تفجير منزل في مدينة جاسم يتحصن فيه عناصر من تنظيم داعش
تفجير منزل في مدينة جاسم، كان يتحصن فيه عناصر من تنظيم داعش

تظهر بين الحين والآخر خلايا لتنظيم داعش في بعض المناطق في محافظة درعا، بدءاً من ظهور التنظيم في العام 2016 في منطقة حوض اليرموك غربي درعا، ثم القضاء عليه في العام 2018، وشاركت في العملية وقتها الفصائل المحلية والجيش. لتعاود داعش الظهور اليوم مرّةً غربي درعا ومرّةً شمالها ثم أخيراً في درعا البلد. وتستمر الأجهزة الأمنية وأمراء الحرب باستغلال ظهورها واتخاذها شماعةً للتهديد باقتحام مدينة أو أخرى، وبالمسارعة لتبني العمل ضدها دون المشاركة فيه.

داعش في درعا البلد

تؤكد الفصائل المحلية من المقاتلين المحليين من أبناء درعا البلد والفصائل التي تتبع للجنة المركزية من المنطقة الغربية واللواء الثامن التابع لجهاز الأمن العسكري، أنهم منذ 31 أكتوبر / تشرين الأول الماضي، يقاتلون داعش ضمن أحياء درعا البلد، وأن من يقودهم هما “محمد المسالمة الملقب هفو، ومؤيد حرفوش الملقب أبو طعجة”. وكان الأخير في تسجيل صوتي نفى انتسابهم للتنظيم.

وقد قُتل خلال الاشتباكات من المقاتلين المحليين سبعة، فيما قُتل ستة من المتهمين بالانضمام لداعش بينهم. إضافةً إلى مقتل إعلامي وطفل. وبذلك يكون العدد الإجمالي للضحايا منذ اندلاع الاشتباكات 15 شخصاً، إضافةً إلى إصابة العشرات.

جاءت هذه الاشتباكات بعد وقوع تفجير انتحاري في منزل القيادي المحلي “غسان أبازيد” في حي الأربعين في درعا البلد بتاريخ 28 أكتوبر / تشرين الأول الماضي، حيث أسفر عنه مقتل الانتحاري وأربعة من أبناء درعا البلد، كما أُصيب ما لا يقلّ عن خمسة آخرين بجروح متفاوتة، بينهم “الأبازيد”، الذي أكد عبر شريط مصوّر، أن التفجير نفذه انتحاري يتبع لمجموعة “مؤيد حرفوش” المُلقب بـ “أبو طعجة” المُتهم بالانضمام لتنظيم داعش.

أحد المقاتلين المحليين من أبناء درعا البلد أكد في حديثه مع مراسل درعا 24: “الحرفوش والمسالمة هم من أصحاب السمعة السيئة في البلد، ويقومان بعمليات سرقة ونهب في المنطقة، ويجبران العديد من أصحاب رؤوس الأموال على دفع أتاوات، مقابل عدم سرقة أو حرق ممتلكاتهم، وقد كانا قبل اتفاقية التسوية في 2018 يتنقلان بين الفصائل المحلية”.

مضيفاً: “إذا لم يكون الهفو وأبو طعجة من أفراد تنظيم داعش فهما يقدمان الحماية لخلايا تتبع للتنظيم، ويتواجد ضمن مقراتهما العسكرية في أحياء درعا البلد العشرات منهم”.

فيما كان كلاً من الحرفوش والمسالمة من المطلوبين للترحيل باتجاه الشمال السوري خلال الحملة العسكرية التي شنتها الفرقة الرابعة برفقة مليشيات تابعة لها على درعا البلد في آب 2021، حيث اشترطت ترحيلهما لإيقاف القصف والحملة، وفي النهاية تم التوصل لاتفاق بين اللجان المركزية واللجنة الأمنية، ولم يتم تهجيرهما.

داعش في مدينة جاسم

بدأ مقاتلون محليون من أبناء مدينة جاسم في الريف الشمالي من محافظة درعا في صباح الجمعة 14 أكتوبر / تشرين الأول 2022، بمداهمة عدد من المنازل التي يتواجد فيها عناصر تابعين لتنظيم داعش الإرهابي، مما أدى إلى اندلاع اشتباكات عنيفة. ثم وصلت بعد ذلك مؤازرات من الفصائل المحلية في المنطقة الغربية تتبع للجنة المركزية ومن اللواء الثامن التابع للأمن العسكري، وتوسعت حدّة الاشتباكات، وقُتل خلالها أربعة من عناصر الفصائل المحلية، وأُصيب أربعة آخرين، بالإضافة لمقتل وأسر عدد من عناصر التنظيم، دون أن تتضح الأرقام الحقيقية. وكان من بين القتلى قياديين في تنظيم داعش، وكان بينهم القيادي في التنظيم “أبو عبد الرحمن العراقي”.

