العلاقة التاريخية بين الدروز والبدو في الجنوب السوري: من شراكة الخيل إلى ذاكرة التوتر

العلاقة التاريخية بين الدروز والبدو في الجنوب السوري- من شراكة الخيل إلى ذاكرة التوتر

يعيش الجنوب السوري منذ قرون حالة تداخل اجتماعي بين مجتمع جبل العرب (الدروز) والقبائل البدوية المنتشرة في بادية السويداء وريف درعا. هذه العلاقة التي جمعت بين الزراعة والترحال، وبين “العقّال” و“الجهّال”، مرّت بمحطات تقارب وصدام، من شراكات تقوم على الشرف إلى نزاعات غذّتها السياسة والتدخلات الخارجية. 

يبحث هذا التقرير في جذور العلاقة، من الهجرات الأولى حتى عشية الثورة السورية، وسقوط نظام الأسد.

البنية الاجتماعية والمرجعيات

تضم محافظة السويداء عشائر من قبيلة زبيد القحطانية، مثل عشائر: الحسن، الجوابرة، الشنابلة، العتايقة، الحواسنة، الشرعة، العميرات، المساعيد، والشرفات، وتعود أصول هذه العشائر إلى جنوب الجزيرة العربية، وقد استقرت في جبل حوران (السويداء حاليًا) مع الجيوش الإسلاميةسنة 636م (15هـ)، أي قبل أكثر من 1300 سنة، وتتمتع هذه القبائل بروابط نسب قوية مع قبائل زبيد في المنطقة.

أما المجتمع الدرزي، فقد بدأ بالاستقرار مع الهجرات القادمة من جبل لبنان في أواخر القرن السابع عشر، خصوصًا بعد هجرة 1685 وما تلاها من موجة كبرى عقب صراع الشوف سنة 1711، ليترسخ وجودهم في جبل العرب أو جبل حوران (السويداء حاليًا) منذ نحو ثلاثة قرون فقط. وينقسم هذا المجتمع إلى فئتين:

• “العقّال”: رجال الدين والزعامات الروحية، يُعرفون بالتقوى ويلتزمون بالتعاليم الدينية.

• “الجهّال”: عامة الناس الذين لم يدخلوا في التعاليم الدينية الخاصة بالطائفة، وغالبًا لا يلتزمون بالطقوس.

وتتوزع المرجعية الروحية للدروز بين ثلاثة مشايخ بارزين: الشيخ يوسف الجربوع، والشيخ حكمت الهجري، والشيخ حمود الحناوي، ولكلٍّ منهم موقفه المختلف بين الانفتاح والاعتدال والتشدد.

شيوخ عقل الطائفة الدرزية يوسف الجربوع - حمود الحناوي وحكمت الهجري
شيوخ عقل الطائفة الدرزية يوسف الجربوع – حمود الحناوي وحكمت الهجري

من الهجرات إلى بدايات التوتر

على امتداد سفوح جبل العرب المحاذية للبادية السورية، نشأت بين المجتمعين علاقة طويلة ومتقلبة. بدأت منذ استقرار الدروز في الجبل أواخر القرن السابع عشر، بعد هجرتين رئيسيتين من لبنان في عامي 1685 و1711، جاءتا بعد سقوط النظام الإقطاعي في جبل الشوف.

ومع استقرار الدروز في منطقة كانت تُستخدم كمراعٍ للقبائل البدوية، اندلعت خلافات مبكرة حول الماء والمراعي، لكنها تطورت لاحقاً إلى علاقات تبادلية شملت تجارة الملح.

شراكة الخيل: ميثاق الشرف بين الدروز والبدو

اتفق الطرفان أحيانًا على ما يُعرف بـ “شراكة الخيل”، وهو ميثاق قبلي قديم غير مكتوب يقوم على الشرف والالتزام الأخلاقي، كانت له مكانة خاصة في الوجدان العشائري. مضمون هذا العهد أن يمتنع كل طرف عن الاعتداء على الآخر، وأن يهبّ لنصرته إذا تعرّض لهجوم أو ظلم، وكأن الخيل – رمز القوة والنجدة في الثقافة البدوية والدرزية – أصبحت عنوانًا للتحالف.

