زواج القاصرين من الذكور
عوض (يمين) ، 15 عاما ، وعروسه الجديدة منتهى ، 14 عاما ، يقفان في مخيم للاجئين السوريين في 17 يونيو / حزيران 2014 في قرية زحلة اللبنانية في سهل البقاع. تزوجا في المخيم. تصوير ماتيو ألكسندر / كاريتاس

اعتاد المجتمع على الصورة النمطية في الزواج المبكر على أنهُ يخص الإناث فقط، وغفل تماماً عن زواج الذكور القاصرين، وبسبب هذه النمطية وإهمال هذه الظاهرة، فلا توجد إحصائية عن عدد القاصرين المتزوجين في محافظة درعا، وحتى غيرها من مناطق سوريا.

أسباب انتشار زواج القاصرين

يعتبر زواج القاصرين الذكور موجوداً في المجتمع في درعا، ولكنه توسع بعد الحرب، وهناك إهمال من منظمات المجتمع المدني ووسائل الإعلام، حيث تقوم بالتركيز فقط على زواج القاصرات من الإناث دون الذكور. في حين فرضت الحرب تغييرات جذريّة في المجتمع، من ناحية العادات والتقاليد والفقر والنزوح، إضافةً للوضع الاقتصادي وغيره من الأسباب التي تُسهم في ازدياد انتشار زواج القاصرين الذكور.

وقد أصبحت العديد من العائلات تسرع في تزويج بناتها نتيجة الفقر، وحتى لو كان هذا الزواج من شاب قاصر لم يبلغ بعد الثامنة عشر من عمره. تقول أم ياسين وهي سيدة من ريف درعا الغربي في لقاء مع مراسلة درعا 24: “في هذه الأيام هناك عوائل تريد فقط السترة لبناتها، ولا تطلب الكثير”. لهذا السبب زوجت أم ياسين ابنها وهو في السابعة عشر من عمره، على الرغم من أن زوجها مريض، ولا يستطيع العمل، ووضعهم المادي سيء، لكن حسب تعبيرها: “كل شيء من قريبو، لحتى ما نتكلف فوق طاقتنا”.

إقرأ أيضاً: ارتفاع نسبة زواج القاصرات في سوريا من 10% إلى 45 % بعد الحرب 

عاش الشاب حمزة تجربة الزواج المبكّر، يقول: “مع اشتداد وتيرة الحرب، لجأ جميع إخوتي إلى دول الجوار، وبقيت وحدي مع والديّ، وكان عمري 16 عاماً، فاقترحت أمي أن أتزوج، في البداية رفضت الفكرة لكن تقبلته أخيراً وتم الزواج، واليوم أنا بعمر 24 وأب لثلاثة أطفال، بينما أصدقائي لا يزالون يدرسون في الجامعة”.

أما أم عمران فتؤكد: “زواج الصغار لا عيب ولا حرام، زوجت ابني لكن لم يتفقوا لأنها كانت صغيرة من عمره 15 سنة، وبعد طلاقه قمت بتزويجه مرة ثانية، يبقى يتزوج حتى يتفقوا، البنات كثار”، حسب قولها.

وأضافت: “بالنسبة للتكاليف فهي قليلة، هو محبس وساعة، وبالنسبة لغرفة النوم في غرفة أخوه، الذي سافر حتى يرجع يفرجها الله، مثلنا مثل هالناس”.

ما رأي القانون السوري في زواج القاصرين؟

تنص المادة (16) من القانون رقم (4) لعام 2019، الذي قضى بتعديل بعض مواد قانون الأحوال الشخصية: “تكمل أهلية الزواج، الفتى والفتاة ببلوغ الثامنة عشرة من العمر”.

فيما تنص المادة (18) من ذات القانون، أنه في حال: “ادعى المراهق أو المراهقة البلوغ بعد إكمال الخامسة عشرة، وطلبا الزواج، يأذن به القاضي، إذا تبين له صدق دعواهما، واحتمال جسميهما، ومعرفتهما بالحقوق الزوجية”، وفي حال “كان الولي هو الأب أو الجد اشترطت موافقته”.

أما في حال كان زواج القاصر خارج المحكمة، ولو كان مع وجود ولي أمر، يعاقب القانون السوري بغرامة مالية قدرها 50 ألف ليرة سورية، وفي حال كان زواج القاصر خارج المحكمة دون موافقة ولي أمرها، يكون العقاب بالحبس حتى 6 أشهر، وبالغرامة حتى 50 ألف ليرة، وفق القانون (24) لعام 2018.

إقرأ أيضاً: زواج القاصرات بدرعا يرتفع بشكل ملحوظ

نتائج سلبية للزواج المبكّر

تشرح المرشدة الاجتماعية م. الأحمد في حديثها مع مراسلة درعا 24: “يترتب على زواج القاصرين نتائج سلبية تؤثر على الصّحة النّفسية والجسدية للشخص، وعدم القدرة على الاهتمام بالأطفال ورعايتهم، ونتائج أخرى تترتب على المجتمع، بما فيها ازدياد حالات الطلاق بسبب عدم الوعي الكافي للحياة الزوجية، وعدم تفهم الطرف الأخر، والتسرب من التعليم، مما يعني حرمان الطفل من حق أساسي من حقوقه الأساسية”.

تضيف: “زواج القاصرين يؤدي لزيادة المعدل السكاني، من خلال زيادة الولادات في سكن مبكرة، وبالتالي يؤدي لزيادة المستهلكين على المنتجين، مما يخلق ضغوط اقتصادية واجتماعية تؤثر سلباً على المجتمع”.

وتطرح المرشدة عدة حلول لهذه الظاهرة كزيادة التثقيف، والوعي لدى أفراد المجتمع، حول مخاطر هذه الظاهرة، ونتائجها على الفرد والمجتمع. وتؤكد بأنه يجب على المؤسسات الحكومية سن قوانين صارمة وتنفيذها، للحد من هذا النوع من الزواج أو القضاء عليه. وتختم حديثها بالتأكيد على أهمية التعليم، الذي يضمن للأطفال حقوقهم ومستقبلهم ويحقق طموحهم.

ويبقى زواج القاصرين والقاصرات في درعا وسوريا عامة، واحداً من مئات المشكلات التي يعاني منها المجتمع، والتي تُسهم في تعميقها وزيادة انتشارها عادات وتقاليد اجتماعية معظمها موروثة، وبعضها مستحدثة بعد الحرب، في ظل غياب التوعية وعدم وجود قوانين لمواجهتها، وغياب دور المنظمات غير الحكومية عن العمل في هذا الاتجاه بل وإهماله في كثير من الأحيان.

الرابط: https://daraa24.org/?p=32699


إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًاً من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدّم/قدّمي شكوى

Similar Posts