السفير شتيفان شنيك المبعوث الألماني الخاص لسوريا
السفير شتيفان شنيك المبعوث الألماني الخاص لسوريا

في لقاء خاص مع شبكة “درعا 24″، استعرض السفير شتيفان شنيك، المبعوث الألماني الخاص لسوريا، دور ألمانيا في دعم الاستقرار في سوريا وسط تحديات سياسية وأمنية متزايدة. تحدث السفير شنيك عن تعقيدات الوضع السوري، مشيرًا إلى العراقيل التي تواجهها العملية السياسية، وفي مقدمتها غياب استعداد النظام السوري للمشاركة بجدية في جهود التسوية، والدور السلبي الذي تلعبه بعض القوى الإقليمية مثل إيران في المنطقة.

كما تناول السفير شتيفان شنيك جهود ألمانيا في دعم المشاريع المستدامة، من خلال التركيز على التعافي المبكر، ومكافحة تجارة “الكبتاجون” التي تهدد استقرار سوريا والمنطقة. وناقش السفير أيضًا أهمية دعم المصالحة الوطنية، وأكد على رؤية ألمانيا لدمج اللاجئين السوريين ضمن المجتمع الألماني مع توفير فرص العودة الطوعية والآمنة لهم في حال تهيأت الظروف لذلك


شريط مصور لمقابلة السفير شتيفان شنيك مع شبكة درعا 24

السؤال الأول: كيف تقيم الوضع الحالي في سوريا بعد أكثر من عقد من الصراع؟ وما هي التحديات الرئيسية التي تواجه جهود التسوية السياسية اليوم؟ وهل ترى أن اللجنة الدستورية خطوة فعالة نحو الحل السياسي؟

الوضع في سوريا، بدايةً، مزرٍ ويزداد سوءًا يومًا بعد يوم. في العملية السياسية، أقول إننا نواجه بوضوح مشكلة عدم استعداد النظام للانخراط في مثل هذه العملية. للأسف، لم يستجب النظام لدعوة المبعوث الخاص بيدرسون للجنة الدستورية في جنيف.

ما زالت المشكلة تكمن في مدى استعداد النظام، وأيضًا في استعداد القوى الأجنبية المتدخلة في سوريا، مثل إيران، للسماح باستمرار العملية السياسية من أجل مصلحة سوريا. ولا يزال قرار مجلس الأمن رقم 2254 هو الإطار الساري، ويعدّ إطارًا جيدًا يمكن لجميع الأطراف من خلاله الالتفاف حول إيران والدخول في حوار هادف.


السؤال الثاني: لقد ذكرت دور إيران. كيف يتم التنسيق مع الجهات الفاعلة الدولية مثل إيران وغيرها بخصوص سوريا؟

دور إيران، بالطبع، سلبي للغاية، خاصةً مع استخدام إيران لسوريا لتحقيق سياساتها الإقليمية العدائية الأوسع. وينطبق نفس الشيء على روسيا، التي تضعف يومًا بعد يوم بسبب دورها في أوكرانيا.

لكن من المهم للغاية أن ينخرط النظام في النقاش ضمن إطار الأمم المتحدة، كما قرر مجلس الأمن الدولي، بما في ذلك الصين وروسيا والولايات المتحدة والمملكة المتحدة وفرنسا.


السؤال الثالث: ما هي برأيك أكبر التحديات في بناء السلام في سوريا والمنطقة، خاصةً مع تصاعد الصراعات والتوترات؟ هل تعتقد أن هذه التوترات بين القوى المختلفة تعقد المشهد السياسي، أم توجد فرصة للاستفادة من هذه التطورات للتقدم نحو حل سياسي؟

في حين أن الوضع الحالي مقلق جدًا، إلا أنه يذكرنا بأن ما يبدو مستقرًا ليس بالضرورة مستقرًا كما نعتقد. ويذكرنا بأن على جميع الأطراف الفاعلة على الأرض أن تتحد لحل المشاكل والتواصل من أجل مصلحة السوريين وسوريا ككل.


