مقابلة خاصة مع المحامي سليمان القرفان

المحامي سليمان القرفان من مواليد 1971 في محافظة درعا، تخرّج من كلية الحقوق بجامعة دمشق في العام 1995، وهو محام أستاذ لدى فرع نقابة المحامين بدرعا منذ العام 2002. وقد اختار دراسة الحقوق لأنها مرتبطة في شؤون العدل والإنصاف وإرجاع الحقوق إلى أصحابها والدفاع عن الناس، بالإضافة لدخلها الممتاز، وفق تعبيره.

تعرّض “القرفان” للاعتقال ثلاث مرات، وطالته محاولة اغتيال في أواخر العام 2016، حيث تم تفجير عبوة ناسفة كانت مزروعة في سيارته، التي كانت أمام منزله في قرية عدوان في ريف درعا الغربي، واقتصرت الأضرار على الماديات.

أسس مع آخرين في العام 2012 نقابة المحامين الأحرار، واُنتخب في العام 2014 رئيساً لها. وهو حاليّاً عضو في اللجنة الدستورية، وعضو في مجلس نقابة المحامين الأحرار في سوريا والتي مقرُّها في مدينة إعزاز بالشمال السوري.

غادر المحامي سليمان القرفان محافظة درعا بتاريخ 20- 7- 2018 إلى الشمال السوري ضمن قوافل التهجير التي طالت المحافظة آنذاك، بعد اتفاقية التسوية والمصالحة التي رعتها روسيا. 

ويقول عن سبب مغادرته: “يعود ذلك إلى عدم ثقتي بهذا النظام المجرم ولا بالضامنين لعملية التسوية التي طالت الجنوب السوري، ولتجربتي المريرة في معتقلات النظام، حيث سبق وأن اعتُقلت في بداية سِنِي الثورة ثلاث مرات ذقت خلالها مختلف صنوف التعذيب. الأمر الذي دفعني للهجرة عن موطني وأهلي وأصدقائي خشية إعادة تجربة الاعتقال مجدَّداً”.

صور سيارة المحامي سليمان في عام 2016 بعد أن تم تفجير عبوة ناسفة كانت مزروعة بها
بيان مجلس نقابة المحامين وصورة سيارة المحامي سليمان القرفان بعد انفجار عبوة ناسفة في محاولة لاغتياله في العالم 2016

 لقد كنت نقيباً للمحامين الأحرار قبل خروجك من درعا في العام 2018، ماذا تخبرنا عن هذه الفترة، وهل ما زال هناك نقابة للمحامين الأحرار؟ وماذا قدمت وتقدم للناس؟

لقد تأسّست نقابة المحامين الأحرار بدرعا في الأردن في عام 2012، حيث ضمّت مجموعة كبيرة من المحامين أبناء محافظة درعا اللاجئين في الأردن، وفي عام 2014 تم التوافق على نقلها إلى داخل المحافظة، حيث ضمّت عدداً كبيراً من المحامين الذين انحازوا لثورة الكرامة من أبناء المحافظة سواء ممن هم بالداخل أو بالخارج، حيث زاد عدد أعضائها عن الثلاثمائة محامٍ. وقد تم انتخابي رئيسًا لفرع نقابة المحامين الأحرار بدرعا في عام 2014، وحاولنا خلال تلك الفترة تنظيم أمور المحامين وضمان مشاركتهم بثورة الكرامة.

 وقد استطعنا بالتشارك مع مجلس محافظة درعا من تنظيم أمور المحافظة ولاسيما ما يتعلق منها بضمان المحاكمات العادلة وضبط الأمن، فقمنا بتأسيس مديرية السجل المدني ومديرية السجل العقاري ومديرية النقل، وذلك لسدّ الفراغ الذي تركته الحكومة السورية بعد أن تخلّت عن مهامها وواجباتها ، فسعينا جاهدين لمحاربة مخططات النظام في إغراق المحافظة بالفوضى، حيث قامت كلُّ تلك المؤسسات بواجباتها على الوجه الأمثل ، وأجزم بأننا استطعنا تقديم أنفسنا بديلاً حقيقياً أفضل من النظام في الفترة الممتدة منذ عام 2014 وحتى تسليم المحافظة من الفاعلين الدوليين وإعادة النظام إليها في عام 2018.

