جرائم الشرف في سوريا موروث اجتماعي قديم
جرائم الشرف في سوريا موروث اجتماعي قديم

تقاوم العديد من النساء في سوريا شتى أنواع العنف الجسدي والنفسي والعنف الاجتماعي، من عنف أسري، وعدم التوريث، والطلاق التعسفي، وحتى الزواج القسري، وصولاً لما يسمى “جرائم الشّرف”، وهذه الأنواع من العنف ليست من إنتاج الحرب في سوريا، بل هي موروث اجتماعي قديم في مجتمع تحكمه العادات والتقاليد المجحفة بحق المرأة.

جرائم على امتداد الجغرافيا السورية

تنتشر جرائم الشرف في سوريا من شمالها لجنوبها ومن شرقها لغربها، بغض النظر عن الجهات المسيطرة على تلك المناطق، ومع ازدياد حدّة الصراع في سوريا ازدادت جرائم القتل تحت ذريعة الشرف، بسبب الفلتان الأمني وغياب القانون وانتشار السلاح العشوائي، وبحسب إحصائية لمنظمة سوريون من أجل الحقيقة والعدالة “مالا يقل عن 185 جريمة قتل في سوريا تحت مسمى “جرائم الشرف” في الفترة بين عامي 2019 و 2022.

14 حالة من هذه الحالات في مناطق سيطرة السلطات السورية، أما في مناطق سيطرة هيئة تحرير الشام في إدلب، فقد تم تسجيل ما لا يقل عن 21 حالة، توزعت بين مناطق (أطمه، أريحا، سلقين،  وكللي)، بالإضافة إلى 21 حالة أخرى في المناطق التي يسيطر عليها الجيش الوطني المدعوم تركياً في شمال غرب سوريا، وتوزعت الحالات بين جرابلس وعفرين وغيرها من المناطق.

في حين تتركز معظم هذه الحالات في المناطق التي تخضع لسيطرة الإدارة الذاتية في شمال شرق سوريا، حيث بلغت عدد الحالات هناك ما لا يقلّ عن 129 جريمة، مع صعوبة توثيق كافة الحالات الموجودة في كل المناطق.

كانت جريمة “فتاة الحسكة” في منتصف العام 2021 هي الأعنف بين هذه الجرائم، حيث أقدم 11 شخصاً من أفراد وذوي الطفلة “عيدة الحمودي السعيد، 17 عاماً” على اقتيادها إلى منزل مهجور، وفتح الرصاص من الرشاشات التي كانت معهم عليها، وذلك بعد رفضها الزواج من ابن عمها، لتتهمها عائلتها بأنّها على علاقة بشاب آخر، وتريد الزواج منه وهذا ما يخالف عادات عشيرتها.

اما في السويداء جنوباً، فقد لقت “أمل، 36 عاماً” وهي أم لطفل وحيد يبلغ 16 عاماً، ومنفصلة عن زوجها وتقيم مع طفلها، حيثُ أقدمت والدتها وخالها على قتلها بعدة ضربات بمطرقة على رأسها، وقد انكشف أمر الجثة خلال محاولتهم إخفائها، وبعد القبض عليهم، برروا فعلتهم على “أنها جريمة شرف”! 

أمّا فيما يخصّ محافظة درعا، فقد خصّصت درعا 24 تقريراً مفصلاً حول ذلك بعنوان “جرائم الشرف في درعا: لا الدين ولا القانون يستطيع ردع العادات”، حيث تحدثت حول عدد من الحالات التي تم توثيقها، مُشيرةً إلى أن هناك صعوبة كبيرة في توثيق هذا النوع من الجرائم أو النشر عنها، باعتبارها قضايا حسّاسة في المجتمع، حيث يعدّها مرتكبو هذه الجرائم ومن يريد التغطية عليهم “شأناً داخلياً للعائلة نفسها، ولا يحقّ لأحد التدّخل به”، ويشاطرهم الرأي في ذلك كثيرون، ويُلمس ذلك عند النشر حول هذه القضايا. 

