مبادرات مدن وبلدات محافظة درعا

شهدت العديد من مدن وبلدات محافظة درعا مبادرات محلية، حيث يتم جمع تبرعات من الأهالي من داخل وخارج البلاد، بهدف تحسين الواقع الخدمي، كإنارة الشوارع وحفر الآبار وتزويدها بالطاقة الشمسية البديلة عن الكهرباء، وتحسين واقع النظافة بإصلاح الآليات أو تأمين المحروقات لعملها. في حين تكتفي الحكومة بالمراقبة والثناء على هذه المبادرات، دون أن تفي بوعودها القديمة.

مجالس محلية تشرف على الحملات

انطلقت معظم حملات التبرعات بإشراف المجالس المحلية في تلك المدن والبلدات، وكانت أبرزها في مدينة داعل. أوضح السيد “رياض برغوث” رئيس المجلس البلدي في مدينة داعل في حديثه مع مراسل درعا 24، أن المبالغ التي تم جمعها حتى اليوم هي مليار وخمس مائة وخمسين مليون ليرة سورية (حتى يوم الأربعاء). مؤكداً أن الفكرة نابعة من حاجة الناس للخدمات الأساسية، ويشير إلى أن الحملة هي عبارة عن فزعة أهلية: “ليس لها أي أبعاد سياسية، ولا نريد استغلال الأموال المُقدّمة إلا لخدمة أهلنا وتخفيف أعباء الحياة عنهم”.

وأضاف رئيس المجلس أن هذه الأموال سيتم من خلالها إنارة الشوارع في المدينة، حيث سيتم إجراء مناقصة على أجهزة الإنارة، كذلك سيتم تشغيل آبار مياه الشرب، والعمل جارٍ على تجهيز القواعد الحديدية للألواح الشمسية لـ 14 بئراً في المدينة، كذلك سيتم العمل على تشغيل بوابات الانترنت.

تبع حملة داعل حملات أخرى في بلدات إبطع والشيخ مسكين وتسيل ونوى والكرك الشرقي والمسيفرة والغارية الغربية وغيرها من المدن والبلدات، ويشرف على أغلب هذه الحملات أيضاً الوجهاء والشخصيات الفاعلة إضافةً إلى المجلس البلدي.

إقرأ أيضاً: مبادرات محلية في مختلف أرجاء درعا في شهر رمضان

أحد القائمين على الحملة في بلدة تسيل قال للمراسل: “نسعى بكل جهودنا لتحسين واقع الخدمات في البلدة، وقد حققت الحملات نجاحاً في بلدات أخرى، لذلك قررنا إطلاقها في بلدتنا، وتم تشكيل لجنة من بعض الشخصيات الفاعلة والوجهاء، وبدأنا بجمع التبرعات من المغتربين ومن الميسورين داخل البلدة، وقد تم التبرع ليس فقط بالمال، بل تبرع أحد الميسورين بقطعة أرض لحفر بئر عليها.

يضيف: “كان اللافت للانتباه للحملة في تسيل تبرع الأطفال بمصروفهم، وذلك شجع العديد من الأهالي للمشاركة في الحملة، وتقديم المبالغ التي يستطيعون تقديمها”.

خمس سنوات في انتظار الخدمات

أكد مراسلو درعا 24 في المدن والبلدات التي أُطلقت فيها هذه المبادرات، أنها نابعة من حاجة الناس للخدمات الأساسية. حيث مرّ خمس سنوات على اتفاقية التسوية في العام 2018، والتي كان من ضمن بنودها عودة دوائر الدولة وتوفير الخدمات في المدن والبلدات، لكن العودة كانت شكلية، حيث عاودت البلديات والمؤسسات عملها دون توفير الخدمات.

إقرأ أيضاً: مبادرات انسانية في ظروف استثنائية، مدينة الحراك مثالاً

وقال أحد الناشطين في الريف الغربي من درعا، “أن الحكومة تكاد لا تقوم بأي عمل، بل فقط تكتفي بمتابعة الإصلاحات الخدمية التي تقدمها المنظمات الدولية، من إعادة تفعيل خطوط خبز في فرن ما، أو تزويد بئر بالطاقة البديلة، بل إضافةً إلى ذلك هي تأتي بعد توصيل هذه الخدمة للاحتفال بها وتصويرها على أنها من إنجازاتها”.

أضاف الناشط: “لم نعد نعول مطلقاً على الحكومة، حيث مر خمس سنوات من الانتظار والوعود ودون أي فائدة تُرجى، لذلك توجهنا لإدارة أنفسنا بأنفسنا، وهذه المبادرات الأخيرة لم تكن الأولى، حيث في العديد من المدن والبلدات تم إصلاح شبكات الكهرباء والمياه منذ سنوات على حساب الأهالي، لأنهم باتوا على يقين أنهم إن لم يفعلوا ذلك فلن يصلح هذه الشبكات أحد”.