كما كان للنقابة دور ريادي في إنشاء الهيئة الإدارية العليا لمحافظتي درعا والقنيطرة، والتي ضمَّت إلى جانب نقابة المحامين كلّاً من رؤساء مجلسي محافظتي درعا والقنيطرة ورئاسة دار العدل بحوران ووزارة الإدارة المحلية والزراعة المحلية. حيث أخذت على عاتقها تنظيم أمور المحافظتين وإصدار الأوامر الإدارية التي تحقّق ذلك. وقد سعينا خلال تلك الفترة إلى ضمان تطبيق القانون الدولي الإنساني وقانون حقوق الإنسان، ومراقبة تطبيق ذلك في كامل محافظتي درعا والقنيطرة.

وبعد تسليم المحافظة للنظام منتصف حزيران عام 2018 وانتقال عددٍ من المحامين إلى الشمال السوري قمنا بتشكيل فرع نقابة المحامين الأحرار بدرعا في مدينة أعزاز ضمَّ العديد من المحامين الموجودين في الشمال السوري وفي دول اللجوء، وهي تُعنى بإدارة شؤون المهجرين من أبناء المحافظة المقيمين في الشمال والسعي لرفع الظلم عنهم، ويقوم أفراد النقابة أيضاً بالتنسيق مع المؤسسة القضائية التي يُحاكَم أمامها أبناء محافظتي درعا والقنيطرة لرفع الظلم عنهم والسعي للإفراج عنهم وإخلاء سبيلهم وضمان محاكمتهم محاكمة عادلة. كما نشارك بكل اللقاءات والفعاليات لضمان تطبيق مبدأ العدالة الانتقالية وجبر الضرر من وجهة أبناء المحافظة.

ماذا تخبرنا عن فترة عملك في توثيق بيع وشراء الأراضي (الطابو) قبل العام 2018 وهل تم اعتمادها بعد سيطرة القوات الحكومية على المحافظة؟

 في سياق ملء الفراغ الذي أحدثته السلطة في أثناء سيطرة المعارضة على غالبية مناطق المحافظة سعت نقابة المحامين لإحداث مديرية خاصة بالسجل العقاري تتولى عملية توثيق البيوع وجميع الوقوعات الحاصلة على الملكية العقارية، ولذلك أشرفت النقابة من خلال مجلس محافظة درعا الحرة في عام 2015 على إنشاء مديرية السجل العقاري الحرّة، حيث أُوكل الأمر لموظفين مختصين سابقين انشقوا عن مديرية السجل العقاري التابعة للنظام.

وقد قامت المكاتب التابعة لتلك المديرية بتوثيق ما يقارب من ستة آلاف واقعة بيوع جرت في المناطق الخارجة عن سيطرة الحكومة، وقد اعتُمد في ذلك القانون السوري والآلية المتَّبَعة في مديريات السجل العقاري.

وقد سعينا في أثناء المفاوضات التي سبقت تسليم المحافظة للنظام، لأخذ ضمانات باعتماد تلك البيوع كجزء لا يتجزّأ من أعمال مديرية السجل العقاري في المحافظة ، وقد تلقّينا وعودًا من الجنرال الروسي الذي كان مسؤولًا عن ملف التفاوض آنذاك باعتماد تلك البيوع والوثائق الصادرة عن مكاتبنا الحرة بعد إجراء عملية تدقيق من قبل لجان مختصة، إلا أنه وكالعادة فإن الضامن الروسي تخلّى عن وعوده وانحاز انحيازًا أعمى للنظام، ومن ثَمَّ لم يتم اعتماد تلك الوقوعات والبيوعات الجارية.

