رامي الشاعر المستشار السياسي لوزارة الخارجية السورية

تلعب روسيا في سوريا عامة وفي الجنوب السوري خاصةً دوراً كبيراً، من خلال اتفاقات التسوية والمصالحة التي رعتها في حمص وحلب وريف دمشق وأخيراً في العام 2018 في درعا والقنيطرة، وما تبع ذلك من رعاية روسيا لأحد أكبر الفصائل المحلية في الجنوب ألا وهو اللواء الثامن. 

أجرتْ درعا 24 مقابلة خاصّة مع الكاتب والمحلل السياسي المعروف السيد “رامي الشاعر” المستشار السياسي لوزارة الخارجية الروسية، للحديث حول ما سبق، وحول الأحداث الأخيرة في درعا البلد وطريق السد والحدود السورية الأردنية، ونشاط عصابات تهريب المخدرات على الحدود السورية الأردنية، وعن احتمالية تدّخل الأردن عسكرياً. وكذلك حول اللجنة الدستورية وقرار مجلس الأمن 2254. 

أكد المستشار السياسي رامي الشاعر في مطلع حديثه، أن اهتمام روسيا الأول اليوم، هو متابعة العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا واتخاذ كل الإجراءات في مواجهة الحرب التي تشنها أمريكا والغرب ضد روسيا على كافة الجبهات العسكرية والاقتصادية والاعلامية، ولكن بالرغم من كل ذلك ليس هناك أي تغيير في سياستها باتجاه الوضع أو الأزمة السورية. 

موضحاً: “دوريات الشرطة العسكرية الروسية تقوم بالمهام الموكلة إليها، وأهمها الحفاظ على التهدئة في كافة الأراضي السورية والمساهمة في حل الخلافات والتوترات بين سلطات دمشق والقوي الأخرى من فصائل المعارضة السورية”. 

عملية الانتقال لنظام سياسي جديد تأخّرت

فيما لفت الشاعر إلى أنه “تم التوصل إلى اتفاقات تسوية مؤقتة بين النظام وبعض الفصائل، وأقول مؤقتة إلى أن يتم التوصل إلى تسويات نهائية، من خلال عملية الانتقال السياسي السلمي إلى نظام جديد، بتعديل دستوري وتنفيذ قرار مجلس الأمن 2254، وهذه التسويات تنطبق على جميع المناظق السورية خاصة الجنوب والشمال”. 

وأضاف: “للأسف عملية الانتقال السياسي إلى نظام آخر جديد تأخرت، والسبب الرئيسي لهذا التأخر هو عدم نضوج الوضع الذاتي السوري، والذي بدونه لا يمكن أن التغيير في سوريا” مشيراً: “المسؤولية تقع على النظام الحالي في دمشق، فهو الذي لم يبادر، وللأسف هذا لم يحصل إلى اليوم”.

كما أوضح أن الحفاظ على التهدئة ووقف الاقتتال بين السوريين وخاصة في الجنوب والشمال هو الأهم، وهو ما تسعي روسيا لتثبيته والحفاظ عليه، للحفاظ على أرواح السوريين نفسهم سواء من النظام أو المعارضة. 

الأحداث في درعا البلد وطريق السد 

كانت روسيا في العام الماضي في أيلول / سبتمبر 2021 تدخلت في وقف الأعمال القتالية في درعا البلد، وعقدت عدة اجتماعات مع اللجان المركزية ومسؤولين وضباط من طرف السلطة وتواصلت في النهاية لاتفاق، طُبق في معظم مناطق درعا، يعلق الشاعر على ذلك بقوله: “الجميع في الجنوب يعلمون أن روسيا منعت قبل تقريبا سنة أو سنتين حدوث اشتباكات بين النظام والمعارضة، والتي كانت من الممكن أن تكون نتيجتها الدمار والضحايا من أبناء الشعب السوري الواحد”. 

ولدى سؤال درعا 24 حول الأحداث الأخيرة في درعا البلد وطريق السد، وعن عدم تدخل روسيا فيها، أكّد الشاعر بأن الوضع غير طبيعي ومشحون بسبب الفلتان الأمني، ونشاطات العصابات المختلفة وعمليات التهريب والابتزاز. “هذه المجموعات والعصابات التي تشكلت، تستغل وضع الفلتان الأمني فتهدد وتبتز سكان درعا البلد وحي طريق السد ومناطق أخرى، لذلك كان لا بد من وضع حدًّ لها، لإعادة الاستقرار.

قد تلجأ الأردن إلى عمليات عسكرية داخل الأراضي السورية في الجنوب للحفاظ على أمنها

وأوضح: “إن عدم الاستقرار في الجنوب السوري ونشاط عصابات تهريب المخدرات والاسلحة، أصبح يُشكّل خطراً على الأمن والاستقرار في الأردن، حيث تُسبب هذه العصابات عدم استقرار وتوتر على الحدود السورية الأردنية، ولا أبالغ إذا قلت إن الأردن – أي الجيش الأردني – قريباً قد يضطر للقيام بعمليات عسكرية داخل الأراضي السورية، للقضاء على عصابات تجار المخدرات وعمليات التهريب المستمرة إلى الأردن”. 

اللواء الثامن والانتقال السياسي

يعد اللواء الثامن أكبر الفصائل المحلية التي تبعت لروسيا بعد اتفاقية العام 2018، بهذا الخصوص يقول المحلل السياسي الشاعر: “تم تشكيل اللواء الثامن من مقاتلي المعارضة، على أمل أن يكون لهم دور في عملية الانتقال السياسي السلمي بمشاركة الجّميع لتشكيل نظام جديد في سوريا، يلبي طموحات كل السوريين، وعلى أن يتم أثناء عملية الانتقال التي يشاركون فيها، تسوية أوضاع السوريين الذين حملوا السلاح، وكان لروسيا بالفعل دوراً في تشكيل اللواء الثامن، وهذا الدور الروسي هدفه في الدرجة الأولى، وبفضله تم تفادي حدوث اقتتال بين السوريين، وحمى بعض المدن والقرى من الدمار”. 