لم تكن الشراكة مجرد اتفاق شفهي عابر، بل التزام تُحاسب عليه العشيرة أمام المجتمع، ويُعتبر الإخلال به عارًا يلاحق صاحبه وأهله. وغالبًا ما كانت تُعقد بحضور شيوخ ووجهاء، عبر مراسم بسيطة يضع فيها الطرفان أيديهما، أو يتبادلان رمزيًا الخيل أو السلاح، لتأكيد أن الدم بينهم مصون، وأن النخوة تقتضي النصرة وقت الحاجة.

أدت هذه الشراكات دورًا عمليًا في ضبط العلاقات اليومية: فقد حدّت من النزاعات حول المراعي ومصادر المياه، ووفّرت الأمن للقوافل التجارية، وفتحت الباب لتعاون اقتصادي كتجارة الملح والماشية والحبوب. كما أنها شكّلت شبكة من التحالفات العابرة للطوائف، بحيث يجد البدوي في جبل العرب ملاذًا آمنًا إلى حدٍ ما.

ورغم أن هذه المواثيق لم تُلغِ جذور التوترات بين نمط الزراعة الذي امتهنه الدروز، ونمط الترحال والرعي الذي ميّز حياة البدو، فإنها تبقى شاهدًا على لحظات التفاهم التي عرفها الجنوب السوري، وتجسيدًا لفكرة أن الشرف والكلمة قد تكون أحيانًا أقوى من القوانين المكتوبة. وبقيت العلاقة بين الطرفين تتأرجح بين فصول من التقارب وأخرى من الصدام.

لحظة الوحدة: الثورة السورية الكبرى

شهدت الفترة بين عامي 1925 و1927 اندلاع الثورة السورية الكبرى ضد الانتداب الفرنسي التي قادها سلطان باشا الأطرش. وقد شارك فيها مقاتلون من الدروز ومن القبائل البدوية معاً، حيث أسهم الطرفان في معارك بارزة مثل معركة المزرعة في آب 1925، التي كبّد فيها الثوار القوات الفرنسية خسائر كبيرة.

هذا التعاون لم يكن مجرد تحالف عابر، بل تجسيدًا لفكرة أن العدو الخارجي يمكن أن يوحّد بين خصوم الداخل. فقد قاتل الدروز والبدو جنبًا إلى جنب في وجه قوة استعمارية مدججة بالسلاح، في مشهد ظل حاضرًا في الذاكرة الجمعية للطرفين كدليل على أن الوحدة ممكنة عندما تكون هناك قضية وطنية جامعة.

لكن مع تراجع الثورة بفعل التفوق العسكري الفرنسي وعمليات القمع الواسعة، عادت الخلافات التقليدية بين الطرفين لتظهر من جديد، مدفوعة بصراعات حول الموارد وبالسياسات الرسمية التي غذّت التباينات الداخلية.

ثوار ثورة 1925 و قائد الثورة سلطان باشا الأطرش
ثوار ثورة 1925

اقرأ أيضاً: معركةُ المذخر في ذكراها الـ 79، يومَ طُرد الفرنسيون من أرض حوران

ذاكرة التوتر: من العثمانيين إلى البعث

تعود جذور التوترات إلى العهد العثماني، واستمرت خلال الانتداب الفرنسي. وفي عهد شكري القوتلي بعد الاستقلال، وُصف الدروز بأنهم “أقلية خطيرة”، الأمر الذي دفع سلطان باشا الأطرش إلى التهديد باجتياح دمشق.

ثم جاء حكم أديب الشيشكلي، الذي قصف قرى جبل العرب، وتتناقل روايات محلية أنه استعان ببعض العشائر البدوية في تنفيذ عمليات نهب، وقد ترك ذلك أثرًا عميقًا من الخصومة والشك المتبادل.

في عهد البعث، اتبع النظام سياسة “اللعب على التناقضات”، فدعم أحيانًا بعض العشائر ضد الدروز، ثم قدّم نفسه كضامن للطرفين حسب مصلحته. يقول الكاتب جواد البعيني:

“النظام السابق [الأسد] لم يكن محايدًا، بل كان يشعل الأزمات ويخمدها متى أراد”.

