أزمة مياه الشرب في درعا تتضاعف بارتفاع أسعار الصهاريج
صهريج ماء في أحد شوارع مدينة درعا

تشهد مدن وبلدات محافظة درعا ارتفاعاً كبيراً في أسعار صهاريج مياه الشرب، وتتضاعف هذه الأزمة مع انقطاع التيار الكهربائي المستمر، ويضطر الأهالي لدفع تكاليف عالية إضافية في سبيل الحصول على الماء عن طريق هذه الصهاريج أو عن طريق الشبكة. في وقت تعاني فيه الأسر من واقع معيشي هو الأسوأ، تعاظم مع انهيار قيمة العملة المحلية، وارتفاع أسعار المشتقات النفطية.

ارتفاع أسعار المياه إلى الضعف

وفق ما رصده مراسلو درعا 24 في بعض المدن والبلدات في المحافظة، فإن سعر صهريج المياه يتراوح بين الـ 80 والـ 85 ألف ليرة سورية، ويختلف هذا السعر من مكان لآخر، بعد أن كان يتراوح سابقاً بين الـ 40 والـ 45 ألف ليرة. أي أنه ارتفع إلى الضعف خلال فترة محدودة.

وعن الأسباب التي أدت إلى ذلك الارتفاع يقول حسام الخطيب، صاحب أحد الصهاريج في المنطقة الشرقية من درعا: “تتحكم مادة المازوت بأسعار صهاريج المياه، وليس هناك سعر ثابت لها حالياً، حيث يرتفع ثمنها وينخفض حسب ارتفاع وانخفاض سعر المازوت وتوافره في الأسواق، فعندما يشتري صاحب الصهريج، المازوت من السوق السوداء يضطر لرفع السعر بناءً على ذلك”.

ويتابع بأن الانقطاع الدائم للتيار الكهربائي عن العديد من الآبار، وفقدان مادة المازوت اللازمة لتشغيل مضخات سحب المياه من الآبار، يدفع بأصحاب الصهاريج إلى قطع مسافة طويلة للوصول إلى آبار أخرى، للحصول على المياه، وأن كل هذه التكاليف تضاف إلى ثمن صهريج المياه، وبذلك يدفع المواطن ثمن كل تلك الأمور من جيبه الخاص.

إقرأ أيضاً: مياه الشرب في مدينة نوى مشكلة متجددة

معاناة مضاعفة

تعاني محافظة درعا من مشكلة انقطاع التيار الكهربائي، وخضوع المحافظة لنظام التقنين، حيث يتم وصل الكهرباء ساعة واحدة فقط، وتنقطع خمسة، وهناك شكاوى من العديد من المواطنين، تؤكد أنها تنقطع خلال ساعة الوصل، ويعتمد المواطنون على الكهرباء لتعبئة مياه الشرب من شبكات المياه في المنازل، والتي تعمل في فترات محددة أيضاً. كذلك هناك ارتفاع كبير في درجات الحرارة. فاقم هذان الأمران مشكلة مياه الشرب، وزاد في معاناة الأسر وضاعفها، وجعلها عاجزة عن تأمين المياه.

 ‏يؤكد ذلك أبو هيثم، 45 عاماً، وهو عامل باليومية من الريف الشرقي، ويقول: “إن موضوع مياه الشرب في المنطقة لا يحتمل أبداً، ففي أحسن الأحوال تصل مياه الشرب إلى الحي الذي أعيش فيه مرة واحدة كل عشرين يوم، بمعدل ساعة ونصف إلى ساعتين تقريباً، وتكون بضغط ضعيف للغاية، مما يقلل من فرص الاستفادة منها، لأنها تحتاج لشفاط كهربائي لتعبئة الخزان، وغير ذلك لا يمكن الاستفادة منها أبداً، وتشغيل الشفاط الكهربائي يحتاج للتيار الكهربائي، المقطوع معظم ساعات اليوم”.