السؤال الرابع: هل أنت راضٍ عن الإجراءات التي اتخذتها النمسا وإيطاليا ودول أوروبية أخرى في التعامل مع الأسد؟ هل تعتقد أن ألمانيا ستتخذ خطوات مماثلة؟ وكيف تقيم هذه الإجراءات في ضوء الحاجة إلى موقف أوروبي موحد بشأن الأزمة السورية؟

لدينا موقف أوروبي موحد منصوص عليه في استنتاجات المجلس، والتي نتفق جميعًا على أنها الإطار الاستراتيجي الذي يحتوي على ستة أهداف إيجابية، مثل العملية السياسية ودعم السوريين على الأرض. من ناحية أخرى، نرى أن لدينا تحديات جديدة، ونتناقش بشأنها باستمرار داخل الاتحاد الأوروبي لإيجاد الحلول الصحيحة لهذه التحديات. لذلك، نحن نعمل على تكييف وتحسين أدواتنا.

ويمكنني أن أذكر مجالين سنزيد فيهما من مشاركتنا. الأول هو قضية الكبتاجون. كما تعلمون، هذه مسألة ذات أهمية قصوى لاستقرار سوريا، وأيضًا للمنطقة الأوسع. لذلك، قررنا أن نتناول استراتيجية الاتحاد الأوروبي لمكافحة الكبتاجون مع الشركاء الإقليميين وأيضًا داخل سوريا.

أما الموضوع الثاني فهو التعافي المبكر. نرى أن المساعدة العاجلة من خلال الإغاثة الإنسانية لم تعد كافية بعد الآن. إنه صراع طويل الأمد، لذلك علينا التركيز على مشاريع أكثر استدامة. ومن المفهوم للجميع أن بناء أنابيب المياه أكثر فعالية من الاعتماد على نقل المياه بالشاحنات. لذا، أعتقد أن جودة مساعدتنا يجب أن تتحسن، وهذا بالطبع جزء من عملية نقوم بها بطريقة منسقة داخل الاتحاد الأوروبي.


السؤال الخامس: بالانتقال إلى الجنوب الآن، ونظرًا للتدخلات الروسية والإيرانية والإسرائيلية في جنوب سوريا، وخصوصًا في محافظة درعا، كيف ترى تأثير هذه التدخلات على استقرار المنطقة؟ وكيف يمكن لألمانيا المساهمة في الحفاظ على الاستقرار في جنوب سوريا تحت هذه الظروف؟

لقد ذكرت بالفعل التأثير السلبي للوجود الإيراني والروسي. تدعم إيران حزب الله، الذي يشارك بشكل كبير في تهريب وإنتاج الكبتاجون بالتعاون مع النظام. وبالتالي، يستمر عامل زعزعة الاستقرار في النمو، ليس فقط من خلال العمل العسكري ولكن أيضًا من خلال دعم هذه الهياكل الإجرامية. لذلك، يجب أن ننظر إلى الكبتاجون كقضية شاملة؛ لها جانب سياسي وإقليمي، ولها أيضًا جانب صحي ومجتمعي. لذلك، نطرح هذه القضية داخل الاتحاد الأوروبي ونعمل على معالجتها.


السؤال السادس: في سياق المجتمع والتغيير المجتمعي، ما هي رؤية ألمانيا لدعم جهود المصالحة الوطنية في سوريا؟ وكيف يمكن للمجتمع الدولي، وخاصة ألمانيا، تقديم الدعم اللازم لتحقيق مصالحة شاملة بين الأطراف المتصارعة وتعزيز الاستقرار في البلاد؟

أولاً وقبل كل شيء، كما تعلمون، ألمانيا هي واحدة من أكبر المانحين لدعم المشاريع الشعبية ومشاريع المجتمع المدني. نهجنا الرئيسي هنا هو أننا ننظر إلى سوريا ككل، وليس فقط إلى الشمال الغربي أو منطقة دمشق أو الشمال الشرقي، بل نفكر في كل سوريا ونعمل على مشاريع تتضمن سياقات وشبكات بين الأديان والأعراق.

