أصدرت وزارة الخارجية السورية بيانًا اليوم 16 أيلول/سبتمبر 2025، أعلنت فيه التوصل إلى “خارطة طريق لحل الأزمة في محافظة السويداء وتحقيق الاستقرار في جنوب سوريا”. جاء ذلك بعد اجتماع ثلاثي ضم وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني، ونظيره الأردني أيمن الصفدي، والمبعوث الأميركي الخاص إلى سوريا توماس برّاك في قصر تشرين بدمشق.
أكّد البيان أنّ السويداء جزء لا يتجزأ من سوريا، وأن الحل يجب أن يستند إلى وحدة الأرض السورية، وإلى المساواة الكاملة بين المواطنين في الحقوق والواجبات.
أبرز ما جاء في البيان
- إطلاق سراح جميع المحتجزين والمخطوفين وتحديد المفقودين، بدعم من اللجنة الدولية للصليب الأحمر.
- تدفّق المساعدات الإنسانية وإعادة الخدمات الأساسية للقرى المتضررة.
- سحب المقاتلين غير النظاميين من محيط السويداء، وانتشار قوات شرطة مهنية داخل الحدود الإدارية للمحافظة.
- إنهاء أي تدخل خارجي داخل السويداء، وضمان سيادة الدولة السورية.
- تيسير الوصول إلى الأدلة والتعاون مع لجنة التحقيق الدولية المستقلة لمحاسبة من يثبت تورطه بانتهاكات.
- إطلاق مسار مصالحة محلي بمشاركة جميع المكوّنات (الدروز، البدو، المسيحيون)، وتشكيل مجالس محلية لإدارة المرحلة الانتقالية.
- آلية مراقبة مشتركة سورية–أردنية–أميركية لمتابعة التنفيذ على الأرض.
- تفاهمات أمنية حول الجنوب مع إسرائيل برعاية أميركية، مع تأكيد سيادة سوريا وسلامة أراضيها.
قراءة سياسية للاتفاق
يصف محللون سياسيون الاجتماع بأنه منعطف جديد في طريقة تعامل دمشق. البيان يوجّه رسالة بأن دمشق مستعدة للتعاون مع أطراف دولية وإقليمية لإعادة الاستقرار، حتى لو تضمن ذلك إشراك لجنة التحقيق الأممية ومراقبة ثلاثية.
يقرأ مراقبون هذه الخطوة على أنها محاولة لبعث رسالة مزدوجة: من جهة، إظهار استعداد الإدارة السورية للتجاوب مع ضغوط دولية وإقليمية، ومن جهة أخرى تثبيت أن السويداء لن تُفصل عن سوريا وأن الحل لن يكون إلا عبر الدولة المركزية.
دور اللاعبين الإقليميين
بدا الأردن الأكثر إصرارًا على بند ضبط الحدود والتهريب، وهو ملف يهدد أمنه الداخلي منذ سنوات. أما الولايات المتحدة، فتركز على استقرار الجنوب وتخفيف التوتر على جبهة إسرائيل، ما يفسّر تضمين بند «التفاهمات الأمنية» في نص البيان.
في حين كانت دولة قطر أول المرحّبين بالبيان، إذ اعتبرت وزارة الخارجية القطرية أن اعتماد خارطة الطريق خطوة مهمة تعبّر عن إرادة جماعية لبناء مستقبل مستقر لسوريا وتوطيد الأمن والسلام في المنطقة. وأكدت الدوحة في بيانها دعمها الكامل لكافة الجهود الإقليمية والدولية الرامية إلى تعزيز الاستقرار في سوريا، بما يشمل ترسيخ السلم الأهلي، وتحقيق المصالحة الوطنية، وتعزيز المساءلة والعدالة، وبناء دولة المؤسسات والقانون، وضمان مشاركة جميع أطياف الشعب السوري في رسم مستقبل البلاد.
اقرأ أيضاً: الشيخ موفق طريف يبلغ الهجري برفض فتح ممر إنساني من إسرائيل باتجاه السويداء
عقبات على الطريق
يبقى التنفيذ هو الاختبار الحقيقي، وفقاً للمحللين. فالإفراج عن محتجزين وتدفق المساعدات وسحب المقاتلين خطوات يمكن أن تُقاس سريعًا على الأرض، وخلال الأيام أو الأسابيع القليلة القادمة. أي تباطؤ أو محاولة التفاف قد يعيد الاحتقان بسرعة.
اقرأ أيضاً: تصعيد في مواقف شيوخ الطائفة الدرزية في السويداء: رفض للتفاوض ودعوات لتحقيق دولي
إلى أين تسير الأمور؟
إن نجحت الخارطة الثلاثية في تثبيت التهدئة، ستقدَّم كدليل على أن دمشق قادرة على الانفتاح تحت إشراف دولي–إقليمي. أما إذا تعثرت، فقد تعود المحافظة إلى التوتر، مع مزيد من انعدام الثقة بين الأهالي والسلطة.
تبقى الأيام والأسابيع المقبلة حاسمة، إذ ستكشف ما إذا كان البيان مجرد إعلان سياسي، ومجرد إيقاف تمديد الهدوء الحذر الحالي أم بداية مسار فعلي نحو استقرار طال انتظاره في جنوب سوريا.
يُعتبر اجتماع دمشق اليوم اختبارًا حقيقيًا لقدرة جميع الأطراف على تحويل ما كُتب على الورق إلى واقع. فالسويداء تقف اليوم عند مفترق طرق: إمّا تفتح الباب تدريجيًا أمام عودة الدولة والمؤسسات، وإعادة بناء الثقة بين المكوّنات المحلية والسلطة المركزية، أو يستمر الوضع على ما هو عليه. وبين هذين الاحتمالين، يتوقف مستقبل المنطقة على لحظة التنفيذ، عبر تطبيق العدالة، وتدفق المساعدات، وضبط الحدود، وبقية البنود التي إن تحققت ستمنح المنطقة بارقة أمل، وإن تعطلت ستعيد إنتاج الفوضى، ولا سيما بوجود اللاعب الرئيسي وهو الاحتلال الإسرائيلي الذي يعتبر جزءاً من كل الاتفاقات.
الرابط: https://daraa24.org/?p=53564