوية إلى المستشفى يأتي نتيجة التأخير بالاستلام والتسليم، وبسبب الأنظمة والإجراءات القانونية وعقود معينة تعمل (فارمكس) وفقا لها. إضافة إلى بعض الشركات والموردين الذين يطلب منهم الأدوية اللازمة، لكن لا يقومون بتقديمها. مؤكداً أن 95% من أدوية السرطان هي أدوية مستوردة.

إقرأ أيضاً: وزراة الصحة ترفع أسعار الدواء من جديد

انتعاش السوق السوداء للأدوية

يعاني مرضى السرطان بشكل خاص من  فقدان العديد من الأدوية الشهرية  الضرورية، ما بات يعرضهم إلى مضاعفات مرضية خطيرة،  نتيجة غياب أدويتهم، وقد أدى ذلك الى انتعاش السوق السوداء لبيع الأدوية، حيث تباع بأسعار مضاعفة، مما يزيد من معاناة الشرائح الأكثر فقراً، وفي ذات التقرير لصحيفة الوطن، أكد عدد من مرضى السرطان أن فقدان أدويتهم العلاجية يدفعهم للجوء إلى مصادر أخرى لتأمينها من السوق غير النظامية، بأسعار مرتفعة جداً تصل إلى أكثر من مليون ونصف ليرة سورية للجرعة الواحدة، وسط مخاوف من عدم فاعليتها في العلاج، لأنها من مصادر مجهولة.

ولتوضيح آلية الرقابة على الأدوية السرطانية التي يشتريها المريض من السوق السوداء ومصادر أخرى قال الدكتور العواك: “عندما يقوم المريض بشراء عبوة دواء خارجية، يتم التأكد من العيار الدقيق وكمية الدواء المطلوبة، وإن العبوة بحالة جيدة ولا يتسرب الدواء خارجها”. 

إقرأ أيضاً: أسعار الدواء مختلفة بين صيدلية وأخرى، فما السبب؟

غلاء الأدوية مأساة مستمرة

تتفاقم هذه الأزمة يوماً بعد يوم، وبات المصابون بالأمراض المزمنة يبحثون عن بدائل عدة لتأمين الأدوية المفقودة، من خلال الاستعانة بأشخاص خارج سوريا، أو شراء كميات كبيرة من الأدوية، حين توافرها وتخزينها تفادياً لارتفاع الأسعار الذي طال كافة أنواع الأدوية ولفقدانها بشكل مستمر.

في منتصف كانون الأول 2021 رفعت وزارة الصحة أسعار جميع الأدوية بنسبة 30%، بعد أن رفعت سعر أكثر من 11 ألف صنف دوائي بنفس النسبة في منتصف حزيران من العام نفسه، وأدى ارتفاع أسعار الأدوية إلى حرمان آلاف المرضى من حقهم في الحصول على العلاج، بسبب الفقر والظروف المعيشية الصعبة.

  تقول فاطمة ( 45 عاماً ) وهي تعاني من نوبات ربو حادة، أنها تضطر إلى جلب الدواء اللازم لها عن طريق الأردن، حيث تدفع لأحد سائقي السيارات الخاصة التي تعمل على خط الأردن، مقابل تأمين الدواء اللازم لها، وهذا أدى إلى مضاعفات مادية كبيرة عليها وعلى ذويها، ولكنها مجبرة على ذلك، لأنها ستكون معرضة لمضاعفات مرضية عديدة بحال لم تحصل على العلاج اللازم. وتضيف بأن والدتها مريضة قلب وقد اشترت الدواء المخصص لها الشهر الفائت بقيمة 14000 ليرة سورية، أما في هذا الشهر وبعد عملية بحث طويلة حصلنا على علبة الدواء بسعر 35 ألف ليرة سورية.

تقول (الطبيبة آمال محمد وهو اسم مستعار) لمراسلة درعا 24: “قبل الأحداث في سوريا كانت أكثر من 90% من الأدوية تنتج محلياً، ولكن العقوبات الاقتصادية وانخفاض قيمة الليرة السورية مقابل العملة الأجنبية وزيادة الكلفة التشغيلية، أثرت سلباً على إنتاج الأدوية  في سورية، وأضافت إن نقص الأدوية العلاجية لمرضى السرطان وغيره من الأمراض المزمنة، يعد مؤشراً خطيراً أمام فرص علاج المرضى، فلم تعد الكلمات قادرة على وصف المأساة، التي وصل إليها حال العديد من المرضى بسبب تفاقم أزمة نقص الادوية، حتى أن حياة العديد منهم باتت على المحك نتيجة غياب العلاج اللازم والحصول عليه في الوقت المناسب، في ظل عدم قدرة الدولة على الاستجابة لمثل هذه الحالات الصحية الطارئة”.

يظل توفير الدواء هو التحدي الأصعب بالنسبة للمرضى وذويهم، وجاء ارتفاع أسعار الادوية وفقدان العديد منها ليضاعف معاناة الناس، ويزيد من فاقتهم ويجبرهم على مواجهة مضاعفات خطيرة.

الرابط: https://daraa24.org/?p=26837

Similar Posts