أحداث 2000: محطة فارقة

يتجلى هذا النهج بوضوح في أحداث عام 2000، بعد مقتل مزارع درزي، حيث اندلعت اشتباكات عنيفة خلفت عشرات الضحايا، وسط اتهامات للأجهزة الأمنية بلعب دور في تسليح بعض العشائر ودفعها نحو التصعيد.

في حديث مع شبكة درعا 24، يقول الصحفي فهد كيوان، ابن السويداء:

“كابن التسعينات، عايشت مراحل من التعاون والتوتر. في مطلع الألفينات، انتشرت شائعات مؤسفة غذّتها خلفيات أمنية، وأدت لاحقًا إلى اشتباكات دامية تدخلت خلالها القوات الحكومية، ما أسفر عن مقتل أكثر من 200 شخص، تلتها حملة اعتقالات واسعة”.

ويضيف:

“كانت تلك المرحلة صادمة لجيلنا. فجأة وجدنا أن لغة الدم غلبت على لغة الجيرة، وأن روايات التحريض انتشرت أسرع من أي صوت عقلاني. كثير من العائلات فقدت أبناءها، وبعض القرى أُفرغت من سكانها لفترة، بسبب الخوف وغياب الثقة”.

ويشير كيوان إلى ما ذكره القس الأميركي بوتر، الذي زار الجبل خلال العهد العثماني، بأن الخلاف بين الدروز والبدو لم يكن طائفيًا، بل اقتصاديًا في جوهره.

ويتابع:

“الفترة بين 2000 و2011 كانت مستقرة نسبيًا، وشهدت مشاهد تعايش، مثل الزواج المختلط والتجارة المشتركة، لكن الخطابات التحريضية بعد ذلك عمّقت الفجوة من جديد. كنا نعيش حالة سلام هش، سرعان ما انهارت مع أول شرارة جديدة.”

من الثورة إلى الفوضى: الدروز والبدو بعد 2011

دخل الجنوب السوري في العام بعد انطلاق الثورة السورية 2011 في مرحلة غير مسبوقة من الفوضى المسلحة والانقسامات المحلية. بين الفصائل العشائرية والدرزية، وبين المعارضة والنظام والتنظيمات المتطرفة، وجد المجتمع نفسه أمام صراع متعدد الأوجه لا تحكمه الطائفية وحدها، بل شبكة معقدة من المصالح المحلية والإقليمية والدولية.

فمع انطلاق الثورة السورية دخل الجنوب في مرحلة من الفوضى المسلحة:

• تشكّلت مجموعات محلية مسلحة على أسس طائفية أو عشائرية.

• برزت ظاهرة التهريب وتجارة السلاح في ظل تراجع الدولة وانهيار أجهزتها الأمنية.

انضم بعض أبناء العشائر البدوية إلى فصائل المعارضة، فيما وقف آخرون إلى جانب النظام، أو التحقوا بتنظيمات متطرفة مثل “داعش”.

أما السويداء، فاختارت الحياد في البداية، لكن النظام لم يتوقف عن اللعب على التناقضات، فأنشأ جماعات موالية داخل المحافظة، في مقابل ظهور حركات محلية مناهضة أبرزها “رجال الكرامة” بقيادة الشيخ وحيد البلعوس، الذي اغتيل عام 2015، وتسلّم القيادة من بعده نجله الشيخ ليث.

المؤرخ كمال الشوفاني يوضح أن:

“الصراع بين الدروز والبدو لم يكن على خلفية طائفية أو دينية، بل كان صراع مصالح، استُخدمت فيه الأدوات المحلية لتصفية حسابات إقليمية ودولية. العلاقة ليست كراهية، بل اضطراب سياسي واجتماعي يُحرّكه الخارج أكثر مما يصنعه الداخل”.

اقرأ أيضاً: حوران جغرافية واحدة وتاريخ مشترك

احتجاجات السويداء 2020–2024

في السنوات اللاحقة تحولت السويداء إلى ساحة احتجاجية نشطة ضد النظام السابق، على خلفية تدهور الأوضاع الاقتصادية وتفشي الفساد. رُفعت خلالها شعارات صريحة ضد بشار الأسد في العام 2023. ورغم وضوح هذا المواقف، لم تواجه هذه التحركات بالقمع العنيف كما حصل في درعا وبقية المحافظات السورية في العام 2011، فحافظت السويداء على طابعها السلمي.

