الحطب في درعا من اجل التدفئة وارتفاع أسعاره

تدخل سوريا أشد مراحل أزمة المحروقات منذ العام 2011 وإلى اليوم، فبعد أن عمدت الحكومة السورية إلى تخفيض مخصصات الأسرة من مادة مازوت التدفئة إلى 50 لتر، في ظل انقطاع شبه كامل للتيار الكهربائي، ووصول سعر ليتر المازوت الحر لـ 3800 ليرة سورية، اضطر الأهالي للجوء إلى استخدام الحطب للتدفئة، والذي أصبح في الآونة الأخيرة مادة أساسية يعتمد عليها أغلب المواطنين في التدفئة، فمع ارتفاع سعر مادة المازوت وتزايد الطلب على مادة الحطب وخاصة العام الماضي، انعكس ذلك سلبياً على أسعار الحطب هذا العام، إذ وصل سعر طن الحطب هذا العام ل 600 ألف ليرة سورية، بعد ان كان سعر الطن العام الماضي يتراوح بين 200 و 250 ألف ليرة سورية.

شتاءٌ قاسٍ في ظل العجز عن تأمين مواد التدفئة

اشتكى أهالي محافظة درعا من ارتفاع أسعار الحطب هذا العام، وكلما اقترب فصل الشتاء زاد قلقهم بسبب الارتفاع الكبير في الأسعار الذي تشهده مواد التدفئة، فلم يعد استخدام الحطب حلاً بالنسبة لهم، فبعد أن أصبح تأمين مازوت التدفئة مهمة شاقة، أصبح تأمين طن الحطب المهمة الأصعب.

وتشير شهادات العديد من الأهالي أن هذا الشتاء سيكون الأصعب بالنسبة لهم بسبب الأوضاع الاقتصادية والمعيشية الصعبة وارتفاع نسبة البطالة وتدهور الأوضاع المادية بين السكان، ويضاف إلى ذلك التكاليف الجنونية لمواد التدفئة التي ليس هناك مفر من تأمينها في أيام الشتاء الباردة، فالأسرة الواحدة تحتاج خلال فصل الشتاء لثلاثة براميل على الأقل من مادة مازوت التدفئة ويصل سعر البرميل الواحد سعة 220 ليتر تقريباً 800 ألف ليرة سورية، بينما تحتاج العائلة لـ 2 طن من الحطب أي ما يعادل مليون و200 ألف ليرة سورية  تقريباً.

وعلى الرغم من ارتفاع سعر الحطب إلا أنه يبقى أقل تكلفةً من سعر مازوت التدفئة، خاصة لأبناء الطبقات الفقيرة الذين لا قدرة لديهم على تحمل أسعار مازوت التدفئة، إذ لا سبيل أمامهم إلا اللجوء إلى الحطب والبلاستيك والثياب القديمة البالية كوسيلة للتدفئة وللطهي أيضاً، في ظل النقص الحاد في مواد التدفئة والغاز.

إقرأ أيضًا: سعر جرة الغاز أكثر من مئة ألف والبديل الحطب وبابور الكاز

صور واقعية من معاناة الناس

يستعين “أبو معن 50 عاماً” بالحطب والثياب البالية كبديل للتدفئة، ويقول بأنه يعمل مع أسرته طيلة أيام فصل الصيف على جمع الأوراق والأخشاب والكرتون والأحذية البالية والمواد البلاستيكية وكل ما هو قابل للاشتعال، وتخزينها لاستخدامها في فصل الشتاء، وذكر أنه يضطر لاستخدام الإطارات المطاطية عند الضرورة، على الرغم من أن الأضرار التنفسية الناتجة عن استخدام تلك المواد بسبب روائح الدخان والغازات المنبعثة منها أيضاً.

ويضيف، “لم يعد باليد حيلة، ولا أعرف ماذا سأفعل فأنا عاجز تماماً عن تأمين ثمن مادة المازوت التي تفوق قدرتي الشرائية، لأنني من أصحاب الدخل المحدود، إضافةً إلى أنّ الـ 50 ليتر التي ربما نحصل عليها عن طريق دفتر العائلة بالسعر المدعوم هذ تكفي مدة 10 أيام فقط لا غير، فأنا أفكر ببيعها بسعر السوق السوداء للاستفادة من سعرها بشراء بعض أكياس الحطب، التي تكفينا مدة أطول من عشر أيام.

أما “فاطمة40 عاماً”، فتوضح بأنّ زوجها عامل باليومية وعمله بالكاد يكفي ثمن شراء الطعام والشراب، وبالتالي هم غير قادرين على تأمين ثمن مواد التدفئة في ظل هذا الغلاء الفاحش.

 تقول: “لقد تفاجئا بسعر طن الحطب هذا العام، وهو لا يكفي العائلة أكثر من شهرين كحد أقصى، لكنه يبقى ارحم من سعر مادة المازوت، لذلك لجأنا إلى تحطيب ما نملكه من أشجار ضمن منزلنا من أجل تأمين التدفئة، إضافةً إلى جمع كل ما تمكنا من جمعه خلال فصل الصيف من مواد قابلة للاشتعال، حيث أخصص زاوية معينة ضمن حديقة المنزل أجمع  فيها كل شيء قابل للاشتعال من فوارغ مواد بلاستيكية نستعملها في المنزل، والاحذية البالية والملابس القديمة وغيرها من المواد”.

وتشير بأن هناك تكاليف إضافية تتمثل بارتفاع اسعار المدافئ الخاصة للحطب والمستلزمات الخاصة بها، إذ باتت تباع وفقاً لسعر الدولار، مع العلم أن هذه الأسعار غير نهائية، حسبما ذكر لها التاجر. وتردف بأنها ستلجأ لاستصلاح المدفأة القديمة، لأن ذلك اقل تكلفة بالنسبة لها. وختمت قائلةً “أتمنى لو أن الشتاء لا يأتي هذا العام، فقد اكتوينا بنار أسعاره قبل قدومه”.

 ‏إقرأ أيضًا: حتّى الحطب أصبح صعب المنال لارتفاع سعره!

بدوره “أبو حسام”، وهو اسم مستعار لأحد أطباء المنطقة الشرقية لمحافظة درعا، يوضح بأن أعداد كبيرة من الأهالي ‏تعاني امراضاً كالربو وضيق التنفس، نتيجة استعمال الأسر لمواد إطارات السيارات، والتي تسبب العديد من ‏الأضرار التي يخلفها، خاصة على الأطفال وكبار السن، فقد كانت هذه المواد سابقاً ترمى والآن أصبحت ‏تُستعمل كبديل للكثير من العائلات الفقيرة، ومصدر للدفء والمرض في آن واحد بسبب الدخان الذي ‏يستنشقونه جرّاء استعمال تلك المواد.

 ‏

 ‏كل الناس باتت مشغولة اليوم في تأمين مستلزمات التدفئة، مع اقتراب فصل الشتاء وارتفاع أسعار المازوت، ‏الذي أصبح صعب المنال نتيجة الانهيار الاقتصادي الذي تشهده البلاد وعجز الحكومة عن حل مسألة توفير ‏مادة المازوت للمواطن وتوجه الأهالي إلى استخدام مواد غير صحية للتدفئة خاصة، ‏وعدم النظر للآثار السلبية المترتبة عليها، لندفع الفاتورة الأكبر مع مرور الزمن متمثلة بخطر حقيقي يهدد ‏الانسان والبيئة معاً.

الرابط المختصر: https://daraa24.org/?p=15313

Similar Posts