تبع ذلك إصدار بيان قال أصحابه بأنهم “ثوار جاسم”، وجاء في البيان بأنهم كانوا يراقبون تحركات الدواعش في المدينة منذ عام 2019، وقد اعتقدوا بأن الأمور تحت السيطرة، ولما كثُرت الاغتيالات ووصل عدد الذين تم اغتيالهم إلى 80 شخصاً منهم الشيخ أبو البراء الجلم والقياديين المحليين أبو طالب الجباوي وكنان العيد وأبو بكر الحسن وغيرهم الكثير. حتى أن عدد الدواعش زاد بشكل جنوني في المنطقة وأقاموا محكمة شرعية لقص رقاب العباد، فكان لا بد من التحرك ضدهم.

إقرأ أيضاً: داعش في الجنوب السوري مجدّداً، أم كعادتِهم مطيّة الغير؟

ماذا عن المنطقة الغربية من درعا؟

حصلت درعا 24 على معلومات من قياديين من الفصائل المحلية، تفيد بأن مقاتلين من تنظيم داعش فروا من مدينة جاسم بعد الحملة العسكرية ضدهم، باتجاه المنطقة الغربية، وبالذات إلى بلدات اليادودة والمزيريب وطفس.

وقال أحد القادة المحليين للمراسل: “حصلت اجتماعات في بلدة المزيريب بين عناصر التنظيم الفارين من جاسم وقياديين آخرين، منهم أبو طارق الصبيحي، المُتهم بقتل عناصر المخفر”.

موضحاً، “إن الدواعش الفارين من جاسم تحت حماية براء الزعبي، وأبو طارق الصبيحي، وأبو عمر الشاغوري، ومن المعروف أن الزعبي الذي ينحدر من مدينة طفس يحمي بعض العناصر والذين عملوا مع داعش، ويتواجدون في منطقته ومقراته، وكذلك الصبيحي والشاغوري، حيث يتخذ الأخير من مزرعة على أطراف بلدة المزيريب مقرّاً له، ويتحدث الجميع عن وجود دواعش فيها”.

وكانت كشفت درعا 24 في مارس / آذار 2021 عن تسجيلات مُسرَّبة بين أبو عمر الشاغوري والعميد غياث دلا قائد قوات الغيث التابعة للفرقة الرابعة وضابط آخر، أكدت التسجيلات أن الشاغوري والصبيحي يعملان لصالح ضباط الفرقة الرابعة واللجنة الأمنية غربي درعا.

اقرأ أيضاً: أيادي محلية تحاول اجتثاث داعش والأجهزة الأمنية تتخذ وضع المزهرية

من أين جاء “الدواعش” إلى هذه المناطق؟

بعد فرض اتفاقية التسوية والمصالحة في منتصف العام 2018، سيطرت الفصائل المحلية برفقة الجيش والأجهزة الأمنية على معقل داعش في قرى حوض اليرموك غربي درعا، وقبضت الأجهزة الأمنية على المئات من قادة التنظيم وعناصره، فيما فرّ آخرون عبر وادي اليرموك باتجاه مناطق أخرى في درعا، وتم إيوائهم في مدينة طفس من قِبل عدة قادة محليين، بينهم “معاذ الزعبي” الذي قُتل في معارك مع الفرقة الرابعة أثناء إحدى حملاتها على مدينة طفس، وكذلك كانوا لفترة طويلة لدى القيادي المحلي “خلدون البديوي الزعبي” الذي قُتل في عملية اغتيال في منطقة أمنية بين اليادودة ومدينة درعا.

كما رصدت درعا 24 في عدة تقارير عمليات إفراج عن العديد من رؤوس وعناصر التنظيم من قبل الأجهزة الأمنية، بعد اتفاقيات فيما بينهم لتنفيذ اغتيالات لصالح أمراء الحرب من ضباط الأجهزة الأمنية كالعميد لؤي العلي رئيس فرع الأمن العسكري، وغيره من الضباط الآخرين. وتم رصد مشاهدات لهؤلاء القادة من التنظيم في العديد من المناطق في درعا.

إقرأ أيضاً: هل ما زال تنظيم داعش حاضراً في الجنوب السوري؟

يُشار إلى أنّ الحملات العسكرية التي تقوم بها الفصائل المحلية ضد بقايا تنظيم داعش في العديد من المناطق في درعا والتي يمكن أن تمتد لمناطق أخرى، تواجه اتهامات بأن هذه الفصائل تتحرك بأوامر من ضباط الأجهزة الأمنية وذلك بعد أن حان الوقت للقضاء على الدواعش أو إخراجهم لمكان آخر لتنفيذ أجندات أخرى كعادتهم، في حين ينفي العديد من قادة الفصائل واللواء الثامن ذلك، ويقولون بأن تحركهم ليس بناءً على أوامر من أحد، بل بناء على دعوة أبناء المنطقة، لأن التنظيم بدأ يستفحل ويقوم بالعديد من عمليات الاغتيال ولا بد من القضاء عليه.

إقرأ أيضاً: مقتل داعشي في صفوف الجيش السوري،في ادلب

الجدير بالذكر بأن العديد من أبناء محافظة درعا انضموا لبعض التشكيلات العسكرية ليتجنبوا اعتقالهم على الحواجز، وليؤدوا الخدمة العسكرية الإجبارية في مناطقهم، بحسب ما نصت عليه اتفاقية التسوية والمصالحة في العام 2018، ولذلك انضم العديد منهم إلى الفصائل المحلية واللواء الثامن.

رابط التقرير: https://daraa24.org/?p=27091

Similar Posts