في المقابل، ظهرت فصائل درزية مسلّحة جديدة مثل: تجمع أحرار جبل العرب، درع السويداء، كتيبة الفجر، المجلس العسكري.

أضفى هذا المشهد طابعًا فوضويًا معقّدًا، يتداخل فيه البُعد المحلي والعشائري والديني مع الحسابات الإقليمية.

الحكومة الانتقالية وتحديات الدمج

مع تسلّم أحمد الشرع رئاسة الحكومة الانتقالية أواخر عام 2024، بدأت جهود إعادة هيكلة الدولة:

• حل الجيش ووزارة الداخلية التابعين للنظام السابق.

• تأسيس جهاز أمن عام وجيش جديد.

لكن هذه الخطوات اصطدمت سريعًا بتعقيدات الجنوب، خصوصًا في السويداء:

رفضت الفصائل المرتبطة بالشيخ حكمت الهجري الانضمام للجيش السوري الجديد، مشترطة الإبقاء على أجهزة أمنية داخلية ينتمي عناصرها للطائفة الدرزية واحتفاظ الفصائل بسلاحها.

• أبدى الشيخان يوسف الجربوع وحمود الحناوي استعدادًا مشروطًا للحوار.

• القيادي السابق في حركة رجال الكرامة ليث البلعوس أعلن دعمه للحكومة الانتقالية مقابل ضمان تمثيل عادل للطائفة في مؤسسات الدولة.

التصعيد العسكري وتدخل إسرائيل

بقي الحال لأشهر بين الأخذ والردّ خلال مفاوضات مباشرة وغير مباشرة، ثم اندلعت اشتباكات بين فصائل “المجلس العسكري” التابع للهجري وبعض فصائل البدو في حي المقوس بمدينة السويداء، شهدت انتهاكات ضد أبناء البدو في هذه الأحياء وتم محاصرتهم فيها، تبع ذلك تدخل مباشر من الحكومة الانتقالية، عبر إرسال آليات ثقيلة ووحدات أمنية فرضت سيطرتها على مساحات واسعة في السويداء، رغم اعتراضها والاشتباك معها من بعض الفصائل الدرزية.

لحق التدخل الحكومي تصعيد خارجي، تمثّل بغارات جوية إسرائيلية استهدفت مواقع في السويداء ودرعا ودمشق، بذريعة “حماية أبناء الطائفة الدرزية”، وقد أيد الضربات شيخ العقل حكمت الهجري، وشكر إسرائيل أكثر من مرة وطالب بتدخلها بشكل علني، بينما رفضها بشكل علني القليل من أبناء الطائفة.

أدّى التدخل الإسرائيلي إلى انسحاب القوات الحكومية من المساحات التي دخلتها والتراجع إلى بلدات المزرعة ومحيطها في المحافظة.

في تلك الأثناء في الميدان، رافق دخول القوات الحكومية والفصائل إلى السويداء انتهاكات موثّقة بحق مدنيين دروز من قِبل فصائل تابعة للحكومة، شملت عمليات قتل، وإحراق منازل واعتداءات، ما ساهم في تأجيج الغضب الشعبي في السويداء. في مقابل ذلك سبق هذا وتبعه انتهاكات موثقة ضد أبناء العشائر في السويداء من قِبل قوات من الفصائل الدرزية، ما اضطر العديد من أبناء البدو إلى الخروج باتجاه درعا، ثم نظمت الحكومة بالتنسيق مع الفصائل في السويداء عمليات تهجير، خرج فيها كل العشائر وعائلتهم من السويداء.

إسرائيل تُصعّد والمشهد يزداد تعقيدًا

في تموز 2025، أعلنت إسرائيل “قلقها” مما يتعرض له الدروز، بالتزامن مع تكثيف غاراتها على مواقع الجيش السوري الجديد وهيئة الأركان ومرافق سيادية أخرى.

المسؤول الأمني (أبو ذر) قال لـ درعا 24:

“الغارات لم تكن لحماية أحد، بل لإضعاف الحكومة، وضرب وحدة القرار العسكري، وإبقاء جبل العرب ساحة رخوة للتدخل الخارجي”.