إقرأ أيضاً: مبادرات محلية في معظم مناطق درعا في ظل سوء الحالة المعيشية

في حين أعلن فرع اتصالات درعا أنّه من خلال هذه الحملات، تم تركيب ألواح طاقة شمسية لعشرة مقاسم إنترنت، بهدف تشغيلها، وصرّح مدير فرع اتصالات درعا المهندس “أحمد الحريري” لوكالة سانا الرسمية، أن جهود المجتمع المحلي أثمرت عن جمع المبالغ اللازمة لتوفير الطاقة اللازمة، عن طريق تركيب ألواح طاقة شمسية في مقاسم الإنترنت، في كل من بلدات إبطع وطفس وجاسم والحارة وإنخل وكفر شمس وتل شهاب والغارية الشرقية وغصم وأخيراً مدينة داعل.

وأوضح الحريري أن تشغيل مقاسم الإنترنت بالطاقة البديلة أسهم في توفير خدمة الإنترنت على مدار الساعة للمواطنين، وكذلك تخفيض استهلاك المحروقات إلى النصف، لافتاً إلى أن المجتمع المحلي في محافظة درعا يضطلع بدوره في تأهيل البنى التحتية وإعادتها للخدمة، ما يعكس الوعي والاهتمام بإعادة واقع المحافظة لما كان عليه قبل الحرب. وفق تعبيره.

آراء الناس

يؤيد أغلب الأهالي في المحافظة هذه الحملات ويعتبرها مهمة لأنها تخدم الناس، وتعيد بعض الخدمات، وبعضهم يرى فيها إعادة تأهيل للسلطات في درعا، التي ستعتبر هذه الحملات من إنجازاتها، وهناك رأي آخر يرى أنه من الأفضل بدلاً من تحسين الواقع الخدمي، مساعدة الفقراء والمحتاجين.

 رئيس المجلس البلدي في مدينة داعل استبعد في الوقت الحالي أن يتم تقديم مساعدات للمحتاجين من أهالي مدينة داعل من هذه المبالغ التي تم جمعها خلال هذه الحملة، وإذا حدث ذلك سيكون بشكل شخصي من المتبرعين. مبرراً أن هذه المبالغ لا تكفي للخدمات التي يتم العمل على توفيرها. ولفت إلى إمكانية تنفيذ حملة أخرى أول شهر رمضان القادم، وتكون حملة تبرع فقط للفقراء.

إقرأ أيضاً: شح المياه: مشكلة تعاني منها درعا وقراها

أبو محمد هلال أحد وجهاء الريف الشرقي قال لمراسل درعا 24: “هذه التبرعات زادت التقارب بين الأهالي، من خلال مساعدة المغتربين لأهلهم بالداخل، فأحسوا بأنهم جسد واحد”.

وعلّق على رفض البعض لهذه المبادرات بالقول “معظم الرافضين للمبادرات لم يعيشوا الوضع الإنساني السيء الذي نعيشه، وحاجتنا للخدمات الأساسية كالماء على سبيل المثال” وتساءل أبو محمد “هل نستطيع الاستغناء عن الماء على سبيل المثال، ونقول هذا من مسؤوليات الحكومة! ما حك جلدك مثل ظفرك “.

أجرت درعا 24 استطلاعاً لرأي المتابعين عبر مجموعة الفيس بوك، شارك فيه حتى الآن 540 شخصاً، وكان السؤال هل أنت مع هذه المبادرات؟ وكان معظم من شاركوا في الاستطلاع مع هذه المبادرات حيث أجاب بنعم 79%.

للمشاركة في الاستطلاع من خلال الرابط:

https://www.facebook.com/groups/daraa24/permalink/1337695760350487/

يُشار إلى أنّ الواقع الخدمي والمعيشي في محافظة درعا وعموم البلاد في غاية السوء وما يزال مستمراً بالتدهور يوماً بعد يوم، خاصة مع انهيار الليرة السورية مقابل الدولار الأمريكي إلى أدنى مستوياتها، حيث أصبحت قيمة العملة السورية منخفضة جداً، والحلول التي تقوم بها الحكومة لمواجهة ذلك، هي رفع سعر دولار البنك المركزي، ورفع أسعار المحروقات والمواد الأساسية بدلاً من توفيرها.

رابط التقرير: https://daraa24.org/?p=28529

Similar Posts