حق المرأة في الميراث

داهمتْ الحرب المرأة في محافظة درعا، وهي محمّلة بإرثٍ ثقيلٍ يتم هضم حقوقها من خلاله، ولعل أبرزها، حقها في الميراث أو ما يعرف في اللهجة المحلّية (الورثة). عشر سنوات من الحرب كانت كافية لتغيّير الواقع الاقتصادي والاجتماعي للنساء في المحافظة، لكنها وقفتْ عاجزةً عن تغييّر قضية الميراث. وفي حين أن الشرع والقانون لم يمنعا المرأة من حقها في الميراث، إلا أن العادات والتقاليد هي من تحكُم في هذه القضية.

أملاكنا يجب ألا تنتقل لشخص غريب

تقول (إيمان 42 عام أرملة) في حديثها لمراسلة درعا 24: “عندما كان زوجي حيّاً، لم أكن بحاجة لأحد، لكن بعد وفاته ومع سوء الأوضاع، لم يكن لدي حلّ إلا أن أطلب ورثتي من أهلي، وليتني لم أفعل، لأن أهلي لم يعطوني بل وقاطعوني، وأمي قالت لي: نحن لا نورث النسايب (زوج البنت)، وأمي نفسها كانت رافعة قضية على إخوتها، لأنهم حرموها من ورثة أهلها وربحت القضية”.

لاتختلف قصة (أم علي) كثيراً عن غيرها من نساء درعا، فهي الأخرى بعد وفاة والدها، بدأ اخوتها بالحديث عن تقسيم الميراث فيما بينهم، وتوضح في حديثها للمراسلة: “أخوتي اتفقوا على تقسيم الورثة بينهم، يعني بين الشباب فقط، ولما أخبرتهم: أين حصصنا نحن البنات، قالوا: منذ متى البنات ترث، وأنتنَ كُثر، ماذا سيبقى لو أعطينكن، وعند إصراري على موقفي خيروني بينهم وبين الورثة، فأنا سكتت ولم أعد أطالب بشيء”.

لم تُفلح محاولة إيمان في تحصيل حقها، في حين استطاعت (أم خالد 60 عام) من أخذ حقها بشكل كامل من خلال القانون، تقول: “طالبت بورثتي من إخوتي بالحسنى ولم يقبلوا، ولم يدعوا لي حلاً إلا المحاكم، فرفعت عليهم قضية أنا وأخواتي البنات وبعد عامي حصلت على حقي بالقانون مثلي مثلهم” حسب تعبيرها.

أم خالد هي واحد من قلّة قليلة من اللواتي ينجحنَ في تحصيل حقهن في الميراث. تقول (الأخصائية الاجتماعية أ.ع) في : “يلعب العامل الاجتماعي الناجم عن الثقافة الذكورية السائدة دوراً كبيراً في حرمان المرأة من ميراثها، فقد تُجبر المرأة لاعتبارات الحفاظ على العائلة بالتنازل عن ميراثها مقابل ترضيتها بمبالغ مالية زهيدة، على الرغم من أنّ نصيبها يساوي أضعاف ذلك المبلغ”.

تتابع بأن العامل الأهم في استمرار ظاهرة حرمان المرأة من الميراث هو جهلها بحقوقها الشرعية والقانونية، وخوفها من فقدان الترابط الاسري مع العائلة، وهذا ما يمنع العديد من النساء بالمطالبة بالميراث”. فيما لفتت إلى أنّ كافّة الأمور القانونية بما يخصّ موضوع الإرث هي أمور معقدة وتحتاج إلى وقت وجهد كبير بالمحاكم، ناهيك عن التكلفة المالية المرتفعة، مما يجعل المرأة تقف حائرة ومترددة أمام رسوم المحاكم، ونفقات حصر الإرث وأتعاب المحامين لتجد نفسها مجبرة على القبول بأي عرض يقدمه لها أخوتها مقابل التنازل عن كامل حقوقها.

إقرأ أيضاً: العادات والتقاليد تسلب المرأة حقّها في الميراث والقانون لا يساعدها

عادات وتقاليد تطغى على الحقوق

“عيب وما بصير نطلب ورثة”، هكذا بدأت (أم محمد) حديثها عن حقها في الميراث وقالت: “لا يحق لنا أن نطلب من أهلنا أو أخوتنا أرضاً، والورثة فقط للرجال، ونحن لدينا رجال مسؤولون عنّا، وبين كل النساء من حولنا ولا واحدة أخذت دونم من أرض، وكلّ شيء تمام”.

بدوره قال المحامي «عدنان المسالمة» في حديث مع مراسل درعا 24: «باعتبار أن المجتمع في حوران هو مجتمع محافظ وتطغى عليه العشائرية وبسبب الجهل بالقانون، كان يتم التغاضي عن المطالبة بالميراث من قبل الإناث خجلاً أو خوفاً من سطوة الأخوة والأقارب، لذلك كانت الدعاوى التي تتعلق بالإرث عددها قليل نسبياً في السابق»

يتابع “المسالمة”: «لكن ومع وجود التوعية وازدياد المعرفة الحقوقية، ازدادت مثل تلك الدعاوى وأصبحت شائعة بشكل كبير، لافتاً بأنه لا وجود لإحصاء رسمي بعدد تلك الدعاوى لكنها كبيرة نسبياً».

وفيما يتعلق بحرمان المرأة من الميراث بدرعا أشار إلى أن ذلك بسبب التخلف وعدم معرفة حقوق رب العالمين وما قرره الشرع من حق للمرأة في تركة مورثها، إن كان أب أو زوج أو أخ.

موضحاً، أنه «يتم التحايل على القانون، بحيث يتم تسجيل العقارات أو المركبات بأسماء الاولاد الذكور لحرمان البنات من الحصول على حصصهن الإرثيّة التي قررها الشرع ».

إقرأ أيضاً: ارتفاع حالات الطلاق والوضع المعيشي من أهم أسبابه

ويبقى حق المرأة في محافظة درعا من الميراث ضائعاً، بسبب العادات والتقاليد التي تحاربه، وعلى الرغم من دعمه من قِبل الشرع، تبقى الحلول الجذريّة لهذه المشكلة غائبة تماماً.

استطلاع رأي

وبحسب نتيجة الاستطلاع الذي تجريه درعا 24، وشارك فيه حتى الآن 725 مشاركاً، فقد صوَّت 96 بالمئة من المشاركين على إعطاء المرأة كامل حقوقها في الميراث.

للإطلاع على الاستطلاع، من خلال الرابط التالي:

https://www.facebook.com/groups/daraa24/permalink/1341755096611220/

رابط التقرير: https://daraa24.org/?p=28605

Similar Posts