القانون السوري وجرائم الشرف                                                

قبل العام 2009 نصّتْ مواد القانون على أنّه يستفيد من “العذر المحل” من فاجأ زوجته أو أحد أصوله أو فروعه أو أخته في جرم الزنا المشهود، أو في صلات جنسية فحشاء مع شخص آخر فأقدم على قتلهما أو ايذائهما أو على قتل أو إيذاء أحدهما، بغير عمد وترصد.                                                                    

وفي مطلع 2011 صدر مرسوم قضى بتعديل قانون العقوبات السوري، وشملت التعديلات تسع عشرة مادة، أبرزها على الإطلاق، تعديل المادة 548 من قانون العقوبات التي كانت تعاقب مرتكبي جرائم ما يسمى “جرائم الشرف” بالسجن سنتين كحد أقصى، بحيث أصبحت العقوبة، السجن من خمس إلى سبع سنوات.                                                                                                       

في مارس آذار عام 2020 تم إصدار قرار بإلغاء المادة 548 من قانون العقوبات السوري، الذي كان ينص على تخفيف العقوبة بما يخص جرائم الشرف، وأصبحت كغيرها من جرائم القتل العمد.

تؤكد الناشطة في مجال حقوق المرأة “أ.ب” في حديثها مع مراسل درعا 24، بأنه على الرغم من تعديل قانون العقوبات السوري، إلا أنه حلّ غير كافٍ، ما لم يتم تطبيق هذا القانون بشكل فعلي، وفي الوقت الحالي من الصعب تطبيق قوانين كهذه، بسبب غياب السلطة الواحدة في سوريا، وانتشار السلاح بشكل عشوائي والفلتان الأمني. 

وتقول الناشطة: “العادات والتقاليد هي السبب الأساسي لجرائم الشرف، حتى مع وجود قوانين تُجرم هذا الفعل، فالرجل يقوم بقتل أخته أو زوجته أو أحد نساء عائلته، حتى دون التأكد من فعلتها، ليثبت لمجتمعه المتخلّف أنه تخلّص من العار الذي سيلاحقه طوال حياته، وبحسب رأيه فإنه بهذا الفعل يُسكت أفواه الناس عن الأمر، وما يعزز هذه الجرائم هو محاولة المجتمع المحيط التغطية على هذا النوع من الجرائم، ومحاولة تبرئة القاتل بحجة أنه يغسل عاره!”.

وتضيف: “في المقابل لا يتم تطبيق جرائم الشرف هذه إلا على النساء، ولم يتم تسجيل أي حالة ضد الرجال لأن المجتمع بعاداته وتقاليده يربط هذه الجرائم فقط بالمرأة”.    

المرأة في درعا، انتهاك حقوقها، وقتلها في حالة الغضب!

فيما كانت توجهت درعا 24 لأكثر من رجل دين في محافظة درعا، لاستشارتهم حول جرائم الشرف، وأكدوا أن شروط إقامة حد الزنى في الإسلام صعبة التطبيق، وقد يصل إلى الاستحالة “حتى لا يصبح اتهام الناس بالزنى أمراً سهلاً، فالإسلام يحتاط في ثبوت الحد والقاعدة أنّ درء الحدود بالشبهات أولى، ويُشترط لإقامة الحد على الزاني شروط منها الإيلاج، فلا يُقام الحد على من قَبّل أو من قام باللمس، وانتفاء الشبهة”، وفق تعبير أحد المشايخ.

وختم حديثه بأن ثبوت الزنى لا يكون إلا من خلال طريقتين، إقرار الرجل أو المرأة بفعل الزنى أو بشهادة أربعة رجال عُدول ثقات يشهدون بدخول القضيب بالفرج، رأي العين المباشر.

الرابط: https://daraa24.org/?p=35431

إذا كنتم تعتقدون بأن هذا المقال ينتهك المعايير الأخلاقية والمهنية يُرجى تقديم شكوى

Similar Posts