عمل الأطفال في بيع الخضروات والفواكه في محافظة درعا
عمل الأطفال في بيع الخضروات والفواكه في محافظة درعا

لا تختلف محافظة درعا عن باقي المناطق السورية في انتشار ظاهرة عمالة الأطفال فيها، وما يترتب على ذلك من آثار كارثية على الطفل والمجتمع. ونظراً لأن جميع الحلول الحالية في درعا وغيرها من مناطق سوريا سواء أكانت هذه المناطق تحت سيطرة الحكومة أو خارجها -على اختلافها- لم تستطع التصدي لهذه المشكلة، فإنه لا بد من التفكير بمقاربة لحلول تستفيد من تجارب مبادرات الحل في جميع المناطق السورية، وتتجاوز الإخفاقات التي وقعت فيها هذه المبادرات، وتلائم في الوقت نفسه حالة درعا وسياقها الفريد.

يعتبر أحد الاساتذة في كلية الاقتصاد من الجنوب السوري في حديثه لمراسلنا ان معالجة الأسباب التي أدت إلى استفحال مشكلة عمالة الأطفال شرط لازم وغير كاف للتصدي لهذه المشكلة، وهذا يتطلب تضافر جميع الجهود سواء من السلطات أو منظمات العمل الانساني، ومؤسسات المجتمع المدني، وكافة الفعاليات والقيادات المجتمعية والهيئات والمبادرات النسائية والشبابية والوسائل الإعلامية الرسمية والمستقلة.

إقرأ أيضاً: أطفال سوريا لم يعرفوا خلال 10 سنوات سوى الحرب!

وفي هذا الصدد يرى أحد رجال الاعمال من درعا و المقيم في اوربا ان تحسين الظروف المعيشية في درعا من خلال تأمين فرص العمل والحد من البطالة والتضخم وخفض الأسعار لتكون متناسبة مع مستوى الدخل مهمة أساسية – تقع على عاتق السلطة – لعلاج مشكلة عمالة الأطفال، بوصفها أهم الأسباب التي أدى غيابها إلى استفحال هذه المشكلة.

وبالنظر إلى الدور الحكومي يرى الاستاذ المحامي م . المسالمة ان هناك أيضاً حاجة ماسة إلى مراجعة شاملة للقوانين الخاصة بعمالة الأطفال، لتتوافق مع الاتفاقيات الدولية ذات الصلة، ولتتناسب مع مستوى المشكلة، وحجم انتشارها وخطورتها، بالإضافة إلى مراعاتها للظروف الاستثنائية، التي تعيشها المحافظة بسبب سنوات الصراع المستمر، بالإضافة إلى وضع آليات فعالة لتنفيذها. وينبغي أن تتضمن هذه القوانين على عقوبات رادعة، وخاصة عندما تكون الأعمال التي يتم تشغيل الأطفال فيها شاقة أو خطيرة على الاطفال او عندما تكون بيئة العمل غير امنة ويتعرض فيها الطفل للإساءة والاستغلال.

أما بالنسبة لأسوأ أشكال عمالة الأطفال وفقا للمسالمة هي المرتبطة بالتجنيد والتسول والاتجار بالأطفال واستعمال الأطفال في عمليات التهريب والاتجار بالمخدرات، فهذا يتطلب سن وتطبيق عقوبات قاسية جداً بحق كل من يتورط في ذلك.

إقرأ أيضاً: عمالة الاطفال، الاسباب والاثار

تأمين فرص العمل والحد من البطالة والتضخم وخفض الأسعار لتكون متناسبة مع مستوى الدخل مهمة أساسية – تقع على عاتق السلطة – لعلاج مشكلة عمالة الأطفال، بوصفها أهم الأسباب التي أدى غيابها إلى استفحال هذه المشكلة.

وفي ذات الوقت يؤكد الاستاذ قاسم الزعبي الناشط الانساني في المنظمات غير الحكومية في الجنوب السوري انه لا يمكن المطالبة بتطبيق عقوبات رادعة على مقدمي الرعاية للأطفال المنخرطين بالعمل، مالم يتم تقديم حلول بديلة تساعدهم على الاستغناء عن تشغيل أطفالهم وإعادة إدماجهم في التعليم. وهذا أمر يقع على عاتق السلطة من خلال البرامج التوعوية، وتامين فرص عمل للمعيل، في حال وجوده وتوفير متطلبات التعليم.