وأردف: “لكن للأسف وإلى الآن لم يبادر النظام في دمشق في السير في عملية الانتقال السياسي، بل أكثر من ذلك هو يعرقلها، وكثيرون ممن انضموا للواء الثامن يئسوا، وعدد كبير منهم ترك الخدمة فيه، وهو يعاني اليوم من نقص التمويل”. 

إقرأ أيضاً: مقرّب من الخارجية الروسية يؤكد وقف العمليات القتالية في درعا

وحول العلاقة مع اللواء الثامن وهل انتقل التنسيق بينه وبين روسيا إلى التنسيق مع الأمن العسكري: أكد الشاعر أنه من الطبيعي أن يكون هناك تنسيق بين الأمن العسكري أو الجيش السوري، مع أي تشكيلات عسكرية تحمل السلاح، ولها دور بحسب الاتفاق والوساطة الروسية في الحفاظ على نظام التهدئة. مشيراً أن التنسيق جاري مع روسيا بكافة المجالات الخاصة بسوريا ومستقبلها، ويشارك روسيا في ذلك أيضاً أطراف مجموعة استانة، تركيا وإيران، وهناك تعاون عسكري وأمني بين روسيا وسوريا، وبالتأكيد هناك تنسيق بين قائد اللواء الثامن أحمد العودة وممثلي وزارة الدفاع الروسية المتواجدين على الأراضي السورية.

فيما أضاف الشاعر أن اليأس من عملية الانتقال السياسي، اضطرت قائد اللواء أحمد العودة للبحث عن طرق أخرى، للدفع في عملية التغيير في سوريا، من خلال التواصل مع أطراف المعارضة السورية الأخرى المتواجدة في الشمال السوري، “وهكذا أفسر تواجده في تركيا”. مستنتجاً، أن وضع اللواء الثامن غير طبيعي، كما هو الوضع في سوريا عامة.

الفدرلة مخرج في الوضع الحالي السوري

ولدى سؤاله عن كيفية تفادى التقسيم في سوريا، وهل الفدرلة حل لإبقاء سوريا موحدة؟ أكد أنه لا يعتقد أن هناك طرف سوري أو دولي يسعى إلى تقسيم سوريا، لكن يحب أن يأخذ التعديل الدستوري الجديد بالاعتبار، مراعاة حقوق جميع الأقليات العرقية في سوريا وحقهم في ممارسة عادتهم وتقاليدهم، بما في ذلك لغتهم.

وأضاف:  “إن الفدرلة مخرج في الوضع الحالي السوري، لكن يجب التوصل إلى ذلك من خلال الحوار السوري – السوري، والتوصل إلى توافق، وأريد أن أؤكد أن سوريا لن تُقسم، والسوريون بمختلف انتمائاتهم لن يسمحوا بذلك”.

إقرأ أيضاً: صحيفة روسية: أزفت ساعة درعا بالنسبة لروسيا

قرار مجلس الأمن 2254 

كانت روسيا طرفاً في الصراع السوري بشكل عام وفي درعا بشكل خاص، حيث بدأت تدخلها العسكري في سوريا في أواخر العام 2015، واستخدمت سلاحها في قصف العديد من المدن والبلدات، وسقط نتيجة ذلك الكثير من الضحايا من المدنيين. فماذا عن صلتها الحالية بسوء الأوضاع في الجنوب السوري وما مدى التزامها بتطبيق قرار مجلس الأمن 2254؟ ردّاً على ذلك أوضح الشاعر، بأنه لا يتفق مع الرأي الذي يحمل روسيا مسؤولية سوء الأوضاع في الجنوب لعدم سيطرة روسيا على هذه المنطقة، وأنه ليس لروسيا أي هدف للسيطرة على أي مناطق في سوريا، وأن الذي يجب أن يسيطر على جميع الأراضي السورية هم السوريون؛ النظام بالاتفاق مع المعارضة من خلال الحوار السوري – السوري. وفق تعبيره.  

يتابع : “طالما لم يحدث ذلك (الحوار السوري السوري) ستستمر الفوضى وتتدهور الأوضاع من سيء إلى أسوأ، ولا يمكن إيقاف هذا التدهور إلا من خلال الاتفاق بالدرجة الأولى على التعديل الدستوري، والبدء بتنفيذ قرار مجلس الأمن 2254، وكل من يراهن على موت اللجنة الدستورية، والتنصل من قرار مجلس الأمن والمراهنة على تصفية طرف للطرف الآخر سواء من قبل النظام أو المعارضة، فهو يساهم بتدهور الأوضاع وبمستقبل جداً جداً سيء لبلده سوريا، والثمن سيدفعه الشعب السوري الذي وضعه اليوم مأساوي بكل معنى الكلمة، ومن يحاول تجاهل أن الوضع مأساوي فهو عديم الضمير والأخلاق”. 

فيما ختم المحلل السياسي الشاعر حديثه بأن روسيا تتمسك بقرار مجلس الأمن 2254، لحل الازمة السورية، وكل البيانات التي تصدر عن موسكو بخصوص الأزمة السورية، تؤكد على ذلك، ولكن لن يستطيع أحد تنفيذ هذا القرار، وانقاذ سوريا وشعبها سوى السوريين أنفسهم.

الرابط: https://daraa24.org/?p=27310

Similar Posts