مقابلة خاصة مع الشيخ بلال الحريري- لجنة التحكيم لم تكن مثالية لكنها كانت ضرورة
الشيخ بلال الحريري

بعد أكثر من عامين على تشكيلها، أعلنت لجنة التحكيم في ريف درعا الغربي حلّ نفسها عقب سقوط النظام السوري أواخر عام 2024، منهية بذلك تجربة محلية في فضّ النزاعات والنظر في القضايا الجنائية والمدنية بعيدًا عن مؤسسات النظام السابق.

رافق عمل اللجنة الكثير من الاتهامات بالتجاوزات، وبتحيّزها لبعض قادة الفصائل، وهي اتهامات وثّقتها شبكة “درعا 24” في تقارير سابقة. وللوقوف على تفاصيل هذه المرحلة، وتقديم رواية الجهة المعنية، أجرينا هذه المقابلة الخاصة مع الشيخ بلال نزيه الحريري، الناطق باسم لجنة التحكيم، والحاصل على بكالوريوس في الشريعة من الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة، ودبلوم اقتصاد إسلامي ورقابة شرعية.

يتحدّث الشيخ الحريري عن دوافع تشكيل اللجنة، والتحديات التي واجهتها، والاتهامات التي طالتها في بعض الملفات المثيرة للجدل، مثل قضيتي مقتل الإعلامي محمود الكفري والطفلة فيروز البريقي، وحادثة إعدام عمار النصيرات، إضافةً إلى مصير المعتقلين بعد حلّ اللجنة.

فيما يلي نص المقابلة الكامل:

هل أدّت لجنة التحكيم دورها كما يجب أثناء نشاطها؟ ولماذا؟

في البداية لا بدّ من التذكير بالسياق الذي أُنشئت فيه لجنة التحكيم، وهو مرحلة ما بعد تسويات 2018، حين كانت حوران مجازيا تحت سيطرة النظام البائد، الذي لم يكن له هدف سوى دعم النفوذ الشيعي، وزرع الفوضى والتفكك في المجتمع.

وجد أبناء حوران أنفسهم في مواجهة اختلال أمني كبير، وغياب كامل لدور الدولة، ما استدعى إنشاء سلطات محلية بديلة، ومنها لجنة التحكيم.

نظرنا إلى عملنا كعبادة، وكان هدفنا إحقاق الحق، والنظر في قضايا الناس، وضبط الأمن المحلي قدر المستطاع. لا ندّعي الكمال، ونتّهم أنفسنا بالتقصير أمام الله، لكننا قمنا بما نستطيعه في ظل إمكانات محدودة جدًا، ومن دون أي دعم مالي أو لوجستي.

في قضية مقتل الزميل محمود الكفري، وُجهت اتهامات للجنة بأن الحكم كان مسيّسًا، وتم الإفراج عن القاتل بتدخل أمني. ما ردّكم؟

نُظر في القضية بعد موافقة الطرفين على الاحتكام للجنة، وشملت القضية حيثيات وجرائم متعددة كالحرق والقتل، واعتمدنا في الحكم على القرائن والأدلة. لم نتعرض لأي ضغوط أو تدخلات، لا من النظام ولا من غيره، بل كان النظام منزعجًا أصلًا من وجود لجنة التحكيم ويعتبرها “دولة داخل الدولة”.

صحيح أن القاتل (محمد عارف العباس) هرب لاحقًا من أحد سجون اللجنة المركزية، لكن لا يمكننا الجزم إن كان هناك تعاون أو تساهل في تهريبه، غير أن التفريط في حراسته كان واضحًا. لا يمكن تحميل اللجنة وحدها المسؤولية، فالظروف كانت استثنائية، ولم تكن هناك مقدّرات لضبط الملف بالشكل المثالي.

قضية مقتل الطفلة “فيروز البريقي” انتهت بالصلح والدية، رغم وضوح الجريمة. هل كانت اللجنة عاجزة عن فرض العدالة؟

القضية كانت حساسة ومعقّدة، فالمتهم الأساسي كان قد فرّ، وتم القبض على اثنين من أعمام الطفلة. كل الشهادات كانت من نفس العائلة، وتضمنت قرائن تشير إلى تورط أحد الموقوفين، لكنها لم تكن كافية للحكم عليه. اللجنة أبقت على الموقوفين في الحجز رغم الضغوطات الكبيرة، ورفضت إطلاق سراحهم.

وفي النهاية، وافقت والدة الطفلة – بصفتها ولية الدم – على التنازل مقابل دية مالية، وتم إنهاء القضية صلحًا. هذا ليس انتصارًا كاملاً للعدالة، لكن في ظل غياب قوة تنفيذية مستقلة، كان هذا أفضل الممكن.

نُفّذ إعدام عمار النصيرات بشكل علني في طفس دون محاكمة. ما موقفكم؟ ومن يتحمل المسؤولية؟

أصدرنا بيانًا فور الحادثة نرفض فيه تمامًا هذا الفعل. حتى لو كان المتهم مجرمًا، فمحاسبته يجب أن تتم عبر لجنة التحكيم وليس من خلال تنفيذ ميداني خارج القانون. المسؤولية يتحملها كل من شارك في العملية، وهذه الممارسات مرفوضة ولا تمت للعدالة بصلة.

طالت اللجنة المركزية اتهامات بالتعذيب وسوء معاملة الموقوفين، وبأن معاملة المحتجزين كانت تختلف بحسب وضعهم المادي أو قربهم من القيادات. هل كانت هناك رقابة على السجون؟

في البداية، لجنة التحكيم لم تكن تملك سجونًا خاصة بها، وكانت تعتمد على سجون بعض المجموعات المحلية. لم تكن هناك سياسة ممنهجة في التعامل مع الموقوفين، بل كانت المعاملة أحيانًا خاضعة لمزاج السجّان.

اللجنة حاولت قدر الإمكان الحدّ من هذه التجاوزات، وكانت تنقل السجون باستمرار بحثًا عن حلول أفضل. لا أنفي وجود بعض حالات الضرب المفرط، لكن لا علم لنا بحالات تعذيب ممنهج. كانت معظم التصرفات ارتجالية، من أفراد ليست لديهم معرفة كافية بكيفية التعامل مع الموقوفين.

بعد سقوط النظام وحلّ اللجنة المركزية ولجنة التحكيم، ما مصير المعتقلين؟ وهل لديكم معلومات موثّقة؟

بعد عملية التحرير، قررت اللجنة إخلاء سبيل كل الموقوفين في القضايا المدنية أو الخلافات البسيطة. أما المتهمون في قضايا قتل أو ما زالوا قيد التحقيق، فقد تم تسليمهم للدولة الجديدة، مع ملفات التحقيق الكاملة. وأُبلغ ذوو الضحايا بضرورة تحريك دعاوى جديدة ضمن النظام القضائي الحالي.

أما بخصوص التوثيق، فالسلطات الجديدة تملك نسخة من ملفات التسليم، ويمكنكم الاستفسار منهم للتأكّد من التفاصيل.

إقرأ أيضاً: رامي الشاعر في حديث خاص مع درعا 24: من المبكر تقييم القيادة السورية الحالية… والحوار الوطني الشامل هو الأمل الحقيقي

لمشاهدة المقابلة كاملة

الرابط: https://daraa24.org/?p=52063

موضوعات ذات صلة