ويقع أيضاً على عاتق مؤسسات العمل الإنساني غير الحكومية، من خلال برامج مدروسة وخطط شاملة تقوم على استهداف مقدمي الرعاية للطفل المنخرط بالعمالة، بمنح لمشاريع مدرة للدخل، مترافقة مع التدريب اللازم سواء التقني أو الإداري والمالي لضمان نجاح هذه المشاريع وتحقيق الهدف المرجو منها، بالإضافة إلى أنشطة المهارات الوالدية والمهارات الحياتية.

ويرى الزعبي ان هذا الجهد المشترك للسلطة وللمنظمات غير الحكومية، يجب أن يشمل أيضاً الأطفال من خلال حملات توعية حول أهمية التعليم ومخاطر عمالة الطفل، وأن يشمل أيضاً أرباب العمل المتورطين في تشغيل الأطفال، من خلال حملات توعية ممنهجة.

ويجب ألا تتوقف الجهود الحكومية، عند الجانب القانوني وفقا لأحد اساتذة كلية التربية من أبناء الجنوب السوري والذي يرى ان الجهد يجب ان يتضمن ايضا تشميل المناهج الدراسية، بمحتوى تربوي توعوي للأطفال حول هذه المشكلة. بالإضافة إلى تفعيل قانون إلزامية ومجانية التعليم وضمان تطبيقه.

عمل الأطفال في تصليح السيارات في محافظة السويداء
عمل الأطفال في تصليح السيارات في محافظة السويداء

اما المرشدة النفسية ريم خالد فتتناول الامر من زاوية اخرى فتقول: نظرا لأن كثيراً من الأطفال فقدوا المعيل، فهناك حاجة ماسة إلى أن تقوم السلطة بواجبها تجاه إطلاق سراح المعتقلين، وتوفير الظروف الملائمة لعودة المهجرين، والقيام بدور المعيل من خلال تأمين دور الرعاية البديلة، وأن تكون هذه الدور بيئة آمنة للطفل تضمن حمايته وتعليمه ورعايته الصحية، سواء البدنية أو النفسية. ولا بد أن تقوم المنظمات غير الحكومية بمساندة هذا الدور بكل أشكال الدعم المادي والتوعوي والإرشادي.

إقرأ أيضاً: كيف تتم معالجة مشكلة عمالة الاطفال في شمال شرق سوريا؟

وبسبب طول الأزمة التي تعيشها سوريا عموماً ودرعا خصوصاً فإن هناك أعداد كثيرة من الأطفال الكبار الذين لا تسمح أعمارهم (13-17 سنة)، بالتحاقهم بالمدرسة. هذه الفئة تحتاج إلى نمط من المعالجة مختلف يقوم وفقا للأستاذ سوسر طالوستان الاستشاري في قضايا حماية الطفل، على إلحاقهم ببرامج تدريب مهني مدروسة، تتضمن تعليم الأطفال مهنة مناسبة تتوافق مع ميول الطفل واهتماماته وتدريبهم على أساسيات ريادة الأعمال والإدارة الفنية والمالية للمهن، التي سيتعلمونها جنباً إلى جنب مع دورات محو الأمية، التي تمكنهم من أساسيات القراءة والكتابة والحساب.

 هذه المعالجة حسب طالوستان بحاجة إلى تضافر وتكامل جهود السلطة ومنظمات العمل الإنساني غير الحكومية، ودعم المجتمع والأسرة. كما أن هذه البرامج لا بد أن تخضع إلى قوانين صارمة تنظمها وتحول دون استغلال الأطفال، ومنها قوننة ساعات وأيام العمل والتدريب وأنواع المهن التي سيشملها هذا البرنامج، وأن تكون بيئة التدريب آمنة ومحفزة للأطفال.

 ‏بالرغم من ان محافظة درعا لا تعاني من الانتشار الكبير لمشكلة عمالة الأطفال الإناث خارج الاسرة بدرجة مماثلة لما هو الحال في محافظات أخرى، فإن إجراءات لا بد أن تتخذ للحيلولة دون تسربهن من المدرسة وتعرضهن للأذى الجسدي أو النفسي أو الاستغلال عند عملهن ضمن نطاق الأسرة، وخاصة في الزراعة، هذا إن لم نستطع الحيلولة دون انخراط الأطفال الإناث بالعمل سواء خارج الأسرة أو ضمنها. وهذا يحتاج وفقا للمرشد الاجتماعي احمد الياسر إلى قوانين وتشريعات ناظمة من السلطة وإلى حملات توعية وبرامج مهارات الأبوة وأنشطة إدارة حالة، تقوم بها المنظمات غير الحكومية.

