الشيخ أحمد الصياصنة في لقاء مع درعا 24

الشيخ أحمد الصياصنة: أنا غير راضٍ عن المعارضة وغير راضٍ عن تصرفاتها وغير راضٍ عنها عموماً

نحن ولدتنا أمهاتنا أحراراً ولا يجوز لهذا الجهاز أو ذاك أن يكون له سيطرة علينا“، يقول الشيخ أحمد الصياصنة في مقابلة خاصّة مع شبكة درعا 24. هو إمام وخطيب المسجد العمري في درعا البلد لسنوات طويلة، وكان من أوائل المشاركين والدّاعين إلى المظاهرات في سوريا، حيث شارك في أول مظاهرة في درعا البلد في الثامن عشر من آذار 2011. 

كما كان أحد أعضاء الوفد الذي توجه حينها من درعا إلى رئاسة الجمهورية في دمشق للتفاوض، والنداء بإيقاف قمع الاحتجاجات وتحقيق مطالب المتظاهرين، إلا أنّ الأجهزة الأمنية اعتقلته هو واثنين من أولاده بعد فترة وجيزة، كذلك فقد ابن ثالث على أيدي هذه الأجهزة. ظهر بعدها عبر التلفزيون السوري الرسمي وتحدث حول المؤامرة على البلاد، موافقاً الرواية الرسمية، ليكشف بعدها أنه كان مُجبراً على قول ذلك، وبقي الشيخ في ذلك الوقت تحت الإقامة الجبرية إلى أن تمكن من مغادرة سوريا في بداية العام 2012.

في هذا اللقاء مع الشبكة كشف الشيخ “الصياصنة” عبر تسجيلات صوتية عن تفاصيل دقيقة حول تجربته مع لحظة اندلاع الاحتجاجات في درعا وقبلها، وموقفه من الحراك الشعبي اليوم في كل أنحاء سوريا، وكذلك حول مشاريع الحكم الذاتي التي يتم طرحها اليوم. كما تحدّث عن تقييمه لأداء المعارضة بعد 14 عاماً من اندلاع المظاهرات، ووجّه رسالته إلى الشباب في حوران وجميع أنحاء سوريا.

 كيف كانت تجربتك عند اندلاع الاحتجاجات الأولى في درعا في آذار عام 2011، وما الذي دفعك لدعم الحراك الشعبي السلمي منذ انطلاقته؟

بالنسبة لي، قبل قيام الثورة كنت أتمنى أن أرى ثورة في بلدي، وأتمنى أن يحدث تغيير، لأن الأمور قد ساءت وزادت عن الحد ولا يمكن للإنسان الحر أن يقبل بها.

لذلك أنا كنت مع الثوار منذ اللحظة الأولى وقبل قيام الثورة، وعندما أخبروني بأنهم مستعدون للتظاهر باركت ذلك وعندما جاءوا قبل يوم الجمعة، يوم الثورة، فقالوا أننا سنؤجلها لمدة اسبوع، فما رأيك؟ قلت لهم لا تؤجل عمل اليوم إلى الغد، فإن للغد أعمال صالحة لها، وقمت بحثّهم على أن يخرجوا غداً وفعلاً خرجوا يوم الجمعة 18 أذار، وكنت معهم من فضل الله.

أنا كنت ممنوعاً عن الخطابة قبل ذلك بثلاث سنوات، وأعادوني إلى الخطابة يوم السبت كي يرضوا الناس، وقالوا لي ها نحن قد أعدناك، فوجّه إلينا شكراً وثناءً، وعندما صعدت المنبر يوم الجمعة بتاريخ 25 أذار قلت بعد أن أتممت الخطبة: أن ثورتنا هذه هي ثورةً شعبيةً لا عنصرية ولا طبقية ولا حزبية ولا مناطقية، وإنما هي ثورة الشعب بأسره بكل طبقاته وبكل أصنافه وبكل اتجاهاته، هذا ما قلت والله على ما أقول شهيد، فأنا مع الثورة منذ البدء لأنني أتوق إلى أن أرى نفسي حرّاً في بلدٍ حرٍّ. 

إقرأ أيضاً: نصرالحريري رئيس وفد الهيئة العليا للمفاوضات، والائتلاف الوطني السوري السابق  في لقاء خاص مع شبكة درعا 24

 كيف تقيم الوضع السوري الحالي بعد مرور 13 سنة على الحراك؟ وهل أنت متفائل بتحقيق الأهداف التي نادت فيها جموع المتظاهرين في الـ 2011؟

أنا متفائل، أما بالنسبة لتقييم الوضع فهو وضع يدعو إلى البكاء يدعو إلى الألم وإلى الحزن، لكن أنا أقول كما قال الله ((وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ))، فرغم هذا الوضع، أنا أقول، لن يستمر مثل هذا الوضع الذي نعيشه ولا بد لليل من نهاية ولا بد للقيد أن ينكسر، لأن الشعب أراد الحياة، ولا يمكن لإرادة الشعب أن تُكسر.

