هل غيّرت الحرب في دور المرأة في سوق العمل

فرضت الحرب تغييراً جذرياً على دور المرأة في محافظة درعا وعموم سوريا، وخرجت المرأة من الصورة النمطية التي فرضها المجتمع، التي كانت تتمثل في الإنجاب والتربية ومسؤوليات البيت، وبعض المهن التي تشبه حياتها كالتدريس مثلاً. ودفعت النساء فاتورة باهظة في الحرب من فقدان الزوج والابن والأخ، بالإضافة إلى الضغوط النفسية والاجتماعية، إلا أنَّ هذه الضغوطات ساعدت الكثير منهُنَّ على تعزيز مكانتهنَّ في المجتمع ومعرفة حقوقهن بشكل أكبر.

(أم مالك ) خمسينية من الريف الغربي في محافظة درعا، تؤكد لمراسلة درعا 24، أنها لم تكن تتوقع في يوم من الأيام أن تعمل على سيارة لنقل الخضار من وإلى سوق الخضار، وذلك بعد وفاة زوجها الذي كان يعمل في العمل نفسه، وعدم قدرة أولادها على التنقل بين القرى. تقول: “قررت أن أتعلم القيادة وأعمل على السيارة بنفسي، وتضيف بالبداية الجميع استغرب العمل، لأنه عمل صعب ومتعب، لكن شوي شوي تعودت وراحت أغلب الصعوبات”.

أوضاع معيشية تدفع بالمرأة للعمل

  يعيش سكان محافظة درعا كبقية المحافظات السورية في ظل وضع معيشي غاية في السوء، حيث الكثير من الأسر لا تستطيع تأمين دخلها الشهري، نتيجة انهيار العملة السورية إلى الحضيض مقابل الدولار الأمريكي، الأمر الذي نشأ عنه حالة تضخم بالأسعار كبيرة جداً، مما جعل الأسر تندفع للبحث عن عمل بكل أفرادها بما فيهم النساء، حتى يستطيعوا تأمين لقمة العيش.

تتحدث (بشرى، 32 عاماً، من الريف الشرقي) للمراسلة حول ذلك: “سجلت في الجامعة في قسم الإرشاد النفسي، وبعد سنتين بدأت الحرب، أهلي وزوجي عارضوا الدوام بالجامعة بسبب الأوضاع التي نعيشها، وما في أمان على الطرقات، أوقفت تسجيلي بالجامعة، لكن مع تزايد المسؤوليات، وتراجع الوضع المادي، قررت أعرض على زوجي فكرة العمل بمركز دعم نفسي متنقل تابع لمنظمة إنسانية كانت تعمل في ريف درعا الشرقي، في بداية الأمر عارض الفكرة لأن هناك تنقّل بين القرى، والوضع غير آمن لكن بالنهاية وافق، بعد ما بدأت بالعمل واجهت ضغوطات من الناس المحيطة، بسبب طبيعة العمل غير المناسب للمرأة من وجهة نظرهم، وبما أن زوجي موجود فلا داعي للعمل”. 

إقرأ أيضاً: عمل المرأة بدرعا، بين كلام الناس وسوء الأوضاع المعيشية

العمل مهما كانت صعوبته لم يعد حكراً على الرجال

بدوره (أبو نادر) في حديثه مع المراسلة يؤكد أنه في هذه الأيام لم يبقَ فرق بين رجل وامرأة، وأي شي كان حكر للرجال صارت المرأة تعرف تعمل به، حتى لو كان صعبة عمل صعب، ويضرب مثالاً على ذلك العمل في المشاتل، ويصفه بالعمل المُرهق والصعب وأنه يحتاج لمجهود كبير.

 يوضح: “على الرغم من ذلك، منذ فترة تم افتتاح مشتل جديد وكان المسؤول عنه بنات وهن يعملنَ فيه بأيديهن ،طبعاً لم استغرب الفكرة، لأنه بعد الحرب تغير كل شيء، وأنا لست ضد عمل المرأة، لكن ضد عملها بمهن لا تليق بها كامرأة، لكن الوضع الاقتصادي والحاجة أحياناً، لم تترك مجالاً للتفكير اذا كان هذا العمل يليق بالمرأة أم لا”.     

إقرأ أيضاً” في يومها العالمي: المرأة تصارع قساوة العيش في محافظة درعا

 ‏نساء معيلات لأسرهن                                               

في حين (السيدة رجاء، المعيلة الوحيدة لأطفالها الأربعة بعد وفاة زوجها) تقول للمراسلة: “بعد وفاة زوجي ترك لي محل جملة للمنتجات الغذائية، ولا يوجد لنا مصدر دخل آخر، فقررت أن أهتم بالعمل بنفسي، بالرغم من انتقادات كبيرة وُجّهت لي، أن مجال التجارة هو للرجال فقط، وليس للنساء مكان فيه، إلا أني لم أهتم لتلك الانتقادات، وأكملت عملي”.

تتابع: “اليوم وبعد سبع سنوات من العمل أصبحت سيدة نفسي، ولا يحق لأي شخص التدخل في قرارات حياتي أنا وأولادي، ولا أستطيع تخيل حياتي بعد اليوم دون عمل”.

 جاء في تقرير للأمم المتحدة عام 2018 بأن نسبة النساء المعيلات لأسرهن تخطت 11%. ‏وفي عام 2020 أظهرت دراسة قام بها صندوق الأمم المتحدة للسكان بأن ما يقارب 145000عائلة سورية تكون المرأة هي ربة هذه العائلة، وهي المسؤولة الوحيدة عن تأمين كافة المستلزمات في ظل غياب الرجل عنها.

هل ساهمت الحرب بتغيير الصورة النمطية عن عمل المرأة، ودورها في المجتمع؟

الرابط: https://daraa24.org/?p=30344

Similar Posts