هذه الشبكات مهمة للغاية لإظهار أن هناك مستقبلًا سلميًا لسوريا يمكن فيه للأكراد والعرب والعلويين والسنة والشيعة والدروز التعايش بمصالح مشتركة وتفاهم مشترك، رغم اختلاف مساراتهم وهوياتهم وقصصهم. وهذا هو جوهر الديمقراطية؛ نحتاج إلى نقاشات مفتوحة واستعداد لتقبل هذه الاختلافات لتحقيق السلام على المدى الطويل.


السؤال السابع: في ظل تراجع التمويل الدولي لسوريا، رغم تزايد الاحتياجات على الأرض، هل تخطط ألمانيا لإعادة النظر في تمويل المساعدات الإنسانية والتنموية، خاصةً أنها واحدة من أكبر الجهات المانحة؟

أعتقد أن هناك ثلاثة جوانب للنظر فيها. الأول، بالطبع، هو الدعم الحكومي الدولي. كما ذكرت سابقًا، نحن ندرك أن المساعدة يجب أن تكون أكثر استدامة، ولذلك نحول دعمنا من المساعدات الإنسانية إلى التعافي المبكر، وهو أكثر استدامة وله نتائج إنسانية أفضل على المدى الطويل.

ثانيًا، يجب ألا نتجاهل الدعم الذي يأتي من خلال القنوات الخاصة. التحويلات المالية من ألمانيا تتزايد كل عام، حيث يندمج السوريون في سوق العمل الألماني، وتشكل هذه التحويلات جزءًا كبيرًا من المساعدات المالية، حيث بلغت نحو 3.7 مليار يورو في العام الماضي (الرقم تقريبي). وثالثًا، لا يجب أن نغفل أهمية التعاون بين السلطات الفعلية على الأرض لتكامل السوق ومنع سوء إدارة الأموال.


إقرأ أيضاً: رامي الشاعر في حديث مع درعا 24: “يتساءل السوريون لماذا تسمح روسيا بقصف إسرائيل للأراضي السورية؟

السؤال الثامن: الآن إلى السؤال الأخير. ما هي سياسة ألمانيا الحالية بشأن اللاجئين السوريين؟ وهل هناك خطط لتسهيل اندماجهم أو تشجيع عودتهم إلى سوريا إذا توفرت ظروف آمنة؟

أولاً وقبل كل شيء، يعد دمج السوريين في ألمانيا أحد أولوياتنا. في العام الماضي أنفقنا 27 مليار يورو على الاندماج، وهو عبء ضخم. ورغم وجود انتقادات كبيرة أيضًا في ألمانيا، إلا أننا نراه استثمارًا في المستقبل وفي الناس.

الاندماج لا يتعلق فقط بدورات اللغة، بل يشمل أيضًا التواصل مع الجيران والاندماج في سوق العمل. هذه تحديات كبيرة يواجهها السوريون بمساعدة الحكومة الألمانية، ونحن مستعدون للاستثمار فيهم بشكل أكبر.

من ناحية أخرى، نحن نؤمن بحق السوريين في العودة، ونلتزم بشدة بمبدأ العودة الطوعية والآمنة والكريمة وفقًا لمبادئ مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين. وفيما يتعلق بالعودة، هناك قضيتان أساسيتان:

الأولى هي سبل العيش، كما ذكرت سابقًا، حيث نحتاج إلى وضع جيد على الأرض حتى تتمكن مساعدتنا من إحداث تغيير فعلي.

أما الثانية، فهي قضايا الحماية. طالما يخشى الناس من الاعتقال أو التعذيب أو فقدان ممتلكاتهم عند عودتهم، فإنهم لن يكونوا مستعدين أو قادرين على العودة. ومن هنا يأتي دور السلطات الفعلية والنظام لتقديم ضمانات العودة الآمنة والكريمة.


إقرأ أيضاً: الشيخ أحمد الصياصنة في مقابلة خاصّة مع درعا 24: أنا أؤمن بوحدة سوريا 

الرابط المختصر للمقابلة مع السفير شتيفان شنيك: https://daraa24.org/?p=45365

موضوعات ذات صلة