“في أول شهر نيسان، كانت آخر مرة استلمت فيها أسطوانة غاز، أي منذ ما يزيد على ثلاثة أشهر. وبعد التوفير والتقتير، انقطعت تماماً منذ شهر، فاشتريت أسطوانة غاز بالسعر الحر كانت بـ 360 ألف ليرة”، يقول المواطن “أبو بهاء الدين” من بلدات الريف الغربي من محافظة درعا، الذي يُعيل أسرته المكوّنة من أربعة أطفال وأمهم.
يؤكد أبو بهاء بأنه سمع أن أسطوانة الغاز قد تتجاوز الـ 400 ألف ليرة سورية، في ظل تأخر رسائل الغاز. يشير مراسلو درعا 24 في العديد من المدن والبلدات في المحافظة بأن تأخير رسالة الغاز يصل بين 80 إلى 90 يوماً وأحياناً إلى 100 يوم.
وأكّد مراسلو الشبكة، بأن سعر تبديل أسطوانة الغاز الحر حالياً في السوق السوداء يتراوح بين 335 ألف و375 ألف ليرة سورية، وتصل في بعض المناطق إلى 400 ألف ليرة.
يعجز الكثير من المواطنين عن ثمن تبديل أسطوانة الغاز من السوق السوداء، حيث تعادل الراتب الشهري لبعض الأسر، وتتجاوز راتب الموظف الحكومي الذي في أحسن أحواله يصل إلى 350 ألف ليرة.
في حين يتساءل المواطنون في العديد من الشكاوى التي تصل إلى شبكة درعا 24، حول سبب توفر الغاز في السوق السوداء وبوفرة كبيرة، وغياب المدعوم عبر البطاقة الذكية، فمن أين يأتي به أصحاب البسطات والمحلات؟
سبق ارتفاع أسعار الغاز في السوق السوداء، قيام وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك في 12 مايو / أيار الماضي، برفع سعر مبيع أسطوانة الغاز المنزلي الحر (غير المدعوم) إلى 100 ألف ليرة سورية بعد أن كانت 65 ألف ليرة.
إقرأ أيضاً: سعر أسطوانة الغاز يتجاوز راتب الموظف، والحكومة تكتفي بالوعود
قلة في توريدات الغاز وصهاريج معطلة
يُرجع المسؤولون الحكوميون في هذا القطاع سبب تأخر وصول رسالة الغاز المنزلي في سوريا بشكل عام لقلة التوريدات. وأما في درعا بشكل خاص، فهناك إضافةً إلى ذلك تعطّل مستمر للصهاريج الخاصة بنقل الغاز، وفق ما كشف مصدر من شركة المحروقات الفرعية في درعا لمراسل درعا 24.
وقال المصدر بأنّه يوجد خمسة صهاريج مخصّصة لنقل الغاز، ولا يوجد سوى واحد منها فقط يعمل بشكل دوري، حيث البقية تتعطل بشكل مستمر، وما أن يتم إصلاحها حتى تعود وتتعطّل من جديد، مما يُخفّض الكميات الواردة للمحافظة، وتتلّقى شركة المحروقات وعوداً بإصلاح هذه الصهاريج منذ فترة طويلة، دون جدوى.
وكشف ذات المصدر أن قلة ساعات العمل اليومية في شركة المحروقات، ساهمت في انخفاض الإنتاج في الوحدة إلى حوالي أربعة آلاف أسطوانة غاز منزلي يومياً.
إقرأ أيضاً: شكاوى بسبب ارتفاع أسعار الغاز في درعا
تلاعب بالأوزان وبالمادة
لا يتوقف الأمر عند ارتفاع سعر تبديل أسطوانة الغاز في السوق السوداء، إلا أن المشكلة الأكثر إحباطاً تتعلق بعمليات التلاعب بالأوزان. تقول “ناديا محمد، ربّة أسرة” أنّها اشترتْ أسطوانة غاز الشهر الماضي بعد انتظار الرسالة لأكثر من شهرين، لكن الأسطوانة لم تدم سوى 10 أيام، حيث كمية الغاز ناقصة عن الوزن المحدّد، في ظل غياب الرقابة.
تكتفي الجهات المسؤولة بالوعود ولا تملّ من تكرارها، دون اتخاذ إجراءات فعّالة على الأرض، مما يترك المواطنين الحلقة الأضعف والفريسة في كلّ ذلك.
إضافةّ إلى أن التلاعب بالأوزان مشكلةً اقتصاديةً حقيقية، فهو أيضاً مشكلة أمان، فعندما تكون أسطوانة الغاز ناقصة، قد لا تكون معبأة بشكل صحيح، مما يزيد من مخاطر التسرب والحوادث، وفق ما أوضحه أحد معتمدي الغاز في الريف الغربي.
بدوره مواطن آخر من إحدى بلدات الريف الشرقي، أكد بأنه بعد استعمال أسطوانة الغاز ليوم واحد فقط، توقفت عن العمل، رغم أن وزنها ثقيل، وعند فكّها وقلبها، تفاجأ بتدفق المياه منها، وقد قدّرها بما يقارب الـ 5 ليتر مياه، حسب ما أوضح هذا المواطن في شكوى لشبكة درعا 24.
يلقي معتمدو الغاز اللوم في وجود الماء في إسطوانات الغاز على وحدة التعبئة، حيث تصل الإسطوانات إلى المعتمدين مغلقة بإحكام، لافتين إلى تلقيهم شكاوى حول ذلك، وأن ليس لهم علاقة بالأمر كمعتمدين.
في حين يُلقي المسؤولون في القطاع المسؤولية على المواطن الذي يشتري أسطوانة مملوءة بالماء من السوق السوداء، ويكون فيها ماء ثم يبدلها من عند المعتمد، دون أن إفراغها من الماء، وبذلك تعود لشركة الغاز وفيها الماء، ويتم تعبئة الغاز فوقه.
إقرأ أيضاً: أسطوانات غاز معبأة بالمياه بدلاً من الغاز، فما مصدرها؟
بلغ إنتاج الغاز في محافظة درعا خلال العام الماضي 2023 تعبئة 1،855،008 مليون أسطوانة غاز منزلي و90071 أسطوانة غاز صناعي. وكان إنتاج شهر كانون الثاني من هذا العام 2024 بلغ 139432أسطوانة منزلي و12826 صناعي، وبمعدل إنتاج يومي يصل لنحو 6000 أسطوانة منزلي و600 أسطوانة صناعي، وفق ما أوضحه مسؤول في فرع المحروقات في درعا لصحيفة الثورة الرسمية مطلع هذا العام.
ويبقى المواطنون في محافظة درعا وفي سوريا بشكل عام، يعانون في انتظار رسائل الغاز والتلاعب بأوزانه، وصولاً إلى العديد من التحديات الأخرى التي توجهها الأسر، في ظل غياب الحلول من الجهات المعنية، تضطر الكثير من الأسر للحلول البديلة القديمة، كبوابير الكاز وما شابه.
الرابط: https://daraa24.org/?p=41909