مكتبة لبيع القرطاسية في ريف محافظة درعا الشمالي
مكتبة لبيع القرطاسية في ريف محافظة درعا الشمالي

لا يعرف منير الحريري (40 عام، أب لستة أطفال) كيف سيتمكن من توفير المستلزمات المدرسية لأطفاله، فالأسعار مرتفعة جداً، وأولاده في مراحل دراسية متنوعة، وهو يعمل في محل لبيع الخضروات والفواكه، وراتبه 300 ألف ليرة سورية، وهو مبلغ لا يكفيه لشراء أساسيات الحياة الضرورية، خاصةً بعد ارتفاع الأسعار الجنوني الذي يعصف بمحافظة درعا وعموم المحافظات السورية. 

يؤكد الحريري – الذي ينحدر من إحدى بلدات الريف الشرقي – لمراسل درعا 24، أن التعليم لم يعد مجاني في المدارس الحكومية في سوريا، لأن رب الأسرة يضطر لشراء الكثير من المستلزمات الدراسية والكتب المدرسية، والتي ارتفعت هذا العام للضعف. 

أسعار المستلزمات المدرسية فوق قدرة الأهالي 

وفقاً لما رصدته درعا 24 في بعض المدن والبلدات، فإن أسعار الحقائب المدرسية تتدرج من 55 ألف ليرة سورية وتصل إلى 175 ألف ليرة، وتتباين أسعار الدفاتر حسب الصناعة وعدد الورق والشكل الخارجي، حيث بلغ سعر دفتر السلك 60 ورقة 7 آلاف ليرة سورية، ودفتر السلك 70 ورقة 8 آلاف، والدفتر العادي 4500. أما بالنسبة لأقلام الحبر والرصاص فتتراوح أسعارها بين الـ 1500 والـ 3000 ليرة، وعلبة ألوان 12 لون يتراوح سعرها بين الـ 12 والـ 20 ألف ليرة، وسعر المقلمة يتراوح بين الـ 10 والـ 20 ألف ليرة، بينما وصل سعر القميص المدرسي من النوع الجيد إلى 60 ألف ليرة سورية. 

يفوق هذا الارتفاع في أسعار المستلزمات المدرسية، قدرة غالبية العائلات، ‏وحسب الناشط في المجال الإغاثي في محافظة درعا أسامة الخليل في حديثه مع مراسل درعا 24، فإن الأهالي وقعوا في ورطة لعدم قدرتهم على الوفاء بمتطلبات أبنائهم، في الوقت الذي يحرصون فيه على تعليمهم، وتأمين احتياجاتهم، بعد تدهور العملة المحلية، وعدم توفر فرص العمل، ومحدودية الدخل في حال وجد العمل. 

يقول الناشط: “أقل عائلة تملك أربعة وخمسة طلاب في المراحل المدرسية المتنوعة، وهذا يشكل تحدٍ حقيقي للكثير من الأسر، التي وصلت إلى مراحل يُرثى لها من الضنك المعيشي”. 

ويتابع بأن الطلاب يحتاجون للكثير من المستلزمات الملّحة للبدء بالعام الدراسي، ولكن الآباء لا يستطيعون شراء جزء من هذه المستلزمات، التي لا مفرّ منها، لأنها تحتاج لمبالغ مالية كبيرة تفوق قدرة غالبيتهم. 

نقص كوادر التدريس يهدد التعليم في درعا

تفاوت في أسعار المستلزمات الدراسية 

يشكو أهالي درعا من تفاوت ملحوظ في أسعار القرطاسية وجميع الأدوات اللازمة للمدرسة، حيث تختلف هذه الأسعار من مكان لآخر، مع وجود شكاوى من سوء جودة السلع، وسط غياب الرقابة الحكومية، التي من شأنها تحديد تسعيرة موحدة. وترى أم محمد من الريف الغربي من محافظة درعا، وهي أم لثلاثة أطفال، أنه في ظل هذا الارتفاع المستمر، والاختلاف الملحوظ في الأسعار، لن تكون قادرة على تلبية احتياجات أطفالها من الحقائب والأدوات الدراسية، ففي جولة لها على الأسواق للإطلاع على الأسعار، تؤكد أنها وجدت فارقاً كبيراً في الأسعار ضمن الأسواق، وأن الأسعار مرتفعة جداً. 

وتشرح بأن عدم وجود رقابة تموينية فتح المجال أمام التجار ليتحكموا بالأسعار وفق ما أرادوا، واستغلال حاجة المواطنين لشراء تلك المستلزمات الضرورية. 

بدوره أحمد الخالد صاحب مكتبة تبيع أدوات مدرسية في مدينة درعا، يوضح للمراسل بإن ارتفاع كُلف الإنتاج وأجور العمال وإيجارات المحال التجارية، إضافةً للارتفاع الأخير في المحروقات، كل هذه مجتمعة هي أسباب أدت إلى ارتفاع أسعار المستلزمات المدرسية. ويُعقّب: “ترتبط الأسعار في أسواق الجملة بسعر الدولار الأمريكي، وهو مؤثر كبير في استقرارها، وهو الذي يُجبر أصحاب المكتبات على رفع الأسعار عند البيع بالمفرّق، ويظهر التفاوت السعري في الأسواق”. 

إقرأ أيضاً: المخدرات تصل إلى المدارس في درعا

إعادة استخدام الأدوات القديمة 

تقول أم حسن سيدة في الـ 37 من عمرها، وهي أم لأربعة أطفال، وتسكن في الريف الشمالي من درعا: “لقد وصل ارتفاع أسعار الأدوات المدرسية إلى حدٍ لا يطاق، نتيجة الظروف المعيشية الصعبة التي نعاني منها، فكل طالب في المدرسة يحتاج بين لباس وحذاء وحقيبة وقرطاسية قرابة الـ 400 ألف ليرة سورية، وزوجي عامل باليومية، ومردود عمله بالكاد يكفي لتوفير الطعام”. 

وتتابع حديثها: “لذلك لم أجد أمامي أي حلّ سوى إصلاح كل ما هو قديم، من ملابس وأحذية وحقائب، بعد أن حصلت عليها من أحد أقربائي، وقمت بوضع بعض الرسومات عليها لتجميلها بأعين أطفالي، وفي نفس الوقت أكون قد وفرت بذلك مبلغ كبير من المال، حتى أتمكن من شراء الدفاتر والأقلام اللازمة لهم، في ظل هذا الغلاء الفاحش”. 

اعتراضات وتذمر شديد بسبب الامتحانات الوزارية لطلاب المرحلة الأساسية

تبقى الأوضاع المعيشية تزداد سوءاً يوماً بعد يوم، ويعجز معظم المواطنين عن تأمين أبسط حقوقهم وحقوق أطفالهم، بدءاً من طعامهم وشرابهم، وليس انتهاءً بتأمين لوازم العملية التعليمية للأطفال في مدارسهم، في ظل ارتفاع أسعار المواد الأساسية للحياة، وانعدام دخل الأفراد.

رابط التقرير: https://daraa24.org/?p=33037

Similar Posts