قمح حوران

استعجل “أبو محمد” حصاد محصول القمح هذا العام مُبكّراً، والذي يصفه بـ “الموسم الناجي من الصعاب”. حيث كان معدل الأمطار هذا العام جيداً، لكن كان هناك أمراض أصابتْ بعض الحقول، وكذلك ككلّ عامّ اندلعتْ عدّة حرائق، أتتْ على مساحة واسعة من الحقول الزراعية، وقضتْ على آمال عشرات الفلاحين. يقول الفلاح السبعيني لمراسل درعا 24 بحسرة: “لم يعد موسم الحصاد موسم الفرح والبهجة الذي ننتظره، فالتكاليف باهظة ولكن أسعار البيع غير مجزية”.

حددّتْ الحكومة السورية من خلال وزير الزراعة والإصلاح الزراعي، خلال المؤتمر السنوي للحبوب، أنّ استلام محصول القمح يبدأ في 26 أيار / مايو، في مراكز الاستلام التابعة لمؤسسة الحبوب. وحدد السعر بـ 5500 ليرة سورية للكيلوغرام الواحد، وفق المواصفات القياسية المعتمدة لدى وزارة التجارة الداخلية.

علق رئيس اتحاد الفلاحين في سوريا “أحمد صالح إبراهيم” على هذا السعر في تصريح لجريدة الوطن شبه الرسمية، وصف السعر بأنه “مجزٍ”، وأشار إلى أنه لا توجد أي مكافأة للفلاح هذا العام، والتي كانت سابقاً عبارة عن زيادة مبلغ بسيط على كل كيلوغرام من القمح كتعويض بسبب تدني السعر.

في المقابل، يؤكد الفلاح “أبو محمد” أن السعر غير جيد وغير مرضٍ أبداً، خاصّةً إذا ما قورن بالجهد المبذول من الفلاح طوال العام. مشيراً إلى أن تكاليف الزراعة مرتفعة جداً، بدءاً من ثمن البذار والسماد والحراثة، مروراً بتكاليف الحصاد وأجور الحصادات، وصولاً إلى نقل القمح وتسويقه لمراكز السورية للحبوب أو لمؤسسة الإكثار”.

قمح حوران من الدولة وإليها

مع بداية زراعة القمح في حوران، تضع الحكومة ممثلةً بمؤسستي الحبوب والإكثار، الخطة السنوية، حيث تقوم ببيع الفلاحين البذار، وتعدهم بتسليمهم المازوب للري وجميع مستلزمات العملية الزراعية بالسعر المدعوم، مقابل أن تسليم المحصول لهذه المؤسسات بالسعر الذي تحدده، وتتلقى درعا 24 عشرات الشكاوى كل عام من تأخر تسليم البذار ثم عدم تأمين المازوت للري ولا الأسمدة للكثير من المزارعين.

مع بدء موسم الحصاد واستعجال الفلاحين خوفاً من الحرائق، فبعض أصحاب الحصادات يستغلون ذلك، ولا يلتزمون بالتسعيرة الحكومية المفروضة، خاصّةً مع غياب الرقابة. وقال رئيس مكتب التسويق في الاتحاد العام للفلاحين أحمد هلال الخلف جريدة الوطن بأت بعض مالكي الحصادات لا يلتزمون بالتسعيرة المحددة لحصاد القمح، ويتقاضون مبالغ مرتفعة قد تصل لحدود 300 ألف ليرة للدونم الواحد.

فيما حدد المكتب التنفيذي لمجلس محافظة درعا، تسعيرة القمح، والذي أصدر قراراً في منتصف مايو / أيار قراراً، يُحدد فيه أجور حصاد الدونم الواحد. وقد كانت على الشكل التالي:

القمح المروي

حصادة حب مع تبن (أجر حصاد الدونم 95000/ ل.س خمسة وتسعون ألف ليرة سورية فقط لاغير)، وحصادة حب فقط (أجر حصاد الدونم / 85000 /ل.س خمسة وثمانون ألف ليرة سورية فقط لاغير).

 القمح البعل

حصادة حب مع  تبن (أجر حصاد الدونم / 80000/ل.س  ثمانون ألف ليرة سورية فقط لاغير) وحصادة حب فقط (أجر حصاد الدونم /70000 /ل.س سبعون ألف ليرة سورية فقط لاغير).