كيف يتابع المحامي سليمان القرفان الأوضاع في محافظة درعا، وما يحصل فيها من حرب اغتيالات، وكيف ترى دور الفصائل المحلية التي بقيت في درعا، وكابن هذه المحافظة: ما الحل وما المستقبل الذي ينتظر هذه المنطقة؟

النظام دائماً يسعى لإظهار درعا باعتبارها مهد الثورة ومنطلقها على أنها مأوى للإرهاب، وأن من ثاروا وطالبوا برحيله من منذ البداية هم عبارة عن مجموعة من الإرهابيين. وما يحدث في المحافظة من فلتان أمني وعمليات اغتيال وخطف وسلب منذ إعادة تسليم المحافظة للنظام منتصف 2018 يصب في هذا الشأن.

المتابع للأحداث بالجنوب يجد أن الأجهزة الأمنية هي من تُحرّك من كانوا ينتمون لتنظيم داعش الإرهابي بعد أن تم تجنيدهم للعمل لصالحها، وليكونوا ذراع الأجهزة الأمنية في تنفيذ عمليات الاغتيالات والتفجيرات، لمعاقبة المحافظة بشكل عام، والحاضنة الشعبية لمن ثاروا في وجهه بشكل خاص. لأن النظام لم يستطع عملياً السيطرة على المحافظة نظرًا إلى تماسك أبنائها، ونظرًا إلى أن فصائل الجيش الحر ما زالت تقف في وجه مخططاته ودائماً ما تقدّم الفزعة والدعم لأي منطقة يحاول النظام اقتحامها.

واليوم أبناء المحافظة مطالبون أكثر من أيّ وقت مضى بالتكاتف والتعاضد ونبذ الخلافات، لأنه السبيل الوحيد لإفشال مخططات نظام العصابة، الذي لم ولن يريد الخير للمحافظة، والضرب بيدٍ من حديد لكل من تسوّل له نفسه العبث بحياة وأمن المواطنين. ولابد من الالتفاف حول قيادة تستطيع الانتقال بالمحافظة الى بر الأمان، وأن تكون هذه القيادة قادرة على إدارة المحافظة وجاهزة لأي استحقاق.

صحيح أن حلَّ الملف السوري بات مرتبطًا بملفات أخرى ولاسيما الحرب في أوكرانيا وغزة، لكن يجب الانطلاق من مسلَّمة أن وجود حالة تنظيمية في المحافظة تتمثّل في ضبط الأمن ومحاربة التطرف وتهريب وتجارة المخدرات وضبط الحدود ومنع الانتهاكات من شأنه أن يسرع في استقرار المحافظة وعودة الحياة ومنظمات المجتمع الدولي إليها.

من وجهة نظرك كمحامي يعرف القوانين في سوريا، ما هو مستقبل آلاف الشباب المطلوبين للخدمة العسكرية الإلزامية الذين لم يلتحقوا أو المنشقين عن الجيش، هل يمكن حل أوضاعهم القانونية بالمنظور القريب؟

لا يخفى على أحد أن النظام سهَّل هجرة الشباب من حوران، ومن لم يهاجر فلديه خيارات مُرّة وصعبة وخاصة من هم في سن الخدمة العسكرية، فإذا التحق بوحدات النظام فلا يعرف أين سيرسله ليقتل ويقاتل أبناء شعبه، وإلا فعليه أن يبقى متوارياً عن الأنظار حيث لا عمل ولا أمان.

ومن الواضح أن هدف النظام تفريغ المنطقة لصالح الميلشيات الإيرانية وميلشيا حزب الله، والتي ترتدي زي جيش النظام وتتحرك من خلال مقارّه في المنطقة، الأمر الذي جعل أهالي المحافظة بصفة عامة والثوار بصفة خاصة يعانون الأمَرَّين لمواجهة هذه السياسة التي ترمي لانتزاعهم من أرضهم وتاريخهم ويدفعون دماءهم وأرواحهم ثمن ذلك دون أفق أو حماية أو تحرُّك يضع حدّاً لخطر قومي ووطني بعد أن تُركت سورية لتكون ساحة تصفيات وصندوق رسائل بسبب سياسة النظام التي أغرقت سورية شعباً وأرضاً.