 ‏ويضيف قائلاً: “لا يتمكن أي شخص في الحي الذي أسكن فيه من تعبئة خزان المياه، إلا إذا كان يمتلك مولدة كهربائية، وإن وجدت المولدة يحتاج تشغيلها لشراء مادتي المازوت والبنزين لتشغيلها، وهذا يحتاج لمبلغ كبير أيضاً، فتشغيل المولدة لقرابة الساعتين يحتاج لقرابة الـ 30 ألف ليرة سورية ثمن مادة البنزين اللازمة لتشغيلها تلك المدة”.

 ويذكر أنه دفع منذ أيام قليلة مبلغاً وقدره 80 ألف ليرة سورية ثمناً لشراء 25 برميل من المياه الصالحة للشرب، وهذا المبلغ كبير جداً بالنسبة له كونه عامل باليومية

إقرأ أيضاً: جفاف آبار مياه الشرب في محافظة درعا

تقديم رشاوى للحصول على الماء

تخضع مياه الشرب التي تصل عبر الشبكة لسياسة توزيع غير واضحة، حيث تعمل في بعض المناطق كل 20 يوم، وبعض أكثر، وقسم آخر لا تصلهم المياه بسبب مشاكل الشبكة، وعدم صيانتها منذ سنوات، ويلجأ العديد من الأهالي في بعض المناطق، إلى دفع الرشاوي للموظفين المسؤولين عن توزيع المياه، ويتم ذلك بشكل منظم، عن طريق جمع مبالغ مالية من كافة العائلات، التي تسكن في الحي الواحد، لكي تصل المياه إلى منازلهم لمدة ساعة إضافية أو أكثر، حسب المبلغ الذي يتم جمعه ودفعه لهم.

يقول أنس الحريري وهو رب أسرة: “كل عشرة أيام تقريباً، يتم فرض مبلغ وقدره 3000 ليرة على كل أسرة في الحي الذي أسكن فيه، ويتم تقديمها للمسؤولين عن ضخ المياه داخل البلدة، لقاء تشغيل المياه لمدة ساعة ونصف، ويتضاعف هذا المبلغ كل فترة زمنية قصيرة، فبعض الأحياء المجاورة باتت تجمع قرابة 5000 كل عشر أو خمسة عشر يوماً، من كل أسرة، للحصول على دور للماء لا يتجاوز الساعتين بأفضل حالاته”.

ويوضح أن هناك الكثير من الأسر لجأت إلى فتح خطوط مياه مخالفة من أجل الحصول على أكبر قدر ممكن من المياه، أثناء وصولها إليهم، إذ لا قدرة لديهم على شراء صهاريج المياه بشكل دوري. وذكر أن أبناء منطقته كثيراً ما كانوا يتقدمون بشكاوى بشأن هذه الانقطاعات الطويلة للمياه، التي لم تعد تصل إليهم إلا بعد أن يتم جمع الأموال للعاملين على شبكة المياه، إلا أن تلك الشكاوى لم تلق أي اهتمام من قبل الجهات المعنية، مما أجبرهم على شراء صهاريج المياه في ظل الظروف المعيشية السيئة، التي تعاني منها أغلب الأسر.

إقرأ أيضاً: العطل في سد بلدة تسيل ناتج عن تخريب، ومدير المياه ينفي

يُشار إلى أنه تنطلق بين الحين والآخر مبادرات مجتمعية في بعض مناطق محافظة درعا، لجمع مبالغ مالية من أجل حفر آبار أو إعادة تأهيل الآبار الخارجة عن الخدمة، أو في سبيل توفير المعدات اللازمة لتحسين ضخ المياه باستمرار إلى المدن والأرياف، إلا أنها لا تُسهم في الغالب في حل مشكلة المياه التي ما تزال مستعصية منذ سنوات. في حين يغيب الدور الحكومي لمعالجة هذه الأزمة، وتقتصر الإجراءات على إصلاح شبكة هنا، وإهمال أخرى هناك.

الرابط: https://daraa24.org/?p=32539

Similar Posts