ذوي الاحتياجات الخاصة في محافظة درعا

يواجه ذوي الإعاقة صعوبات كبيرة في الجوانب التعليمية والصحية والتنقل من مكان لآخر، حيث لا يوجد أي تسهيلات لهم، وقد تفاقمت معاناتهم في درعا في ظل انعدام أغلب مقومات الحياة. يقابل ذلك عجز المؤسسات الحكومية عن وضع حلول مناسبة لهم، وتزداد حالتهم الصحية تدهوراً نظراً لفقدان العديد من أصناف الأدوية وغلاء أسعارها، في ظل ارتفاع تكاليف المعيشة وغلاء أسعار المواد الغذائية وتردي الأوضاع المعيشية.

وتفاقمت خلال الـ 11 عاماً من الحرب في سوريا أعداد المعاقين في سويا، ووفقاً لمنظمة الأمم المتحدة، يعاني ما يقرب من 28% من السوريين من إعاقة، أي ما يقرب من ضعف المعدل العالمي، بسبب إصابات الحرب ونقص الوصول إلى الرعاية والخدمات.

التهميش الاجتماعي معاناة أشد من الإعاقة

في أيلول / سبتمبر الماضي أصدرت منظمة هيومن رايتس ووتش تقريراً حول تعرض الأطفال في سوريا بشكل عام، من ذوي الإعاقة للأذى بشكل كبير، وافتقارهم إلى الرعاية الصحية والخدمات الأساسية. وقالت المنظمة في تقريرها، الذي يحمل عنوان كان من الصعب حقًا حماية نفسي ، إن الأطفال ذوي الإعاقة المحاصرين في سوريا معرضون بشكل أكبر للأذى، ويفتقرون إلى الرعاية الصحية أو التعليم أو المساعدات الإنسانية اللازمة لحماية حقوقهم الأساسية.

وطالبت المنظمة الأمم المتحدة والحكومة السورية والحكومات المعنية بضمان الحماية والمساعدة لتلبية احتياجات الأطفال ذوي الإعاقة في سوريا، على وجه السرعة. وكشفت في التقرير عن تأثير النزاع المسلح في سوريا على الأطفال من ذوي الإعاقة، والانتهاكات التي يواجهها الأطفال ذوو الإعاقة، بما في ذلك الأخطار المتزايدة عليهم في أثناء الهجمات، وعدم القدرة على الوصول إلى خدمات الدعم الأساسية التي يحتاجون إليها.

إقرأ أيضاً: ذوو الاحتياجات الخاصة إهمال صحي وتهميش حكومي

 يواجه ذوو الإعاقة في درعا الحرمان من الحقوق والمشاركة في الحياة الاجتماعية مع غيرهم من الأسوياء والنظرة الدونية، حيث ينظر الناس لهم بعين من الشفقة وأنهم مخلوق عاجز، مما يجعلهم يشعرون باليأس والإحباط، ويرى أصحاب الإعاقة أن المجتمع لا يتقبلهم وأنهم يعانون من التمييز، وغالباً ما يتعرضون لمشاكل أساسية ومعقدة وعدم القدرة على حل المشاكل، بسبب تهميشهم وضعف مشاركتهم في الأنشطة المجتمعية.

(ع . ل، إحدى المشرفات سابقاً في مركز لتأهيل المعاقين) تقول لمراسلة درعا 24: “لا تقتصر معاناة ذوي الاحتياجات الخاصة على عدم وجود مرافق تسهل عملية انتقالهم أو عدم حصولهم على حقهم في تكافؤ فرص العمل، بل إن أكثر ما يسبب ويضاعف هذه المعاناة هو نظرة العطف والشفقة التي ينظر بها الناس إليهم، حيث تستمر معاناتهم في درعا بسبب التهميش الاجتماعي، وهذا يعود في غالب الأحيان لأسباب اجتماعية أهمها عدم الوعي المجتمعي الكامل بحقوقهم”.