وهنا لابد من التأكيد على دور الفصائل العاملة في المحافظة لأنها تعتبر الضمانة الوحيدة لحل أوضاع المطلوبين والمنشقين. باعتبار تلك الفصائل قادرة على إرغام الضامن الروسي الذي تعهّد بضمان أن يؤدّي أبناء المحافظة خدمتهم الإلزامية داخل حدود المحافظة.

القضاء التابع للنظام في درعا غائب أو شبه غائب في درعا، وسلطات الأمر الواقع من اللجان المركزية واللواء الثامن وغيرهم، أنشأوا “لجان شرعية”، كيف ترى عمل هذه اللجان، وهل يمكنه أن تكون الحل في المنطقة في ظل الواقع الحالي؟ وهل يمكن مقارنتها بالتشكيلات القضائية قبل العام 2018، دار العدل مثلا؟

إن عمل هذه اللجان الشرعية أصبح ضرورة ملحّة بسبب غياب أي جهة أو لجنة من شأنها حلّ الخلافات في المحافظة وردّ الحقوق لأصحابها.

وقد باتت هناك حالة سخط شعبي إزاء الوضع الذي وصل إليه الأهالي من ضياع الحقوق والظلم وغياب أي جهة حكومية تسعى لتطبيق القانون بشكل فعلي في ظل وجود قضاء مسيَّس تشرف عليه الأجهزة الأمنية وسعيها الدؤوب لخلق الفتنة ودفع العشائر وأصحاب الحقوق للاقتتال فيما بينهم.

ولعل تشكيلها يعتبر الخطوة الأولى والنواة للتفكير جدياً بإنشاء هيئات قضائية كاملة لا يقتصر عملها على قضايا الدم فقط بل يجب توسعته ليشمل كل المظالم والحقوق لأن السبيل الوحيد لاستقرار المجتمعات هو وجود قضاء عادل وشامل، وهنا لابد من أن يُسند الأمر الى أصحاب الاختصاص وأقصد هنا رجال القانون لأنهم الأقدر على تحقيق ذلك.

ولا يمكن مقارنة دور هذه الهيئات الشرعية بالدور الذي لعبته دار العدل في حوران لاسيما لجهة العدد الكبير من أصحاب الاختصاص في كوادر دار العدل، ولقيام الأخيرة بالنظر بجميع القضايا وضمان المحاكمات العادلة أمامها لاسيما لجهة وجود محامين يترافعون أمامها.

صدرت عدة مراسيم عفو عن معتقلين وعلقت على بعضها في لقاءات سابقة مع درعا 24، وأكدت عدم شمول أغلبها بطريقة أو بأخرى للمعتقلين القدماء في سجون الأجهزة الأمنية الذين تم اعتقالهم على خلفية الاحتجاجات، ماذا تخبرنا حول هذه المراسيم؟ 

تعرّضَ بشكل خاص معارضو النظام السوري للاعتقال والإخفاء القسري إثر الاحتجاجات التي اندلعت عام 2011 والتي طالبت بالتغيير السياسي. وقد أصدرت السلطات السورية بدءاً من آذار/مارس 2011 وحتى تاريخه22 مرسوم عفو، كان آخرها المرسوم رقم 36 لعام 2023.

تفتقر مؤسسة العفو في سوريا إلى الآلية الديمقراطية ولا تنسجم مع الدستور السوري لعام 2012 نفسه ومع أبسط معايير دولة القانون. فبدايةً يُصدر رئيس الجمهورية، بوصفه ممثلاً للسلطة التنفيذية، المراسيم التشريعية للعفو العام، في حين ينصّ الدستور السوري لعام 2012 في مادته 75 على أن يتولى مجلس الشعب اختصاص إقرار العفو العام. يستغلّ بذلك رئيس الجمهورية سلطة التشريع المُخوّلة له بمقتضى المادة 113 من الدستور الحالي لاستصدار التشريعات، وفي هذا انتهاك لمبدأ فصل السلطات الذي تقوم عليه أسس الديمقراطية ودولة القانون. فينبغي في هذا الإطار وقف تعسُّف وهيمنة السلطة التنفيذية على السلطة التشريعية بشكل عام وعلى إصدار مراسيم العفو بشكل خاص.

