باتت جرائم خطف الأطفال التي تحدث في محافظة درعا، من أكثر الأمور التي تُسبّب القلق للأهالي في المحافظة، وقد تفاقمت في الآونة الأخيرة، نتيجة حالة الانفلات الأمني التي تعيشها المحافظة، وتهدف أغلب جرائم خطف الأطفال للحصول على فدية، وتتراوح الفئات العمرية المستهدفة بين الـ 5 و 11 سنة.
وقد رصدت درعا 24 عدة حوادث خطف أطفال في محافظة درعا في الآونة الأخيرة، وتعرّض ذووهم للابتزاز مما تسبب بحالة من الخوف والرعب لدى الآباء والأمهات، فيما كان أبرز تلك الحوادث هي اختطاف الطفل «فواز القطيفان» من بلدة إبطع وسط درعا، وقد دُفِعت فدية مقدارها 400 مليون ليرة سورية مقابل الإفراج عنه. فيما يستمر اختطاف الطفلة «سلام حسن الخلف» منذ قرابة عامين، ولا يوجد أي معلومات عنها حتى اليوم.
في حين يتم توجيه اتهامات للأجهزة الأمنية والجهات الفاعلة في المحافظة، بالتغافل عن وضع حد لجرائم الخطف، التي تعد انتهاكاً واضحاً لحقوق الطفل. فيما يتهم كثيرون بعض المجموعات بمساعدة من من بعض ضباط الأجهزة الأمنية والعسكرية بالضلوع في حوادث الخطف بشكل عام وخطف الأطفال بشكل خاص.
إقرأ أيضًا: الإفراج عن شاب بعد اختطافه ضمن منطقة أمنية، فمتى تتوقف حالات الخطف؟
خطف الأطفال جزء من وضع أمني عام غاية في السوء
(أم عبد الله 50 عاماً، مديرة مدرسة) تقول في حديثها لمراسلة درعا 24، بأن الانفلات الأمني الذي تعيشه محافظة درعا في مثل هذه الأوقات، وارتفاع ظاهرة خطف الأطفال دفع بالعديد من الأهالي إلى تضييق نطاق حرية أطفالهم، ومرافقتهم إلى المدرسة ذهاب وعودة، وهذا يدل على مدى الخوف الذي يشعر به الأهالي، وأن كافة طلاب المدرسة ينتابهم شعور الذعر والخوف.
وأضافت، إن مثل هذه الظاهرة تستحق الوقوف عندها ومعالجتها، لأنها تعد من أخطر الظواهر التي تعرّض الطفل للعنف النفسي ، وهي منافية للأخلاق تماماً، لذلك يتوجب على الجهات الفاعلة في المنطقة وضع استراتيجية للحد من هذه الظاهرة الخطيرة والقضاء عليها، التي جعلت من الذعر وعدم الشعور بالأمن والأمان يسيطر على الأهالي في المنطقة عامة.
إقرأ أيضًا: مقتل الطفلة ” ليمار ” حادثة جديدة في درعا، وروايات متعددة
بدورها (أم محمد 40 عاماً) وهي من سكان الريف الغربي لمحافظة درعا تقول: لقد أصبحت ظاهرة خطف الأطفال أمراً مقلقاً يعيشه الآباء والأمهات خوفاً على أطفالهم، وظنّاً منهم أن أطفالهم معرضين للخطف بمجرد خروجهم من المنزل، فأصبح هوس الخوف يسيطر على الكثير من الأسر، وخاصة بعد تكرار أكثر من حادثة خطف.
تضيف، إن الأهالي يعانون أوضاع معيشية غاية في السوء ولا يستطيعون دفع أي فدية، اذا ما تعرض أطفالهم لحالة خطف، فقد أصبح الشارع غابة، لذلك يجب على المجتمع أن يتكاتف ويستوعب حجم هذه الكارثة، التي تهدد جميع أطفالنا دون استثناء.
تعد جرائم خطف الأطفال من أكثر الجرائم التي تؤثر في امن المجتمع، فهي من الجرائم الاجتماعية الخطيرة، التي تهدد بعدم الاستقرار لما تتركه من آثار نفسية على الضحية وأهله من حوله. وترى (المرشدة الاجتماعية ج . د) أن الأوضاع النفسية والاجتماعية التي يعيشها الطفل المختطف أثناء خطفه وبعد تحريره تشكل مشكلة حقيقية توازي بأهميتها عملية الخطف، حيث أنها تترك على الأطفال الذين تعرضوا للخطف آثار نفسية واجتماعية خطيرة، تستمر فترة زمنية طويلة، ومن الاثار السلبية التي تظهر على الطفل فقدان الثقة بالنفس وبالآخرين، إضافةً إلى فقدان الشعور بالأمن والاطمئنان، وكل ذلك ينعكس سلبًا على المجتمع.
توعية مجتمعية
تشرح المرشدة الاجتماعية، بأن عدم تعليم الطفل وسائل الحماية في حال تعرض لأي خطر هو ما يجعله مطمعاً سهلاً للخاطفين، لذلك لابد من حملة واسعة لتوعية الأبناء، وتعليمهم مهارات التعامل مع الأشخاص الغرباء، وعدم التحدث مع أي شخص غريب أو مرافقة أي شخص إلى أي مكان دون علم الاهل بذلك، متبعين قاعدة الوسطية دون إفراط أو تفريط ولا بد من تعليم الأطفال بعض طرق الدفاع عن النفس، وابسط هذه الطرق الصراخ وطلب الاستغاثة بصوت عال، للفت الانتباه له بحال تعرض لأي محاولة للخطف، وعدم ترك الآباء والأمهات لأطفالهم في الشوارع والانشغال عنهم لفترات زمنية طويلة.
تختم بأنه لابد أيضاً من التحرك السريع لوقف ومواجهة هذه الجرائم والممارسات، والتعاون والتكاتف المجتمعي لمواجهة تلك الظاهرة، وأن تتحمل الحكومة مسؤوليتها كاملة في حماية المجتمع وتحقيق الأمن والأمان الذي يعد من أبسط حقوق الفرد في المجتمع.
الجدير بالذكر أنّه في ظل غياب الإجراءات الحكومية لحماية وعدم الثقة بها إن وُجدت، فإنّ بعض البلدات شكّلت مجموعات من الشباب لتسيير دوريات ليلية ونهارية للمساهمة في حماية الأهالي من السرقة والخطف والحالات الأمنية الأُخرى.