الهيئة العامة لمشفى البيروني

تزداد معاناة مرضى السرطان في محافظة درعا بسبب النقص الحادّ في الأدوية التي يحتاجونها، وارتفاع أسعارها، وعدم توفرها في المستشفيات الحكومية، مما يؤدي إلى عدم انتظام العلاج وجلساته، ويُساهم في زيادة آلام المرضى الجسدية والنفسية، في ظل واقع اقتصادي منهار ووضع معيشي سيء في عموم البلاد.

إقرأ أيضاً: أكثر من ثلاثة آلاف مريض سرطان في الشمال السوري بدون علاج

تكاليف معنوية ومادية كبيرة

يتكبد هؤلاء المرضى عناء السفر في سبيل العلاج، وتتحمّل أسرهم تكاليف مادية ومعنوية كبيرة، فضلاً عن الأدوية والمصاريف اليومية التي لا تنتهي، وترافق المريض وتضاعف معاناته. وهذا ما يؤكده الطبيب محمد باسل المختص في هذا المجال في حديثه مع مراسل درعا 24، ويعتبر أن وضع مرضى السرطان في محافظة درعا، هو الأسوأ على الإطلاق، لأنهم يعانون من عدم توفر العلاج والارتفاع الكبير في سعره في حال توفره، ويدفع ذلك بعضهم للتوقف عن تلقيه، بسبب عدم قدرتهم على تغطية تكاليف العلاج والنقل التي وصلت لدرجة تفوق قدرة الأغنياء منهم، وفق وصفه.

 يضيف الطبيب بأن ظروف الرعاية الصحية في المشافي الحكومية في المحافظة سيئة، حيث تعاني من النقص في أخصائيّ علاج الأورام، شأنهم في ذلك شأن غالبية الكوادر الطبية التي غادرت البلاد بحثاً عن فرص عمل أفضل، بسبب انهيار الوضع الاقتصادي والفوضى الأمنية التي تسيطر على المنطقة. ويشرح : “هذا ما يدفع مرضى السرطان للسفر إلى العاصمة دمشق للعلاج، متحملين تكاليف مادية باهظة. كما أن شح الأدوية دفع بهم إلى البحث عنها في السوق السوداء وبأسعار مرتفعة جداً”.

لافتاً إلى أن كل التحديات السابقة التي يواجهها مرضى السرطان، تعيق استمرارية وانتظام علاجهم، مما قد يعرضهم لمخاطر صحية كبيرة، فقد باتت المخاطر التي تواجههم اليوم أكبر من أي وقت مضى. 

تقول أم سعيد مريضة بالسرطان من ريف درعا الشرقي، لمراسلة درعا 24: “كنت أتلقى العلاج في المشافي الحكومية بشكل مجاني سابقاً، ولكن كنت أدفع ثمن الأدوية الضرورية قبل وبعد الجرعة، إضافةً إلى تكاليف الصور والتحاليل الدورية، والتي كانت تتم في مراكز خاصة في دمشق لعدم توفر المعدات اللازمة في درعا، لكن خلال الفترات الأخيرة انقطع العلاج بشكل نهائي من مشافي الدولة، وصار المريض مضطر لشراء الجرعة على حسابه الخاص، وتلقيها في المشافي الحكومية أو المراكز الخاصة”.

تؤكد السيدة الأربعينية أنه كان يتوجب عليها تلقي العلاج بمعدل جرعة كل 12 يوماً، وهي عبارة عن أبرة سعرها يصل لـ 600 دولار، ويطلب منها المركز الذي تتلقى فيه العلاج ثمن الجرعة بالدولار حصرياً، حتى يؤمن الجرعة اللازمة، التي تختلف من مريض لآخر. هذا إضافةً إلى التحاليل والأدوية الأخرى التي تصفها بالمُكلفة جداً، والتي ترافق الجرعة بشكل دائم. توضح: “كل هذه التكاليف أصبحت على حسابي الخاص”.

تضيف أم سعيد بأنها غدتْ مُجبرة على بيع ممتلكاتها الخاصة، والاستدانة من الأقارب لتأمين ثمن العلاج. مؤكدةً أنه لا يوجد أي جهة داعمة لمرضى السرطان في محافظة درعا، ويصعب عليها الذهاب إلى دمشق، بحثاً عن الجمعيات، التي يمكن أن تقدم الدعم هناك.

إقرأ أيضاً: مرضى السرطان بدرعا، وجه آخر للمعاناة

وضع صحي منهار وذوو المرضى يعانون

أدت الأزمة الاقتصادية التي تعصف بمحافظة درعا – شأنها في ذلك شأن بقية المحافظات السورية – إلى انهيار الوضع الصحي والدوائي، حيث ارتفعت أسعار الأدوية إلى معدلات غير مسبوقة، إضافةً إلى وجود صعوبات كبيرة للحصول عليها، بما في ذلك الأدوية الكيميائية الضرورية لعلاج مرضى السرطان.

تتحدث والدة عائشة الطفلة التي تعاني من سرطان في الدم، أنها تجد صعوبة بالغة في الحصول على الجرعات لابنتها، حيث أصبحت كلفتها مرتفعة جداً، وهي لا تملك ثمنها لأنها بدون مصدر دخل حالياً، ولم تجد أي جهة تقدّم لها الدعم، حتى على المستوى المحلي، وتواصلت مع الكثير من الأشخاص، ولكن لم تحصل إلا على مبالغ بسيطة جداً ولمرة واحدة فقط.

تعاني هذه السيدة كما هو الحال بالنسبة لغالبية أهالي المرضى الذين يشاهدون مرضاهم يقاسون الألم أو يفقدون حياتهم، بسبب عدم القدرة على توفير ثمن العلاج لهم. وتشرح أن المشافي الحكومية في درعا لا تقدم أي نوع من أنواع العلاج المجاني للمصابين بهذا المرض، وأنها لم تعد قادرة على تحمل كل تلك الضغوطات، ولم يعد أمامها، إلا تقنين الجرعات لابنتها المُصابة، على الرغم من الأخطار التي تترتب على ذلك.

أما عن معاناة مرضى السرطان فيقول أسامة الذي رافق أخيه في رحلة البحث عن الدواء، بإن تأخر توفير الجرعات اللازمة يُعقّد وضع المريض ويعرضه للخطر، ووصف معاناة مرضى السرطان في درعا بالمعاناة المُركّبة من قسوة المرض وألمه، وارتفاع تكلفة علاجه. 

يختم حديثه: “اضطررنا إلى بيع بعض الممتلكات الخاصة بالعائلة، حتى استطعنا شراء العلاج اللازم له في الوقت الحالي، بسبب عدم وجود دعم في المراكز الحكومية لعلاج الأورام السرطانية في درعا”.

هذا وتعاني محافظة درعا من واقع صحي سيء جداً، ومن انعدام في جودة الخدمات الطبية والرعاية الصحية، نتيجة غياب الكوادر الطبية ونقص وضعف التجهيزات والمستلزمات الطبية، وعدم وجود الدعم الحكومي.

رابط التقرير: https://daraa24.org/?p=33761

Similar Posts