ومن ثَمَّ نجد استثناء جميع مراسيم العفو لمجموعة محدَّدة بالذات من الجرائم التي تعاقب بالإعدام والمنصوص عليها في كل من قانون العقوبات العام وقانون العقوبات العسكري وقانون مكافحة الإرهاب، وذلك بغية إخفاء أحكام الإعدام السرية التي تسبّبت بهذا الكم الكبير من الأشخاص المفقودين ومجهولي المصير. وهذا ما يفسِّر عدم استفادة عدد كبير من المفقودين من مراسيم العفو حيث من المرجَّح أنه تمَّ تنفيذ حكم الإعدام فيهم بموجب الجرائم المذكورة آنفاً والتي تُستثنى دائماً من مراسيم العفو.

وهنا نؤكّد مجدَّداً على أننا في نقابة المحامين الأحرار بدرعا حاولنا جاهدين تسليط الضوء على وهمية مراسيم العفو وسعي النظام السوري الدؤوب إلى خديعة المجتمع الدولي من خلال الترويج إلى أنه يسعى للإصلاح ويقدّم الخطوات لذلك.

إقرأ أيضاً: لقاء خاص لـ درعا 24 مع الطبيب النفسي خالد الحصان

صدر منذ فترة قانون يقضي بمصادرة الأملاك التي تم إصدار قرار قضائي بالحجز عليها، وتحويلها إلى الجهات العامة، قال الكثيرون بأن ذلك مقدمة للاستيلاء على أملاك المعارضين في الداخل والخارج، ما رأيك بهذا الكلام من وجهة نظرك كقانوني أولا ومعارض ثانيا؟

لابد من الإشارة الى أن الدستور السوري الحالي منع مصادرة الأموال إلا وفق شروط ضيّقة حدّدتها المادة ’’15‘‘منه، والتي تنصّ على أنّ: الملكية الخاصة من جماعية وفردية، مصونة وفق الأسس الآتية:

  • المصادرة العامة في الأموال ممنوعة.
  • لا تُنزع الملكية الخاصة إلا للمنفعة العامة بمرسوم ومقابل تعويض عادل وفقاً للقانون.
  • لا تُفرض المصادرة الخاصة إلا بحكم قضائي مبرم.
  • تجوز المصادرة الخاصة لضرورات الحرب والكوارث العامة بقانون لقاء تعويض عادل.
  • يجب أن يكون التعويض معادلاً للقيمة الحقيقية للملكية.

وبالتّالي، فإن هذا القانون جاء مخالفًا للدستور السوري نفسه.

والغريب أن هذا القانون قد أعطى صلاحيات لشخص واحد هو رئيس الوزراء (بصفته الاعتبارية) ما يجعله يتحكَّم في عشرات آلاف ممتلكات السوريين، وذلك يمكّنه من نقل ملكية أو إعطاء صلاحيات الاستثمار لأي جهة.

ومنصب رئيس الوزراء هو في الوقت الحالي بيد إيران، وهذا يعني أنه جرى منح ممثل طهران الصلاحيات الكاملة لفعل ما يريد بتلك الثروات، وهذا أمر شديد الغرابة، لأن كل ذلك سوف يتم بقرار منفرد دون أن تكون هناك جهة مسؤولة عن محاسبة ذلك الشخص، ولذلك يعتبر هذا القانون سابقة خطيرة على صعيد العالم حيث لم يُقْدِم سوى هذا النظام على مصادرة الأملاك الشخصية واستباحتها والتصرُّف بها كما يحلو له.