هناك أعداد كثيرة من الأطفال الكبار الذين لا تسمح أعمارهم (13-17 سنة)، بالتحاقهم بالمدرسة. هذه الفئة تحتاج إلى نمط من المعالجة مختلف يقوم، على إلحاقهم ببرامج تدريب مهني مدروسة، تتضمن تعليم الأطفال مهنة مناسبة تتوافق مع ميول الطفل واهتماماته وتدريبهم على أساسيات ريادة الأعمال والإدارة الفنية والمالية للمهن، التي سيتعلمونها جنباً إلى جنب مع دورات محو الأمية، التي تمكنهم من أساسيات القراءة والكتابة والحساب

الا الاستاذ قاسم الزعبي يرى انه لا تستطيع الاستجابة الإنسانية الحالية في سياق درعا أن تقوم بالدور المنوط بها، لحل مشكلة عمالة الأطفال، نظراً لقلة هذه المنظمات وضعف التمويل المخصص لها وعدم تركيزها على قضايا حماية الطفل والبرامج ذات الصلة، وكحل لهذه الثغرة يرى الزعبي انه لا بد أولاً من زيادة عدد المنظمات الإنسانية على أرض درعا من جهة، وزيادة التمويل المقدم لها من جهة أُخرى.

بالاضافة  لتجاوز الثغرات التي تعاني منها الاستجابة الإنسانية لمشكلة عمالة الأطفال في شمال غرب وشمال شرق سوريا، ومن ذلك تشكيل مجموعة فرعية لحماية الطفل ينبثق عنها مجموعة عمل موحدة تشرف على الاستجابة الإنسانية لمشكلة عمالة الاطفال.

الاستاذة الاء ابراهيم الناشطة الانسانية في برنامج التعافي المبكر توافق الزعبي الراي وتؤكد في حديثها مع مراسلنا ان من المهام التي يجب أن تقوم بها مجموعة العمل الموحدة حول عمالة الأطفال، إنشاء وتفعيل منصة موحدة للتعاون مع البرامج الأخرى وخاصة برامج التعليم وسبل العيش والتعافي المبكر، بالإضافة إلى شبكة إحالات بين أقسام حماية الطفل في المنظمات المختلفة. وكذلك تصميم تدخلات تناسب السياق وتطوير أنظمة وهياكل تعليمية للأطفال المتسربين من التعليم أو الذين لديهم فجوة في التعليم.

كما تأخذ مجموعة العمل هذه على عاتقها وفقا للابراهيم إشراك أرباب الأعمال والصناعات التي ينخرط بها الأطفال ببرامج توعية حول خطورة عمالة الأطفال وآثارها السلبية على الطفل والمجتمع، وإجراء رصد مستمر لوضع المشكلة، وتقييم احتياجات السلامة البدنية للأطفال المنخرطين في العمل، وتامين وسائل الأمان والحماية للأطفال مثل القفازات وواقيات العيون والخوذ.

ولضمان واستدامة الحل لابد لمؤسسات المجتمع المدني ووسائل الإعلام الرسمي والمستقل والفعاليات والهيئات والقيادات المجتمعية الدينية والعشائرية والمدنية، من التكامل مع دور السلطة ومنظمات العمل الإنساني غير الحكومية. وذلك من خلال إطلاق حملات رفع الوعي والمناصرة والمبادرات المجتمعية، ويجب أن تكون هذه الجهود مدروسة ومخططة وبتنسيق عال، بين جميع الجهات، وتركز على تغيير الموروث المجتمعي المؤيد لعمالة الاطفال.

تحتاج هذه المقاربة للحل للوقت والجهد والمال، وتنطوي على معالجات وتشريعات وتدخلات ليست بالسهلة. إلا أنها بالرغم من كل ذلك تعتبر حاجة ملحة لمعالجة مشكلة أصبحت ظاهرة تهدد المجتمع في حاضره ومستقبله. تتطلب هذه المقاربة مشاركة الجميع، ولابد قبل المشاركة من امتلاك جميع الأطراف للرغبة وإظهار الاستعداد للعمل والتعاون. جهود جبارة وتنسيق وتكامل عاليين ومشاركة الجميع دون استثناء، في تنفيذ خطط مدروسة تُهيء لها امكانيات كبيرة، وتتم بنفس طويل هي مقاربة الحل لمشكلة أصبحت ظاهرة تصيب المجتمع في المقتل.

الرابط: https://daraa24.org/?p=31193

Similar Posts