وما نراه الآن قد يكون فيه خير لأنّ الأمور قد انكشفت، ولأنه قد تبين الغث من السمين وتبين الصالح من الطالح، وظهر الناس على حقيقتهم، وقد يكون في هذا خير للأيام القادمة.

لو أنّنا نجحنا في البدء لقال الكل: نحن كنا معكم وكنا نحن ثائرون وهم كانوا جواسيس وكانوا يعملون لصالح النظام، لكن الله سبحانه وتعالى له حكمة فيما حدث، لأنه كشف حقيقة هؤلاء، وأنا أقول إن في ذلك خير إن شاء الله، وأنا متفائل ولن أفقد الأمل أنا أملي في الله وليس لي أمل في أحدٍ آخر، وأعلم أن الله سبحانه وتعالى لا بد من أن ينصر الحق ونحن على حق والأهداف والمبادئ التي دعونا إليها هي مبادئ حق، ونسأل الله سبحانه وتعالى أن يفرج عنّا هذه الغمة وأن يزيلها بحوله وقوته.

في ظل الحديث عن مشاريع الحكم الذاتي في سوريا، ما رأيك بهذه الطروحات؟ وهل تراها حلاً ممكناً في سوريا؟

أنا أؤمن بوحدة سورية وبأننا دولة واحدة ولست مع هذه الأفكار الحكم الذاتي أو غير ذلك، لأن الأمر يحتاج كما قلت إلى ثورة، إلى ثورة تقضي على القديم وعلى الماضي وتقضي على كل الترهات التي أشبعونا بها خلال هذه الفترة من الثلاثة وستين إلى الآن، ونحن بحاجة إلى الوحدة، ولسنا بحاجة إلى التفرقة، فالتفرقة لن تجدي نفعاً.

ولذلك أنا أرى أؤمن بالوحدة الشاملة والكاملة لسوريا ولشعب سوريا. نحن نريد الحرية للجميع نعم نريد الحرية لكل الطوائف نريد الحرية لكل إنسان على هذه الأرض، ونريد الحياة لكل إنسان على هذه الأرض ونريد الكرامة لكل إنسان على هذه الأرض. وأنا لا أؤمن بالطروحات التي تطرحها المعارضة ولست معها، ولذلك أتمنى أن يتفهم الجيل الجديد هذا الواقع وأن ينطلق انطلاقة جديدة فيها الخير وفيها الوحدة وفيها اجتماع الكلمة والرأي، وأتمنى للشعب السوري كل التقدم وكل الخير.

 ما هي رسالة الشيخ أحمد الصياصنة للمتظاهرين في محافظة السويداء، وهل تعتقد بأن المظاهرات هناك تتجه إلى تحقيق أهدافها؟

أنا مع المظاهرات التي تجري في المحافظات السورية، لأن هذا تعبير عن إرادة الشعب ونحن لا يجوز أن نتوقف عن التعبير عن إرادتنا لأننا إذا توقفنا عن التظاهر وتوقفنا عن التعبير سيقول الناس: أن الناس كلهم خاضعون وراضون بهذا النظام، لذلك يجب أن نعبر عن عدم رضانا على هذا النظام وعدم قبولنا به، وهذا لا يكون إلا عن طريق التظاهر، ورسالتي إلى الشباب أقول لهم: الله الله في وطنكم، الله الله في بلدكم، الله الله في حريتكم الله الله في دماء الشهداء التي ذهبت، الله الله في هؤلاء المعتقلين المظلومين.

 أيها الناس لا فائدة من السكوت ولا فائدة من الخنوع أو الخضوع وأتمنى أن تكون هذه الفترة هي عبارة عن استراحة محارب، نعم، نحن فقدنا الكثير، وبذلنا الكثير، ولا يجوز لنا أن نيأس وكما قال الله: ((وَلَا تَيْأَسُوا مِن رَّوْحِ اللَّهِ ۖ إِنَّهُ لَا يَيْأَسُ مِن رَّوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ))).

نحن يا شبابنا في سوريا، يا أهلنا في سوريا، ويا أهلنا في درعا دعوا المصالح الشخصية جانباً ارموا بها وراء ظهوركم دعوا المطامع دعوا الغايات والأغراض الشخصية، فهذه لن تجدي نفعاً علينا أن نعود إلى ما كنا عليه في بداية الثورة من عودة إلى الماضي وإلى تقاليد الماضي، علينا أن نوحد الصف وأن نوحد الكلمة وأن نوحد القلوب وأن ننظف القلوب أيضاً من كل معتقداتٍ فاسدةٍ، ومن كل المعتقدات التي يحاول البعض أن يزرعها في النفوس كاليأس وكالقنوط وكالقبول بالأمر الواقع، هذا أمر لا يجوز ولا يفيد شيئاً.

نعم إذا الشعب يوماً أراد الحياة فلا بد أن يستجيب القدر ولا بد للقيد أن ينكسر ولا بد لليل أن ينجلي، هذه هي رسالة لشبابنا ولأهلنا في درعا وفي كل المحافظات.