ومن ثَمَّ فإنه يبدو أنّ النظام مُصرٌّ على استخدم القوانين العقارية كأداة لتطبيق مبدأ “الغنائم للمنتصر” ولضمان استمرار سيطرته ونفوذه، وأداة لمعاقبة معارضيه والمناطق التي خرجت ضده عام 2011، والآن يستخدم هذه القوانين لدفع فواتير حربه لصالح حلفائه إيران وروسيا.

على مستوى عمل المعارضة السورية، كيف تعمل اللجنة الدستورية هذه الأيام، وهل يمكن أن يتمخض عنها حلّ في سوريا، وماذا عن التشكيلات السياسية المعارضة الأخرى، وهل تنسق مع اللجنة الدستورية، هل تتوحد أطياف المعارضة السورية يوماً؟

في البداية لابدّ من الإشارة الى أن تشكيل اللجنة الدستورية يُعَدّ أوّل اتفاق سياسي موقّع وموثّق رسميًا، لدى الأمين العام للأمم المتحدة، بين قوى الثورة والمعارضة ممثلة بهيئة التفاوض، وحكومة النظام (حكومة الجمهورية العربية السورية)،

ورغم عدم إحرازها أيَّ نتائج، تبقى نقطة في ميدان سياسي، ليس من الحكمة الابتعاد عنه، ولا يجوز أيضًا تجاهل الكثير مما يمكننا فعله غير الاتكاء عليها، ابتداءً من مؤسسات وهيئات قوى الثورة والمعارضة المعترف بها دوليًا، التي يجب عليها المبادرة والقيام بجهود حثيثة لتفعيل تطبيق القرارات الأممية، بالتواصل مع الدول الفاعلة والصديقة. فالقضية السورية ليست فقط قضية سياسية، بل هي قضية حقوقية بامتياز، قضية حقوق الإنسان، وقضية معاناة المعتقلين والمهجَّرين، والمرتهنين تحت سلطات الأمر الواقع، وأن الابتعاد عنها والمطالبة بطيّ صفحتها ينطوي على مخاطر عديدة لعلَّ أهمها:

1-طيّ صفحة القرار 2254، فاللجنة الدستورية هي ما تبقى من القرار المذكور لاسيما بعد التوقف عن الحديث عن جسم حكم انتقالي أو بيئة آمنه أو أي عملية انتخابية، وطي صفحتها يعني حكمًا نهاية حلم السوريات والسوريين الحالمين بالتغيير.

2-تقسيم البلاد، إن ضمان استمرار عمل اللجنة الدستورية يحمي البلاد من التقسيم، فالسلطة الحاكمة وسلطات الأمر الواقع تبحث لنفسها عن ضمان مصالحها، وعليه فإن أفضل الحلول بالنسبة لتلك السلطات هو بقاء الحال على ما هو عليه حاليًا.

3-نهاية المعارضة السياسية، فطي صفحة اللجنة الدستورية يعني حكماً نهاية المعارضة السياسية، فمبرّر وجودها حاليًا هو جلوسها على طاولة الحوار لتنفيذ القرار 2254، وإلا فستسند مهمة صناعة اتفاق سياسي على قوى الأمر الواقع، لأنها ستكون الوحيدة القادرة على ذلك. فالمعارضة السياسية موجودة مادام القرار 2254 موجوداً ولا يمكن الحديث عن القرار المذكور بمعزل عن اللجنة الدستورية.

والآن هناك دعوات لتفعيل عمل اللجنة مجدَّدًا، وهناك دعوات لانعقاد جولة جديدة في شهر نيسان القادم في الرياض.

وبصراحة لا أحد يستطيع أن يجزم فيما إذا كان سيتمخّض عنها حلٌّ في سوريا أم لا، لكن نحن مؤمنون بأن معركتنا اليوم هي معركة حقوقية بالدرجة الأولى وتخضع لتفاهمات دولية، واللجنة الدستورية هي إحدى أدوات تلك المعركة، لذلك يجب علينا جميعًا التمسُّك بها والدفاع عنها لأن جميع الدول الخارجة من نزاعات كانت الخطوة الأولى باتجاه مجتمع ديمقراطي هو تغيير الدستور بما يتوافق مع تطلعات الشعب.