المساحة المحصودة من القمح بلغت 10000 هكتار حتى الآن بينما تم تسويق 12000 طن.

بعد جني المحصول، ينقل الفلاحون أقماحهم إلى الصوامع في إزرع وغرز. يقول مدير فرع المؤسسة السورية للحبوب في درعا المهندس أنور فروان في تصريح لصحيفة تشرين الرسيمة، أنّ عمليات تسويق الأقماح تكون إلى مركز صومعة إزرع (والتي تكون على شكل دوكمة)، وإلى مركز عراء الصنمين (وتكون على شكل شوالات، مُشول).

مضيفاً، بأن العملية تمرّ بدايةً بأخذ عينة من الشحنة الموردة، ومن ثم إدخالها للغرفة السرية والتحليل لبيان جودتها وتحديد درجتها، ثم تذهب إلى القبان ومن بعدها لجور التفريغ في صومعة إزرع، أو ساحة التخزين في الصنمين.

إقرأ أيضاً: بدأ القمح بتشكيل السنابل، ومديرية الزراعة تتحدث عن المحصول

حتى 2 يونيو 2024 بلغت المساحة المحصودة من القمح بلغت 10000 هكتار، بينما تم تسويق 12000 طن لمراكز استلام الحبوب، بحسب ما أعلنته مديرية الزراعة في درعا. وتحدث خلال عمليات تسليم القمح بعض الصعوبات عادةً، ومن أبرزها الازدحام، وكذلك من تلقي بعض الموظفين للرشاوى لتقييم القمح بدرجة أفضل،  ثم تحدث حالات تأخر في صرف أثمان القمح.

حرائق وأمراض

احترقت هذا العام مساحات واسعة من حقول القمح هذا العام، وحسب العديد من المصادر الرسمية فإن الحرائق هذا العام تجاوزت العام الذي سبقه، لكنها لم تعلن عن إحصائيات شاملة لجميع المساحات التي احترقت. وقد رصدت درعا 24 أحد أكبر هذه الحرائق في الريف الشرقي من درعا، والذي بدأ بالحقول الزراعية المحيطة بالمنطقة الحرّة، وامتد باتجاه سهول بلدة الطيبة، ومع ازدياد شدة الرياح، وصلت النيران إلى الأراضي الممتدة بين بلدتي الطيبة والمتاعية. وبلغت المساحات المحروقة أكثر من 600 دونم.

إقرأ أيضاً: حريق ضخم جداً شرقي درعا على الحدود السورية الأردنية

سبق الحرائق أيضاً انتشار بعض الأمراض في حقول القمح في بعض المناطق، وكشف عدد من الفلاحين لمراسل درعا 24 بأن حشرة السونة، التي تتغذى على سنابل القمح، وتؤدي إلى أضرار بمواصفات حبة القمح وتخفيض وزنها، وكان انتشارها هذا العام في سهول نوى ومحجة والحارة والصنمين، ومناطق أخرى.  

وقالت مديرية الزراعة أنها كافحت ١٧٨٠ دونماً من القمح مصابة بحشرة السونة، حيث تبين بعد الكشف والتحري، إصابة بعض الحقول، وتم توجيه عناصر المكافحة لمعالجة الأمر، وتطبيق عمليات الرش لتلك الحقول، ومنع انتشار الإصابة للحقول المجاورة.

بلغت المساحة المزروعة بمحصول القمح المروي خلال الموسم الزراعي الحالي بلغت 11055 هكتاراً والبعل 86884 هكتاراً، في حين يبقى الفلاح في محافظة درعا بالرغم من كل هذه التحديات، بدءاً من الأمراض والحرائق المتكررة في كل عام، وانخفاض الدعم الحكومي، يبذل كل جهده لأنتاج هذا المحصول الذي يعد استرتيجياً، ويُسهم في تأمين رغيف الخبز الذي هو قوت الناس، والذي يتم التلاعب به أيضاً، وهناك صعوبات كبيرة في الحصول عليه.

الرابط: https://daraa24.org/?p=41172

Similar Posts