أتمنى من أهل درعا أن يبتعدوا عن الأجندات الخارجية وأن يبتعدوا عن التبعية للغير وأن لا يقبلوا بالتبعية لأي أحد لأننا نرفض أن يكون قرارنا من الخارج، ونرفض أن يملي علينا الآخرون إرادتهم، فنحن أصحاب إرادة ونحن نملك العقل ونملك العلم ونملك كل شيء متوفر عندنا، ونستطيع أن ندير أنفسنا دون حاجة إلى هذا أو ذاك، وأتمنى من الله أن يوفق الجميع للعمل الذي يرضيه.

الشيخ أحمد الصياصنة في لقاء مع درعا 24
الشيخ أحمد الصياصنة

ما هي رسالتك للأجيال الشابة في سوريا بشكل عام، ولأبناء محافظة درعا بشكل خاص؟ 

رسالتي للشباب في سوريا ولأبناء سوريا عموماً أن يتوحدوا حول هدفٍ واحد، أن يوحدوا جهودهم وعملهم نحو هدف واحد وهو إسقاط النظام، وبعد إسقاط النظام تحدث انتخابات شعبية ويكون للشعب رأيه في نوع النظام الذي يريده أو نوع الحكم الذي يريده.

أما الآن يجب أن نلتقي جميعا على هدفٍ واحد وهو إسقاط النظام. وبعد إسقاط النظام لكل حادث حديث. نحن الذي نسعى إليه ونتوق إليه أن نرى أنفسنا أحراراً في بلد حر أن نرى أنفسنا نملك كلمتنا ونملك إرادتنا، ولا يجوز لأحد أن يملي علينا ماذا نقول وماذا نفعل أو ماذا نفكر، نحن ولدتنا أمهاتنا أحراراً ولا يجوز لهذا الجهاز أو ذاك أن يكون له سيطرة علينا أو أن تكون له كلمة علينا.

هذا ما أريد أن أقوله وهذه هي الرسالة التي أتوجه بها إلى الشباب وإلى أبناء سورية، يا أبناء سورية وحدوا صفوفكم وحدوا كلمتكم ووحدوا إرادتكم وتوجهوا نحو الهدف المنشود، وكلنا شعب واحد وكما قال الناس في المظاهرات: واحد واحد الشعب السوري واحد.

ما رأي الشيخ أحمد الصياصنة بأداء المعارضة السورية على امتداد السنوات الماضية، هل ترى أن هناك أمل في توحيد صفوفها لتحقيق أهداف انتفاضة 2011؟

أنا غير راضٍ عن المعارضة وغير راضٍ عن تصرفاتها وغير راضٍ عنها عموماً لأنها منقسمة على نفسها، ولأن الكثيرين منها يتبعون أجندات خارجية، ولذلك فأنا غير راض عنها وليس لي أمل في أن تتوحد وأن تحقق شيئاً، هذه هي الحقيقة التي تبينت لي من خلال حضور المؤتمرات العديدة التي كانت تنعقد هنا وهناك.

وأتمنى من كل الشباب داخل سوريا، أن يوحدوا صفوفهم وكلمتهم وإرادتهم وأن لا ينظروا للمعارضة، وأن لا يتأملوا فيها، فهي فاشلة كما فشلت في السنين الماضية إلى الآن لا تزال فاشلة، وخصوصاً الائتلاف أنا أرى أن الائتلاف لا فائدة منه ولا خير فيه ولا خير يرجى منه.

ولذلك أنا أملي في الله ثم أملي في هذا الشعب، نحن يجب أن نترك المعارضة وأن نترك السياسيين الذين تأثّروا بآراء أخرى غريبة عنّا وأن ينطلق الشباب وأن تنطلق الأمّة وأن ينطلق الشعب كله في ثورةٍ تطيح بهذا النظام، ولا أمل لي في المعارضة أن تحقق شيئاً أو أن ينتج عنها شيئاً، أنا متشائم من ناحية المعارضة ولا أرى فيها خيراً، هذا ما أريد أن أقوله بكل صراحة ووضوح.

إقرأ أيضاً: مقابلة خاصة مع المبعوث الألماني الخاص إلى سوريا، شتيفان شنيك

ما رأيك بالتنظيمات والتجمعات السياسية التي أطلقها ناشطون من محافظة درعا؟ هل ستساهم برأيك في الحل؟

التجمعات والتنظيمات التي تسعى إلى التغيير وتسعى إلى الثورة وإلى التجديد، نسأل الله أن ينشأ عنها خيراً، أمّا التجمعات والتنظيمات التي تريد أن تعيدنا إلى الوراء أو تقول لنا اقبلوا بالأمر الواقع واخضعوا للأمر الواقع، فأنا لست معها، وهي غريبة عنّا، ونحن لا نقبل بها، لذلك أتمنى كل التوفيق لكل التنظيمات والتجمعات التي تسعى إلى الثورة، وتسعى إلى التغيير، وتسعى إلى تجديد الحياة في سوريا، وإلى إعادة سوريا، لتكون القلب النابض للأمة العربية.

للاستماع لمقابلة الشيخ أحمد صياصنة:

رابط المقابلة: https://daraa24.org/?p=44732

موضوعات ذات صلة