لذلك أعتقد أن على جميع أطياف المعارضة السورية الالتفاف حول اللجنة الدستورية ودعمها والدفاع عنها، لأنها من الأدوات الاساسية والمهمة في أي عملية تغيير يطمح إليها السوريون.

سليمان اثناء اجتماعات اللجنة الدستورية
المحامي الاستاذ سليمان القرفان عضو اللجنة الدستورية

إقرأ أيضاً: لقاء خاص لشبكة درعا 24 مع المحامي ثامر الجهماني

المحامي سليمان القرفان: أعتقد أنه خلال بضعة أشهر سيكون هناك مجلساً حقيقيّاً قادراً على تمثيل محافظة درعا وقيادتها في المرحلة القادمة

يتم الحديث عن تشكيل مرجعية موحّدة لمحافظة درعا، ما هي برأيك الأسباب الموجبة لتشكيلها، وما هو شكلها المتوقع وهل ستختلف عما سبقها من تشكيلات وهيئات في المحافظة؟

في البداية لابد من الإشارة إلى أنني تطوّعت مع مجموعة من أبناء المحافظة الغيارى للعمل على إنشاء مجلس -مرجعية أو مجلس وجهاء أو مجلس مجتمعي- لمحافظة درعا، وستكون التسمية حسبما يتّفق عليه أبناء حوران، نتمنّى أن يكون قادرًا على إيصال المحافظة لبر الأمان.

وقد اعتمدنا في عملنا على منهجيات إدارية مشهورة ومعتمدة عالميًا في مجال الاستراتيجيات والقيادة والإدارة والتغيير. الأمر الذي فَرض علينا أخذَ كلِّ هذا الوقت في الإعداد الجيد للمشروع، مستفيدين من سلبيات وإيجابيات التجارب السابقة على مدار ثلاثة عشر عامًا.

ولعل المحفّز الذي دفعنا للتفكير بشكل جدي بضرورة وجود مثل هذا المجلس هو أولًا حالة الفوضى التي عمّت المحافظة في السنوات الأخيرة والغياب التام لدور الدولة.

وثانيًا تحسُّبًا لأيّ استحقاقات مستقبلية -قد يتم فرضها- في ظل الحديث عن مطالبة المجتمع الدولي باعتماد اللامركزية كحلٍّ في سوريا.

ونحن نطمح إلى أن يكون الهدف المأمول عبارة عن مجلس يتكوَّن من شخصيات مؤثّرة ذات شأن عام وشخصيات ذات خبرة سياسية ودبلوماسية وحقوقية تُراعَى فيه طبيعة المحافظة وخصوصيتها.

ونستطيع القول: إننا قد أنجزنا جميع مسوّدات الأوراق، والتي لا بُدَّ من العودة لأبناء حوران لاعتمادها، والتي تضمن نجاح المشروع اعتمادًا على استقطاب الجميع وعدم إقصاء أحد.

وقريبًا سنبدأ عملية تواصل مع أبناء المحافظة للمشاركة في عملية مراجعة كل الآراء والأفكار للوصول للصيغة النهائية، ليتم الاتفاق على الآليات التنظيمية لهيكلية هذا المجلس، والاستفادة من آراء أبناء المحافظة وخبراتهم الإدارية ولتكون المرجعية المرتقبة نقطة التقاء تجمع أبناء المحافظة وتلبي احتياجاتهم وليشارك الجميع بإنجازها لإن هذا العمل مسؤولية المجتمع بشكل كامل

وأعتقد أنه خلال بضعة أشهر سيكون العمل منجزًا وسيتم تشكيل مجلس حقيقي قادر على (رعاية) تمثيل المحافظة وقيادتها.

الرابط: https://daraa24.org/?p=39141

Similar Posts