المنسف الحوراني أو المليحي مع الكبة

يعتمد سكان حوران على الزراعة وخاصة القمح، ويطبخون مما تُنتج أرضهم، وكذلك منتجات الماشية التي يربونها وخاصة في منطقة اللجاة، مما يجعلهم يشتركون في أكلاتهم الشعبية التي مثّلت عنصرًا جامعًا لهم على الرغم من تنوعهم الاجتماعي. ومن أبرز هذه المأكولات الشعبية، المليحي أو المليحية.

image 7
منسف المليحي أو المليحية في حوران

المليحي أو المليحية

 يسميها أهل السهل في درعا المليحي، بينما يسميها أهل الجبل في السويداء المليحية، وهو الطعام الأكثر شعبية ورمز الكرم وحسن الضيافة الذي يتميز به أهل حوران. قوامه البرغل واللبن واللحم والسمن العربي، ويشتهر فيه كافة أهل حوران.

وتمر عملية تحضير المليحي بثلاث مراحل، يلخصها الحاج “أبو حسين، من أهالي درعا البلد” في حديثه مع مراسل درعا 24، فيقول: “يُطبخ اللحم وعادة ما يكون لحم الغنم ثم يُطبخ البرغل بماء اللحم، ويتم تحضير المليحي من اللبن المجفف، والذي يسمى الجميد أو الهقط أو الكثي”.

image 8
الجميد أو الكثي

 يضيف: “لا يقدم المليحي في صحون صغيرة بل في مناسف كبيرة الحجم، دلالة على الكرم وحسن الضيافة، حيث يوضع أولاً البرغل المطبوخ ويسمى الطبيخ ويغطى باللحم و يشرّب بالمليحية، ويُزيّن بأقراص الكبة ويسكب فوق ذلك كله السمن العربي”.

 يتابع أبو حسين بحسرة قائلا: “عندما كانت الأمور أفضل من الآن كانت أعراسنا ومناسباتنا ذبائح ومليحي، لكن اليوم لم يبقَ مقدرة لدى الناس، وأصبح كثير من الناس يضعون الدجاج بدل لحم الغنم، وأصبحت الضيافة في بعض الأحيان تقتصر على بعض الحلويات”.

لا يختلف الحال كثيراً عن بلدة القريا في ريف السويداء، تلخَّص أم أدهم لمراسل درعا 24 تأثير الظروف الحالية على سائر مناحي الحياة قائلة: “الأسعار نار والناس لا تجد ما يكفيها، وأصبحنا نطبخ المليحية باللبن بدل الجميد، وبالدجاج بدل اللحم”.

أضافت بأنه لا يكاد يخلو المنسف من الكبة، وتُصنع بنقع البرغل بالماء البارد من 10 إلى 15 دقيقة ثم يصفى جيدًا ويُطحن على عدة مرات ليصبح ناعمًا جدًا، ثم يُدعك البرغل باليد، وتُضاف إلى المزيج اللحمة المفرومة وتُخلط مع بعضها البعض حتى تتشكل عجينة متماسكة وطرية، ويتم قليها بالزيت في بعض المناطق وفي مناطق أُخرى يتم وضعها باللبن المغلي لنحصل على الكبة باللبن.

فيديو تحضير المليحي

شريط مصور عن طبخ المليحي والكبّة ومكوناتهما

رصدت درعا 24 في نشرتها الأسبوعية أسعار المواد الداخلة في أكلة المليحي أو المليحية، والتي أصبحت مرتفعة جداً، حيث بلغ كيلو البرغل 6000 ليرة سورية، وكيلو لحم الخروف 27 ألف ليرة، وأما السمن العربي فقد بلغ سعر الكيلو قرابة الخمسين ألف ليرة، وسعر كيلو الكثي أو الجميد 40 ألف ليرة سورية، وتختلف هذه الأسعار بين بلدة وأخرى من بلدات درعا والسويداء.

بينما كان سعر كيلو البرغل في نفس الفترة من العام الماضي 2000 ل.س، وكيلو لحم الخروف 20 ألف ليرة، بينما كيلو السمن بين الـ 8000 والـ 9000 ل.س، وكان سعر كيلو السمن العربي آنذاك قرابة الـ 25 ألف ليرة. 

وتشتهر حوران بكثير من الأكلات الشعبية الأُخرى، والتي تُحضّر مما يزرعون ويُنتجون من خيرات مثل المجدرة والشيشبرك والمقطّعة والهفيت واللزاقيات غير ذلك الكثير.

اللزاقيات

يشترك أهل حوران إضافة إلى الطعام في الحلويات أيضًا، خاصة الشعبية منها كاللزّاقيات، وهي حلوى بسيطة المكونات شهية الطعم، تحضر من عجين غير متخمر رخو القوام يسكب قليل منه على الصاج، ويوزّع على كامل سطح الصاج ليخبز على الحطب، و بعد الاستواء يرتب في صينية على شكل طبقات يتخللها السكر و زيت الزيتون أو السمن العربي، مع إضافات أخرى كجوز الهند والمكسرات.

image 9
اللزّاقيات

 “أم فهد من إحدى قرى اللجاة” توضح لمراسلة درعا 24، الفرق بين اللزاقيات عند عشائر البدو والفلاحين بقولها: ” اللزاقيات حلو البدو ونضع له سكر أكثر وسمن ساغ وليس زيت زيتون”.

القالب أو المرشم

في حين تشتهر حوران أيضاً بنوع آخر من الحلويات، وهو كعك العيد، والذي يسمى المرشم بلهجة أهل الجبل والقالب بلهجة أهل السهل، وهو مكون من الطحين والحليب والزيت ومنكهات خاصة.

 تشرح “الآنسة فريال مدرسة في احدى المدارس الابتدائية في مدينة السويداء” طريقة إعداد المرشم، وتقول: “يتم تحضير العجين من طحين القمح، ويجب أن يكون رخوًا قليلًا، يتم تخميره بخميرة الخبز العادي، والأفضل أن ينعجن بالحليب بدلًا من الماء”.

 وتشير:” للمرشم خلطة بهارات خاصة نتوارثها جيلا عن جيل وهي حبة البركة والزنجبيل والخولجان والقرفة والشمرا واليانسون، ويضع بعض الناس الورس كي يعطي لونًا أجمل لون حلو، ونحن في الجبل خلاف جيرانا في درعا نضع على المرشم دبس العنب”.

image 10
خبز القالب أو المرشم

يستذكر “الحاج أبو محمد” العادات والتقاليد في قريته علما في الريف الشرقي من درعا قائلًا: “من عاداتنا في العيد تقديم القالب للضيف وكنا نهديه صباح العيد للعنايا (الأرحام من النساء)، وأما اليوم فقد صارت العائلات تهدي وتقدم الحلويات الجاهزة بدل القالب”.

 وهناك عادات قديمة يلتزم فيها الكثيرون في حوران وخاصة أبناء اللجاة، فيجب على الضيف تناول الطعام باليد اليمنى وحين يقال له: “أفلح”، لا يستطيع الامتناع او التوقف عن الأكل، ورفض ذلك من الأمور الكبيرة لدى المضيف.

 بسيطة هي المكونات التي يحضر منها أهل حوران طعامهم، وهي من خيرات أرضهم الطيبة إلا أنه وكما يقال “الطبخ نفس” فإن طيب وكرم أهل حوران قد حوّل هذه المكونات البسيطة إلى أكلات غاية في اللذة، أكلات وحّدتهم على اختلافهم، وأصبحت علامة يُعرفون بها.

رابط التقرير: https://daraa24.org/?p=25368

Similar Posts