نتيجة للقصف الإسرائيلي المتكرر، أعلن الجيش انسحابه من السويداء بآلياته الثقيلة، ما سمح لفصائل الهجري بشن هجمات انتقامية ضد تجمعات بدوية، ارتكبت خلالها انتهاكات واسعة في قرى الرحا والمقوس ورجم الزيتون، شملت الإعدامات والخطف والتعذيب للعديد من أبناء العشائر البدوية، تبع ذلك تهجيرهم باتجاه درعا باتفاقية مع الحكومة.

الناشط الدرزي المعارض رامي نخلة وصف الوضع بالقول:

“ما يجري في الجنوب ليس مجرد أزمة محلية، بل جزء من صراع استراتيجي طويل الأمد، تتداخل فيه حسابات الإقليم وتُستغل فيه مكونات الداخل. هو صراع بين مشروع عربي–تركي يسعى لبناء دولة مستقرة، ومشروع إسرائيلي يهدف إلى تفكيك سوريا وإبقائها ضعيفة”.

اقرأ أيضاً: سليمان عبد الباقي يتهم الهجري بتلقي دعم إسرائيلي وإشعال الفتنة في السويداء

جهاز أمني جديد ما يزال هشّاً وجيش فصائلي

ولد الجيش الجديد من رحم الفصائل، لذلك ما تزال بنيته منقسمة وولاءاته متفرقة، ما جعله يفتقر إلى عقيدة عسكرية موحّدة وقدرة فعلية على فرض سلطته في الجنوب.

أما الجهاز الأمني، فقد تجلّت هشاشته سريعًا: لم يُبنَ على أساس قانوني متين، وافتقر إلى غطاء موّحد وإلى المساءلة الداخلية الفعّالة، جيث تكوّن من خليط غير متجانس من منشقين وعناصر فصائل سابقة ومتطوعين بدافع الحاجة الاقتصادية.

يقول أحد قادته في الجنوب لـ درعا 24 حول ما حصل في السويداء:

“طلبوا منا ضبط الوضع خلال أسبوع. كيف يمكن ذلك ونحن لا نعرف من معنا فعلًا؟ ولا نثق بمن حولنا؟ كان هناك عشوائية كبيرة في هذا العمل”.

ومع تصاعد الهجمات والغارات الإسرائيلية، تراجعت القدرات الحكومية تدريجيًا. يختصر المحامي هـ.ع المشهد في الجنوب بشكل عام بالقول:

“المشروع الأمني يواجه ثلاث عقبات أساسية:

1. شبكات الأجهزة الأمنية السابقة التي ما تزال فاعلة رغم تفكيكها نظريًا.

2. الفصائل المسلحة المحلية الرافضة للتخلي عن استقلالها.

3. التدخل الإسرائيلي الذي يشوّش على أي مبادرة أمنية داخلية.

هذا الثالوث لا يهدد الجنوب فقط، بل يُشكّل اختبارًا وجوديًا للحكومة الانتقالية: فهل يمكن فرض الأمن بعد الثورة؟ أم أن الفوضى ستبقى السمة الغالبة للمرحلة المقبلة؟”.

على امتداد أكثر من ثلاثة قرون، ظلّت العلاقة بين الدروز والبدو في الجنوب السوري محكومة بمزيج من التعاون والصراع، من مواثيق الشرف مثل “شراكة الخيل”، إلى لحظات الوحدة في الثورة السورية الكبرى، وصولًا إلى ذاكرة دامية من المواجهات والانقسامات. لعبت السياسات المركزية والتدخلات الإقليمية دورًا أساسيًا في تأجيج التوترات، فيما ظلّ المجتمع المحلي يتأرجح بين التعايش والنزاع.

اليوم، ومع تعقيدات ما بعد الثورة السورية، تبدو هذه العلاقة أمام اختبار جديد: هل يمكن استعادة روح الشراكة القديمة وتحويلها إلى أساس لمصالحة حقيقية؟ أم أنّ دوائر الدم والشكوك ستبقى تتحكم بمستقبل جبل العرب وبادية السويداء وريف درعا؟

اقرأ أيضاً: “السويداء في قلب سوريا”: حملة شعبية ضد خطاب الكراهية والتقسيم

الرابط: https://daraa24.org/?p=53910

موضوعات ذات صلة