تضيف: “ومن ذلك عدم الفهم لطبيعة الإعاقة والخوف من التعامل معهم أو الخجل من ظهورهم في المجتمع، إضافة الى عدم وجود الخبرة الكافية للتعامل مع هذه الحالة وجهل أهمية المشاركة المجتمعية على صحة هؤلاء الأشخاص المعاقين، سواء كانت جسدية أو نفسية، لذلك فيمكن أن نعتبر ان للمجتمع دور حاسم وكبير في بناء أو تدمير أصحاب الإعاقة فهم قادرون على تحمل الآلام الجسدية، وأما العقد النفسية قد تزول بمساعدة العائلة والأحباب، أما نظرات المجتمع وتعليقات الناس والتهميش فلها تأثير عميق ومخيف عليهم، فمنحهم الثقة والإرادة يساهم بظهورهم كعضو فعال ومشارك في المجتمع وأكثر استقلالية بدلاً من الاعتماد على الآخرين”.

غياب شبه كامل لمنظمات المجتمع المدني وجمعيات الرعاية

يعاني ذوو الاحتياجات الخاصة من إهمال واضح وعدم اهتمام من قبل منظمات المجتمع المدني، حيث توقف عمل مراكز الرعاية المتخصصة التي كانت ترعاها منظمات المجتمع المدني سابقاً، والتي كانت عملت على انشاء مراكز خاصة في درعا للعناية بهم وتقديم الدعم اللازم لهم وتأهيلهم اجتماعياً ونفسياً، ثم توقفت بعد العام 2018 بعد إعلان السلطات سيطرتها على الجنوب السوري، وقد ازدادت الضغوط النفسية على ذوي الاحتياجات الخاصة بعد إغلاقها. تلك الخدمات كانت تقدم لهم سواء كانت علاجية أو تأهيلية أو مادية أو ترفيهية.

(أم أيهم من الريف الشرقي لمحافظة درعا) تتحدث عن سوء الحالة النفسية التي أصيبت بها ابنتها البالغة من العمر 15 عاماً، وقد تعرضت سابقاً لإصابة حرب افقدتها القدرة على الحركة، وذكرت أنها كانت في ما مضى تمارس جلسات للعلاج الفيزيائي في أحد المراكز المتخصصة في ريف محافظة درعا الشرقي.

وأضافت أن ذلك المركز، أُغلق بعد عملية التسويات في منتصف عام 2018، مما انعكس سلباً على الحالة الصحية والنفسية لابنتها، حيث أنها كانت تتلقى ضمن المركز بالإضافة للعلاج الفيزيائي، خدمات تعليمية وترفيهية ودعم نفسي.

وأوضحت أنها منذ إغلاق المركز وابنتها تلازم المنزل، بسبب عدم وجود أي تسهيلات أو اهتمام بهم في المدارس أو المشافي، باستثناء مركز واحد موجود ضمن مدينة درعا، ولا أستطيع اصطحابها بشكل يومي إلى ذلك المركز بسبب التكلفة المادية لأجور النقل، والتي لا أستطيع تحملها.

 ارتفاع ثمن الأدوية والخدمات العلاجية للمعاقين معاناة مضاعفة

للقد أصبح المعاق يشكل عبئاً كبيراً يقع على كاهل الأسرة بسبب انعدام الخدمات العلاجية المجانية والإعانات المادية  وارتفاع ثمن الادوية وفقدان العديد منها، حيث تلعب الأدوية الطبية والمكملات الغذائية دوراً هاماً في علاجهم، ويحتاج المُعاق إلى أجهزة تعويضية أيضاً، مثل أطراف صناعية وسماعات وكراسي متحركة، إلا أن هناك صعوبات كبيرة في الحصول عليها في الآونة الأخيرة بسبب التدهور الاقتصادي وارتفاع تكاليف العلاج الخاص، في ظل انهيار النظام الصحي، حيث أنهم يعتبرون الأكثر تضرراً بسبب صعوبة الوصول إلى الخدمات الصحية اللازمة، وسط غياب أي اهتمام رسمي أو مجتمعي ملحوظ.

الرابط: https://daraa24.org/?p=27184

Similar Posts